الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: طبخ لحم العقيقة
هل المستحب طبخ العقيقة أو توزيعها نيئة؟
اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: يجوز تفريق لحمها مطبوخة أو نيئًا، وهو قول الحنفية (1).
القول الثاني: يستحب طبخها، وهو قول الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة (2)، واختاره الصيدلاني (3).
دليل القول الأول:
لم أجد لهم دليلًا أو تعليلًا، ولعلهم مشوا على الأصل وهو الجواز لإطلاق النصوص بدون تقييد كونه مطبوخًا أو لا.
دليل القول الثاني:
1.
قالوا (4): لأنه السنة كما رواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها: «تطبخ جُدولًا ولا يكسر عظم» (5).
(1) انظر: حاشية ابن عابدين (6/ 336).
(2)
انظر: التاج والإكليل (4/ 393)، الشرح الكبير للدردير (2/ 126)، المهذب (1/ 439)، منهاج الطالبين (ص: 321)، شرح المنتهى (1/ 615)، مطالب أولي النهى (2/ 491).
(3)
في نهاية المطلب (18/ 206): "وأطلق الصيدلاني في مجموعه أنَّ الشاة تعضَّى، وتطبخ، .... ".
وانظر: العزيز شرح الوجيز (12/ 120)، كفاية النبيه (8/ 130).
(4)
انظر: المجموع (8/ 427)، تحفة المحتاج (9/ 372)، المغني (9/ 463).
(5)
لم أجده بهذا اللفظ، وقد تقدم في المسألة السابقة بلفظ:"تقطع جدولًا"، والذي في السنن الكبرى للبيهقي (9/ 508): قال: "وكان عطاء يقول: تقطع جدولًا ولا يكسر لها عظم. أظنه قال: ويطبخ. قال: وقال عطاء: إذا ذبحت فقل: بسم الله والله أكبر، هذه عقيقة فلان. وفي رواية ابن جريج عن عطاء أنه قال في العقيقة: يقطع آرابًا آرابًا، ويَطبخ بماء وملح، ويُهدي في الجيران. وروي في ذلك عن جابر بن عبد الله من قوله".
2.
روي ذلك عن جابر رضي الله عنه (1).
3.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ، وهو زيادة في الإحسان وشكر هذه النعمة، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة، فإنَّ من أُهدي له لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيّب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء يحتاج إلى كلفة وتعب، فلهذا قال الإمام أحمد: يتحملون ذلك، وأيضًا فإن الأطعمة المعتادة التي تجري مجرى الشكران كلها سبيلها الطبخ"(2).
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول، لضعف الآثار الواردة باستحباب الطبخ، ولو قيل بالتفصيل فهو حسن؛ إن كان الطبخ خيرًا من النيء لمن يطعم العقيقة يستحسن الطبخ، وهو ضربٌ من الكرم:{فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)} (3)، وإن كان النيء أنفع وأكمل لمن يطعمها يوزّع نيئًا.
* * *
(1) قال البيهقي في السنن الكبرى (9/ 508): "وروي في ذلك عن جابر بن عبد الله من قوله".
قال ابن الملقن رحمه الله: "زاد في كتاب أبي الشيخ: قال جابر: تقطع العقيقة أعضاء ثم تطبخ بماء وملح ويبعث منها إلى الجيران ويقال: هذِه عقيقة فلان، قيل: فإن جعل فيها خل؟ قال: ذاك أطيب". التوضيح لشرح الجامع الصحيح (26/ 269)، ولم أجد له إسنادًا.
(2)
تحفة المودود بأحكام المولود (ص: 76).
(3)
سورة الذاريات: 26.