الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60 - باب كيف كانَ يَصُومُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
-
2434 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي النَّضْرِ مَوْلَي عُمَرَ بْنِ عُبيْدِ اللهِ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّها قالَتْ: كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُول: لا يُفطِرُ. ويفطر حَتَّى نَقولَ: لا يَصومُ. وَما رَأيْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيامَ شَهْرِ قَطّ إلَّا رَمَضانَ، وَما رَأيْتُهُ في شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيامَا مِنْهُ في شَعْبانَ (1).
2435 -
حَدَّثَنا موسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِمَعْناهُ. زادَ كانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلاً، بَلْ كانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ (2).
* * *
باب كيفَ كانَ يَصُومُ النَّبي صلى الله عليه وسلم
يعني: التطوع.
[2434]
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر) سالم (مولى عمر بن عبيد) بالتصغير (عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف (عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول) بالرفع والنصب، كقوله:{حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِين} (3) - بالنون يعني:
(1) رواه البخاري (1969)، ومسلم (1156).
(2)
قال الألباني في "صحيح أبي داود"(2104): إسناده حسن صحيح، لكن ذكر أبي هريرة فيه وهم! والصواب أنه من مسند عائشة كما في الطريق التي قبلها، أو من مسند أم سلمة كما رواه النسائي وغيره. انتهى.
(3)
البقرة: 214. قرأها نافع وحده بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب، وكان الكافي يقرؤها دهرًا رفعًا، ثم رجع إلى النصب.
أصحابه وخاصته (لا يفطر) رواية البخاري: حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر (1). ورواية البخاري: ما أحب أن أراه من الشهر صائمًا إلا رأيته (2). يعني: أن حاله في التطوع بالصيام كان يختلف كما يختلف حاله بقيام الليل، فكان تارةً يصوم من أول الشهر وتارةً من وسطه وتارةً من آخره، وفي رواية: كان يصوم حتى يقولوا: لا يريد أن يفطر (3).
(ويفطر حتى نقول) يجوز أن يكون هذا شاهدًا على لغة سليم التي حكاها ابن مالك في "التسهيل" و"الألفية" وغيرهما أن يجري القول مجرى الظن مطلقًا. أي: ليس مشروطًا فيه أن يلي استفهامًا، وأن لا ينفصل بين الاستفهام والفعل، بل يعمل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر، بل يعمل مطلقًا (4). وعلى هذا فقوله (لا يصوم) جملة في موضع نصب على المفعول الثاني، والتقدير: يصوم (5) حتى نظنه لا يفطر بعدها، ويفطر حتى نظنه لا يصوم بعدها، أي: من كثرة ذلك (وَما رَأيْتُ رَسُولَ اللِّه اسْتَكْمَلَ صِيامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَاّ رَمَضانَ) وفي رواية أبي داود الطيالسي: ما صام شهرًا تامّا منذ قدم
=انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 181، "الحجة في القراءات السبع" لابن خالويه 1/ 95 - 96.
(1)
"صحيح البخاري"(1971).
(2)
"صحيح البخاري"(1973).
(3)
"سنن الترمذي"(769).
(4)
قال ابن مالك في "الألفية" ص 24:
وَأُجْرِي القَوْلُ كَظَن مُطْلَقَا
…
عِنْدَ سُلَيْمٍ نَحْوُ قُلْ ذَا مُشْفِقَا
(5)
زيادة من (ل).
المدينة غير رمضان (1). (وَما رَأيْتُهُ في شَهْر أَكثَرَ) منصوبًا وهو ثاني مفعولي رأيت، و (في شعبان) يتعلق بـ (صيامًا). (صيامًا) كذا للأكثر بالنصب، وحكى السهيلي أنه روي بالخفض.
قال ابن حجر: وهو وهم، ولعل بعضهم كتب (صيامًا) بغير ألف على رأي من يقف على المنصوب بغير ألف فتوهمه مخفوضًا، أو أن بعض الرواة ظن أنه مضاف؛ لأن صيغة أفعل تضاف كثيرًا فتوهمها مضافة وهو باطل قطعًا (2). (مِنْهُ في شَعْبانَ) إنما كان صيامه فيه أكثر من غيره لمعانٍ ذكر منها في حديث أسامة معنيان:
أحدهما: أنه شهر يغفل الناس فيه بين رجب ورمضان كما في الحديث: "ذاكر الله في الغافلين كالحي بين الأموات"(3). حتى قال أبو صالح: إن الله ليضحك ممن يذكره في السوق (4).
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد كثيرة.
والثاني: إنه ينسخ فيه الآجال كما روي عن عائشة: كان أكثر صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان، قال:"إن هذا الشهر يكتب فيه لملك الموت من يقبض، وأنا أحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم"(5). وقد روي مرسلًا. وقد روي في شعبان معنى آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من
(1)"مسند الطيالسي"(2748).
(2)
"فتح الباري" 4/ 214.
(3)
أورده الغزالي في "إحياء علوم الدين" 2/ 394.
(4)
رواه ابن منده في "أماليه"(29) من حديث ابن مسعود.
(5)
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 314 بإسناد فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري، وهو منكر الحديث. انظر "ميزان الاعتدال" 1/ 245.
كل شهر ثلاثة أيام، وربما تأخر عليه شيء فيقضيه في شعبان.
وقيل فيه معنى آخر، وهو أن صيامه كان كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل على صوم رمضان مشقة وكلفة.
[2435]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، [عن محمد] (1) بن عمرو) بن علقمة بن وقاص (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن [(عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم](2) بمعناه، زاد: كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله) قيل: إن الكلام الأول مفسر للكلام الثاني، وموضح له، أي: كان يصوم معظمه، ونقل الترمذي عن كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر، يقال: قام ليله أجمع، ولقد كان يغشى، ويوافقه الرواية السابقة: ما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه فهو شعبان، وما استكمل صيام شهر إلا رمضان، ويحمل الكل على الأكثر، كما تقدم الكلام عليه (3). والله أعلم.
* * *
(1) ساقطة من (ل).
(2)
ساقطة من (ل).
(3)
"سنن الترمذي" 3/ 114.