الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
65 - باب في صَوْمِ يَوْمِ عاشُوراءَ
2442 -
حَدَّثَنا عَبْد اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِك، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ يَوْمُ عاشوراءَ يَوْمًا تَصومُه فريْش في الجاهِلِيَّةِ وَكانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ في الجاهِلِيَّةِ فَلَمّا قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ صامَة وَأَمَرَ بِصِيامِهِ فَلَمّا فرِضَ رَمَضانُ كانَ هُوَ الفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عاشُوراءُ فَمَنْ شاءَ صامَهُ وَمَنْ شاءَ تَرَكَة (1).
2443 -
حَدَّثَنا مُسَدَّد، حَدَّثَنا يحيى، عَنْ عُبيْدِ اللهِ، قالَ: أَخْبَرَني نافِعٌ، عَنِ ابن عُمَرَ قالَ: كانَ عاشوراءُ يَوْمًا نَصومُهُ في الجاهِلِيَّةِ فَلَمّا نَزَلَ رَمَضان قالَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هذا يَوْمٌ مِنْ أيّامِ اللهِ فَمَنْ شاءَ صامَهُ وَمَنْ شاءَ تَرَكَهُ"(2).
2444 -
حَدَّثَنا زِيادُ بْنُ أيُّوبَ، حَدَّثَنا هُشيْمٌ، حَدَّثَنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: لّمَا قدِمَ النَّبي صلى الله عليه وسلم الَمدِينَةَ وَجَدَ اليَهودَ يَصُومُونَ عاشُوراءَ فَسئِلوا عَنْ ذَلِكَ فَقالُوا هذا اليَوْمُ الذي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ موسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَنَحْن نَصومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ". وَأَمَرَ بِصِيامِهِ (3).
* * *
باب صوم عاشوراء
[2442]
، (حدثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير، (عن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش
(1) رواه البخاري (2002)، ومسلم (1125).
(2)
رواه البخاري (4501)، ومسلم (1126).
(3)
رواه البخاري (3943)، ومسلم (1130). وانظر ما بعده.
في الجاهلية) يدل على أن صيام هذا اليوم كان عندهم معلوم (المشروعية)(1) والقدر، ولعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وأنهم كانوا ينتسبون إليهما ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما. (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية) يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم عليه كما وافقهم على أن حج معهم على ما كانوا يحجون أي حجته الأولى التي حجها قبل هجرته، وقيل: فرض الحج إذ كل ذلك فعل خير.
ويؤخذ منه أنه صلى الله عليه وسلم كان متمسكًا قبل البعث بشريعة إبراهيم-عليه السلام. قال القرطبي بعدما حكى الأول: ويمكن أن الله أذن له في صيامه فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومون فسألهم عن الحامل لهم على صومه (2). كما سيأتي بعده. (فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة) وجدهم يصومونه (صامه وأمر بصيامه) أي: أوجب صيامه، وأكد (3) أمره عندهم حتى كانوا يُصوِّمون الصغار وتصنع لهم اللعبة من العهن وهو الصوف الأحمر ويلهيهم بشغلهم.
(فلما نزل فرض رمضان) ونسخ وجوب صوم يوم عاشوراء (كان هو الفريضة) الناسخة لما قبلها المستمر ثبوتها (وتُرك) صيام (عاشوراء) وقال: "إن الله لم يكتب صيام هذا اليوم"(4). وخير في صومه وفطره
(1) في (ر): الشرعية، والمثبت من (ل).
(2)
"المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" 3/ 191.
(3)
في النسخ الخطية: وكذا. والمثبت من "المفهم".
(4)
رواه مالك في "الموطأ" 1/ 299، ورواه البخاري (2003) ومسلم (1129) بنحوه.
فقال: (فمن شاء صام ومن شاء تركه) ثم ألقى الفضيلة في صومه في قوله: "وأنا صائم"(1). ينبني على الخلاف المعروف عند الأصوليين إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أو الاستحباب.
[2443]
(حدثنا مسدد، ثنا يحيى) القطان، (عن عبيد الله) بن عمر ابن حفص العدوي (أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: كان عاشوراء يومًا نصومه) بالنون (في الجاهلية، فلما نزل) صوم شهر (رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يوم من أيام الله) إضافته إلى الله فيه نوع تعظيم لصيامه؛ فإن هذِه الإضافة إضافة إكرام وتعظيم فهو كقوله تعالى: {نَاقَةُ اللَّهِ} (فمن شاء صامه ومن شاء تركه)(2) معناه أنه ليس صيامه متحتمًا؛ فأبو حنيفة يقدره ليس بواجب، والشافعية يقدرونه ليس متأكدًا أكمل التأكيد، وعلى التقديرين هو سنة مستحبة الآن من حين قال هذا الكلام (3).
[2444]
(حدثنا زياد بن أيوب) الطوسي الحافظ ببغداد، (حدثنا هشيم، حدثنا أبو بشر) جعفر بن إياس (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك) قال النووي: وفي رواية: فسألهم (4) قال: والمراد بالروايتين أمر من سألهم (5). (فقالوا له: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى) عليه السلام (على فرعون) أي: بالغلبة.
(1)"صحيح البخاري"(2003) ومسلم (1129).
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: أفطره.
(3)
"شرح النووي على مسلم" 8/ 5.
(4)
رواية للبخاري (4737)، ومسلم (1130).
(5)
شرح النووي على مسلم" 8/ 9.
قال الليث: الظهور الظفر (1) بالشيء، وزاد في رواية أحمد:"وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصام نوح وموسى عليهما السلام"(2)، ورواية مسلم:"هذا يوم عظيم أنجى الله موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه؛ فصامه موسى (3) شكرًا".
(فنحن نصومه تعظيمًا له) أي لهذا اليوم، وفي مسلم:"كانوا يتخذونه عيدًا وبلبسون نساءهم فيه حليهم". (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ) رواية مسلم: "نحن أحق" أي باتباع الأنبياء عليهم السلام والاقتداء بأفعالهم.
(وأمر بصيامه) قال المازري: خبر اليهود غير مقبول، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بصدقهم فيما قالوه، أو تواتر النقل عنده بذلك حتى حصل له العلم به (4).
قال القاضي عياض ردّا عليه: قد روى مسلم أن قريشًا كانت تصومه فلما قدم المدينة صامه فلم يحدث له بقول اليهود حكم حتى يحتاج إلى الكلام عليه، وإنما هي صفة حال وجواب سؤال (5).
* * *
(1) في النسخ الخطية: الظهر الظهور. والمثبت من "تهذيب اللغة" أبواب الهاء والظاء.
(2)
"مسند أحمد" 2/ 359.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"المعلم" 1/ 314.
(5)
"إكمال المعلم شرح صحيح مسلم" للقاضي عياض 4/ 83.