الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
64 - باب في صَوْمِ عَرفةَ بِعَرَفَةَ
2440 -
حَدَّثَنا سُليْمانُ بْنُ حَرْب، حَدَّثَنا حَوْشَبُ بْن عَقِيلٍ، عَنْ مَهْديٍّ الهَجَريِّ، حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ قالَ: كُنّا عِنْدَ أَبى هُريْرَةَ في بيْتِهِ فَحَدَّثَنا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَوْمِ يومِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ (1).
2441 -
حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي النَّضْرِ، عَنْ عميْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحارِثِ أَنَّ ناسًا تَمارَوْا عِنْدَها يومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صائِمٌ. وقالَ بَعْضُهُمْ ليْسَ بِصائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِليْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ واقِف عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ (2).
* * *
باب صوم يوم عرفة بعرفة
[2440]
(حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حَوشب) بفتح الحاء المهملة (بن عَقيل) بفتح المهملة بصري ثقة. (عن مهدي) بن حرب (الهَجَري) بفتح الهاء والجيم، قال يحيى بن معين: لا أعرفه (3).
(عن عكرمة قال: كنا عند أبي هريرة في بيته، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ) رواه الحاكم أبو عبد الله وقال: هو على شرط البخاري، وأقره الحافظ الذهبي في مستخرجه على ذلك (4) ولا
(1) رواه ابن ماجه (1732)، وأحمد 2/ 304، والنسائي في "السنن الكبرى"(2830). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(421).
(2)
رواه البخاري (1661)، ومسلم (1123).
(3)
انظر: "الجرح والتعديل" 8/ 337.
(4)
"المستدرك" 1/ 433.
يعارضه تضعيف النووي (1)، فإن الحاكم حجة.
ورواه أحمد (2) والنسائي (3) وابن ماجه (4) والبيهقي (5) من حديث أبي هريرة، قال العقيلي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جياد أنه لم يصم يوم عرفة بها (6). ورواه ابن خزيمة وصححه (7) ووثق مهديّا المذكور ابن حبان (8).
وقد استدل به على استحباب الفطر يوم عرفة لمن كان بها ليتقوى على الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه، وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال عطاء: أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف؛ (9) لأن كراهة صومه إنما هي معللة بالضعف على الدعاء، فإذا قوي عليه أو كان في الشتاء لم يضعف فتزول الكراهة.
وصحح النووي في "شرح المهذب"(10) و"تصحيح التنبيه"(11) أن
(1)"المجموع" 6/ 380.
(2)
"مسند أحمد" 2/ 304.
(3)
"سنن النسائي الكبرى"(2843).
(4)
"سنن ابن ماجه"(1732).
(5)
"سنن البيهقي الكبرى" 4/ 284.
(6)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي (478).
(7)
"صحيح ابن خزيمة"(2101).
(8)
"الثقات" لابن حبان 7/ 501.
(9)
"مصنف عبد الرزاق"(7822).
(10)
"المجموع" 6/ 380.
(11)
"تصحيح التنبيه" ص 229.
صومه خلاف الأولى، ونسبه إلى الشافعي والجمهور.
وقال في "الحلية": إن كان قويّا وفي الشتاء ولا يضعفه عن الدعاء فالصوم أفضل، وبه قالت عائشة وعطاء وأبو حنيفة وجماعة من أصحابنا (1).
وبه جزم القاضي حسين في "تعليقه". ومنها يغترف المتولي، قال النووي فيما علقه على "التنبيه" (2) واقتضاه كلام غيره: يستثنى من إفطار الحجيج ما لو كان الحاج لا يأتي عرفة إلا ليلًا استحب له صومه كغيره، وحكى الإسنوي عن الشافعي في "الإملاء": أحب للمسافر أن يترك صوم عرفة.
[2441]
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر) مولى عمر بن عبيد الله (عن عمير مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن أم الفضل) لُبَابة بضم اللام وتخفيف الموحدة الأولى (بنت الحارث) أخت ميمونة: (أن ناسًا تَمَارَوا)(3) أي: اختلفوا، ووقع عند الدارقطني في "الموطآت" من طريق أبي نوح عن مالك: اختلف ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(عندها يوم) بالنصب (عرفة في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا يشعر بأن صوم يوم عرفة كان معروفًا عندهم معتادًا لهم في الحضر، فكان من جزم
(1) انظر: "حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء" للشاشي القفال 3/ 176 بنحوه. ولكن في "المجموع" نسبه لـ"حلية" الروياني. وهو كتاب "حلية المؤمن". والمصنف ينقل عن النووي، فلعله يقصد كتاب الروياني.
(2)
"نكت التنبيه " 3/ 207.
(3)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: رواية: اختلفوا.
بأنه صائم استند إلى ما ألفه من العادة، ومن جزم بأنه غير صائم قامت عنده قرينة أنه كان مسافرًا (1)، وقد عرف نهيه عن صوم الفرض في السفر فضلًا عن النفل (2).
(فقال بعضهم: هو صائم) استند إلى [ما ألفه من عادته في الحضر (وقال بعضهم: هو صائم) استند إلى](3) قرينة سفره (فأرسلت إليه بقدح لبن) في رواية للبخاري: فأرسلت إليه ميمونة بنت الحارث بحلاب (4). فيحتمل التعدد، ويحتمل أنهما معًا أرسلتا فينسب ذلك إلى كل واحدة منهما؛ لأنهما كانتا أختين.
(وهو واقف على بعيره بعرفة) زاد أبو نعيم في "المستخرج" من طريق يحيى عن مالك: وهو يخطب الناس. وللبخاري في الأشربة: وهو واقف عشية عرفة (5).
(فشربه) فشرب زاد البخاري في حديث وفي رواية ميمونة: فشرب منه (6)، وهو مشعر بأنه لم يستوف شربه ليكون أبلغ في البيان. وفي الحديث جواز الركوب في حال الوقوف، وترجم البخاري على هذا الحديث: باب الشرب في القدح، وشُرب الواقف على البعير، وفيه دليل على استحباب الفطر يوم عرفة.
(1) في النسخ الخطية: مسافر. والجادة النصب كما أثبتناه.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر 4/ 237.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"صحيح البخاري"(1989).
(5)
"صحيح البخاري"(5618).
(6)
"صحيح البخاري"(1989).
واستشكل بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يترك المستحب لبيان الجواز، ويكون في حقه أفضل لمصلحة التبليغ، وجاء عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: يجب فطر يوم عرفة للحاج (1).
وقيل: إنما شرب النبي صلى الله عليه وسلم وأفطر لموافقته يوم الجمعة وقد نهى عن إفراده بالصوم.
وقيل: إنما كره صوم عرفة وأفطر لأنه يوم عيد لأهل الموقف، ويدل عليه الحديث المتقدم:"يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام"(2).
* * *
(1) انظر: "فتح الباري" 4/ 238.
(2)
سلف برقم (2419).