الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 - باب اخْتِيار الفِطْر
2407 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطّيالِسيُّ، حَدَّثَنا شعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -يَعْني: ابن سَعْدِ بْنِ زُرارَةَ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى رَجُلًا يُظَلَّلُ عَليهِ والزِّحامُ عَليهِ فَقالَ:"ليْسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ في السَّفَرِ"(1).
2408 -
حَدَّثَنا شيْبانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنا أبُو هِلالٍ الرّاسِبيُّ، حَدَّثَنا ابن سَوادَةَ القُشيْريُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ -رَجُلٍ مِنْ بَني عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ إِخْوَةِ بَني قُشيْرٍ- قالَ: أَغارَتْ عَليْنا خيْل لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فانْتَهيْتُ - أَوْ قالَ: فانْطَلَقْتُ - إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُلُ فَقالَ: "اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعامِنا هذا". فَقُلْتُ: إِنّي صائِمٌ. قالَ: "اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ، عَنِ الصَّلاةِ وَعَنِ الصِّيامِ إِنَّ اللهَ تَعالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلاةِ أَوْ نِصْفَ الصَّلاةِ والصَّوْمَ، عَنِ المُسافِرِ وَعَنِ المُرْضِعِ أَوِ الحُبْلَى". واللْه لَقَدْ قالَهُما جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُما قالَ: فَتَلَهَّفَتْ نَفْسي أَنْ لا أَكونَ أَكَلْتُ مِنْ طَعامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).
باب اختيار الفطر
[2407]
(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي) الحافظ، قال أحمد: هو اليوم شيخ الإسلام (3). (حدثنا شعبة، عن
(1) رواه البخاري (1946)، ومسلم (1115).
(2)
رواه الترمذي (715)، وابن ماجه (1667)، وأحمد 4/ 347.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(2083): إسناده حسن صحيح.
(3)
انظر: "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" 2/ 514، و"تذكرة الحفاظ" وذيوله 1/ 280.
محمد بن عبد الرحمن -يعني: ابن سعد بن زرارة) الأنصاري الذي هو نسبه إلى جده لأمه يسمى زرارة، ولى المدينة لعمر بن عبد العزيز، وثقه النسائي وغيره (1).
(عن محمد بن عمرو بن الحسن) بن علي بن أبي طالب. وثقه أبو زرعة وغيره (2).
(عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا) ذكر مغلطاي أنه أبو إسرائيل العامري، وعزى ذلك لمبهمات الخطيب (3). قائمًا في الشمس (يُظلَّلُ عليه) رواية الخطيب: رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقالوا: نذر أن لا يستظل، ولا يتكلم، ولا يجلس، ويصوم (4).
(والزحام عليه) ينظرون إليه (فقال: ليس من البر الصيام في السفر) حمل الشافعي نفي البر المذكور في الحديث على من أبي قبول الرخصة، قال: ويحتمل أن يكون معناه: ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم (5). وجزم ابن خزيمة وغيره بالمعنى الأول (6).
وقال الطحاوي: المراد بالبر هنا البر الكامل الذي هو أعلى مراتب البر، وليس المراد به إخراج الصوم في السفر عن أن يكون برًّا؛ لأن الإفطار قد يكون أَبَرُّ من الصوم إذا كان للتقوي على العدو كما تقدم.
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 25/ 611.
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 204.
(3)
"الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" 4/ 274.
(4)
المصدر السابق.
(5)
"اختلاف الحديث" ص 493.
(6)
"صحيح ابن خزيمة" 3/ 254.
قال: وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم: ليس المسكين بالطواف
…
الحديث (1). فإنه لم يرد إخراجه من أسباب المسكنة كلها، وإنما أراد الكامل المسكنة الذي لا يجد غنى يغينه ويستحق أن يسأل الناس ولا يفطن له (2).
قال ابن دقيق العيد: وأخذ من هذِه القصة أن كراهة الصوم [في السفر](3) مختصة بمن هو في مثل هذِه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه، إذ يؤدي إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القرب فينزل قوله:"ليس من البر الصوم في السفر" على مثل هذِه الحال. قال: والمانعون في السفر أن اللفظ عام والعبرة بعمومه لا بخصوص السبب (4). ولفظ رواية الإمام أحمد من حديث كعب بن عاصم الأشعري: "ليس من أمبر أمصيام في أمسفر"(5). فهذِه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميمًا، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعري كذلك؛ لأنها لغته، ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته، فحملها عنه الراوي وأداها باللفظ الذي سمعها به (6).
[2408]
(حدثنا شيبان بن فرُّوخَ) لا ينصرف (حدثنا أبو هلال) محمد ابن سليم (الراسبي) بسين مهملة ثم باء موحدة، نزل في بني راسب
(1)"شرح معاني الآثار" 2/ 63.
(2)
"فتح الباري" لابن حجر 4/ 185.
(3)
ساقط من (ر).
(4)
"إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" ص 403.
(5)
"مسند أحمد" 5/ 434.
(6)
انظر: "التلخيص الحبير" 2/ 449.
بالبصرة فنسب إليهم، وولاؤه لبني سامة بن لؤي.
قال أبو داود: ثقة (1). (حدثنا عبد الله بن سوادة) بتخفيف الواو ابن حنظلة القشيري، وثقه ابن معين (2). وله حديثان.
(عن أنس بن مالك) الكعبي (رجلٍ) بالجر بدل من أنس (من بني عبد الله بن كعب) بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (إخوة) بالجر (بني قُشير) بضم القاف وفتح الشين المعجمة، ابن كعب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة (قال: أغارت) -نسخة: غارت- (علينا خيل رسول الله فانتهيت، أو قال) شك من الراوي (فانطلقت إلى) رواية الترمذي: فأتيت (3)(رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأكل) أعم من رواية الترمذي: فوجدته يتغدى (4). لأن الأكل وقت الغداة، وفيه: إشارة إلى الفطر في السفر.
(فقال: اجلس فأصب من طعامنا هذا) ورواية الترمذي: "ادن فكل". وفيه: أن من حضر إليه وهو يأكل فيستحب له أن يدعوه للأكل منه. (فقال: إني صائم) فيه إظهار صيام النفل إذا سأله شيخه أو والده أو معلمه، واختار بعضهم أن يعرض عن الصيام بأن يقول: لي ضرورة، أو أنا قريب العهد بالأكل، ونحو ذلك خوفًا من أن ينقل تطوعه من السر إلى العلانية.
(فقال: اجلس أحدثك) بالجزم (5) جواب الأمر (عن الصلاة وعن
(1)"سؤالات الآجري لأبي داود"(504)، وانظر:"تهذيب الكمال" 25/ 295.
(2)
انظر: "الجرح والتعديل" 5/ 77.
(3)
"سنن الترمذي"(715).
(4)
"سنن الترمذي"(715).
(5)
في (ر): بالالجر. هكذا. وفي (ل): بالجر. والمثبت ما تقتضيه القواعد.
الصيام) فيه: أن الحاضر عند الأكل إذا دعاه فلم يأكل أن يدعوه ثانيًا ويرغبه في الأكل معه ليعلمه شيئًا من الأحكام الشرعية، أو يفيده فائدة لا يعلمها. (إن الله وضع) أي: أسقط (شطر الصلاة أو نصف) هو شك من الراوي، وفيه: بيان الشطر أن معناه النصف من (الصلاة) يعني من الصلاة الرباعية.
(والصوم) بالنصب عطفًا على شطر، أو وضع الصوم (عن المسافر) فأباح له الفطر فيه مع القضاء بعد انقضاء شهر رمضان (عن المسافر) أي: سفرًا تقصر فيه الصلاة، ولهذا عطفه عليها (و) وضع (عن المرضع أو الحبلى) الصوم، كذا في الترمذي (1)، وقد تقدم الكلام عليه، وعن رواية أحمد: الحبلى والمرضع (2).
ثم قال (والله لقد قالهما) النبي صلى الله عليه وسلم (جميعًا) رواية الترمذي: كلاهما (أو أحدهما) فيه جواز حلف المتكلم وإن لم يستحلف (قال: فتلهفت نفسي) التلهف على الشيء التحسر والحزن على فواته (إلا أن أكونَ أكلتُ من طعام النبي صلى الله عليه وسلم) فيه: التأسف على ترك أفعال الخير ولوم النفس على ذلك، وفيه دليل على أن الفطر في السفر أفضل ولو لم يشق الصوم.
(1)"سنن الترمذي"(715).
(2)
"مسند أحمد" 5/ 29.