الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: لو قال: "والله لا أكلم امرأة تزوجها زيد"، فوكل زيد من يقبل له نكاح امرأة، فكلمها الحالف
.
هذه المسألة فيمن حلف وقال: "والله لا أكلم امرأة تزوجها زيد"، فوكل زيد رجلًا لنكاح امرأة وحصل عقد نكاح المرأة، فكلمها الحالف، فهل يحنث؟
علمًا بأن هذه المسألة "فيمن أطلق ولم ينو" كما صرح به النووي رحمه الله (1).
اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: يحنث، وهو مقتضى قول الحنفية والمالكية ومذهب الحنابلة (2)، واختاره الصيدلاني (3).
القول الثاني: لا يحنث، وهو المعتمد عند الشافعية (4).
تعليل القول الأول:
1.
لأن حقوق العقد في النكاح تتعلق بالآمر دون العاقد (5).
2.
ولأن الوكيل لا يضيف العقد إلى نفسه، وإنما يضيف إلى الموكل فكان بمنزلة الرسول، فانضاف العقد كله لفظًا وحكمًا إليه فيحنث به؛ ألا ترى أنه يقال في العرف للمتكلم بكلام غيره من شعرٍ أو حكمة:"هذا ليس كلام هذا الرجل، بل كلام فلان" فكان المعقود عليه عدم لزوم أحكام هذا العقود، نظرًا إلى الفرض وهو أعم مما يلزم بمباشرته
(1) روضة الطالبين (11/ 48).
(2)
انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 9)، فتح القدير (5/ 174)، مواهب الجليل (3/ 282)، بلغة السالك (2/ 225)، الفروع (11/ 64)، الإنصاف (11/ 89 - 90).
(3)
قال ابن الصلاح رحمه الله: "لو قال: لا أكلّم امرأة تزوجها زيد، فقبل له وكيله، فالقياس أنه لا يحنث كما في الشراء، وقال الصيدلاني: يحنث". شرح مشكل الوسيط (4/ 314)، وانظر: نهاية المطلب (18/ 374)، كفاية النبيه (14/ 486).
(4)
وقال الإمام الجويني تعليقًا على اختيار الإمام الصيدلاني: "والأصحاب بأجمعهم نصّوا على خلاف ذلك" نهاية المطلب (18/ 374)، شرح مشكل الوسيط (4/ 314).
(5)
انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 9)، فتح القدير (5/ 174).
أو مباشرة مأموره، وليس فيه جمع بين الحقيقة والمجاز (1).
3.
القياس على قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (2)، وقوله تعالى:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (3). وكان هذا متناولًا للاستنابة فيه، فكذلك هنا؛ فقبول الوكيل لعقد النكاح كقبول الموكّل (4).
4.
قولنا: امرأة "تزوجها فلان" نزل في الاستعمال بمنزلة قولنا: "زوجة فلان"(5).
تعليل القول الثاني:
1.
قالوا: ليس ما جاء به تزوّجًا منه، وإنما هو سفارة، والنكاح مضاف إلى الموكل، وسِرُّ الفصل أنه عقد اليمين على التزوج المطلق، ولا يصح من الوكيل بالتزوج مطلقُ لفظ التزوج حتى يضيفَه، وما لا يستقل إلا مضافًا لا يندرج تحت المطلق الذي لم يضف (6).
2.
ولأنه حلف على فعل نفس زيد حقيقة، فلا يحنث بغيره (7).
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول بأنه يحنث؛ لقوة تعليلهم، وضعف تعليل القول الثاني.
* * *
(1) نفس المراجع، المغني لابن قدامة (9/ 530).
(2)
سورة البقرة: 196.
(3)
سورة الفتح: 27.
(4)
انظر: المغني لابن قدامة (9/ 530).
(5)
انظر: شرح مشكل الوسيط (4/ 315).
(6)
انظر: نهاية المطلب (18/ 374).
(7)
انظر: حاشية فتح العزيز شرح الوجيز (12/ 307).