الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: أمهات الأولاد
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: حكم بيع أم الولد في حياة المولى.
المسألة الثانية: حكم تزويج الكافر المستولدة إذا جوزنا تزويجها.
المسألة الثالثة: على القول بجواز بيع المستولدة (أم الولد)، فهل تعتق بموت السيد؟
المسألة الرابعة: عتق أم الولد بموت المولى.
"أم الولد: هي التي ولدت من سيدها في ملكه. ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (1)، وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم (2) وهي أم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، التي قال فيها:«أعتَقَها ولدُها» (3)،
وكانت هاجر
(1) سورة المؤمنون: 5، 6.
(2)
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "واتفقوا أن إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم خُلق حرًا، وأمه مارية أم ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم محرمة على الرجال غير مملوكة، وأنه عليه السلام كان يطؤها بعد ولادتها، وأنها لم تبع بعده ولا تصدق بها، وأنها كانت بعده عليه السلام حرة" مراتب الإجماع (ص: 164)
(3)
رواه ابن ماجه في سننه، كتاب العتق: باب أمهات الأولاد، حديث (2516)، والحاكم في مستدركه (2/ 23)، كتاب البيوع، باب بيع أمهات الأولاد، والدارقطني في سننه (5/ 231)، كتاب المكاتب، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 469)، وابن عدي في الكامل (9/ 200)، كلهم من طريق أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سَبَرة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال: لما ولدت أم إبراهيم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعتقها ولدها".
قال الإمام البخاري: "لم يصح" كما في كتابه التاريخ الكبير (2/ 388).
وقال ابن عدي في الكامل (9/ 202): "وعامة ما يرويه أبو بكر بن أبي سَبَرة غير محفوظ روى عنه ابن جريج أحاديث، وهو في جملة من يضع الحديث". وقال البيهقي في السنن الكبرى (10/ 579): "أبو بكر بن أبي سبرة ضعيف لا يحتج به، إلا أنه قد روي عن غيره عن حسين بهذا اللفظ".
وقال ابن عبد البر: "لا يثبته أهل الحديث" الاستذكار (7/ 331).
قال الحافظ ابن حجر: "وفي إسناده حسين بن عبد الله، وهو ضعيف جدًا، قال البيهقي: وروي عن ابن عباس من قوله، قال: وله علة، رواه مسروق عن عكرمة، عن عمرو، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عمر، عن عمر، قال فعاد الحديث إلى عمر، وله طريق آخر رواه البيهقي من حديث ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأم إبراهيم: "أعتقك ولدك"، وهو معضل، وقال ابن حزم: صح هذا مسندًا، رواته ثقات عن ابن عباس، ثم ذكره من طريق قاسم بن أصبغ، عن محمد بن مصعب، عن عبيد الله بن عمرو وهو الرقي، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، وتعقبه ابن القطان بأن قوله عن محمد بن مصعب خطأ؛ وإنما هو عن محمد؛ وهو ابن وضاح، عن مصعب، وهو ابن سعيد المصيصي؛ وفيه ضعف".
قال ابن حزم: "وهذا خبر صحيح السند والحجة به قائمة". المحلى بالآثار (7/ 505).
انظر: التلخيص الحبير (4/ 520 - 521). والحديث ضعفه الألباني في إرواء الغليل (6/ 186)، رقم (1772).
أم إسماعيل عليه السلام سرية إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة (1)، وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد، ولكثير من الصحابة.
وكان علي بن الحسين (2)، والقاسم بن محمد (3)،
وسالم بن
(1) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 231)، وسعيد بن منصور في سننه (1/ 152)، والدارمي في سننه (4/ 2072). عن الحسن عن عمر به، والحسن لم يسمع من عمر رضي الله عنه.
(2)
علي بن الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب زين العابدين أبو الحسين الهاشمي المدني رحمه الله.
روى عن أبيه وعمه الحسن وأرسل عن جده علي بن أبي طالب، وروى عن جمع من الصحابة، وروى عنه جمهرة من السلف، وليس للحسين "السبط" عقب إلّا منه، قال الزهري: ما رأيت أحدًا كان أفقه من علي بن الحسين لكنه قليل الحديث، وكان من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة، وقال أبو حازم الأعرج: ما رأيت هاشميًا أفضل منه، وعن ابن المسيب قال: ما رأيت أورع منه، وقال مالك بلغني أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات، قال: وكان يسمى زين العابدين لعبادته، قال محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا ما يأتون به من الليل، مات في ربيع الأول سنة أربع وتسعين.
تذكرة الحفاظ (1/ 59 - 60)، تهذيب التهذيب (7/ 304)، الأعلام للزركلي (4/ 277).
(3)
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد وقيل أبو عبد الرحمن، من خيار التابعين، كان ثقة رفيعًا عالمًا إمامًا فقيهًا ورعًا، وروى عن جمع من الصحابة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة.
قال يحيى بن سعيد: ما أدركنا بالمدينة أحدًا نفضله على القاسم، وقال وهيب عن أيوب: ما رأيت أفضل منه وقال البخاري في الصحيح حدثنا علي حدثنا بن عيينة حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، وكان أفضل أهل زمانه، وقال أبو الزناد: ما رأيت أحدًا أعلم بالسنة منه، ولا أحدّ ذهنًا، وتوفي بقديد بين مكة والمدينة حاجًا أو معتمرًا".
انظر: صحيح البخاري (2/ 179)، تهذيب التهذيب (8/ 333)؛ الأعلام للزركلي (5/ 181).
عبد الله (1)، من أمهات أولاد. وروي أن الناس لم يكونوا يرغبون في أمهات الأولاد، حتى ولد هؤلاء الثلاثة من أمهات الأولاد، فرغب الناس فيهن" (2).
وأم الولد تعتق بموت سيدها من رأس المال وجميعه (3).
والولد الذي تكون به أم ولد أن تضع ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان؛ من رأس، أو يد، أو رجل، أو تخطيط، سواء وضعته حيًا أو ميتًا، وسواء أسقطته، أو كان
(1) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عمر، ويقال: أبو عبد الله العدوى العمرى المدني.
أحد فقهاء المدينة السبعة قال الذهبي: الفقيه الحجة: أحد من جمع بين العلم والعمل والزهد والشرف. ومحاسنه كثيرة وكان أبوه معجبًا به وكان يقول:
يَلُوْمُوْنَنِي فِي سَالِمٍ وَأَلُوْمُهُمْ
…
وَجِلْدَةُ بَيْنَ العَيْنِ وَالأَنْفِ سَالِمُ
قال مالك: لم يكن أحد في زمانه أشبه منه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل. وعن ميمون بن مهران قال: كان سالم على سمت أبيه وعدم رفاهيته. مات سنة ست ومائة.
انظر: تاريخ دمشق (20/ 56)، الطبقات الكبرى (5/ 150)، تذكرة الحفاظ (1/ 68)، سير أعلام النبلاء (4/ 460)، تهذيب التهذيب (3/ 436). الأعلام للزركلي (3/ 71).
(2)
المغني لابن قدامة (10/ 465).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (4/ 133)، المحيط البرهاني (4/ 76)، شرح مختصر خليل للخرشي (8/ 151)، الشرح الكبير للشيخ الدردير (4/ 408)، الأم (6/ 108)، منهاج الطالبين (ص: 369)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 348)، كشاف القناع (4/ 568).
تامًا (1).
"فإن أسقطت شيئًا مجتمعًا لا يبين أن يكون له خلق سألنا عدولًا من النساء، فإن زعمن أن هذا لا يكون إلا من خلق الآدميين كانت به أم ولد، وإن شككن لم تكن به أم ولد"(2).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الأمة يعتقها ولدها، وإن كان سقطًا (3)» (4).
وقال غير واحد من التابعين: «إذا أسقطت سقطًا بينًا، فهي من أمهات الأولاد، وإن لم يكن بينًا فهي أَمَة» (5).
"وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا اشترى جارية شراءً صحيحًا، ووطئها وأولدها ولدًا، أن أحكامها في أكثر أمورها أحكام الإماء"(6).
* * *
(1) انظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 107)، (الدر المختار وحاشية ابن عابدين (3/ 689)، مختصر خليل (ص: 254)، بلغة السالك (4/ 561)، الأم للشافعي (6/ 108)، مغني المحتاج (6/ 515)، المغني لابن قدامة (10/ 477)، كشاف القناع (4/ 567).
(2)
الأم للشافعي (6/ 108).
(3)
السِّقط بالكسر والفتح والضم، والكسر أكثرها: الولد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه. النهاية لابن الأثير (2/ 378).
(4)
رواه عبد الرزاق في مصنفه (7/ 295)، وقد صححه البيهقي في سننه الكبرى (10/ 581)، وبنحوه في التفسير من سنن سعيد بن منصور (4/ 1293)، وقال محقق التفسير من سنن سعيد بن منصور (4/ 1293) د. سعد الحميد:"سنده صحيح إلى عكرمة".
(5)
قاله إبراهيم النخعي والحسن والزهري رواه عبد الرزاق في مصنفه (7/ 296).
(6)
الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (7/ 67).