المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌81 - باب المعتكف يعود المريض - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٠

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌18 - باب فِي الخُلْعِ

- ‌19 - باب فِي المَمْلُوكَةِ تَعْتِقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌20 - باب مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌21 - باب حتَّى مَتَى يَكُونُ لَها الخِيارُ

- ‌22 - باب فِي المَمْلُوكَيْنِ يُعْتَقانِ مَعًا هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌23 - باب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ

- ‌24 - باب إلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَها

- ‌25 - باب فِي مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِساءٌ أَكْثَرُ منْ أَرْبَعٍ أَوْ أُخْتانِ

- ‌26 - باب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الأَبوَيْنِ مَعَ منْ يَكُونُ الوَلَدُ

- ‌27 - باب فِي اللِّعانِ

- ‌28 - باب إِذَا شَكَّ فِي الوَلَدِ

- ‌29 - باب التَّغْلِيظِ فِي الانْتِفاءِ

- ‌30 - باب في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌31 - باب في القَافَةِ

- ‌32 - باب مَنْ قَالَ بِالقُرْعَةِ إِذَا تَنازَعُوا فِي الوَلَدِ

- ‌33 - باب في وُجُوهِ النِّكَاحِ التي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌34 - باب الوَلَدِ لِلْفِراشِ

- ‌35 - باب مَنْ أَحقُّ بِالوَلَدِ

- ‌36 - باب في عِدَّةِ المُطَلَّقَةِ

- ‌37 - باب فِي نَسْخِ مَا اسْتُثْنِيَ بِهِ مِنْ عِدَّةِ المُطَلَّقَاتِ

- ‌38 - باب في المُراجَعَةِ

- ‌39 - باب في نَفَقَةِ المَبْتُوتَةِ

- ‌40 - باب مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ

- ‌41 - باب في المَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌42 - باب نَسْخِ مَتَاعِ المُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ المِيراثِ

- ‌43 - باب إِحْدَادِ المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌44 - باب في المُتَوَفَّى عَنْها تَنْتَقِلُ

- ‌45 - باب مَنْ رَأى التَّحَوُّلَ

- ‌46 - باب فِيما تَجْتَنِبُهُ المُعْتدَّةُ في عِدَّتِها

- ‌47 - باب في عِدَّةِ الحامِلِ

- ‌48 - باب في عِدَّةِ أُمِّ الوَلَدِ

- ‌49 - باب المَبْتُوتَةِ لا يَرْجِعُ إِليْها زَوْجُها حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غيْرَهُ

- ‌50 - باب في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌1 - باب مَبْدَأ فَرْضِ الصِّيامِ

- ‌2 - باب نَسْخِ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌3 - باب مَنْ قَالَ هيَ مُثْبَتَةٌ لِلشّيْخِ والحُبْلَى

- ‌4 - باب الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌5 - باب إِذا أَخْطَأَ القَوْمُ الهِلالَ

- ‌6 - باب إِذا أُغْميَ الشَّهْرُ

- ‌7 - باب مَنْ قَالَ: فَإِنْ غُمَّ عَليْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ

- ‌8 - باب في التَّقَدُّمِ

- ‌9 - باب إِذا رُؤيَ الهِلالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِليْلَةٍ

- ‌10 - باب كَراهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌11 - باب فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبانَ برَمَضانَ

- ‌12 - باب في كَراهِيَةِ ذَلِكَ

- ‌13 - باب شَهادَةِ رَجُليْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلالِ شَوّالٍ

- ‌14 - باب في شَهادَةِ الواحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضانَ

- ‌15 - باب في تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌16 - باب منْ سَمَّى السَّحُورَ الغَداءَ

- ‌17 - باب وَقْتِ السُّحُورِ

- ‌18 - باب في الرَّجُلِ يَسْمَعُ النِّداءَ والإِناءُ عَلَى يَدِهِ

- ‌19 - باب وَقْتِ فِطْرِ الصّائِمِ

- ‌20 - باب ما يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌21 - باب ما يُفْطَرُ عَليْهِ

- ‌22 - باب القَوْلِ عنْد الإِفْطارِ

- ‌23 - باب الفطْر قَبْل غُرُوبِ الشَّمْسِ

- ‌24 - باب في الوِصالِ

- ‌25 - باب الغِيبةِ لِلصّائِمِ

- ‌26 - باب السِّواكِ لِلصّائِمِ

- ‌27 - باب الصّائِم يصُبُّ عَليْهِ الماءَ مِنَ العَطَشِ ويُبالِغُ في الاسْتِنْشاقِ

- ‌28 - باب في الصّائمِ يَحْتَجِمُ

- ‌29 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌30 - باب في الصّائِم يَحْتلِمُ نَهارًا في شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌31 - باب في الكَحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ للصّائِمِ

- ‌32 - باب الصّائِمِ يَسْتَقيءُ عامِدًا

- ‌33 - باب القُبْلةِ للصّائِمِ

- ‌34 - باب الصّائمِ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌35 - باب كراهِيَتِه لِلشّابِّ

- ‌36 - باب فِيمَنْ أصْبَحَ جُنُبًا في شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌37 - باب كَفّارَة مَنْ أَتى أهْلَهُ في رَمضانَ

- ‌38 - باب التَّغْلِيظِ في مَنْ أفْطَرَ عَمْدًا

- ‌39 - باب مَنْ أَكَلَ ناسِيًا

- ‌40 - باب تَأْخِيرِ قَضاءِ رمَضانَ

- ‌41 - باب فِيمَنْ ماتَ وَعَليه صِيامٌ

- ‌42 - باب الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌43 - باب اخْتِيار الفِطْر

- ‌44 - باب فيمَنِ اخْتارَ الصِّيامَ

- ‌45 - باب مَتَى يُفْطِرُ المُسافِرُ إذا خَرَجَ

- ‌46 - باب قَدْرِ مَسِيرَةِ ما يُفْطِرُ فِيهِ

- ‌47 - باب مَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضانَ كُلَّهُ

- ‌48 - باب في صَوْمِ العِيديْنِ

- ‌49 - باب صِيامِ أيّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌50 - باب النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌51 - باب النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ

- ‌52 - باب الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌53 - باب في صَوْمِ الدَّهْرِ تَطَوُّعًا

- ‌54 - باب في صَوْمِ أَشْهُرِ الحُرُمِ

- ‌55 - باب في صَوْمِ المُحَرَّمِ

- ‌56 - باب في صَوْمِ رَجَبَ

- ‌57 - باب في صَوْمِ شَعْبانَ

- ‌58 - باب في صَوْمِ شَوّالٍ

- ‌59 - باب في صَوْمِ سِتَّةِ أيّام من شَوّالٍ

- ‌60 - باب كيف كانَ يَصُومُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌61 - باب في صوْمِ الاْثنيْنِ والخمِيس

- ‌62 - باب في صَوْمِ العَشْرِ

- ‌63 - باب في فطْرِ العشْرِ

- ‌64 - باب في صَوْمِ عَرفةَ بِعَرَفَةَ

- ‌65 - باب في صَوْمِ يَوْمِ عاشُوراءَ

- ‌66 - باب ما رُويَ أَنَّ عاشُوراءَ اليَوْم التّاسِعُ

- ‌67 - باب في فَضْل صَوْمِهِ

- ‌68 - باب في صَوْمِ يَوْم وفِطْرِ يَوْمٍ

- ‌69 - باب في صَوْم الثَّلاثِ مِنْ كلِّ شَهْرٍ

- ‌70 - باب مَنْ قالَ: الاْثنيْنِ والخَمِيسِ

- ‌71 - باب مَنْ قالَ: لا يُبالي مِنْ أيِّ الشّهْرِ

- ‌72 - باب النِّيَّةِ في الصِّيام

- ‌73 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِك

- ‌74 - باب مَنْ رَأى عليْهِ القَضاءَ

- ‌75 - باب المرْأةِ تَصُوم بغيْرِ إِذْنِ زَوْجها

- ‌76 - باب في الصّائِمِ يُدْعَى إلى وَليمَةٍ

- ‌77 - باب ما يَقول الصّائِم إذا دُعيَ إِلى الطّعامِ

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌78 - باب الاعتِكافِ

- ‌79 - باب أيْن يَكون الاعْتِكاف

- ‌80 - باب المُعْتَكِفِ يَدْخل البيْتَ لِحاجَتِه

- ‌81 - باب المُعْتَكفِ يَعُودُ المَرِيضَ

- ‌82 - بَابُ فِي المُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌81 - باب المعتكف يعود المريض

‌81 - باب المُعْتَكفِ يَعُودُ المَرِيضَ

2472 -

حَدَّثَنا عَبْد اللهِ بْن محَمَّدٍ النُّفيليُّ وَمحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْب، أَخْبَرَنا اللّيْثُ بْن أَبى سُليْمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ -قالَ النُّفيليُّ- قالَتْ: كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يمرُّ بِالمَرِيضِ وَهوَ مُعْتَكِفُ فيمرُّ كَما هُوَ وَلا يعَرّجُ يَسْأَلُ عَنْهُ. وقالَ ابن عِيسَى قالَتْ: إِنْ كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُ المَرِيضَ وَهوَ مُعْتَكِفٌ (1).

2473 -

حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنا خالِدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -يَعْني: ابن إِسْحاقَ- عَنِ الزّهْريِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ أَنَّها قالَت: السُّنَّة عَلَى المُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا وَلا يَشْهَدَ جَنازَةَ وَلا يَمَسَّ امْرَأة وَلا يُباشِرَها وَلا يَخْرُجَ لحِاجَةٍ إلَّا لمِا لا بُدَّ مِنْهُ وَلا اعْتِكافَ إلَّا بِصَوْمِ وَلا اعْتِكافَ إلَّا في مَسْجِدٍ جامِعٍ.

قالَ أَبُو داودَ: غيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحاقَ لا يَقُولُ فِيهِ: قالَتِ السُّنَّةُ.

قالَ أَبُو داوُدَ: جَعَلَهُ قَوْلَ عائِشَةَ (2).

2474 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا أَبُو داوُدَ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُديْلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينار، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ عَليْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ في الجاهِلِيَّةِ ليْلَةَ أَوْ يوْمًا عنْدَ هوْدَ الكَعْبَةِ فَسَأَلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ:"اعْتَكِفْ وَصُمْ"(3).

2475 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبانَ بْنِ صالِحِ القُرَشيِّ، حَدَّثَنا

(1) رواه البيهقي 4/ 321 من طريق أبي داود.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(424).

ورواه من فعل عائشة مسلم (297) من حديث عائشة.

(2)

رواه الدارقطني 2/ 201، والبيهقي 4/ 320 - 321.

وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(2135): إسناده حسن صحيح.

(3)

رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656). وسيأتي برقم (3325).

ص: 630

عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ -يَعْني: العَنْقَزيَّ- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُديْلٍ، بإِسْنادِهِ نَحْوَهُ، قالَ: فَبيْنَما هُوَ مُعْتَكفٌ إِذْ كَبَّرَ النّاسُ فَقالَ: ما هذا يا عَبْدَ اللهِ؟ قالَ: سَبْي هَوازِنَ أَعْتَقَهُمُ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: وَتلْكَ الجارِيَةُ. فَأَرْسَلَها مَعَهُمْ (1).

* * *

باب المعتكف يعود المريض

[2472]

(حدثنا النُّفيلي ومحمد بن عيسى قالا: حدثنا عبد السلام بن حرب) النهدي، ثقة (أنا الليث بن أبي سليم) أبو بكر القرشي، روى له مسلم. أحد العلماء، لا نعلمه لقي صحابيّا. (عن عبد الرحمن بن أبي القاسم، عن أبيه) القاسم بن محمد بن (2) الصديق، (عن عائشة) قال:(النفيلي قال: قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو) يحتمل أن تكون ما مصدرية والتقدير: أنه يمر كمروره الذي هو معتاده، (ولا يعرج) أي على الجلوس أو الإقامة عنده، (يسأل عنه) من قولهم: عرج فلان على المنزل إذا حبس مطيته عليه وأقام، فيه دليل على عيادة المريض والسؤال عنه كان معلومًا عندهم (3) من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعادتهم.

واستدل بهذا الحديث على أن المعتكف لا يجوز له الخروج لعيادة المريض، وهو قول عطاء وعروة ومجاهد والزهري (4) ومالك (5)

(1) رواه بنحوه مسلم (1656)، وليس فيه ذكر الصيام.

(2)

زيادة من (ل).

(3)

في (ر): عنده.

(4)

عن عطاء وعروة والزهري رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 357 - 359، وعنهم وعن مجاهد ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 301 - 305.

(5)

"المدونة" 1/ 293.

ص: 631

والشافعي (1) وإحدى الروايتين عن أحمد (2)، وهذا في الاعتكاف المنذور؛ لأن عيادة المريض ليست بواجبة فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب لأجله.

وقال القاضي الماوردي: إن كان المريض من ذوي رحمه وليس له من يقوم به فهو مأمور بالخروج إليه، فإن عاد بنى على اعتكافه كالمرأة إذا خرجت لقضاء العدة ثم عادت تبني، قال: وفيه وجه شاذ أنها تستأنف (3).

قال النووي: ونقله أيضًا السرخسي وهو اختيار لصاحب "التقريب"، وقال أحمد في الرواية الثانية وبعض السلف: يجوز له (4). واتفق العلماء على أنه يستحب له عيادة المريض في المسجد ولو خرج لقضاء حاجته فعاد مريضًا في طريقه فإن لم يقف بسبب العيادة ولا عرج عن طريقه بسببها بل اقتصر على السلام والسؤال عنه جاز، ولا يبطل اعتكافه [خلافا للحديث المذكور، ولأنه لم يفوت زمانا بالعيادة، وإن وقف للعيادة وأطال بطل اعتكافه](5) وإن لم يطل فطريقان: أصحهما وبه قطع الجمهور وادعى الإمام الاتفاق عليه: لا يبطل؛ لأنه قدر يسير ولم يخرج لأجله وضبط الإمام البغوي اليسير بأن يكون قدر صلاة الجنازة، فإن وقف أكثر منه فطويل، وأما اعتكاف التطوع فلا يخفى

(1)"الأم" 3/ 266.

(2)

"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 7/ 489 - 493.

(3)

"الحاوي" 3/ 495.

(4)

"مسائل أحمد" رواية أبي داود ص 138. وانظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 7/ 493 - 489.

(5)

زيادة من (ل).

ص: 632

أن له أن يخرج منه لعيادة المريض (1).

قال الأصحاب: والبقاء (2) في المعتكف وعيادة المريض سواء، لكن إن خرج المعتكف لما لابد له منه فلا يسأل عن المريض في طريقه ولا يعرج عليه للوقوف عنده، قال صاحب "الشامل": هذا مخالف للسنة، والأفضل البقاء على اعتكافه للحديث، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج من الاعتكاف لعيادة المريض، وكان اعتكافه تطوعًا.

قال النووي: والمذهب ما قال الأصحاب (3).

(وقال) محمد (بن محمد بن عيسى قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم) أي: إن الأمر والشأن كان النبي (يعود المريض وهو معتكف) فيه: دليل على أن المعتكف يجوز له أن يعود المريض، وهو قول علي رضي الله عنه، وبه قال سعيد بن جبير والنخعي والحسن (4)، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (5)، ويدل عليه ما رواه أحمد والأثرم، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه-قال: إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة وليعد المريض وليشهد الجنازة، وليأت أهله ويأمرهم بالحاجة وهو قائم (6).

(1) انظر: "المجموع شرح المهذب" 6/ 511 - 512.

(2)

في (ر): والفقهاء.

(3)

انظر: "المجموع شرح المهذب" 6/ 512.

(4)

عن سعيد والنخعي والحسن رواه ابن أبي شيبة (9727 - 9730). وعزاه إليهما وقول أحمد الآتي ابن قدامة في "المغني" 4/ 470.

(5)

سبق قريبًا.

(6)

لم أقف عليه عند أحمد لكن رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(9724).

ص: 633

قال أحمد: وعاصم بن ضمرة عندي حجة (1). وبما رواه ابن ماجه عن الهياج الخراساني، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن عبد الخالق، عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض"(2). قال النووي: هياج الخراساني وعنبسة ضعيفان متروكا الحديث [لا يجوز الاحتجاج برواية واحد منهما (3). وعند الشافعي لا يجوز ويبطل الاعتكاف (4)](5).

وعلى تقدير صحة الدليل فهو محمول على أن المعتكف يعود المريض إذا خرج لما لابد له منه وعاده في طريقه ولم يعرج للعيادة، وفيه الجمع بين الأحاديث.

[2473]

(حدثنا وهب بن بقية) الواسطي، روى له مسلم في "صحيحه". (حدثنا خالد) بن عبد الله الواسطي الطحان، ثقة عابد، اشترى نفسه من الله ثلاث مرات يتصدق بزنة نفسه فضة.

(عن عبد الرحمن بن إسحاق) بن عبد الله القرشي، قال أحمد: صالح الحديث (6). وقال عباس، عن ابن معين: ثقة (7). وقال أبو داود: قدري ثقة، ولما طلبت القدرية أيام مروان هرب إلى البصرة (8).

(1)"ميزان الاعتدال" 2/ 352.

(2)

"سنن ابن ماجه"(1777).

(3)

"المجموع شرح المهذب" 6/ 512.

(4)

"الأم" 3/ 266.

(5)

زيادة من (ل).

(6)

"العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله (2559).

(7)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري (765).

(8)

"تهذيب الكمال" 16/ 425.

ص: 634

خرّج له مسلم من حديث بشر بن المفضل عنه عن الزهري (1)، وكان كثير العلم شاعرًا فصيحًا (2).

(عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: السنة على المعتكف) قال شارح "المصابيح": إن كانت أرادت السنة إضافة هذِه الأمور إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا فهي نصوص لا يجوز خلافها، وإن كانت أرادت به الفتوى على معنى ما عقلت من (3) السنة فقد خالفها بعض الصحابة في هذِه الأمور، وسيأتي أن غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول أنها قالت: السُّنَّة. فدل ذلك على احتمال أنها قالته فتوى منها ليس برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن لا يعود مريضًا) إلا في طريقه إذا لم يعرج -كما تقدم- عن الطريق ولم يطل وقوفه فإنه لا يبطل اعتكافه على المشهور، وادعى الإمام إجماع الأصحاب عليه (4).

(ولا يشهد جنازة) أي: الصلاة عليها. فيه: دليل لما قاله الجمهور وقطعوا به أن المعتكف لا يجوز له أن يخرج من المسجد لصلاة الجنازة، وبه قال عطاء وعروة ومجاهد والزهري (5) ومالك (6) وأصحاب الرأي (7)، وأصح الروايتين عن

(1)"صحيح مسلم"(2225).

(2)

زيادة من (ل).

(3)

في (ر): عن، والمثبت من (ل).

(4)

قال في "نهاية المطلب" 4/ 100: وقد أجمع أصحابنا على أن الوقفة القريبة لا تؤثر إذا لم تصر العيادة مقصودة.

(5)

رواه عنهم ابن أبي شيبة في "المصنف"(9736 - 9739).

(6)

"المدونة" 1/ 293.

(7)

"الأصل" 2/ 273.

ص: 635

أحمد (1). ويدل عليه ما رواه مسلم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فليبيت في معتكفه"(2). يعني: ولا يخرج منه، وهذا في اعتكاف النذر ولا يجوز له الخروج سواء تعينت عليه أم لا؛ لأنها إن لم تتعين عليه قام غيره مقامه فلا يترك المتعين عليه لغير المتعين، وإن تعينت عليه أمكن فعلها في المسجد بإحضار الميت إليه، فهو غير محتاج إلى الخروج؛ فإن خرج بطل اعتكافه. وفي وجه حكاه الماوردي وغيره: إن كان الميت ذوي رحمه وليس له من يقوم بدفنه خرج له؛ لأنه مأمور بالخروج، فإذا رجع بنى، وفي قول أنه يستأنف ولو خرج لقضاء حاجته فصلى في طريقه على جنازة، فإن وقف ينتظرها أو عدل عن طريقه إليها بطل اعتكافه قطعًا (3). - وإن لم ينتظرها ولا عدل عن طريقه عنها ففيه أربع طرق: أصحها وبه قال الجمهور أنه لا يبطل اعتكافه لأنه زمن يسير.

(ولا يمس امرأة) اختلف أصحابنا في فساد الاعتكاف بمقدمات الجماع كلمس المرأة بشهوة ومعانقتها وتقبيلها وغير ذلك على ثلاثة أقوال أو أوجه:

أحدها: أنه لا يفسد بها سواء أنزل أو لم ينزل.

وثانيها: يفسد بها سواء أنزل أم (4) لم ينزل، وبه قال مالك (5).

(1) انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 7/ 489 - 493.

(2)

"صحيح مسلم"(1167).

(3)

"الحاوي" 3/ 495.

(4)

في (ر): أو، والمثبت من (ل).

(5)

"المدونة" 1/ 291.

ص: 636

وثالثها: وبه قال أبو حنيفة (1) والمزني (2) وأصحاب أحمد (3) أنه يفسد إن اقترن بها إنزال وإلا فلا، قال الرافعي: والمفهوم من كلام الأصحاب بعد الفحص عنه أن هذا القول أرجح (4).

وإذا قلنا بالصحيح لا يفسد فيكره له اللمس بشهوة، ولا يفسد اعتكافه؛ لأنها مباشرة لا يبطل الحج بها فلا يبطل الاعتكاف كالقبلة ولا يكره اللمس بغير شهوة ولا التقبيل على سبيل الشفقة والإكرام المصالحة عند الغيظ أو عند قدومها من السفر ونحوه؛ لأن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم[يدني إليها](5) رأسه فتغسله وتمشطه، ولا يخلو ذلك عن مس. وأما قوله في الحديث:"لا يمس امرأته" فمحمول على المس بشهوة، والله أعلم.

(ولا يباشرها) أي: فيما دون الفرج بشهوة كما تقدم، وأما المباشرة في الفرج فإن جامع في الفرج عالمًا بتحريمه ذاكرًا للاعتكاف بطل اعتكافه إجماعًا للحديث ولقوله تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (6) سواء جامع في المسجد أو في غيره حيث خرج لعذر كقضاء الحاجة.

وفيه وجه أنه لا يبطل إذا جامع في حال خروجه لعذر من غير مكث،

(1)"الأصل" 2/ 286.

(2)

"مختصر المزني" على حاشية "الأم" 8/ 157 ط. دار المعرفة.

(3)

"المغني" 4/ 473.

(4)

"العزيز شرح الوجيز" للرافعي 6/ 482.

(5)

في (ر) يمد في النهار، والمثبت من (ل).

(6)

البقرة: 187.

ص: 637

بأن كان في هودج أو جامع في وقفة يسيرة لأنه لم يصرف النية زمنًا وليس معتكفًا في هذِه الحالة في أحد الوجهين وهو بعيد. ولو جامع ناسيًا للاعتكاف أو جاهلًا بتحريمه فالمذهب وبه قطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين: هو على الخلاف في فطره بالصوم، وقال مالك (1) وأبو حنيفة (2) وأحمد (3): يفسد بجماع الناسي كما يفسد بجماع العامد، ولا فرق بين جماع وجماع (4).

ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان"، وروى المزني عن نص الشافعي في "الأم" في بعض المواضع: أنه لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا بما يوجب الحد (5).

قال الإمام: ومقتضى هذا أنه لا يفسد الاعتكاف بوطء البهيمة وبالإتيان في الدبر إذا لم يوجب فيه حدًّا (6). أي: وفي معناه الوطء في قبل الزوجة ودبرها. قال الإمام (7): وهذا من أطرف (8) العجائب (9).

(ولا يخرج) بالنصب (لحاجة إلا لما لابد منه) قال الجوهري: لابد

(1)"المدونة" 1/ 291.

(2)

"الأصل" 2/ 284.

(3)

انظر: "المغني" 4/ 471.

(4)

انظر: "الشرح الكبير" للرافعي 6/ 482.

(5)

"مختصر المزني" ص 61.

(6)

"نهاية المطلب في دراية المذهب" 4/ 109.

(7)

هكذا بالأصل والصواب أنه النووي ردًا على كلام إمام الحرمين الجويني السابق. انظر: "المجموع" 6/ 525.

(8)

في (ر): لطف، والمثبت من (ل).

(9)

انظر: "الشرح الكبير" للرافعي 6/ 482.

ص: 638

من كذا كأنه قال: لا فراق منه، والبد العوض (1). أي: لا يخرج من المسجد إلا لما لا يعوض عنه غيره في فعله أو قوله ويتعين عليه فيخرج البول والغائط؛ لأن هذا لابد له منه، وهذا بالإجماع، ولا يمكن فعله في المسجد، وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له (2) من يأتيه به فله الخروج إليه إذا احتاج إليه وإن وجد من يأتيه أو وجد الماء في المسجد.

أما الخروج للأكل ففيه وجهان:

أحدهما: ما رجحه الإمام البغوي أنه لا يجوز (3).

والثاني وبه قال الأكثرون وهو نصه في "الأم": يجوز (4)؛ لأن الأكل في المسجد يستحيى به، ويشق عليه (5). وهذا قول مردود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، وكان أكثر الناس حياء وأعظمهم مروءة، ويدل عليه هذا الحديث.

وإذا خرج لما لابد منه فلا يجب عليه قضاؤه لعلتين:

أحدهما: أن الاعتكاف مستمر فيها على الصحيح، وقطع به بعضهم.

والثاني: أن زمن الخروج لما لابد منه مستثنى وإن خرج لما له بد منه (6) عامدًا بطل اعتكافه إلا أن يكون اشترط.

(1)"الصحاح في اللغة" للجوهري 2/ 7.

(2)

زيادة من (ل).

(3)

"شرح السنة" 6/ 398.

(4)

"الأم" 3/ 266.

(5)

"الحاوي الكبير" 3/ 492.

(6)

سقط من (ر).

ص: 639

(ولا اعتكاف إلا بصوم) احتج به مالك (1) وأبو حنيفة (2) على الصوم شرط لصحة الاعتكاف، وعن القديم قول (3) مثل قول مذهبهما وهو قول ابن عباس لهذا الحديث.

وجوابه أنه تفرد به سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف (4). فدل على أنه لا يُشْتَرط أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال كما تقدم، ورواه مسلم بهذا اللفظ (5) وهو متناول يوم العيد، ويلزم (6) من صحته أن الصوم ليس بشرط، وحديث عمر الآتي في نذره كما سيأتي له مزيد.

(ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع) أما اشتراط المسجد فلقوله تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وسطح المسجد ورحبته منه فيصح الاعتكاف فيه.

واحتج بهذا الحديث الزهري وغيره على ما ذهب إليه أنه لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد الجامع (7)، وأومأ الشافعي في القديم إليه.

واقتضت الآية جواز الاعتكاف في كل مسجد، وهو مذهبنا (8)

(1)"المدونة" 1/ 290.

(2)

"الأصل" 2/ 280.

(3)

زيادة من (ل).

(4)

"الطبقات" لابن سعد 7/ 470، و"تاريخ يحيى" رواية الدوري 4/ 458، و"الضعفاء والمتروكون" للنسائي ص 50 ت (259).

(5)

"صحيح مسلم"(1173).

(6)

في (ر) لا، والمثبت من (ل) وهو الصواب.

(7)

"مصنف عبد الرزاق"(8017).

(8)

"الأم" 3/ 266.

ص: 640

ومذهب مالك (1)، وقال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله وأبو ثور: يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات كلها وتقام فيه الجمعة (2). وعن حذيفة ابن اليمان الصحابي: لا يصح الاعتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة (3) وعن ابن المسيب: لا يصح إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (4).

(قال أبو داود: غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه: قالت السنة) وأخرجه النسائي من حديث يونس، وليس فيه: قالت السنة، ومن حديث الإمام مالك وليس فيه أيضًا ذلك (5). وعبد الرحمن المذكور يقال له: عبادة، زاد هذِه الزيادة وهو ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.

[2474]

(حدثنا أحمد بن إبراهيم (6)[عن أبي داود حدثنا](7) عبد الله ابن بديل) بضم الباء الموحدة (8) مصغرًا (ابن ورقاء) ويقال: ابن (9) بشر (الليثي) المكي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(10).

(عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر رضي الله عنه جعل عليه أن يعتكف) فيه أن جعلت علي كذا وألزمت نفسي كذا ونحوه مما يقتضي لفظه إلزامًا

(1)"المدونة" 1/ 291.

(2)

"الأصل" 2/ 282، "مسائل أحمد" رواية عبد الله ص 195.

(3)

رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(8016)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 316.

(4)

"مصنف عبد الرزاق"(8008).

(5)

"سنن النسائي الكبرى"(3370، 3371).

(6)

في (ر) القيم.

(7)

ليست في (ر)، والمثبت من المطبوع.

(8)

سقط من (ر).

(9)

في النسخ الخطية: أبو. والمثبت من "تهذيب الكمال"(3176).

(10)

"الثقات"(3590)

ص: 641

يصح به النذر ولو لم يضفه لله تعالى وهو المذهب؛ لأن العبادات ينوي بها الله وإن لم يذكر (في الجاهلية) فيه: أن النذر واليمين ينعقدان في الكفر حتى يجب الوفاء بهما إذا أسلم، وأنه إذا نذر أو حلف لا يكلم إنسانًا وكان ذلك في كفره في الجاهلية ثم أسلم يلزمه الوفاء به، ويلتحق اليمين بالنذر لاشتراكهما في التعليق، والصحيح من مذهب الشافعي أنه لا يصح نذر الكافر (1)، وهو مذهب الجمهور؛ لأنه قربة والكافر ليس من أهلها.

وقد اختلف في الجواب عن هذا الحديث، فقال ابن العربي في "القبس" (2): لما نذر عمر في الجاهلية وأسلم أراد أن يكون مثله في الإسلام، ونواه، فأمره أن يأتي به وإن لم يتلفظ (3).

وفي هذا نظر، فإن عمر إنما ذكر مجرد إخباره في حال الجاهلية، وليس فيه ما يدل على نية في الإسلام، وإذا ثبت لنا على أنه نوى قلنا: إن مجرد النية لا توجب اعتكافًا ولا غيره من العبادات، فإنها لا تلزم إلا بالقول، وأوله ابن دقيق العيد بأنه أمر أن يأتي باعتكاف يوم يشبه ما نذر لئلا يخل بعبادة نوى فعلها، فأطلق عليه أنه منذور لشبهه بالمنذور (4).

(ليلة) فيه دليل على أنه يصح اعتكاف الليل وحده، والقديم لا

(1)"التنبيه" ص 84، و"المهذب" 1/ 440.

(2)

"القبس" ص 659.

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر 11/ 583.

(4)

"إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" ص 427.

ص: 642

يصح، قال الإمام: قال الأئمة: إذا قلنا بالقديم لم يصح الاعتكاف في الليل لا تبعًا ولا منفردًا (1). وعند (2) أبي حنيفة رحمه الله: يجوز تبعًا (3)(أو يومًا) شك من الراوي، وفي رواية في "الصحيح": ليلة (4)، من غير شك (عند الكعبة) في رواية: يومًا في المسجد الحرام (5)[لعله العمدة لعطاء](6) فيما ذهب إليه أنه لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد المدينة.

(فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اعتكف) استدل الشافعي بهذا الحديث على عدم اشتراط الصوم للمعتكف؛ لأن الليل لا صيام فيه (7).

وأجيب بأنه جاء في رواية: أن أعتكف يومًا وليلة (8). ولأن العرب تعبر بالليلة عن اليوم والليلة (وصم).

[2475]

(حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح القرشي، حدثنا عمرو بن محمد) العنقزي الكوفي، وثقوه. (عن عبد الله بن بديل بإسناده نحوه قال: فبينما هو معتكف) في المسجد الحرام (إذ كبر

(1)"نهاية المطلب في دراية المذهب" 4/ 80.

(2)

في (ر) وعن، والمثبت من (ل).

(3)

"الأصل" 2/ 281، 297 - 298.

(4)

"صحيح البخاري"(2032)، و"صحيح مسلم"(1656).

(5)

"صحيح مسلم"(1656).

(6)

سقط من (ر).

(7)

انظر: "الأم" 2/ 107.

(8)

ذكره كذلك ابن بطال في "شرحه" 4/ 180، وعلقه الدارقطني في "علله" 2/ 30 عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر به.

ص: 643

الناس) نسخة (كبر الناس) فيه: التكبير عند مشاهدة النعمة العظيمة.

(قال: ما هذا يا عبد الله؟ ) يعني: ابن عمر بن الخطاب (قال: سبي) بالرفع خبر مبتدأ محذوف. أي: هذا سبي (هوازن) وكان ستة آلاف رأس غنمت يوم حنين (أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم) ومنَّ عليهم بالعتق (قال: وتلك الجارية) بالنصب مفعول مقدم (فأرسلها معهم) بفتح الهمزة وكسر السين، أي أطلقها لتذهب مع سبي هوازن فإنها منهم وفي بعضها بفتح السين واللام.

* * *

ص: 644