الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: لو ملَّك عبده عبدًا، وأذن له في أن يعتقه عن كفارته، وقلنا: أن ولاء ذلك المعتَق موقوف: فإن عَتَق هذا العبدُ الذي أعتقه، فيكون ولاء ذلك المعتَق له تبينًا، وإن مات رقيقًا، فيكون ولاؤه لسيده. فهل الكفارة موقوفة أيضًا
؟
لو ملَّك السيدُ عبده عبدًا ليعتقه عن كفارة نفسه (1) لم يجزئ عن الكفارة عند المذاهب الأربعة (2) "فإن ملكه عبدًا، وأذن في إعتاقه متبرعًا، فلمن الولاء فيه؟ أقوال:
أحدها: للسيد؛ لقصور العبد عن استحقاق حقوق الولاء من الإرث والولاية.
والثاني: يوقف؛ فإن عتق العبد، بان أن الولاء له، وإن مات رقيقًا، فلسيده.
والثالث: للعبد، فعلى هذا، إن أذن له في الإعتاق عن الكفارة، وقع عنها، وثبت له الولاء" (3).
فإن قلنا بالتوقف في الولاء، فهل يجزئ العتق عن الكفارة؟
قولان لأهل العلم:
القول الأول: يجزئ عن الكفارة، ويقع العتق عن كفارته ناجزًا في الحال، وهو وجه عند الشافعية (4).
القول الثاني: التوقف في الوقوع عن الكفارة، تبعًا للولاء، وهو وجه عند
الشافعية (5)، واختاره الصيدلاني (6).
(1) أي نفس العبد.
(2)
انظر: مختصر القدوري (ص: 181)، المدونة (2/ 327)، روضة الطالبين (11/ 24)، كشاف القناع (5/ 382).
(3)
روضة الطالبين (11/ 24).
(4)
انظر: نهاية المطلب (18/ 325)، العزيز شرح الوجيز (12/ 277)، روضة الطالبين (11/ 24).
(5)
نفس المراجع.
(6)
في نهاية المطلب (18/ 325) "وإن قلنا: الولاء موقوف
…
قال الصيدلاني: الوجه عندي أنا
إذا حكمنا بوقف الولاء، فينبغي أن تكون الكفارة موقوفة أيضًا" وانظر: العزيز شرح الوجيز (12/ 277)، روضة الطالبين (11/ 24).
دليل القول الأول:
لم أجد لهم دليلًا أو تعليلًا.
تعليل القول الثاني:
قالوا: لأنا إذا حكمنا بوقف الولاء، فينبغي أن تكون الكفارة موقوفة أيضًا، فإن الإجزاء في هذه المسألة يتبع الولاء، ويبعد أن نقطع بالإجزاء مع التوقف في الولاء (1).
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الثاني لقوة تعليلهم.
فائدة:
في المهذب: "إن أعتق المكاتب عبدًا بإذن المولى، وصححنا عتقه ففي ولائه قولان:
أحدهما: أنه للسيد؛ لأن العتق لا ينفك من الولاء، والمكاتب ليس من أهله، فوجب أن يكون للسيد.
والثاني: أنه موقوف؛ فإن عتق فهو له، فإن عجز فهو للسيد؛ لأن المعتِق هو المكاتب، فوقف الولاء عليه، فإن مات العبد المعتق قبل عجز المكاتب أو عتقه ففي ماله قولان:
أحدهما: أنه موقوف على ما يكون من أمر المكاتب كالولاء.
والثاني: أنه للسيد؛ لأن الولاء يجوز أن ينتقل فجاز أن يقف، والإرث لا يجوز أن ينتقل فلم يجز أن يقف" (2).
* * *
(1) انظر: نهاية المطلب (18/ 325).
(2)
المهذب (2/ 399).