الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة عشر: لو قال لورثته: ضعوا عن هذا المكاتب أكثرَ ما بقي عليه، ووفى الثلثُ واتَّسع، فإن زاد الورثة ووضعوا أكثر من الوصية، فهل كل ما يضعونه محمول على الوصية، أو هو تبرع منهم
؟
يشرع للسيد أن يعطي مكاتبه من مال الله الذي أعطاه بأن يحط عنه جزء مما كاتبه على دفعه
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (1).
"ومال الله الذي أمر بإعطائه منه هو مال الكتابة، والقدر الذي أمر أن يعطيه منه: الربع. وقال آخرون: بل ما شاء من ذلك المولى"(2).
عن عليّ رضي الله عنه في قول الله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال: "ربع المكاتبة"(3).
وإذا قال السيد لورثته ضعوا عن هذا المكاتب أكثرَ ما بقي عليه من النجوم، فإنهم يضعون عنه أكثر من نصف الباقي؛ لأن أكثر الشيء ما زاد على نصفه، ولو بزيادة حبة، فإن هذا أكثر ما عليه، ويرجع تقدير الزيادة على النصف إلى اختيار الوارث (4).
فلو قال لورثته: ضعوا عن هذا المكاتب أكثرَ ما بقي عليه، ووفى الثلثُ، وكان الثلث متسعًا لأضعاف الوصية، فإن زاد الورثة ووضعوا أكثر من الوصية، فهل كل ما يضعونه محمول على الوصية، أو هو تبرع منهم؟
(1) سورة النور: 33.
(2)
تفسير الطبري (17/ 283).
(3)
رواه النسائي في السنن الكبرى كتاب العتق، باب ذكر المكاتب يكون عنده ما يؤدي، رقم (5018)، (5019)، وابن جرير الطبري في تفسيره (17/ 283)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (11/ 166)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 552) كلهم رووه مرفوعًا وموقوفًا عدا ابن جرير فقد رواه موقوفًا فقط، وصحح البيهقي وقفه في السنن الكبرى (10/ 553).
(4)
انظر: روضة الطالبين (12/ 276)، أسنى المطالب (4/ 495)، نهاية المطلب (19/ 469)، المغني لابن قدامة (10/ 439)، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (3/ 57).
قولان:
القول الأول: محمول على الوصية، وهو اختيار الصيدلاني (1).
القول الثاني: تبرع منهم، وهو وجه عند الشافعية (2).
تعليل القول الأول:
قالوا: لأن اسم الأكثر، كما يمكن تنزيله على النصف وأدنى زيادة، فهو محتمل لما يزيد على هذا المبلغ، فإلى الورثة أن يحملوا اللفظ على محتملاته، ولهم تنزيلُه على أقل معانيه؛ لأن اللفظ يتناول القليل والكثير (3).
تعليل القول الثاني:
ما زاد على الأقل المجزئ، فهو تفضل من الورثة ابتداء؛ إذ لو اقتصروا على الأقل المجزئ، لم يجز أن يقال: إنهم نقصوا من الوصية (4).
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الثاني؛ لقوة تعليلهم، ولأن الزيادة على الأقل المجزئ موقوف على إجازتهم، فهو تطوع وتبرع منهم.
* * *
(1) "لو قال: ضعوا عن هذا المكاتب أكثرَ ما بقي عليه، ووفى الثلثُ واتَّسع، فالورثة يضعون عنه أكثر من نصف النجوم، ولو بزيادة حبة؛ فإن هذا أكثر ما عليه.
والمسألة فيه إذا لم يكن أدى شيئًا، وعلة ما ذكرناه أن الوصايا تنزل على أقل موجب اللفظ، والنصف وأدنى زيادة ينطلق عليه اسم الأكثر، وإن زاد الورثة على ما ذكرناه وبلّغوا الزيادة دراهم فصاعدًا، فقد قال الصيدلاني: كل ما يضعونه محمول على الوصية". نهاية المطلب (19/ 469)، العزيز شرح الوجيز (13/ 542)، المطلب العالي - ت محمد بن ناصر الخليفة (ص: 215).
(2)
انظر: نهاية المطلب (19/ 469)، العزيز شرح الوجيز (13/ 542).
(3)
انظر: نهاية المطلب (19/ 469)، العزيز شرح الوجيز (13/ 542).
(4)
انظر: نهاية المطلب (19/ 469 - 470).