الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا
2264 -
حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ سَلْمٍ - يَعْني: ابن أَبي الذّيّالِ - حَدَّثَني بَعْضُ أَصْحابِنا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا مُساعاةَ في الإِسْلامِ، مَنْ ساعَى في الجاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنِ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غيْرِ رِشْدَةٍ فَلا يَرِثُ وَلا يُورَثُ"(1).
2265 -
حَدَّثَنا شيْبانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ راشِدٍ ح وَحَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، أَخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ راشِدٍ - وَهُوَ أَشْبَعُ - عَنْ سُليْمانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شعيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الذي يُدْعَى لَهُ ادَّعاهُ وَرَثَتُهُ، فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُها يَوْمَ أَصابَها، فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ، وَليْسَ لَهُ مِمّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ المِيراثِ شَيء، وَما أَدْرَكَ مِنْ مِيراثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلا يُلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الذي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْها، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عاهَرَ بِها فَإِنَّهُ لا يُلْحَقُ بِهِ وَلا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الذي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ (2).
2266 -
حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنا أَبي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ راشِدٍ بِإِسْنادِهِ وَمَعْنَاهُ زادَ وَهُوَ وَلَدُ زِنًا لأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَذَلِكَ فِيما اسْتُلْحِقَ في أَوَّلِ الإِسْلامِ، فَما اقْتُسِمَ مِنْ مالٍ قَبْلَ الإِسْلامِ فَقَدْ مَضَى (3).
* * *
(1) رواه أحمد 1/ 362، والطبراني 12/ 49 (12438)، والحاكم 4/ 342.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(390).
(2)
رواه ابن ماجه (2746). وحسنه الألباني "صحيح أبي داود"(1959).
(3)
رواه البيهقي 6/ 260 من طريق المصنف.
وحسنه الألباني "صحيح أبي داود"(1960).
باب في ادعاء ولد الزنا
[2264]
(ثنا يعقوب بن إبراهيم) بن كثير الدورقي (ثنا معتمر، عن سلم) بفتح السين وسكون اللام (ابن أبي الذيَّال) بفتح الذال المعجمة وتشديد المثناة تحت، يعد في البصريين، أخرج له مسلم في الصلاة عن حميد بن هلال قال (حدثني بعض أصحابنا، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا مساعاة في الإسلام) المساعاة: الزنا، وكان الأصمعي يجعل المساعاة [في الإماء دون](1) الحرائر، وذلك لأنهن كان السيد يطأهن، ويطأهن [غيره فيكتسبن لمواليهن بضرائب](2) كانت عليهن، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم المساعاة في الإسلام [ولم يلحق النسب لها](3)، بل جعل الولد للفراش، يقال: ساعت الأمة إذا فجرت، وساعاها فلان إذا فجر بها، وهو مفاعلة من السعي بالفساد، فكأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول [غرضه](4)(ومن ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته) العصبة بفتحات هم الأقارب من جهة [الأب](5) يعصبونه ويعتصبن به، أي: يحيطون به كالعصابة بالرأس ويشتد بهم، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عما كان من المساعاة في الجاهلية فمن ألحق بها، ومنه حديث عمر (6) في نساء أو إماء ساعين في الجاهلية: فأمر بأولادهن أن يقوموا
(1) و (2) و (3) بياض بالأصل، والمثبت من "شرح السنة" للبغوي 9/ 278. وغيره.
(4)
بياض بالأصل، والمثبت من "النهاية".
(5)
بياض بالأصل.
(6)
في الأصل: عمر الداني، وهو خطأ.
على آبائهم (1) ولا يسترقوا (2). ومعنى التقويم أن يكون قيمتهم على من زنا بهم لموالي الإماء، ويكونوا أحرارًا لاحقي النسب بآبائهم الزناة.
(ومن ادّعى) بتشديد الدال، أن له (ولدًا من غير رشدة) بكسر الراء وفتحها وسكون الشين المعجمة وفتح الدال وتنوين التاء المرسومة هاء، يقال: هذا ولد رشدة إذا كان النكاح صحيح كما يقال في ضده ولد زنية، قال في "النهاية" بالكسر فيهما، قال: وقال الأزهري في فصل بغى: كلام العرب المعروف: فلان ابن زِنية، وابن رِشدة، والفتح أفصح اللغتين (3).
(فلا يرث ولا يورث) فيه أن من ادعى أن له ولدًا من الزنا فلا يرث الولد من أبيه ولا أحد من عصبته، وكذلك الأب لا يرث من الابن ولا من أحدٍ من عصبته، ويرث ولد الزنا أمه، والذي عليه الشافعي (4) وأحمد وجمهور العلماء أن ولد الزنا حكمه حكم ولد الملاعنة، إلا أن الحسن بن صالح قال: عصبة ولد الزنا لسائر المسلمين؛ لأن أمه ليست فراشًا، بخلاف الملاعنة، والجمهور على التسوية بينهما؛ لانقطاع نسب كل واحد من أبيه (5).
[2265]
(ثنا شيبان بن فروخ، ثنا محمد بن راشد) الخزاعي الدمشقي
(1) في النسخة الخطية: أولادهم، والمثبت من المصادر.
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(34208).
(3)
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(رشد)، "تهذيب اللغة"(بغى).
(4)
"الأم" 4/ 110.
(5)
انظر: "الشرح الكبير" لابن قدامة 7/ 36.
المكحولي، روى عن مكحول فنسب إليه، وثقه أحمد وابن معين، وقال عبد الرزاق: ما رأيت رجلًا أورع في الحديث منه، وقال النسائي وغيره: ثقة (1).
(وثنا الحسن بن علي) الحلواني (ثنا يزيد بن هارون، ثنا محمد بن راشد) المكحولي (وهو أشبع) من الشبعة.
(عن سليمان بن موسى) القرشي الأموي الأسدي، روى له مسلم في مقدمة كتابه، والأربع (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى) أي: حكم (أن كل) ولد (مستلحق) بفتح الحاء من استَلحقْتُ الشيء ادعيته (استُلحِقَ) بضم التاء وكسر الحاء، مبني لما لم يسم فاعله، أي: ادعاه شخص أنه ابنه (بعد) موت (أبيه) وإن لم يكن وطئ الأمة (الذي يدعى له) أي: الذي كان ينسب إليها بعد موته، ثم (ادعاه ورثته) من بعد موت أبيهم ولم يكن أبوه ادعاه ولا نسبه إليه، فإنه يلحق بالأب الذي هو على فراشه لا لمن استلحقه من غيره من الزناة الذي كانوا يطؤون الأمة كما في قصة ابن زمعة على ما سيأتي، ويؤخذ من قوله: الذي يدعى له، أنه لم يدعه، بل ادعاه الورثة بعده، ويؤخذ من إطلاق قوله: الذي يدعى له، أن ورثته إذا ادعوه بعد موته ثبت نسبه وورث سواء أنكره في حياته أو سكت عنه، وهو الصحيح عند الشافعي كما لو استلحقه المورث بعدما نفاه بلعان أو غيره بأن ادعى ثبوته فأنكر، فإن حكم الورثة من بعده كحكمه (2).
(1) انظر: "تهذيب الكمال"(25/ 189 - 190).
(2)
"الأم" 5/ 421.
قال العمراني: وهذا أكثر قول أصحابنا (1)، ويدل على أن حكم الورثة حكم أبيهم أنهم يقومون مقامه في ميراثه وديونه وشأنه ودعاوته. وقوله في الحديث: ادعاه ورثته، أي: جميعهم سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا أو واحدًا، ولو أقر بعضهم وأنكر البعض فلا يثبت كما هو ظاهر الحديث.
(فقضى) أي: وقضى، لكن أتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بخلاف الواو، أي: وحكم أيضًا (أن كل من) أي: كل ولد أو أولاد، فإنَّ (مَن) للعموم (كان من أمة) له (يملكها يوم أصابها) يدل على أن المسألة التي قبله فيمن لم يصبها (فقد لحق) الولد (بمن استلحقه) سواء استلحقه الواطئ أو ورثته من بعده؛ فإن اللفظ ها هنا عام بخلاف التي قبلها؛ فإنه مقيدة بما إذا استلحقه الورثة دون السيد (وليس له قسم) بكسر القاف، أي: نصيب مما قسم (قبله) أي: قبل استلحاقه (من الميراث) المخلف عن المورث، أي: لا ميراث له ولا يشارك إخوته الذين استلحقوه في ميراثهم من أبيهم إذا كانت القسمة قد مضت قبل أن يستلحقه الورثة، وجعل حكم ذلك حكم ما مضى في الجاهلية فعفا عنه ولم يرده إلى حكم الإسلام (وما كان من ميراث لم يقسم) إلى أن ثبت نسبه باستلحاق الورثة إياه كان شريكهم فيه (فله نصيبه) فيه أسوة من يساويه في النسب منهم، فإن مات من أخويه بعد ذلك أحد ولم يخلف من يحجبه عن الميراث ورثه.
(ولا يلحق) الولد بحمل من الأمة بالسيد (إذا كان أبوه الذي يدعى إليه
(1)"البيان" 10/ 442.
ينكره) ولم يدعه، وليس للورثة أن يستلحقوه بعد موته إذا أنكره؛ لأنهم خلفاؤه فلا يخالفوه، قال الشيخ تقي الدين السبكي في "شرح المنهاج": أمضى النبي صلى الله عليه وسلم أحكام الجاهلية على ما كانت عليه كما أنا لا ننقض أحكام الكفار التي أنقضت بينهم قبل الإسلام. وفي الحديث دليل على إرث المسلمين من حيث الجملة.
(وإن كان) الولد الذي أتت به (من أمة لم يملكها) بشراء ولا غيره (أو) كان (من حرة) قد (عاهر بها) بفتح الهاء، أي: زنا بها، وهو فاعل من عهر يعهر عهرًا وعهورًا إذا أتى المرأة ليلًا للفجور بها ثم غلب ذلك على الزنا مطلقًا سواء كان ليلًا أو نهارًا (فإنه لا يلحق) من استلحقه (ولا يرث) منه، وهذا فيه إبطال ما كانت الجاهلية تقول به من إلحاق النسب بالزنا، فمن ألحقت المزني بها التحق به.
(وإن كان الزاني الذي يدعى له) الولد الذي من الزنا (هو ادعاه) وألحقه بنسبه (فهو ولد زنية) بكسر الزاي وفتحها وجهان، وتنون آخره كما تقدم في نظيره وهو ولد رشدة، وسواء كان الولد (من حرة كان أو) من (أمة) فإنه لا يلحق ولا يرث من أبيه.
[2266]
(ثنا محمود بن خالد) بن زيد السلمي الدمشقي، قال أبو حاتم: كان ثقة رضي (1)، وثقه النسائي (2)(ثنا أبي) خالد بن يزيد السلمي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(3)(عن محمد بن راشد)
(1)"الجرح والتعديل" 8/ 292.
(2)
انظر: "المعجم المشتمل"(1028).
(3)
"الثقات" 9/ 202.
المكحولي (بإسناده) المذكور (ومعناه) و (زاد) في هذه الرواية (وهو ولد زنا لأهل أمه) أي: ميراثه لذوي الفروض من أهل الأم يأخذون فروضهم منه كاثنين (من كانوا حرة) كانت المزني بها (أو أمة) فإنها ترث الأم وذوي الفروض كما تقدم منه دون الأب ومن يدلي به (وذلك فيما استلحق) بضم التاء وكسر الحاء من الأولاد (في أول الإسلام) وهم قريبو عهد بجاهلية (فما اقتسم) بضم التاء وكسر السين (من مال) ورث (قبل الإسلام فقد مضى) الأمر على ذلك إلى أن نسخ منه ما نسخ.