الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبانَ برَمَضانَ
.
2335 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا هِشامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبي كَثِيرٍ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا تَقَدَّمُوا صَوْمَ رَمَضانَ بِيَوْمٍ وَلا يَوْميْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ"(1).
2336 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ العَنْبَريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تامّا إِلَّا شَعْبانَ يَصِلُهُ بِرَمَضانَ (2).
* * *
باب من رخص في الرجل يصل شعبان برمضان تطوعًا
[2335]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي، روى عنه البخاري، وكذا سنده كله للبخاري (حدثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى بن أبي (3) كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتقدمن) (4) بضم أوله وفتح ثانيه، ويجوز بفتحهما أي المكلف لا يتقدم أحدكم (صوم رمضان بصوم يوم أو يومين) يقصد به الاحتياط (إلا أن يكون) كان تامة، أي: إلا أن يوجد (صوم يصومه رجل) وفي رواية الترمذي (5) وأحمد (6) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي
(1) رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082).
(2)
رواه الترمذي (736)، والنسائي 4/ 200، وابن ماجه (1648)، وأحمد 6/ 311.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2024).
(3)
سقطت من (ر).
(4)
هكذا في المخطوط، وفي المطبوع عند أبي داود (لا تقدموا).
(5)
"السنن"(684).
(6)
"المسند" 2/ 497.
سلمة: "إلا أن يوافق ذلك (1) صومًا كان يصومه أحدكم"(فليصم ذلك الصوم) فيه حجة على أصحاب داود حيث قالوا: لا يصح صومه أصلًا، ولأنه صوم يوم من شعبان فصح صومه كاليوم الذي قبله. والحكمة في النهي عن الصوم ليتقوى بالفطر ليدخل في رمضان بقوة ونشاط.
[2336]
(حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن جعفر) ربيب شعبة الهذلي مولاهم البصري، جالس شعبة نحوًا من عشرين سنة المعروف بغندر، اشترى مرة سمكًا وقال لأهله: اصنعوه، ونام، فأكل عياله السمك ولطخوا يده، فلما انتبه قال: هاتوا السمك، قالوا: قد أكلت. قال: لا، قالوا: فشم يدك، ففعل فقال: صدقتم لكنني ما شبعت.
(حدثنا شعبة، عن توبة) بفتح المثناة وبعد الواو موحدة (العنبري) ثقة (عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التابعي (2).
(عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان) تعارضه رواية ابن عباس في الصحيحين: ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) المثبت من (ل).
(2)
أبو سلمة ليس كما قال المؤلف إنما هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، المدني، قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل (وقيل اسمه وكنيته واحد)، وهو الذي روى له أبو داود في "السنن" انظر:"تهذيب الكمال" 33/ 370. أما عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي فلم يكنى بأبي سلمة، وكذلك لم يروي له أبو داود في "السنن" إنما روى له في "الناسخ والمنسوخ" وفي "القدر" انظر: "تهذيب الكمال" 15/ 198.
شهرًا كاملًا غير رمضان (1)، وغير ذلك فنحتاج (2) في هذا الحديث إلى تأويل أن المراد بالشهر (3) التام معظمه، ونقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال (4): صام الشهر، ويقال: قام فلان ليلته أجمع ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره. قال الترمذي: كأن ابن المبارك جمع بين الحديثين بذلك (5).
وحاصله: أن إحدى الروايتين مفسرة للأخرى ومخصصة لها، وأن المراد بالتام الأكثر، وهو مجاز قليل الاستعمال.
واستبعده الطيبي؛ لأن كلًّا وتامًّا تأكيد لإرادة الشمول، ودفع التجوز فتفسيره بالبعض منافٍ له، قال: فيحمل على أنه كان يصوم شعبان كله تارة ويصوم معظمه أخرى لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان، وقيل: المراد بقولها تامًّا أنه كان يصوم من أوله تارةً ومن آخره تارة ومن أثنائه طورًا، فلا يخلي شيئًا منه من صيام ولا يخص بعضه بصيام دون بعض (6).
وقال ابن المنير: يحمل التام على المبالغة، والمراد: الأكثر (7).
(يصله برمضان) ورواية النسائي عن عائشة: كان أحب الشهور إلى
(1) البخاري (1971)، ومسلم (1157).
(2)
في (ر): ليحتاج.
(3)
في (ر): أشهر.
(4)
زاد في (ر): ما، وهو خطأ.
(5)
"سنن الترمذي" 3/ 114.
(6)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر 4/ 214.
(7)
المصدر السابق.
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصوم شعبان كان يصله برمضان (1). وعن أم سلمة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان (2).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصل صيام شعبان برمضان لكن يفصل بينهما بيوم أو يومين يفطر ليكون فاصلًا بينهما كما كان يصل رمضان بما بعده غير يوم العيد لقربهما من رمضان، لكن الصيام في شعبان أفضل لكثرة الصيام فيه أكثر من شوال.
فظهر بهذا أن أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله أو بعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان لقربه منه، وتكون منزلة صيام التطوع من رمضان بمنزلة الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض بالفضل وهي مكملة لنقص الفرائض، فكذلك صيام ما قبل رمضان وما بعده أفضل من صيام ما بعد منه ويكون قوله: أفضل الصيام بعد رمضان المحرم (3)(4) محمول على التطوع المطلق الصيام، فأما ما كان قبل رمضان وبعده فإنه يلتحق به في الفضل كما أن قوله في الحديث:"أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل" إنما أريد منه الليل على التطوع المطلق دون السنن الرواتب عند جمهور العلماء خلافًا لبعض الشافعية كالنووي وغيره (5).
(1)"السنن الصغرى" 4/ 199.
(2)
عند النسائي أيضًا في "الصغرى" 4/ 151، 200.
(3)
رواه مسلم (1163).
(4)
في (ر) العموم، والمثبت من (ل).
(5)
انظر: "المجموع" للنووي 4/ 48.