الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب إِذا أُغْميَ الشَّهْرُ
2325 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْديٍّ، حَدَّثَني مُعاوِيَةُ بْنُ صالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي قيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبانَ ما لا يَتَحَفَّظُ مِنْ غيْرِهِ ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضانَ فَإِنْ غُمَّ عَليْهِ عَدَّ ثَلاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صامَ (1).
2326 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبّاحِ البَزّازُ، حَدَّثَنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبّيُّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ المُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعيِّ بْنِ حِراشٍ، عَنْ حُذيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ أَوْ تُكمِلُوا العِدَّةَ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَواهُ سُفْيانُ وَغيْرُهُ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعيٍّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم لم يُسَمِّ حُذيْفَةَ (2).
* * *
باب إذا غم الشهر
[2325]
(حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي) ابن حسان اللؤلؤي، أحد الأعلام (حدثنا معاوية بن صالح) بن حُدير الحضرمي (عن عبد الله بن أبي قيس) الشامي مولى عطية بن عازب بالعين المهملة والزاي من تابعي الشاميين، وثقه النسائي، وغيره (3).
(1) رواه أحمد 6/ 149، وابن خزيمة في "صحيحه"(1910)، وابن حبان (3444).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2014).
(2)
رواه النسائي 4/ 135، وابن خزيمة في صحيحه (1911)، وابن حبان (3458).
ورواه أحمد 4/ 314 من حديث بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2015).
(3)
انظر: "تهذيب الكمال"(15/ 460)، و"معرفة الثقات" للعجلي ت (953).
(قال: سمعت عائشة تقول: كان رسول الله يتحفظ من) يحتمل أن يكون من بمعنى في كما حكاه ابن الصباغ في "الشامل"(1) عن الشافعي، {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} (2) أي: في قوم؛ وفي قوله تعالى: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} (3).
(شعبان ما لا يتحفظ من) أي: في (غيره) من الشهور قال الجوهري (4) التحفظ هو التيقظ وقلة الغفلة. أي: كان يستعد في هذا الشهر ويجتهد بكثرة العبادات وتلاوة القرآن والصدقة؛ لأنه شهر يغفل عنه لكونه بين شهرين عظيمين رجب ورمضان، فيشتغل الناس بهما عنه فيصير مغفولًا عنه.
ويدل على هذا ما رواه النسائي (5) من حديث أسامة بن زيد. قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من (6) شهر من الشهور ما تصومه من شعبان، قال:"ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين". وبإسناد ضعيف عن أنس: كان المسلمون إذا دخل شعبان أكبوا على المصاحف يقرؤوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسلمين على صيام رمضان (7). وكان
(1)"الشامل في فروع الشافعية" لابن الصباغ، وهو مخطوط لم يطبع.
(2)
النساء: 92.
(3)
فاطر: 40، الأحقاف:4.
(4)
في الأصل: الجوزي، والصواب (الجوهري)، انظر:"الصحاح"(3/ 308).
(5)
النسائي في "السنن"(2357)، وفي "الكبرى"(2678)، وأحمد 5/ 201 من طرق، عن ثابت بن قيس، عن أبي سعيد المقبري، عن أسامة بن زيد به.
(6)
زيادة من (ل).
(7)
رواه قوام السنة في "الترغيب والترهيب" 2/ 350.
عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
ويحتمل أن تكون (من) على بابها، ويكون التقدير: كان يحفظ نفسه من تضييع صومه شعبان، ويتحفظ (1) منه ما لا يتحفظ من غيره.
(ثم يصوم (2) لرؤية رمضان) يحتمل أن تكون اللام بمعنى بعد كما تقدم، ويحتمل أن تكون السببية أي: بسبب رؤية الهلال فإن رؤيته سبب موجب لصيام رمضان لرواية عبد الله بن جراد قال: أصبحنا يوم الثلاثين صيامًا، وكان الشهر قد أغمي علينا فأتينا النبي فوجدناه مفطرًا، فقال:"أفطروا إلا أن يكون رجل يصوم [هذا اليوم] (3) فليصم لأنْ أفطر يومًا من رمضان يتمارى فيه أحب إليَّ من أن أصوم يومًا من شعبان ليس منه". يعني: من رمضان (4)(فإن غم عليه) بضم الغين المعجمة كما تقدم.
(1) في (ر): للحفظ.
(2)
بعدها في الأصل: نسخة: بصومه.
(3)
زيادة من (ل).
(4)
أخرجه ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" 2/ 77 عن الخطيب وقال: هذا الحديث موضوع على ابن جراد لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ذكره أحد من الأئمة الذين جمعوا "السنن" وترخصوا في ذكر الأحاديث الضعاف، وإنما هو مذكور في نسخة يعلى بن الأشدق عن ابن جراد وهي نسخة موضوعة. قال أبو زرعة الرازي: يعلى بن الأشدق ليس بشيء. وقال أبو أحمد بن عدي الحافظ: وروى يعلى بن الأشدق عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة منكرة وهو وعمه غير معروفين. وقال البخاري: يعلى لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم بن حبان الحافظ: لقي يعلى عبد الله بن جراد فلما كبر اجتمع عليه من لا دين له فوضعوا له شبيها بما في حديث نسخة عن ابن جراد فجعل يحدث بها وهو لا يدري لا يحل الرواية عنه. اهـ.
(عد) من شعبان (ثلاثين يومًا ثم صام) وهذا يبين الرواية المتقدمة، وإن غم عليكم فاقدروا له.
[2326]
(حدثنا محمد بن الصباح البزاز) بزاءين معجمتين الجرجرائي التاجر بالجيم (1)(حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي) بالضاد المعجمة والباء الموحدة المشددة (عن منصور بن المعتمر) السلمي بضم السين من أئمة الكوفة (عن ربعي بن حراش) بكسر الحاء المهملة (عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَقَدّموا) بفتح التاء والقاف وتشديد الدال أي: لا تتقدموا؛ لأن أصله بتاءين ثم حذفت إحداهما. ورواية البخاري "لا يتقدمن أحدكم رمضان"(2).
وفي رواية لأحمد عن روح، عن هشام:"لا تتقدموا قبل رمضان بصوم"(3). ورواية الترمذي (4): "لا تقدموا شهر رمضان بصيام قبله". وروى مسروق عن عائشة: أن قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} نزلت في النهي عن صوم يوم الشك، قالت: يقول: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم صلى الله عليه وسلم (5). وفي معناه: لا تصوموا قبل أن يصوم إمامكم كما تقدم.
(1)(الجرجرائي التاجر بالجيم) زيادة في الترجمة فهو غير البزاز، فالبزاز هو الدولابي صاحب "السنن" وكلاهما - البزاز، والجرجرائي - محمد بن الصباح، وكلاهما شيخ لأبي داود. سئل أبو زرعة: محمد بن الصباح البزاز أحب إليك أو محمد بن الصباح الجرجرائي؟ فقال: محمد بن الصباح البزاز "الجرح والتعديل" 7/ 298).
(2)
"صحيح البخاري"(1914).
(3)
"المسند"(2/ 513).
(4)
"السنن" للترمذي (685).
(5)
أخرجه الواحدي في "التفسير الوسيط"(4/ 150).
ولا (تصوموا)(1) رمضان قبل دخول وقته برؤية أو عدد، وفي الحديث والآية دليل على أنه لا يجوز أداء فرض ولا تطوع من صيام وصلاة وغيرهما قبل دخول الوقت المفروض له (الشهر) أي شهر رمضان بصيام يوم أو يومين كما سيأتي في الحديث بعده (حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) فيه دليل لما قاله الجمهور أنه لا يجب صوم رمضان إلا بأحد سببين إكمال شعبان ثلاثين، أو رؤية الهلال، ومفهوم الغاية يحيي أنه لا يجب بغير هذين، وقد جزم الرافعي عند الكلام في يوم الشك بأنه لا أثر لظننا الرؤية لولا السحاب لبعد الهلال (2).
ولو قال شخص أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: إن غدًا من رمضان فصمه؟
قلنا: قد حكم النبي صلى الله عليه وسلم في حياته في اليقظة أنه لا يجب إلا برؤية الهلال أو تكميل العدة كما في الحديث، ذكره القاضي حسين وغيره (3) ونقل القاضي عياض الإجماع عليه (4) فلا يصح صومه لصاحب المنام ولا لغير؛ لاختلال المنام لا للشك في الرؤية. (ثم صوموا) أي من رمضان (حتى تروا الهلال) يعني هلال شوال (أو تكملوا العدة) ثلاثين.
(قال أبو داود: ورواه سفيان وغيره، عن منصور، عن ربعي، عن رجل من أصحاب النبي لم يسم حذيفة) لابن الأعرابي.
(1) في (ر): تقوموا.
(2)
"الشرح الكبير" 6/ 415.
(3)
ذكره النووي في "المجموع" 6/ 281.
(4)
"إكمال المعلم شرح صحيح مسلم" للقاضي عياض 1/ 125.