الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: لو حلف: لا يتزوج، أو لا ينكح، فوكل من قبل له نكاح امرأة
.
وهذه المسألة كسابقتها "فيمن أطلق ولم ينو" كما صرح به النووي رحمه الله (1).
اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: يحنث، وهو قول المذاهب الأربعة (2).
القول الثاني: لا يحنث، وهو وجهٌ عند الشافعية (3)، واختاره الصيدلاني (4).
تعليل القول الأول:
1.
لأن حقوق العقد في النكاح تتعلق بالآمر دون العاقد (5).
2.
ولأن الوكيل لا يضيف العقد إلى نفسه، وإنما يضيف إلى الموكل فكان بمنزلة الرسول، فانضاف العقد كله لفظًا وحكمًا إليه فيحنث به؛ ألا ترى أنه يقال في العرف للمتكلم بكلام غيره من شعرٍ أو حكمة:"هذا ليس كلام هذا الرجل، بل كلام فلان" فكان المعقود عليه عدم لزوم أحكام هذا العقود، نظرًا إلى الفرض وهو أعم مما يلزم بمباشرته أو مباشرة مأموره، وليس
(1) روضة الطالبين (11/ 48).
(2)
انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 9)، فتح القدير (5/ 174)، مواهب الجليل (3/ 282)، بلغة السالك (2/ 225)، منهاج الطالبين (ص: 332)، نهاية المحتاج (8/ 215)، الفروع (11/ 64)، الإنصاف (11/ 89 - 90).
(3)
انظر: فتح العزيز شرح الوجيز (12/ 307)، روضة الطالبين (11/ 47 - 48).
(4)
في روضة الطالبين (11/ 47 - 48): "ولو حلف: لا يتزوج، أو لا ينكح، فوكل من قبل له نكاح امرأة، فهل يحنث؟ وجهان حكاهما المتولي. أحدهما: لا، كالبيع، وبه قطع الصيدلاني، والغزالي.
والثاني: نعم، لأن الوكيل هنا سفير محض، ولهذا يجب تسمية الموكل، وبه قطع البغوي. ولو قبل لغيره نكاحًا، فمقتضى الوجه الأول الحنث، ومقتضى الثاني المنع".
(5)
انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 9)، فتح القدير (5/ 174).
فيه جمع بين الحقيقة والمجاز (1).
تعليل القول الثاني:
1.
لأنه حلف على نفسه، ولم يتحقق (2).
2.
قياسًا على البيع؛ فلو حلف ألا يبيع، فوكل من يبيع عنه لا يحنث (3).
ونوقش:
1.
بأن هذا تعليل في موطن النزاع، فيحنث ببيع وكيله عند طائفة (4).
2.
وعلى القول بأنه في البيع لا يحنث؛ لأن حقوق العقد في البيع والشراء تتعلق بالعاقد، والعاقد لغيره بمنزلة العاقد لنفسه فيما يرجع إلى حقوق العقد، فلا يصير الحالف بفعل الوكيل عاقدًا، إلا أن يكون نوى أن لا يأمر غيره فحينئذ قد شدد الأمر على نفسه بنيته، وكذلك إن كان الحالف ممن لا يباشر البيع والشراء بنفسه؛ لأن اليمين تتقيد بما عرف من مقصود الحالف.
وأما إن حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوَّجَه حنث؛ لأن حقوق العقد في النكاح تتعلق بالآمر دون العاقد، ولأن الوكيل لا يضيف العقد إلى نفسه، وإنما يضيف إلى الموكل فكان بمنزلة الرسول، كما تقدم (5).
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول؛ لأن الوكيل يقوم مقام موكله فيما وكله في العقد،
ولقوة تعليلهم، وإمكان مناقشة تعليل القول الثاني.
* * *
(1) نفس المراجع، المغني لابن قدامة (9/ 530).
(2)
انظر: كفاية النبيه (14/ 486).
(3)
انظر: روضة الطالبين (11/ 47).
(4)
انظر: مواهب الجليل (3/ 282)، فتح العزيز شرح الوجيز (12/ 307).
(5)
المبسوط للسرخسي (9/ 9).