المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌39 - باب في نفقة المبتوتة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٠

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌18 - باب فِي الخُلْعِ

- ‌19 - باب فِي المَمْلُوكَةِ تَعْتِقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌20 - باب مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌21 - باب حتَّى مَتَى يَكُونُ لَها الخِيارُ

- ‌22 - باب فِي المَمْلُوكَيْنِ يُعْتَقانِ مَعًا هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌23 - باب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ

- ‌24 - باب إلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَها

- ‌25 - باب فِي مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِساءٌ أَكْثَرُ منْ أَرْبَعٍ أَوْ أُخْتانِ

- ‌26 - باب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الأَبوَيْنِ مَعَ منْ يَكُونُ الوَلَدُ

- ‌27 - باب فِي اللِّعانِ

- ‌28 - باب إِذَا شَكَّ فِي الوَلَدِ

- ‌29 - باب التَّغْلِيظِ فِي الانْتِفاءِ

- ‌30 - باب في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌31 - باب في القَافَةِ

- ‌32 - باب مَنْ قَالَ بِالقُرْعَةِ إِذَا تَنازَعُوا فِي الوَلَدِ

- ‌33 - باب في وُجُوهِ النِّكَاحِ التي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌34 - باب الوَلَدِ لِلْفِراشِ

- ‌35 - باب مَنْ أَحقُّ بِالوَلَدِ

- ‌36 - باب في عِدَّةِ المُطَلَّقَةِ

- ‌37 - باب فِي نَسْخِ مَا اسْتُثْنِيَ بِهِ مِنْ عِدَّةِ المُطَلَّقَاتِ

- ‌38 - باب في المُراجَعَةِ

- ‌39 - باب في نَفَقَةِ المَبْتُوتَةِ

- ‌40 - باب مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ

- ‌41 - باب في المَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌42 - باب نَسْخِ مَتَاعِ المُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ المِيراثِ

- ‌43 - باب إِحْدَادِ المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌44 - باب في المُتَوَفَّى عَنْها تَنْتَقِلُ

- ‌45 - باب مَنْ رَأى التَّحَوُّلَ

- ‌46 - باب فِيما تَجْتَنِبُهُ المُعْتدَّةُ في عِدَّتِها

- ‌47 - باب في عِدَّةِ الحامِلِ

- ‌48 - باب في عِدَّةِ أُمِّ الوَلَدِ

- ‌49 - باب المَبْتُوتَةِ لا يَرْجِعُ إِليْها زَوْجُها حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غيْرَهُ

- ‌50 - باب في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌1 - باب مَبْدَأ فَرْضِ الصِّيامِ

- ‌2 - باب نَسْخِ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌3 - باب مَنْ قَالَ هيَ مُثْبَتَةٌ لِلشّيْخِ والحُبْلَى

- ‌4 - باب الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌5 - باب إِذا أَخْطَأَ القَوْمُ الهِلالَ

- ‌6 - باب إِذا أُغْميَ الشَّهْرُ

- ‌7 - باب مَنْ قَالَ: فَإِنْ غُمَّ عَليْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ

- ‌8 - باب في التَّقَدُّمِ

- ‌9 - باب إِذا رُؤيَ الهِلالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِليْلَةٍ

- ‌10 - باب كَراهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌11 - باب فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبانَ برَمَضانَ

- ‌12 - باب في كَراهِيَةِ ذَلِكَ

- ‌13 - باب شَهادَةِ رَجُليْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلالِ شَوّالٍ

- ‌14 - باب في شَهادَةِ الواحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضانَ

- ‌15 - باب في تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌16 - باب منْ سَمَّى السَّحُورَ الغَداءَ

- ‌17 - باب وَقْتِ السُّحُورِ

- ‌18 - باب في الرَّجُلِ يَسْمَعُ النِّداءَ والإِناءُ عَلَى يَدِهِ

- ‌19 - باب وَقْتِ فِطْرِ الصّائِمِ

- ‌20 - باب ما يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌21 - باب ما يُفْطَرُ عَليْهِ

- ‌22 - باب القَوْلِ عنْد الإِفْطارِ

- ‌23 - باب الفطْر قَبْل غُرُوبِ الشَّمْسِ

- ‌24 - باب في الوِصالِ

- ‌25 - باب الغِيبةِ لِلصّائِمِ

- ‌26 - باب السِّواكِ لِلصّائِمِ

- ‌27 - باب الصّائِم يصُبُّ عَليْهِ الماءَ مِنَ العَطَشِ ويُبالِغُ في الاسْتِنْشاقِ

- ‌28 - باب في الصّائمِ يَحْتَجِمُ

- ‌29 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌30 - باب في الصّائِم يَحْتلِمُ نَهارًا في شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌31 - باب في الكَحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ للصّائِمِ

- ‌32 - باب الصّائِمِ يَسْتَقيءُ عامِدًا

- ‌33 - باب القُبْلةِ للصّائِمِ

- ‌34 - باب الصّائمِ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌35 - باب كراهِيَتِه لِلشّابِّ

- ‌36 - باب فِيمَنْ أصْبَحَ جُنُبًا في شَهْرِ رَمَضانَ

- ‌37 - باب كَفّارَة مَنْ أَتى أهْلَهُ في رَمضانَ

- ‌38 - باب التَّغْلِيظِ في مَنْ أفْطَرَ عَمْدًا

- ‌39 - باب مَنْ أَكَلَ ناسِيًا

- ‌40 - باب تَأْخِيرِ قَضاءِ رمَضانَ

- ‌41 - باب فِيمَنْ ماتَ وَعَليه صِيامٌ

- ‌42 - باب الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌43 - باب اخْتِيار الفِطْر

- ‌44 - باب فيمَنِ اخْتارَ الصِّيامَ

- ‌45 - باب مَتَى يُفْطِرُ المُسافِرُ إذا خَرَجَ

- ‌46 - باب قَدْرِ مَسِيرَةِ ما يُفْطِرُ فِيهِ

- ‌47 - باب مَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضانَ كُلَّهُ

- ‌48 - باب في صَوْمِ العِيديْنِ

- ‌49 - باب صِيامِ أيّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌50 - باب النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌51 - باب النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ

- ‌52 - باب الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌53 - باب في صَوْمِ الدَّهْرِ تَطَوُّعًا

- ‌54 - باب في صَوْمِ أَشْهُرِ الحُرُمِ

- ‌55 - باب في صَوْمِ المُحَرَّمِ

- ‌56 - باب في صَوْمِ رَجَبَ

- ‌57 - باب في صَوْمِ شَعْبانَ

- ‌58 - باب في صَوْمِ شَوّالٍ

- ‌59 - باب في صَوْمِ سِتَّةِ أيّام من شَوّالٍ

- ‌60 - باب كيف كانَ يَصُومُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌61 - باب في صوْمِ الاْثنيْنِ والخمِيس

- ‌62 - باب في صَوْمِ العَشْرِ

- ‌63 - باب في فطْرِ العشْرِ

- ‌64 - باب في صَوْمِ عَرفةَ بِعَرَفَةَ

- ‌65 - باب في صَوْمِ يَوْمِ عاشُوراءَ

- ‌66 - باب ما رُويَ أَنَّ عاشُوراءَ اليَوْم التّاسِعُ

- ‌67 - باب في فَضْل صَوْمِهِ

- ‌68 - باب في صَوْمِ يَوْم وفِطْرِ يَوْمٍ

- ‌69 - باب في صَوْم الثَّلاثِ مِنْ كلِّ شَهْرٍ

- ‌70 - باب مَنْ قالَ: الاْثنيْنِ والخَمِيسِ

- ‌71 - باب مَنْ قالَ: لا يُبالي مِنْ أيِّ الشّهْرِ

- ‌72 - باب النِّيَّةِ في الصِّيام

- ‌73 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِك

- ‌74 - باب مَنْ رَأى عليْهِ القَضاءَ

- ‌75 - باب المرْأةِ تَصُوم بغيْرِ إِذْنِ زَوْجها

- ‌76 - باب في الصّائِمِ يُدْعَى إلى وَليمَةٍ

- ‌77 - باب ما يَقول الصّائِم إذا دُعيَ إِلى الطّعامِ

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌78 - باب الاعتِكافِ

- ‌79 - باب أيْن يَكون الاعْتِكاف

- ‌80 - باب المُعْتَكِفِ يَدْخل البيْتَ لِحاجَتِه

- ‌81 - باب المُعْتَكفِ يَعُودُ المَرِيضَ

- ‌82 - بَابُ فِي المُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌39 - باب في نفقة المبتوتة

‌39 - باب في نَفَقَةِ المَبْتُوتَةِ

2284 -

حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيانَ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قيْسٍ أَنَّ أَبا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَها البَتَّةَ وَهُوَ غائِبٌ فَأَرْسَلَ إِليْها وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَتَسَخَّطَتْهُ فَقَالَ: والله ما لَكِ عَليْنا مِنْ شَيء. فَجاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَها: "ليْسَ لَكِ عَليْهِ نَفَقَةٌ". وَأَمَرَها أَنْ تَعْتَدَّ في بيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشاها أَصْحابي اعْتَدّي في بيْتِ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ وَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي". قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْت ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَباني، فَقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عاتِقِهِ، وَأَمّا مُعاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مالَ لَهُ، انْكِحي أُسامَةَ بْنَ زيْدٍ".

قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَالَ: "انْكِحي أُسامَةَ بْنَ زيْدٍ". فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللهُ تَعالَى فِيهِ خيْرًا كَثِيرًا واغْتَبَطْتُ بِهِ (1).

2285 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنا أَبَانُ بْن يَزِيدَ العَطَّارُ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قيْسٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ المُغِيرَةِ طَلَّقَها ثَلَاثًا، وَسَاقَ الحَدِيثَ فِيهِ وَأَنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ وَنَفَرًا مِنْ بَني مَخْزُومٍ أَتَوُا النَّبيَّ فَقَالُوا: يا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ المُغِيرَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا وَإِنَّهُ تَرَكَ لَها نَفَقَةً يَسِيرَةً فَقَالَ: "لَا نَفَقَةَ لَهَا". وَسَاقَ الحَدِيثَ وَحَدِيثُ مالِكٍ أَتَمُّ (2).

2286 -

حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ، حَدَّثَنا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قيْسٍ أَنَّ أَبا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ المَخْزُومِيَّ طَلَّقَها ثَلاثًا وَساقَ الحَدِيثَ وَخَبَرَ خالِدِ بْنِ الوَليدِ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَتْ لَهَا

(1) رواه مسلم (1480).

(2)

انظر سابقه.

ص: 148

نَفَقَةٌ وَلا مَسْكَنٌ". قَالَ: فِيهِ وَأَرْسَلَ إِليْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك (1).

2287 -

حَدَّثَنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ إِسْماعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَني مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي البَتَّةَ ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ مالِكٍ قَالَ: فِيهِ: "وَلا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَواهُ الشَّعْبيُّ والبَهيُّ وَعَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عاصِمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْن أَبِي الجَهْمِ كُلُّهُمْ عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَها طَلَّقَها ثَلاثًا (2).

2288 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْن كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قيْسٍ أَنَّ زَوْجَها طَلَّقَها ثَلاثًا فَلَمْ يَجْعَلْ لَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نَفَقَةً وَلا سُكْنَى (3).

2289 -

حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْليُّ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقيْلٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قيْسٍ أَنَّها أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصِ بْنِ المُغِيرَةِ، وَأَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ المُغِيرَةِ؛ طَلَّقَها آخِرَ ثَلاثِ تَطْلِيقاتٍ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاسْتَفْتَتْهُ في خُرُوجِها مِنْ بيْتِها فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابن أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، فَأَبَى مَرْوانُ أَنْ يُصَدِّقُهَا حَدِيثَ فَاطِمَةَ في خُرُوجِ المُطَلَّقَةِ مِنْ بيْتِها.

قَالَ عُرْوَةُ: وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَلَى فاطِمَةَ بِنْتِ قيْسٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَواهُ صالِحُ بْنُ كيْسانَ وابْنُ جُريْجٍ وَشُعيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْريِّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَشُعيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ واسْمُ أَبِي حَمْزَةَ دِينارٌ وَهُوَ مَوْلَى زِيادٍ (4).

2290 -

حَدَّثَنا مَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ عُبيْدِ اللهِ قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوانُ إِلَى فَاطِمَةَ فَسَأَلهَا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّها كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصٍ، وَكَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَ عَليَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ - يَعْني: عَلَى بَعْضِ اليَمَنِ - فَخَرَجَ مَعَهُ زَوْجُها فَبَعَثَ إِليْها بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَها، وَأَمَرَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ والحارِثَ بْنَ هِشامٍ أَنْ يُنْفِقا عَليْها فَقَالا والله ما لَها نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حامِلًا. فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

(1) و (2) و (3) و (4) انظر سابقه.

ص: 149

فَقَالَ: "لا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حامِلًا". واسْتَأْذَنَتْهُ في الانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: أيْنَ أَنْتَقِلُ يا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "عِنْدَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ". وَكَانَ أَعْمَى تَضَعُ ثِيَابَها عِنْدَهُ وَلا يُبْصِرُها فَلَمْ تَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُها فَأَنْكَحَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُسامَةَ فَرَجَعَ قَبِيصَةُ إِلَى مَرْوانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ مَرْوانُ: لَمْ نَسْمَعْ هذا الحَدِيثَ إِلَّا مِنَ امْرَأَةٍ فَسَنَأْخُذُ بِالعِصْمَةِ التي وَجَدْنا النَّاسَ عَليْها فَقَالَتْ فاطِمَةُ حِينَ بَلَغَها ذَلِكَ: بيْنِي وَبيْنَكُمْ كِتابُ اللهِ قَالَ اللهُ تَعالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} حَتَّى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} قَالَتْ: فَأي أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلاثِ؟ .

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَواهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْريِّ، وَأَمَّا الزُّبيْديُّ فَرَوى الحَدِيثيْنِ جَمِيعًا حَدِيثَ عُبيْدِ اللهِ بِمَعْنَى مَعْمَرٍ، وَحَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ بِمَعْنَى عُقيْلٍ، وَرَواهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْريِّ أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤيْبٍ حَدَّثَهُ بِمَعْنًى دَلَّ عَلَى خَبَرِ عُبيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ حِينَ قَالَ: فَرَجَعَ قَبِيصَةُ إِلَى مَرْوانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ (1).

* * *

باب نفقة المبتوتة

[2284]

(ثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان) المخزومي المدني المقرئ الأعور (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن فاطمة بنت قيس) بن خالد القرشية الفهرية من المهاجرات الأول، كانت ذات جمال وعقل وكمال، وفي بيتها اجتمع أهل الشورى عند قتل عمر بن الخطاب (2) (أن أبا عمرو) اسمه أحمد (بن حفص) ويقال فيه: أبو حفص بن عمرو بن المغيرة، وقيل: اسمه عبد الحميد، وقيل: اسمه كنيته، وعلى الأول يكون ليس

(1) انظر سابقه.

(2)

انظر: "تهذيب الكمال" 35/ 264.

ص: 150

في الصحابة من اسمه أحمد سواه، كذا في "حواشي المنذري"، وعد في "التجريد" أحمد بن جعفر بن أبي طالب تفرد بذكره الواقدي فقال: ولدت أسماء لجعفر بالحبشة: عبد الله وعونًا ومحمدًا وأحمد، ونقله عبد الرحمن بن منده (1)

(طلقها البتة) بالمثناة فوق، وهذِه الرواية هي رواية الثقات، يعني: ثلاثًا، وقد جاء مصرحًا في رواية مسلم: أن زوجها طلقها ثلاثًا (2). ولمسلم أيضًا: فأرسل إلى امرأته بتطليقة كانت بقيت من طلاقها (3)

يعني: يكون سبقتها طلقتان، وأما ما في آخر "صحيح مسلم" في حديث الجساسة ما يوهم أنه مات عنها، ولفظه: عن فاطمة بنت قيس قالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذٍ، فأصيب في الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تأيمت خطبني .. الحديث (4).

قال العلماء: هذِه الرواية مؤولة على أن معناها: أصيب بجراحة أو في ماله ونحو ذلك، وتأيمت بطلاقه لا أنه مات في الجهاد، كما ذكره مسلم هنا.

وقد اختلف في وقت وفاة زوجها، فقيل: مع علي عقب طلاقها باليمن، حكاه ابن عبد البر (5)، وقيل: في خلافة عمر، حكاه البخاري

(1) انظر: "تجريد أسماء الصحابة" 1/ 9 (43).

(2)

"صحيح مسلم"(1480/ 38).

(3)

"صحيح مسلم"(1480/ 41)

(4)

"صحيح مسلم"(2942/ 119).

(5)

"الاستيعاب"(3104).

ص: 151

في "تاريخه"(1).

(وهو غائب) حين خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن (فأرسل إليها وكيله) منصوب على المفعول، والوكيل: عياش بن أبي ربيعة كما سيأتي (بشعير) قال ابن دقيق العيد: ويحتمل أن يكون وكيله مرفوعًا، ويحتمل أن يكون الوكيل هو المرسِل بكسر السين (2)، وجزم النووي بالأول (3). نعم تجويز الرفع فيه مخالفة لتصريح الرواة بأن عياش بن ربيعة أتاها بالطلاق وبالآصع من الشعير والتمر، ولفظ مسلم: قالت: أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص عياش بن أبي ربيعة بطلاقي، وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع من شعير (4).

(فتسخطته) بفتح التاء والسين والخاء المشددة، أي: كرهته ولم ترض به (فقال) وكيله (والله ما لك علينا من شيء) وإنما قال ذلك لقيامه مقام موكله في ذلك، ولأنه أيضًا في حكم المدعى عليه.

قال القرطبي: وكان إرساله هذا الشعير والتمر على سبيل النفقة لمطلقته فحسبته هي نفقة واجبة عليه، فلذلك تسخطته ورأت أنها تستحق عليه أكثر من ذلك وأطيب، فلم تقبل ذلك حتى أخبرها الشارع صلى الله عليه وسلم (5).

(فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها: ليس لك عليه

(1)"التاريخ الكبير"(469).

(2)

"إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" 2/ 190.

(3)

"شرح مسلم" للنووي 10/ 96.

(4)

"صحيح مسلم"(1480/ 48).

(5)

"المفهم" 4/ 267.

ص: 152

نفقة) ولا سكنى كما سيأتي (وأمرها أن تعتد) فيه: وجوب العدة على المطلقة ثلاثًا (في بيت أم شريك) واسمها غُزيَّة، بضم الغين المعجمة وفتح الزاي وتشديد المثناة تحت مصغر، ويقال: غُزيلَة بزيادة لام، ويقال: إنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: الواهبة غيرها، وذكرها بعضهم في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحها قال: كان ذلك بمكة (ثم قال: إن تلك المرأة) يعني: أم شريك (امرأة) بالرفع (يغشاها أصحابي) أي يترددون إليها فلا يأمن أن ينظرها أحدهم من غير قصد ويشق عليها التحرز أو التستر في كل وقت، قيل: كان دخول الصحابة إلى أم شريك قبل نزول الحجاب، وقيل: كانت متعبدة خيرة وكانوا يزورونها ويكثرون التردد إليها لصلاحها وكثرة دينها (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم) قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل غير ذلك، واسم أم مكتوم عاتكة (فإنه رجل أعمى) قال بعضهم: فيه جواز نظر المرأة إلى الرجل وكونه معها إذا لم تنفرد به (تضعين ثيابك) ولمسلم: "تلقي ثوبك عنده (1).

فيه دليل على صحة إيداع الأعمى الثياب وغيرها من الأمتعة إذا علم قدرته على حفظها، وفي الحديث أن ما ينكشف للرجال من النساء في تصرفهم لا حرج فيه غير العورات، بخلاف النساء معهم (2). واعلم أن في مسلم وغيره أنه قال لها:"انتقلي إلى ابن عمك ابن أم مكتوم"(3).

(1) تقدم.

(2)

صوابها: أن ما ينكشف من الرجال للنساء. . .، بخلاف النساء، وبهذا يصح المعنى.

(3)

"صحيح مسلم"(2942)(119).

ص: 153

قال القاضي: والمعروف أنه ليس ابن عمها ولا من البطن الذي هي منه، بل هي من بني محارب بن فهر، وهو من بني عامر بن لؤي.

والجواب أنه ابن عم بعيد؛ لأن القبيلتين تجتمعان في فهر (1)، وضعفه ابن دقيق العيد ومن تبعه بأن الصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم نظره إليها؛ لقوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (2)؛ فإن الفتنة مشتركة بحديث نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة أنها كانت وميمونة عند النبي، فدخل ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"احتجبا منه". فقالتا: إنه أعمى لا ينظرنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما؟ أليس تنظراني"(3)(4). كما سيأتي حيث ذكره المصنف.

وأما هذا الحديث فليس فيه إذن لها بالنظر إليه، بل فيه أنها تأمن عنده من نظره إليها، وهي مأمورة بغض بصرها فيمكنها الاحتراز بلا مشقة بخلاف مكثها في بيت أم شريك (5).

وأما حديث نبهان فيختص بزيادة حرمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهن كما

(1) نقله عنه النووي في "شرحه على صحيح مسلم" 10/ 103، 18/ 80.

(2)

النور: 30.

(3)

"شرح النووي على مسلم" 10/ 96.

(4)

رواه المصنف (4112)، والترمذي (2778)، وأحمد 6/ 296 وابن حبان (5575) من طريق ابن المبارك به، والنسائي في "الكبرى" 8/ 293 من طريق يونس به، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" 1/ 2: حديث ضعيف، بينما قال الترمذي في "السنن" (2778): حديث حسن صحيح.

(5)

"شرح النووي على مسلم" 10/ 96 - 97.

ص: 154

غلظ الحجاب على الرجال فيهن غلظ عليهن في حق الرجال أيضًا لعظم حرمتهن، وهذا يدل على أنه لا دليل في حديث نبهان؛ لوجود خصوصية في أزواجه عليه السلام (فإذا حللت) ولمسلم:"فإذا انقضت عدتك"(1).

(فآذنيني) بمد الهمزة، أي: أعلميني، وفيه دليل على جواز التعريض بالخطبة في مدة العدة، واستبعده ابن دقيق العيد؛ إذ ليس في قوله:"آذنيني" ولا: "لا تسبقيني" في الرواية الأخرى غير التعريض من غير أن يسم لها زوجًا. قال: وإنما يكون التعريض من الزوج أو ممن يتوسط له بعد تعيينه ومعرفته، وأما في مجهول فلا يصح فيه التعريض؛ إذ لا يصح مواعدته. قال: بل في الحديث ما يدل على منع التعريض والخطبة والمواعدة في العدة؛ إذ لم يذكر لها عليه السلام مراده ولا ذكره لأسامة.

(قالت: فلما حللت) من العدة (ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان) كذا لمسلم، وفيه الرد على من ادعى أنه غيره (وأبا جهم) بفتح الجيم، وهو ابن حذيفة القرشي البدري، ويقال فيه أبو الجهيم بالتصغير، واسمه عامر، الذي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخميصة، ولم ينسبه إلا يحيى بن يحيى الأندلسي أحد رواة "الموطأ" قال: أبو جهم بن هشام (2). قال الفاكهي: ولم يوافق يحيى على ذلك أحد من رواة "الموطأ" ولا غيرهم (3)(خطباني) فيه دليل على جواز إدخال الخطبة إذا لم يجب إليها ولم يرد؛ إذ لو حرم في هذِه الحالة لنهى النبي صلى الله عليه وسلم

(1)"صحيح مسلم"(1480)(48).

(2)

"الموطأ" رواية يحيى بن يحيى 2/ 580.

(3)

انظر: "شرح النووي على مسلم" 10/ 97.

ص: 155

المتأخر منهما، وقطع الماوردي (1) بالجواز فيما إذا لم يكن إذن ولا رد، وحكى قولين فيما إذا أظهر الرضى بالخاطب، لكن لم يأذن في العبد.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه) العاتق: ما بين العنق والمنكب، وفيه تأويلات: أصحها: أنه كثير الضرب للنساء؛ لأنه قد جاء مصرحًا به في رواية مسلم، قال فيها:"وأما أبو جهم فضراب للنساء"(2)، وهذا محمول على الغالب؛ لأنه يضع عصاه عن عاتقه في حالة النوم والأكل وغير ذلك.

والثاني: أنه كثير الأسفار، وقد جاء في غير الصحيحين ما يدل له، كما حكاه القرطبي (3).

والثالث: أنه كناية عن كثرة الجماع. حكاه الرافعي وصاحب "البيان"(4) والمنذري، واستبعد بأنه عليه السلام يبعد اطلاعه على هذِه الحالة من غيره، ويبعد عن خلقه وكمال أدبه ذكر ذلك، ثم إن المرأة لا ترغب عن الخاطب لذلك.

قال الصيمري: لو قيل: إنه أراد بقوله هذا كثرة الجماع بحيث كثرة التزوج لكان أشبه (5).

الرابع: أنه كناية عن شدة الغيرة على أهله، قاله الأزهري في

(1)"الحاوي الكبير" 9/ 251.

(2)

"صحيح مسلم"(1480/ 47).

(3)

"المفهم" 4/ 272.

(4)

"البيان" للعمراني 9/ 288.

(5)

المصدر السابق.

ص: 156

"الزاهر"(1). ومنه قوله عليه السلام: "أنفق على أهلك ولا ترفع عصاك عنهم"(2) إذ لم يرد العصا والضرب حقيقة، كما قاله أبو عبيد (3) إنما أراد الغيرة والمنع من الفساد، ولذلك يقال للرجل الرفيق الحسن السياسة: إنه لين العصا.

(وأما معاوية فصعلوك) بضم الصاد، أي: فقير، من التصعلك وهو الفقر، قال الشاعر:

غشينا زمانًا بالتصعلك والغنا

أي غشينا زمانًا الوصفين. وفي رواية لمسلم: "إنه تَرِب"(4) بفتح المثناة فوق وكسر الراء، أي: فقير.

(لا مال له) وهذا أيضًا محمول على الغالب للعلم بأن له ثوبًا يلبسه وشيئًا على رأسه ونحو ذلك، وهذا في الابتداء، ثم صار إلى ما صار إليه من كثرة المال. وفيه دليل على جواز ذكر الإنسان بما فيه عند المشاورة ولا يكون ذلك غيبة.

قال الغزالي: يشترط أن يقصد بذكر عيوبه النصيحة لا الفضيحة والوقيعة (5)، وروى الحاكم أن أخًا لبلال خطب امرأة فقالوا: إن

(1)"الزاهر"(ص 206).

(2)

رواه عبد بن حميد (159)، والبخاري في "الأدب المفرد"(18) وحسنه الألباني في "الإرواء"(2026).

(3)

"غريب الحديث" للقاسم بن سلام (عصا).

(4)

"صحيح مسلم"(1480/ 47).

(5)

انظر: "إحياء علوم الدين" 3/ 190.

ص: 157

يحضر بلال زوجناك. فحضر وقال: أنا بلال وهذا أخي، وهو امرؤ سيِّئ الخلق. وقال: صحيح الإسناد (1).

(انكحي) بكسر الهمزة والكاف، أي: ابتدئي به (أسامة بن زيد) بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه دليل على جواز نكاح غير الكفء في النساء إذا رضيت به الزوجة والولي؛ لأن فاطمة هذِه قرشية وأسامة بن زيد مولى، والكفاءة عند الشافعي ومالك ومن وافقهما (2)، فإن تركوها جاز، واستثنى شارح "التعجيز" وغيره من المالكية كفاءة الإسلام فلا تسقط بالرضى (3)؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (4). قال ابن عبد السلام: ويكره تزويجها من فاسق برضاها كراهة شديدة إلا أن تخاف من فاحشة أو ريبة.

(قالت) فاطمة (فكرهته) بضم تاء المتكلم، إما لكونه مولى أو لسواده أو لهما، وهو الأولى، أو لأنها طمعت في قوله عليه السلام:"فآذنيني" أنه يتزوجها.

(ثم قال) ثانيًا (انكحي أسامة بن زيد) فيه استحباب إرشاد الإنسان إلى مصلحته وإن كرهها، وتكرار ذلك عليه، كما كرر هنا (فنكحته) بضم التاء أيضًا، فيه قبول نصيحة أهل الفضل والانقياد لإشاراتهم المباركة النافعة، وفيه الحرص على مصاحبة أهل الخير والتقوى والفضل وإن دنت

(1)"المستدرك على الصحيحين" 3/ 283

(2)

"الأم" 5/ 25 - 26، و"المدونة" 2/ 106 - 107.

(3)

انظر: "تحفة المحتاج" 7/ 275.

(4)

البقرة: 221.

ص: 158

أنسابهم، (فجعل الله تعالى) لي (فيه خيرًا) فيه أن عاقبة قبول نصح أهل الخير والصلاح محمودة مباركة في الدنيا والآخرة (واغتبطت) أي: غبطني غيري على ما نلت، بفتح التاء وضم تاء المتكلم، ولمسلم زيادة (به) في رواية (1).

والغبطة: أن يتمنى لنفسه مثل ما للمغبوط من غير أن يزول ذلك عن المغبوط، بخلاف الحسد: فإنه مع تمني زواله عن المحسود، والاغتباط: افتعال من الغبطة، فافتعل هنا بمعنى (2) فعل.

[2285]

(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا أبان بن يزيد العطار) البصري، أخرج له الشيخان، قال (حدثني يحيى بن أبي كثير) الإمام أبو نصر اليمامي الطائي (عن أبي سلمة) عبد الله، على الأصح (ابن عبد الرحمن) بن عوف (أن فاطمة بنت قيس) الفهرية رضي الله عنها (حدثته أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثًا) هذا بيان للبتة في الحديث قبله (وساق الحديث فيه) على ما تقدم.

(و) زاد (أن خالد بن الوليد) بن المغيرة، أبو سليمان المخزومي، سيف الله (ونفرًا من بني مخزوم) بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب (أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله إن أبا حفص بن المغيرة طلق امرأته ثلاثًا) يعني: في ثلاث مرات، بدليل الرواية الآتية (وإنه) بكسر الهمزة (ترك لها) أي: أرسل إليها مع وكيله (نفقة يسيرة) وأنها سخطتها (فقال) لهم (لا نفقة لها) ولا كسوة إلا أن تكون حاملًا كما

(1)"صحيح مسلم"(1480)(36).

(2)

بياض بالنسخة الخطية. والمثبت هو اللائق بالسياق.

ص: 159

سيأتي، وفيه التصريح بإسقاط النفقة، ولمفهوم قوله تعالى:{فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (1)، فإنه يقتضي عدم النفقة مع عدم الحمل، فأكد هذا الحديث دليل مطلق الآية كما ذهب إليه الشافعي ومالك (2).

(وساق الحديث) المتقدم. قال المصنف: وحديث القعنبي (عن مالك) المتقدم (أتم) من هذا الحديث.

[2286]

(ثنا محمود بن خالد) بن يزيد السلمي الدمشقي، وثقه أبو حاتم (3) والنسائي (4)(ثنا الوليد) بن مسلم.

(ثنا أبو عمرو)(5) عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي.

(عن يحيى) بن أبي كثير قال (حدثني أبو سلمة) بن عبد الرحمن قال (حدثتني فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثًا، وساق الحديث وخبر خالد بن الوليد) المذكور، وقال فيه (قال) أبو سلمة (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليست لها نفقة ولا مسكن) ومذهب الشافعي وآخرين أن السكنة للمعتدة واجب؛ لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ} (6). وأجابوا عن حديث فاطمة هذا بأن أكثر الرواة لم يذكروا فيه: ولا سكنى. وأجاب القاضي: بأنه خبر واحد فقد لا يخص العموم في قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ} (7).

(1) الطلاق: 6.

(2)

"الأم" 5/ 343، "المدونة" 2/ 48.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 292.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 297.

(5)

في النسخة الخطية: عامر، وهو خطأ. والمثبت من "السنن" وغيره.

(6)

"الأم" 5/ 339.

(7)

"إكمال المعلم" 5/ 54.

ص: 160

(وقال فيه: وأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تسبقيني بنفسك) أي: بالتزويج، وهو من التعريض بالخطبة، وهو جائز في عدة الوفاة، وكذا عدة البائن. وفيه قول ضعيف في عدة البائن، والصواب الأول.

[2287]

(وحدثنا قتيبة بن سعيد، أن محمد بن جعفر) الهذلي، مولاهم البصري الكرابيسي، حدثهم قال (ثنا محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص، أخرج له الشيخان.

(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن فاطمة بنت قيس قالت: كنت عند رجل من بني مخزوم) وهو أبو عمرو بن حفص (فطلقني البتة) يعني: ثلاثًا متفرقة جمعًا بين الروايات.

(ثم ساق نحو حديث) القعنبي عن (مالك، وقال فيه: و) أن (لا تفوتيني) بضم الفاء وسكون الواو (1)(بنفسك) قيل: هو من الفوت وهو السبق، من افتات بالأمر إذا انفرد فيه برأيه، والتصرف فيه دون غيره.

(قال المصنف: وكذلك) عامر بن شراحيل (الشعبي، والبهي) بفتح الموحدة، واسمه عبد الله، وهو مولى مصعب بن الزبير بن العوام القرشي، أخرج له مسلم هنا وفي الوضوء والفضائل (2)(وعطاء) بن أبي رباه.

(عن عبد الرحمن بن عاصم وأبو بكر بن أبي الجهم)[اسم أبيه](3) عبد الله، أخرج له مسلم.

(1) سقط من النسخة الخطية.

(2)

"صحيح مسلم"(373، 2418/ 52، 2536).

(3)

في النسخة الخطية: اسمه. وهو خطأ. والمثبت مستفاد من "التهذيب"، وغيره.

ص: 161

(عن فاطمة بنت قيس: أن زوجها) أبو عمرو بن حفص (طلقها ثلاثًا) ذكر بعضهم أن فيه جواز الطلاق ثلاثًا بكلمة واحدة، ولا حجة فيه؛ لأن هذِه الثلاث كانت متفرقة بدليل قوله في الحديث الآخر: آخر ثلاث تطليقات.

[2288]

(ثنا محمد بن كثير) العبدي (أنا سفيان) الثوري (1).

(ثنا سلمة بن كهيل، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس) رضي الله عنها (أن زوجها طلقها ثلاثًا، فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى) ظاهره إسقاط النفقة والكسوة، وقد اختلف في المطلقة البائن الحائل، هل لها السكنى والنفقة، أم لا؟ فقال أبو حنيفة بإثباتهما (2)، وقال آخرون بإسقاطهما، وهو قول ابن عباس وأحمد، وقال مالك والشافعي: لها السكنى دون النفقة (3) كما تقدم.

وأجيب بضعف هذِه الرواية؛ لأن فيه رواية الشعبي عن فاطمة وهي التي أنكرها عليه الأسود، قاله القرطبي (4).

[2289]

(ثنا يزيد بن خالد) بن يزيد بن عبد الله (الرملي) الثقة الزاهد (5).

(ثنا الليث، عن عقيل) مصغر (عن) محمد (بن شهاب، عن أبي

(1) بياض بالأصل، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

"المبسوط" 5/ 188.

(3)

"المدونة" 2/ 48، و"الأم" 5/ 343.

(4)

"المفهم" 4/ 267.

(5)

"الكاشف" 3/ 276.

ص: 162

سلمة) بن عبد الرحمن.

(عن فاطمة بنت قيس، أنها أخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة) وكذا في مسلم (1)، أي: كانت زوجته.

قال القرطبي: أكثر الأئمة الحفاظ مالك وغيره أنه أبو عمرو بن حفص كما تقدم، قال: وقلبه (2) شيبان وأبان العطار عن يحيى بن أبي كثير فقال: إن أبا حفص بن عمرو. والمحفوظ الأول (3). يعني: هو أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، ويحتمل أن يكون له كنيتان أبو حفص، وأبو عمرو.

(وأن أبا حفص بن المغيرة) المخزومي (طلقها) بتطليقة أرسلها إليها من اليمن؛ فإنه كان خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن حين كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها (آخر) أي: بقية (ثلاث تطليقات) متفرقة (فزعمت أنها جاءت رسول الله فاستفتته في) حُكمِ (خروجها من بيتها، فأمرها أن تنتقل) قال النووي: هو محمول على أنه أذن لها في الانتقال من البيت الذي طلقت فيه لعذر، وهو ما ذكره مسلم في رواية أنها خافت على نفسها من عوده منزلها، وكذا خافت من أن يفتح (4) عليها (5).

قال القرطبي: وهذا أولى مِن قول من قال أنها كانت لَسِنةً تؤذي

(1)"صحيح مسلم"(1480)(38).

(2)

في الأصل: قلته. والمثبت من "المفهم".

(3)

"المفهم" 4/ 266.

(4)

في "شرح النووي على مسلم": يقتحم.

(5)

"شرح النووي على مسلم" 10/ 101.

ص: 163

زوجها وأحماءها بلسانها؛ فإن هذِه الصفة لا تليق بمن اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبه وابن حبه أسامة بن زيد تواردت (1) رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدتها (2).

(إلى) بيت عبد الله (بن أم مكتوم الأعمى) أي: لا يبصرها، كما سيأتي في الرواية (فأبى) أي: امتنع (مروان) بن الحكم بن أبي العاص القرشي الأموي والد عبد الملك (أن يصدق حديث فاطمة) بنت قيس (في خروج المطلقة من بيتها) لغير عذر.

(قال عروة) بن الزبير بن العوام أحد رواة إسناد مسلم (أنكرت عائشة على فاطمة بنت قيس) خروجها من بيتها، كما سيأتي.

(قال المصنف: وكذلك رواه صالح بن كيسان و) عبد الملك (بن جريجٍ وشعيب بن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي، واسمه دينار القرشي الأموي مولاهم الجهضمي (كلهم عن الزهري قال المصنف: شعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة دينار) كما تقدم (وهو مولى زياد) من بني أمية الأموي.

[2290]

(ثنا مخلد بن خالد) الشعيري شيخ مسلم.

(ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى.

(قال: أرسل مروان) بن الحكم، ولد بعد سنتين من الهجرة، ولم يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم (فسألها) عن هذا الحديث (فأخبرته أنها

(1) في الأصل: وتغادرت. والمثبت من "المفهم".

(2)

"المفهم" 4/ 269.

ص: 164

كانت تحت أبي حفص) بن المغيرة، الصواب كما في مسلم: أن أبا عمرو بن حفص (1) بن المغيرة (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمَّر) بتشديد الميم (علي بن أبي طالب يعني) جعله أميرًا (على بعض) بلاد (اليمن، فخرج معه زوجها) أبو عمرو بن حفص (فبعث إليها بتطليقة كانت بقيت لها) من الثلاثة (وأمر عياش) بالمثناة تحت والشين المعجمة (ابن أبي ربيعة) عمرو بن المغيرة المخزومي، أخو أبي جهل بن هشام لأمه، وأخو عبد الله بن أبي ربيعة لأبيه وأمه، هاجر إلى أرض الحبشة، وولد له بها عبد الله، ثم هاجر إلى المدينة فجمع الهجرتين (والحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل لأبويه، وهو الذي أجارته أم هانئ يوم الفتح، توفي بالشام مرابطًا (أن ينفقا) بضم أوله (عليها) فيه التوكيل في النفقة من غير تعيين مقدارها.

(فقالا: والله ما لها نفقة إلا أن تكون حاملًا) أي: ذات حمل، فيه أن الحائل (2) البائن بخلع أو ثلاث لا نفقة لها ولا كسوة، وأفهم ذلك استحقاقها السكنى، وفيه أن النفقة والكسوة واجبان للحامل؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (3)، والمعنى فيه كما قاله القاضي حسين: أنها مشغولة بمائه فهو منتفع برحمها (4) فصار كالاستمتاع في حالة الزوجية. ويجب أيضًا الأدم،

(1)"صحيح مسلم"(1480)(36).

(2)

في النسخة الخطية: الحامل. وهو خطأ. والمعنى ظاهرٌ من السياق.

(3)

الطلاق: 6.

(4)

"حاشية البجيرمي" 4/ 54.

ص: 165

قاله المتولي، سواء قلنا النفقة للحامل أو للولد (1).

(فأتت النبي صلى الله عليه وسلم) فسألته (فقال) لها (لا نفقة لك) ولا كسوة ولا أدمًا (إلا أن تكوني حاملًا) منه (فاستأذنته في الانتقال) من بيته (فأذن لها) فيه أن المعتدة لا تخرج إلا بإذن، فإن خرجت من بيته بغير إذنه كان نشوزًا، ولو أشرف المنزل على الاستهدام أو كان المنزل لغير زوجها وأخرجها منه صاحبه أو خرجن على العادة لحاجة وتعود على قرب.

(فقالت: أين أنتقل يا رسول الله) وإذنه لها بالانتقال محمول على أنه أذن لها لعذر كما تقدم، وأما لغير حاجة فلا يجوز لها الخروج والانتقال، ولا يجوز نقلها لقوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} (2).

(فقال: عند ابن أم مكتوم، وكان أعمى، تضع ثيابها عنده ولا يبصرها) فيه أن المرأة يجوز لها أن تطلع من الرجل على ما لا يجوز للرجل أن يطلع عليه من المرأة كالرأس ومعلق القرط ونحو ذلك، فأما العورة فلا، ولكن هذا يعارضه رواية الترمذي من قوله عليه السلام لميمونة وأم سلمة وقد دخل عليهما ابن أم مكتوم فقال:"احتجبا منه"، فقالتا: إنه أعمى، فقال:"أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصران؟ "(3). والجواب عن هذا الحديث من وجهين: أحدهما: أن هذا الحديث لا يصح، وعلى تقدير صحته فذلك تغليظ منه صلى الله عليه وسلم على زوجتيه ميمونة وأم سلمة؛

(1) نقله النووي في "الروضة" 9/ 68.

(2)

الطلاق: 1.

(3)

سبق تخريجه.

ص: 166

لحرمتهما كما غلظ عليهما أمر الحجاب (فلم تزل هنالك حتى انقضت عدتها) لفظ "مسند أحمد": حتى مضت عدتها (1).

فيه أن كل امرأة مدخول بها طلقها زوجها يجب عليها العدة، وهذا مما لا خلاف فيه. وتفاصيل العدة ستأتي.

(فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة) كما تقدم (فرجع قبيصة) بن ذؤيب بن (2) حلحلة الخزاعي، ولد في أول سنة الهجرة، وقيل: ولد عام الفتح، كان له فقه وعلم، وكان على خاتم عبد الملك بن مروان (إلى مروان) ابن الحكم (فأخبره بذلك) فيه قبول قول الواحد، وأنه حجة، (فقال مروان: لم نسمع) بفتح النون (هذا الحديث إلا من امرأة) بكسر نون من لالتقاء الساكنين.

(فسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها) قال القرطبي: أي بالأمر الذي اعتصم الناس به، وعملوا به وعليه يعني: بذلك أنها لا تخرج من بيتها ولا نفقة لها (3).

(فقالت فاطمة حين بلغها ذلك) ولفظ مسلم: حين بلغها قول مروان: بيني وبينكم القرآن (4)(بيني وبينكم كتاب الله) يعني: ثم تلت قول الله: ({فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ})(5) اللام بمعنى: في. كقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ

(1)"مسند أحمد" 6/ 414 ولفظه هناك: حتى انقضت عدتها.

(2)

سقط من النسخة الخطية. والمثبت هو الصواب.

(3)

"المفهم" 4/ 275.

(4)

"صحيح مسلم"(1480)(41)

(5)

الطلاق: 1.

ص: 167

الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (1). أي: في يوم القيامة وفي زمن عدتهن {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (حتى) بلغ قوله: ({لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ}) أي: يوقع في قلب الزوجة المحبة لزوجها أو الزوج المحبة لزوجته (بعد ذلك) الطلقة والطلقتين ({أَمْرًا})(2).

يعني: يوجب المراجعة (قالت) فاطمة (فأي أمر يحدث) زاد مسلم: قالت: فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا فَعَلَامَ تحبسونها؟ (3)، ولم يذكر أبو داود (4) قوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بيُوتِهِنَّ} (5).

(قال المصنف: وكذلك رواه يونس، عن الزهري وأما) محمد بن الوليد (الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة مصغرًا أخرج له الشيخان (فروى الحديثين جميعًا) عن الزهري (حديث) بالنصب بدل (عبيد الله)(6) بن عبد الله بن عتبة (بمعنى) حديث بالنصب أيضًا (أبي سلمة) ابن عبد الرحمن (بمعنى) حديث (عقيل) بالتصغير (7).

(ورواه محمد بن إسحاق، عن الزهري: أن قبيصة بن ذؤيب)

(1) الأنبياء: 47.

(2)

الطلاق: 1.

(3)

"صحيح مسلم"(1480/ 41).

(4)

بياض بالأصل، والمثبت هو الصواب إن شاء الله.

(5)

الطلاق: 1.

(6)

كان بالأصل: عبد الله. والمثبت هو الصواب.

(7)

زاد هنا في (الأصل): فإذا. وهي زيادة مقحمة.

ص: 168

الصحابي المذكور (حدثه بمعنى) بالتنوين (دل) أي: دال (على خبر عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة، حين قال فيه: فرجع قبيصة بن ذؤيب (إلى مروان) بن الحكم (فأخبره بذلك) أي: بما حدثته به فاطمة بنت قيس.

ص: 169