الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب مَنْ قَالَ هيَ مُثْبَتَةٌ لِلشّيْخِ والحُبْلَى
2317 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا أَبانُ، حَدَّثَنا قَتادَةُ أَنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى والمُرْضِعِ (1).
2318 -
حَدَّثَنا ابن المُثَنَّى، حَدَّثَنا ابن أَبي عَديٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشّيْخِ الكَبِيرِ والمَرْأَةِ الكَبِيرَةِ وَهُما يُطِيقانِ الصِّيامَ أَنْ يُفْطِرا ويُطْعِما مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا والحُبْلَى والمُرْضِعُ إِذَا خافَتا.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْني: عَلَى أَوْلادِهِما أَفْطَرَتا وَأَطْعَمَتا (2).
* * *
باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى
أي: باب دليل من قال: هي يعني قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (3) مثبتة غير منسوخة في حق الشيخ والحبلى.
[2317]
(حدثنا [موسى] (4) بن إسماعيل) المعروف بالتبوذكي (قال: حدثنا أبان) قال (ثنا قتادة، أن عكرمة حدثه أن ابن عباس قال) في الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ
(1) رواه الطبري في "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" 2/ 139 بنحوه. وانظر ما بعده.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2007).
(2)
رواه ابن الجارود (381)، والطبري في "جامع البيان" 2/ 135. وقال الألباني في "ضعيف أبي داود" (396): شاذ بهذا اللفظ. وهذا الأثر مخالف لما نص عليه ابن عباس من أن الآية محكمة لم تنسخ، رواه البخاري (4505).
(3)
البقرة: 184.
(4)
في (ر): محمد، والمثبت من المطبوع.
مِسْكِينٍ} أنها ليست منسوخة مطلقًا، بل (1) كما جاء في رواية عن ابن عباس أنه قال: إن هذِه الآية منسوخة الحكم إلا في حق الحامل والمرضع، أي: لم ينسخ بل (أثبتت) أي: أثبت حكمها (للحبلى والمرضع) ويدل عليه ما رواه الترمذي (2) والنسائي (3) عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن (4) كعب قال: أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى، فقال:"ادن فكل". فقلت: إني صائم. قال: "ادن أحدثك عن الصوم - أو الصيام - إن الله وضع عن المسافر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم" وقال الترمذي: حديث حسن لا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم.
وقال بعض أهل العلم: الشيخ، والحامل (5)، يفطران، ويقضيان، ويطعمان، وبه يقول سفيان، ومالك (6)، والشافعي، وأحمد (7). انتهى. وما ذكره (8) عن الشافعي سيأتي ما فيه.
[2318]
(حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) البصري، وثقه جماعة (عن سعيد) بن أبي عروبة بصري (عن قتادة، عن عزرة)(9) بفتح العين بن عبد الرحمن الخزاعي (عن سعيد بن جبير،
(1) زيادة من (ل).
(2)
في "السنن"(715).
(3)
في "السنن" 4/ 190.
(4)
زيادة من (ل).
(5)
بعدها في (ل): والمرضع.
(6)
"المدونة" 1/ 278.
(7)
"مسائل الكوسج"(775)، وانظر كتابنا:"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 7/ 367.
(8)
هكذا في النسخ. ولعل الصواب: ما ذكرته.
(9)
في (ر): عروة، والمثبت من المطبوع.
عن ابن عباس) في قوله تعالى: ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}) قرأ ابن عباس بما ذكره البكري، عن عطاء في المشهور عنه يُطوُّقونه (1)[بفتح](2) الواو المشددة ومبنيًّا للمفعول من طوق على وزن قطع، والتشديد يقتضي التكليف أي: يكلفونه يعني: ولا يطيقونه ({فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قال: كانت رخصة للشيخ الكبير) الذي يلحقه بالصوم مشقة شديدة (والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام) أي مع المشقة والتكلف الكثير (أن يفطرا ويطعما مكان) فطر (كل يوم مسكينًا) قال الماوردي عن قراءة ابن عباس: ويطوقونه المذكورة قراءة الصحابي تجري مجرى الخبر الواحد في وجوب العمل، لكنه لا يقول ذلك إلا سماعًا وتوقيفًا، قال: وإنما عدل الشافعي عن الاستدلال بهذِه القراءة؛ لأنها تشذ عن الجماعة وتخالف رسم المصاحف (3).
وكذلك قال القاضي أبو الطيب: إن القراءة الشاذة كالخبر الواحد في الاحتجاج، ونقله ابن عبد البر عن جمهور العلماء (4).
قال السبكي: والمشهور عن الشافعية خلافه، ومعنى قول الماوردي: إنها تشذ عن الجماعة أن معناها مخالف لمعنى القراءة المتواترة، وخبر الواحد إذا خالف المتواتر لم يعمل به، أما الشاذ الذي لا يعارض القراءة المشهورة فمقتضى جعله كخبر الواحد أن
(1)"تفسير الطبري" 3/ 430.
(2)
في الأصول: (بضم)، والمثبت هو الصواب والله أعلم.
(3)
"الحاوي" 3/ 466.
(4)
"التمهيد"(4/ 279).
يعمل به. ووافقنا على وجوب الفدية على الكبير والكبيرة أبو حنيفة (1) وأحمد (2)؛ إلا أن أبا حنيفة قال: لكل يوم صاع تمر أو نصف صاع حنطة، وأحمد قال: مد حنطة، أو مدان من تمر أو شعير.
والقول الثاني عند الشافعي: أنه لا يجب عليه شيء، وبه قال مالك؛ لأنه سقط عنه شرط الصوم فأشبه الصبي، واختاره أبو ثور وابن المنذر (3)، والخلاف جارٍ في المريض الذي لا يرجى برؤه، وحكمه حكم الشيخ الهرم وحيث أوجبنا الفدية فلا يجوز تعجيلها قبل رمضان، ويجوز بعد فجر كل يوم، وقطع الدارمي بالجواز قبل الفجر. وقال النووي: إنه الصواب (4).
وإذا قلنا بوجوب الفدية على الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة فلا قضاء عليهما لما أخرجه الحاكم في "المستدرك" من طريق عكرمة عن (5) ابن عباس بمعنى هذا الحديث، وزاد: ولا قضاء عليه (6).
(والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما)(7) أي: ولديهما (أفطرتا وأطعمتا) رواه البزار، وزاد: وكان ابن عباس يقول لأم ولد له حبلى: أنت بمنزلة التي لا تطيقه فعليك بالفداء ولا قضاء عليك (8). وصحح
(1) انظر: "فتح القدير" لابن الهمام 2/ 356.
(2)
انظر: "كشاف القناع" 2/ 313.
(3)
"الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر 3/ 151.
(4)
"المجموع" 6/ 259 - 260.
(5)
زيادة من (ل).
(6)
"المستدرك" 1/ 439.
(7)
بعدها في الأصل: نسخة ولدهما.
(8)
"مسند البزار"(4996)، وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ بإسناد أحسن من هذا الإسناد.
الدارقطني إسناده (1).
فيه دليل للأظهر من قولي الشافعي أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا ولزمتهما الفدية بالإطعام عن كل يوم مدًّا (2) وقد نص عليه الشافعي في أكثر كتبه، وبه قال مجاهد.
والقول الثاني: يلزم المرضع دون الحامل كما نص عليه الشافعي في البويطي (3) وبه قال مالك: إن الحامل أفطرت لمعنى فيها، فهي كالمريض والمرضع أفطرت للمنفصل عنها.
والثالث: لا يلزمهما، بل تستحب، وبه قال أبو حنيفة (4) والمزني (5) ونقل أبو علي الطبري أن الشافعي نص عليه في موضع آخر، أما القضاء فواجب بلا خلاف عندنا، وعن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: تجب الفدية دون القضاء، وإذا أوجبنا الفدية فهل تتعدد بتعدد الأولاد فيه طريقان:
أصحهما: لا، أما إذا خافتا على أنفسهما، فيجب القضاء إذا أفطرتا ويجوز لهما ذلك. قال الزيادي: ويجوز للحامل تقديم الفدية على الفطر، ولا تقدم الفدية إلا يوم واحد (6).
(1)"سنن الدارقطني" 2/ 206.
(2)
"الأم" 2/ 103.
(3)
انظر: "الحاوي" للماوردي 3/ 292.
(4)
انظر: "البحر الرائق" لابن نجيم 2/ 308.
(5)
"مختصر المزني"(ص 57).
(6)
انظر: "المجموع" 6/ 133.