الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب القُبْلةِ للصّائِمِ
2382 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيةَ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صائِمٌ ويُباشِرُ وَهُوَ صائِمٌ وَلكِنَّهُ كانَ أَمْلَكَ لإِرْبِهِ (1).
2383 -
حَدَّثَنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نافِعٍ، حَدَّثَنا أَبُو الأحوَصِ، عَنْ زِيادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ميْمُونٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ في شَهْرِ الصَّوْمِ (2).
2384 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرِ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ ابْنِ عَبْدِ اللهِ -يَعْني: ابن غثْمانَ القُرَشيَّ- عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُني وَهُوَ صائِمٌ وَأَنا صائِمَةٌ (3).
2385 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا اللّيْثُ ح وَحَدَّثَنا عِيسَى بْنُ حَمّادٍ، أَخْبَرَنا اللّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قالَ: قالَ عُمَز بْن الخَطّابِ: هَشِشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنا صائِمٌ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، صَنَعْتُ اليَوْمَ أَمْرًا عَظَيمًا قَبَّلْتُ وَأَنا صائِمٌ. قالَ:"أَرَأيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الماءِ وَأَنْتَ صائِمٌ". قالَ عِيسَى بْنُ حَمّادِ في حَدِيثِهِ: قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ. ثُمَّ اتَّفَقا قالَ: "فَمَهْ"(4).
(1) رواه البخاري (1927)، ومسلم (1106).
(2)
مسلم (1106). وانظر ما قبله.
(3)
انظر الحديثين السابقين.
(4)
رواه أحمد 1/ 21، والنسائي في "السنن الكبرى"(3048)، وابن خزيمة (1999)، وابن حبان (3544).
وجود إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(2064).
باب القبلة للصائم
[2382]
(حدثنا مسدد، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم السعدي (عن الأعمش، عن إبراهيم) بن يزيد النخعي (عن الأسود) بن يزيد (وعلقمة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صائِمٌ) فيه دليل على إباحة القبلة للصائم مطلقًا سواء حركت القبلة شهوته أم لا، وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد وإسحاق وداود. وكرهها قوم مطلقًا.
قال القرطبي؛ وهو مشهور مذهب مالك (1)، وفصل قوم فكرهوها للشاب الذي تحرك القبلة شهوته، وأجازوها للشيخ الذي لا تحرك شهوته، وهو مروي عن ابن عباس (2)، وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي، وحكاه الخطابي عن مالك، [وقد روى ابن وهب عن مالك](3) أنه أباحها في النفل ومنعها في الفرض، وسبب هذا الخلاف معارضة الأحاديث لسد الذريعة، وذلك أن القبلة قد يكون معها الإنزال فيفسد الصوم (4). (ويُباشِرُ [وهو صائم])(5) هو من ذكر العام بعد الخاص، فإن المباشرة أعم من التقبيل فإنها تعم الوطء والمس والتقبيل وغير ذلك.
(1) بعدها في (ل): و. ثم بياض قدر كلمتين.
(2)
رواه عبد الرزاق 4/ 185 (7418).
(3)
سقط من (ر).
(4)
"المفهم" 9/ 122، وانظر:"معالم السنن" 2/ 114.
(5)
من المطبوع.
فيه دليل على إباحة المباشرة للصائم فيما دون الفرج مطلقًا، وكرهها قوم مطلقًا، لما روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة (1).
ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمها، واحتجوا بقوله تعالى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} الآية (2)، فمن المباشرة في هذِه الآية نهارًا.
والجواب عن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله تعالى، وقد أباح المباشرة نهارًا في هذا الحديث وغيره، فدل على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا ما دونه ونحوه، وألزم ابن حزم أهل القياس أن يلحقوا الصيام بالحج في منع المباشرة ومقدمات النكاح للاتفاق على إبطالهما بالجماع (3).
(ولكنه كان أملك) رواية الصحيحين: أملككم (4)(لأَرَبه) بفتح الهمزة والراء وبالموحدة، أي: حاجته، أشارت إلى أن الإباحة لمن يكون مالكًا لنفسه دون من لا يأمن الوقوع، ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء أي: عضوه وهو الفرج - والأول أشهر - لقوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ} فإن الإربة الحاجة للوطء؛ لأنهم بله [لا يعرفون](5) شيئًا من أمر النساء ويتبعون أصحاب الطعام (6) ليصيبون من فضل الطعام.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة" 6/ 247 (9529).
(2)
البقرة: 187.
(3)
"المحلى" 6/ 213.
(4)
البخاري (1927)، مسلم (1106).
(5)
في (ر) لا يفرقون.
(6)
سقط من (ر).
قال ابن عطية: يدخل في هذِه الصيغة المجنون (1)، والمعتوه، والمخنث، والشيخ الفاني (2).
وعن أبي حنيفة: لا يحل إمساك (3) الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم، ولم ينقل أحد من السلف إمساكهم، نقله أبو حيان (4).
[2383]
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع) الحلبي، حافظ من الأبدال، (حدثنا أبو الأحوص، عن زياد بن عِلَاقة) بكسر العين أبو مالك الثعلبي، (عن عمرو بن ميمون) الأزدي.
(عن عائشة) رضي الله عنها (قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبِّل في شهر الصوم) أي: في حال الصيام الواجب، أشارت بذلك الرد على من يفرق بين الفرض والنفل في الرواية التي حكاها ابن وهب عن مالك أنه لا تباح القبلة في الفرض وتباح في النفل، ولا خلاف أن الصوم لا يبطل بالقبلة إلا أن ينزل المني بها.
والمراد بشهر الصوم شهر رمضان. وقد جاء في رواية لمسلم: يقبل في رمضان (5).
ولرمضان أسماء تزيد على الستين ذكرها أبو الخير الطالقاني في كتابه: "حظائر القدس"، منها: شهر الصوم، وشهر الله، [وشهر
(1) هكذا في الأصل، وعند ابن عطية: المجبوب.
(2)
"المحرر الوجيز" 4/ 179.
(3)
بياض مكانها في (ل)، وفي (ر): إمسكان. والمثبت من "تفسير أبي حيان".
(4)
تفسير "البحر المحيط" 6/ 413.
(5)
"صحيح مسلم"(1106/ 71).
الأمة] (1) وشهر الإيمان.
[2384]
(حدثنا محمد بن كثير) العبدي (أنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف أمه أم كلثوم بنت سعد بن أبي وقاص، ولي قضاء المدينة (عن طلحة بن عبد الله - يعني: ابن عثمان) المدني (القرشي - عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلني) فيه جواز ذكر المرأة عما يجري بين الزوجين من تقبيل ووطء وغيره على الجملة للضرورة.
قال النووي: وأما بغير الضرورة فمنهي عنه، وكذا يجوز للرجل للضرورة (2).
فيه إباحة القبلة للصائم، قال الشافعي في "الأم": ولا يحرم على الصائم قبلة المرأة ومباشرتها، إلا أنه إن كان يخشى الإنزال منه كرهت له وإلا لم يكره (3).
وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا رخص في القبلة لمن يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه (4). (وهو صائم وأنا صائمة) فيه جواز إظهار الإنسان عبادته إذا كان لحاجة.
[2385]
(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله التميمي اليربوعي، متفق عليه (عن الليث وحدثنا عيسى بن حماد، أنا الليث بن
(1) سقط من (ر).
(2)
"شرح النووي على مسلم" 7/ 217.
(3)
"الأم" 8/ 506 - 507.
(4)
"الاستذكار" 10/ 58.
سعد، عن بكير بن عبد الله) بن الأشج (عن عبد الملك بن سعيد) بن سويد الأنصاري صدوق.
(عن جابر بن عبد الله قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هشِشت) بكسر الشين الأولى. أي: نشطت وارتحت وخففت. فيه جواز نظر الصائم إلى زوجته وأمته وهو صائم، فإنه لم ينشط لها إلا لما نظر إليها (فقبَّلتُ وأنا صائم) فيه جواز تقبيل الرجل زوجته بالنهار وإن كان الليل هو الأصل ومباشرتها في الفرج وفيما دونه بالنهار.
ثم جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فَقُلْتُ: يا رَسُولَ الله، صَنَعْتُ اليَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا) ثم فسره فقال (قبلتُ وأنا صائم فقال: أَرَأيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الماءِ) أي: في الوضوء أو الغسل (وَأَنْتَ صائِمٌ) ومججته.
(قال عيسى بن حماد) زُغْبَة قال أبو حاتم: وهو ثقة رضي (1). ([في حديثه] (2) قلت: لا بأس به) فيه جواز المضمضة في الوضوء للصائم إذا لم يبالغ كما تقدم في حديث لقيط وأنه لا بأس به (3)، [و] الجمع بين الشيئين في الحكم الواحد، لاجتماعهما في الشبه، ولا يبطل الصوم إلا إذا وصل شيء من الماء إلى الجوف.
(قال: فمه؟ ) قال المنذري: يشبه أن تكون الهاء للسكت، المعنى فما الفرق بينهما؟ يحتمل أن يكون مه اسم فعل بمعنى اكفف، وعدل عن الفعل إلى اسم الفعل لما فيه من التعظيم والمبالغة. فلما استعمل
(1)"الجرح والتعديل" 6/ 274.
(2)
من المطبوع وليس في المخطوط.
(3)
سبق برقم (142)، وقريبًا برقم (2366).
عمر التعظيم [وبالغ في التقبيل في الصوم ناسب أن يؤدي بما فيه ذلك. قال ابن جني: إذا أردت المبالغة في الشيء والتعظيم](1) لا بد لك أن تترك لفظا (2) إلى لفظ، ولهذا أخرج نعم (3) وبئس وفعل التعجب من قياسه وهو التصرف إلى صيغة ما لا ينصرف (4).
ويحتمل أن تكون (مه) أصلها (ما) الاستفهامية حذفت ألفها وعوض عنها هاء السكت، والتقدير: فإذا كان التمضمض للصائم لا بأس فلأي شيء تستعظم التقبيل وأنت صائم، لكن لا يتأتى هذا إلا على تقدير حذف حرف الجر وهو اللام الداخلة على (5) ما الاستفهامية، أو يكون على لغة من يجوز حذف ألف الاستفهام إذا لم تكن مجرورة؛ لأن المعروف أن ما الاستفهامية لا تحذف ألفها إلا إذا دخل عليها حرف جر. انتهى.
وذكر المزني من أصحاب الشافعي هذا الحديث في القياس، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:"أرأيت لو تمضمضت ومججته" فقال: لا بأس. فقال: "ففيم؟ ! "، أي: ففيم تسأل؟ ! ، ثم قال المزني: فبين له بذلك أنه لا شيء عليه في التقبيل كما لا شيء عليه في المضمضة (6)، انتهى.
(1) سقط من (ر).
(2)
في الأصل: ألفظا.
(3)
في الأصل: فعل. ولعل المثبت الصواب.
(4)
لم أقف على كلام ابن جني في كتبه المطبوعة التي بين يدي.
(5)
سقط من (ر).
(6)
نقله الزركشي في "البحر المحيط في أصول الفقه" 7/ 32.
والظاهر أن هذا من قياس الشبه؛ فإن قياس الشبه ما أخذ حكم فرعه من شبه أصله، وسماه الشيخ أبو إسحاق قياس الدلالة (1)، وفسره بأن يحمل الفرع على الأصل بقرب من الشبه عمت العلة التي علق الحكم عليها في الشرع، ووجهه هنا أنا استدللنا على القبلة من الصائم لا تفطر [كما أن المضمضة من الصائم لا تفطر](2) لعدم وجود العلة التي علق الحكم عليها في الشرع وهو وجود المفطر، ووجه الشبه (3) بينهما أن كلًّا منهما وسيلة إلى الفطر.
(1)"اللمع في أصول الفقه" ص 100.
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (ر): المشبه.