الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - باب التَّغْلِيظِ فِي الانْتِفاءِ
2263 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو - يَعْنِي: ابن الحارِثِ - عَنِ ابن الهادِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ المُتَلاعِنَيْنِ:"أَيُّما امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللهِ فِي شَيء وَلَنْ يُدْخِلَها اللهُ جَنَتَّهُ وَأَيُّما رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ"(1).
* * *
باب التغليظ في الانتفاء
[2263]
(حدثنا أحمد بن صالح) المصري (ثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري أحد الأعلام.
(عن) يزيد (بن الهاد، عن عبد الله بن يونس) قال البخاري: عبد الله بن يونس.
(عن سعيد المقبري) روى عنه يزيد بن الهاد يعرف بحديث واحد، قال ابن أبي حاتم: عبد الله بن يونس يعرف بحديث واحد عن سعيد (2).
(عن أبي هريرة) وذكر هذا الحديث وصحح هذا الحديث، الدارقطني في "العلل" مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس به، عن سعيد المقبري وأنه
(1) رواه النسائي 6/ 179، وابن ماجه (2743).
وضعفه الألباني في "الإرواء"(2367).
(2)
"الجرح والتعديل" 5/ 205.
لا يعرف إلا بهذا الحديث (1). وفي الباب عن ابن عمر في "مسند البزار"، ورواه أحمد من طريق مجاهد عن ابن عمر (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت عليه آية المتلاعنين) المتقدمة:(أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم) قال ابن الأثير في "شرح مسند الشافعي": يريد به: أدخلت عليهم ولد الزنا، وكذلك المرأة إذا حملت من الزنا وجعلت الحمل من زوجها فقد أدخلت على زوجها وقومه ولدًا ليس من زوجها (2) (فليست من الله في شيء) أي: لا علاقة بينها وبين الله، أو: ما عندها من حكم الله وأمره ودينه شيء كما تقول: لست من شأنك في شيء، أو: ليس عندي من أمرك وما أنت عليه شيء ولا أنا متعلق منك بسبب، وذلك براءة من الله تعالى، فكأنه قال: هي بريئة من الله في كل أمره أو شأنها، ولذلك جاء بلفظ شيء منكرة، أي: إنها بريئة منه في كل أمورها وأحوالها (ولن يدخلها الله) تعالى (جنته) وهذا داخل في جملة الأول؛ لأن من ليس من الله في شيء لا يدخله جنته لأمرين:
أحدهما: أنَّ الأول حكم عام كما قلنا، إلا أنه مع عمومه لا يكاد (يطلع السامعون)(3) على حقيقته المراد منه بعمومه فأعقبها بذكر ما يفهمه كل سامع، وذكر عدم دخول الجنة دون غيره من أنواع الوعيد؛ لأن الأنفس تميل إلى نعيم الجنة وحصول الراحة فيها، لا سيما النساء، ودخول الجنة من أقوى أسباب حصول النعيم؛ فإن كل ما أعد
(1)"علل الدارقطني" 10/ 375.
(2)
"شرح المسند" لابن الأثير 5/ 54.
(3)
في النسخة الخطية: للسامعون. والمثبت هو الأليق بالسياق.
الله من أسباب النعيم موجود فيها، ومن حُرِمَها فقد حرم الخير كله.
الأمر الثاني: أن قوله: ولن يدخلها جنته تعريض بدخول النار؛ لأنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار، فمن لم يدخل الجنة فهو في النار.
(وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه) فيه تغليظ على من يقذف زوجته ويَفْتاتُ على نفي الولدِ عنه، وهو كاذب عليها فجاء بلفظ (1) جحود الولد؛ لأنه يدل على القذف والنفي معًا، وقوله: وهو ينظر إليه، يريد: وهو يراه أنه منه فيعلم أنه ولده منها وهو ينكره.
(احتجب الله منه) وهذا من أعظم أسباب الوعيد والتغليظ فإنه لا غاية في النعيم أعظم من النظر إلى الله تعالى في الدار الآخرة وهي الغاية القصوى من الخير، فإذا احتجب الله من إنسان فويل له ثم ويل له إلى ما لا يتناهى (وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين) يريد فضحه بجحوده ولده وهو يعلم أنه منه، وإظهار كذبه على زوجته وافترائه عليها، وهذا من أعظم أسباب الوعيد لا سيما عند العرب الذين هم أهل الأنفة والحمية، وإنما قدم ذكر المرأة على الرجل هنا لأن المرأة هي التي باشرت الزنا، ولولا إرادتها وإجابتها لم يقع الرجل عليها إلا كرهًا، وعلى هذا جاء قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} (2) فقدم المرأة على الرجل.
(1) في النسخة الخطية: ينفي، وهو سبق قلم، والمثبت هو الصواب.
(2)
النور: 2.