الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 - باب قَدْرِ مَسِيرَةِ ما يُفْطِرُ فِيهِ
2413 -
حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ حَمّادٍ، أَخْبَرَنا اللّيْثُ -يَعْني: ابن سَعْدٍ- عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبي حَبِيبٍ، عَنْ أَبي الخيْرِ، عَنْ مَنْصُورٍ الكَلْبي أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ مَرَّةً إِلى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ مِنَ الفُسْطاطِ وَذَلِكَ ثَلاثَةُ أَمْيالٍ في رَمَضانَ ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ ناسٌ وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَلَمّا رَجَعَ إِلى قَرْيَتِهِ قَالَ: والله لَقَدْ رَأيْتُ اليَوْمَ أَمْرًا ما كُنْتُ أَظُنُّ أَنّي أَراهُ إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحابِهِ. يَقُولُ ذَلِكَ لِلَّذِينَ صامُوا ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ اقْبِضْني إِليْكَ (1).
2414 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا الُمعْتَمِرُ، عَنْ عُبيْدِ اللهِ عَنْ نافِعٍ أَنَّ ابن عُمَرَ كانَ يَخْرُجُ إِلى الغابَةِ فَلا يُفْطِرُ وَلا يَقْصُرُ (2).
* * *
باب مسيرة ما يفطر فيه المسافر
[2413]
(حدثنا عيسى بن حماد) زغبة، قال أبو حاتم: ثقة (3)(أنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني مفتي أهل مصر (عن منصور الكلبي) قال الذهبي: لا يعرف (4).
(أن دحية بن خليفة) بن فروة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وهو الذي
(1) رواه أحمد 6/ 398، وابن خزيمة (2041).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(416).
(2)
رواه ابن أبي شيبة 6/ 133 (9075)، والبيهقيُّ 4/ 241.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2086).
(3)
"الجرح والتعديل" 6/ 274.
(4)
"الكاشف" 3/ 176.
كان ينزل جبريل في صورته. (خرج من قرية - نسخة: قريته - من دمشق مرة) اسم قرية من دمشق (إلى قدْر قرية) قيل هذِه القرية من عمل مصر تسمى منية عقبة (1) بينها وبين الفسطاط ثلاثة أميال (عقبة) بفتح العين والنصب لا ينصرف للعلمية والتأنيث، وأصل الفسطاط: الخيمة، قيل: لما نزل عمرو بن العاص بمصر ضرب خيمته على موضع جامع عمرو (من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال في رمضان ثمَّ إنه أفطر وأفطر معه الناس - نسخة: أناس - وكره آخرون أن يفطروا) استدل به من قال: يفطر المسافر إذا بلغ سفره ثلاثة أميال كما أن المسافر يقصر في ثلاثة أميال فصاعدًا.
وقد قال أصحابنا وغيرهم: يفطر المسافر في المسافة التي يقصر فيها الصلاة، ولم يفرقوا بينهما.
قال ابن عطية: مسافة القصر عند مالك حين يقصر الصلاة. واختلف في قدر ذلك، فقال مالك: يوم وليلة، ثمَّ رجع وقال: ثمانية وأربعون ميلًا (2). وفي المذهب: ستة وثلاثون ميلًا، وفي غير المذهب يقصر في ثلاثة أميال فصاعدًا (3).
وفي حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين. رواه مسلم (4). وهذا على قول الجمهور محمول
(1) رسمت في النسخ: (عبرة) غير منقوطة. ولم أقف على اسم منية على رسمها.
(2)
"المدونة" 1/ 207.
(3)
"المحرر الوجيز" 2/ 121 بتصرف.
(4)
"صحيح مسلم"(691).
على أنَّه كان أراد سفرًا طويلًا فلما بلغ ثلاثة أميال قصر في الصلاة.
(فلما رجع إلى قريته) وكان نازلًا بالشام وبقي فيها إلى أيام معاوية. (قال: والله لقد رأيت اليوم) يحتمل أنَّه رجع إلى قريته في يومه ذلك (أمرًا ما كنت أظن أني أراه) فذلك (أن قومًا رغبوا عن هَدْي) بفتح الهاء وإسكان الدال على اللغة الفصحى (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: عن طريقته وسنته وأصحابه، وهو محمول عند الجمهور على أنَّه أراد أنهم رغبوا عن قبول الرخصة في الإفطار في السفر مطلقًا أصلًا لا في السفر المقيد بثلاثة أميال (يقول ذلك للذين صاموا) في السفر ولم يفطروا.
(ثمَّ قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك) فهو محمول على أنَّه خشي بعد ذلك حصول فتنة في الدين؛ لأنه يجوز لمن خاف الفتنة في دينه أن يدعو على نفسه بالموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام مالك: "وإذا أردت بقومٍ فتنة فاقبضني إليك غير مفتون"(1). كما حمل ما روي عن عمر بن الخطّاب، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز تمنوا، على أنهم خشوا الفتنة والعجز عن القيام بما تأولوه، وأجاب الله دعاء عمر قبل انسلاخ الشهر، وأما لغير (2) خوف الفتنة فلا يجوز تمني الموت بل يكره تمنيه لضر نزل به لما في الصحيحين (3): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه؛ فإن كان ولابد قائلًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة
(1)"موطأ مالك"(508).
(2)
من (ل).
(3)
"صحيح البخاري"(5671)، "صحيح مسلم"(2680).
خيرًا لي".
[2414]
(حدثنا مسدد، حدثنا المعتمر، عن عبيد الله، عن نافع: أن ابن عمر كان يخرج إلى الغابة) موضع قريب من المدينة في طريق خيبر بينها وبين المدينة أربعة أميال من الشام، فكان العباس يقف على سلع جبل بالمدينة فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم، وبين الغابة وسلع ثمانية أميال (1). (فلا يفطر ولا يقصر) فيه أن الصيام أحب ما لم يتضرر، وكذا الإتمام في الصلاة.
(1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 182.