المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌19 - باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٢

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌158 - باب فِيمَنْ قال: الخُمُسُ قَبلَ النَّفلِ

- ‌159 - باب في السَّرِيَّةِ تَرُدُّ علَى أَهْل العَسْكَرِ

- ‌160 - باب في النَّفْلِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ومِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ

- ‌161 - باب في الإِمام يَسْتَأْثِرُ بِشَيء مِنَ الفَيء لِنفْسِهِ

- ‌162 - باب في الوَفاء بِالعَهْدِ

- ‌163 - باب في الإِمام يسْتَجَنُّ بِهِ في العُهُودِ

- ‌164 - باب في الإِمامِ يَكونُ بيْنَهُ وَبينَ العَدُوِّ عهْدٌ فيسِيرُ إليْهِ

- ‌165 - باب في الوَفاء لِلْمُعاهِدِ وَحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ

- ‌166 - باب في الرُّسُلِ

- ‌167 - باب في أَمانِ المَرْأَةِ

- ‌168 - باب في صُلْح العَدُوِّ

- ‌169 - باب في العَدُوِّ يؤْتَى عَلَى غرَّةٍ ويُتَشَبَّه بِهِمْ

- ‌170 - باب في التَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ في المَسِير

- ‌171 - باب في الإِذْنِ في القُفُولِ بَعْدَ النَّهْى

- ‌172 - باب في بَعْثةِ البُشَراءِ

- ‌173 - باب في إِعْطاءِ البَشيرِ

- ‌174 - باب في سُجُود الشُّكْرِ

- ‌175 - باب في الطُّرُوقِ

- ‌176 - باب في التَّلَقّي

- ‌177 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنْ إِنْفاذِ الزّادِ في الغَزْوِ إِذا قَفَلَ

- ‌178 - باب في الصَّلاةِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌179 - باب في كِراءِ المَقاسِمِ

- ‌180 - باب في التِّجارَةِ في الغَزْوِ

- ‌181 - باب في حَمْلِ السِّلاحِ إِلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌182 - باب في الإِقامَةِ بِأَرْضِ الشِّرْكِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌1 - باب ما جاءَ في إِيجابِ الأَضاحي

- ‌2 - باب الأُضْحِيَةِ عَنِ المَيِّتِ

- ‌3 - باب الرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ في العَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحّي

- ‌4 - باب ما يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحايا

- ‌5 - باب ما يَجُوز مِنَ السّنِّ في الضَّحايا

- ‌6 - باب ما يُكْرَهُ مِنَ الضَّحايا

- ‌7 - باب في البقَر والجَزورِ، عنْ كَمْ تجْزِئ

- ‌8 - باب في الشّاةِ يضَحَّى بِها عَنْ جَماعَة

- ‌9 - باب الإِمامِ يَذْبَحُ بِالمُصَلَّى

- ‌10 - باب في حَبْسِ لُحُومِ الأَضاحي

- ‌12 - باب في النَّهْي أنْ تُصْبَرَ البهائِم والرِّفْق بِالذَّبِيحَةِ

- ‌11 - باب في المُسافِرِ يُضحِّي

- ‌13 - باب في ذَبائِحِ أَهْلِ الكِتابِ

- ‌14 - باب ما جاءَ في أكْلِ معاقَرَةِ الأَعْرابِ

- ‌15 - باب في الذَّبِيحَةِ بِالمَرْوَةِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في ذَبِيحةِ المُتَرَدِّيَةِ

- ‌17 - باب في المُبالَغة في الذَّبْحِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في ذَكاةِ الجَنِينِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في أكلِ اللَّحْمِ لا يُدْرى أَذُكِرَ اسمُ اللِه عَلَيْهِ أَمْ لا

- ‌20 - باب في العَتيرَةِ

- ‌21 - باب في العَقِيقَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌1 - باب في اتِّخَاذِ الكَلْبِ لِلْصَّيْدِ وَغَيْرِهِ

- ‌2 - باب في الصَّيْدِ

- ‌3 - باب في صَيدِ قُطِعَ منْهُ قِطْعةٌ

- ‌4 - باب في اتِّباعِ الصَّيْدِ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌1 - باب ما جاء فِيما يؤْمرُ بِهِ مِنَ الوَصِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ فِيما لا يَجُوز للْمُوصي في مالِهِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في كَراهِيَةِ الإِضْرارِ في الوصِيَّةِ

- ‌4 - باب ما جاء في الدُّخُول في الوَصايا

- ‌5 - باب ما جاءَ في نسْخِ الوصِيّةِ لِلْوالِدَيْنِ والأَقْربِينَ

- ‌6 - باب ما جاء في الوَصِيَّةِ لِلْوارثِ

- ‌7 - باب مُخالَطَة اليَتِيمِ في الطَّعامِ

- ‌8 - باب ما جاءَ فِيما يوَليِّ اليَتيم أَنْ يَنالَ مِنْ مالِ اليَتِيمِ

- ‌9 - باب ما جاء مَتَى يَنْقَطِعُ اليُتْمُ

- ‌10 - باب ما جاءَ في التَّشْدِيد في أَكْل مال اليتِيمِ

- ‌11 - باب ما جاءَ في الدَّلِيل علَى أنَّ الكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ المالِ

- ‌12 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَهَبُ ثُمَّ يوصَى لَهُ بِها أوْ يَرِثُها

- ‌13 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يُوقِفُ الوَقْفَ

- ‌14 - باب ما جاءَ في الصَّدَقَةِ، عنِ المَيِّتِ

- ‌15 - باب ما جاءَ فيمَنْ ماتَ، عَنْ غيْرِ وَصيَّةٍ يتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌16 - باب ما جاء في وَصِيَّةِ الحَرْبيِّ يسْلِمُ وَلِيُّهُ أَيلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِذَها

- ‌17 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْن وَلَهُ وَفاءٌ يُسْتَنْظَرُ غُرَماؤُهُ وَيُرْفَقُ بِالوارثِ

- ‌كتَابُ الفرَائضِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في تَعْلِيمِ الفَرائِضِ

- ‌2 - باب في الكَلالَة

- ‌4 - باب ما جاءَ في الصُّلْبِ

- ‌5 - باب في الجَدَّةِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في مِيراث الجَدِّ

- ‌7 - باب في مِيراثِ العَصَبةِ

- ‌8 - باب في مِيراث ذَوي الأَرْحامِ

- ‌9 - باب مِيراثِ ابن المُلاعِنَةِ

- ‌10 - باب هَلْ يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أسْلمَ عَلَى مِيراثٍ

- ‌12 - باب في الوَلاءِ

- ‌13 - باب في الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدي الرَّجُل

- ‌14 - باب في بَيْعِ الوَلاءِ

- ‌15 - باب في المَوْلُودِ يَسْتَهلُّ ثمَّ يَمُوتُ

- ‌16 - باب نَسْخِ مِيراث العقْدِ بِمِيراثِ الرَّحِمِ

- ‌17 - باب في الحِلْفِ

- ‌18 - باب في المرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَة زَوْجِها

- ‌كتاب الخراج والإمارة والفيء

- ‌1 - باب ما يلْزَمُ الإمامَ منْ حَقِّ الرَّعِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في طَلَب الإِمارَةِ

- ‌3 - باب في الضَّرِيرِ يوَلَّى

- ‌4 - باب في اتِّخاذِ الوَزِيرِ

- ‌5 - باب في العِرافةِ

- ‌6 - باب في اتِّخاذِ الكاتِبِ

- ‌7 - باب في السِّعايَةِ علَى الصَّدَقَةِ

- ‌8 - باب في الخَلِيفةِ يَسْتَخْلِفُ

- ‌9 - باب ما جاءَ في البَيْعَةِ

- ‌10 - باب في أَرْزاقِ العُمّالِ

- ‌11 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌12 - باب في غُلُول الصَّدَقَةِ

- ‌13 - باب فِيما يَلْزمُ الإِمامَ منْ أَمْرَ الرَّعِيَّةِ والحَجَبَةِ عَنْهُ

- ‌14 - باب في قَسْمِ الفَيء

- ‌15 - باب في أرْزاقِ الذُّرِّيَّةِ

- ‌16 - باب مَتَى يُفْرَضُ للرَّجُلِ في المُقاتِلَةِ

- ‌17 - باب في كَراهِيَةِ الافتِراضِ في آخِرِ الزَّمانِ

- ‌18 - باب في تَدْوِينِ العَطاءِ

- ‌19 - باب في صَفايا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوالِ

- ‌20 - باب في بَيانِ مَواضِعِ قَسْمِ الخُمُسِ وسَهْمِ ذي القُرْبى

الفصل: ‌19 - باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال

‌19 - باب في صَفايا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوالِ

2963 -

حدثنا الحَسَنُ بْن عَليٍّ وَمحَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ فارِس المَعْنَى قالا: حدثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرانيُّ، حَدَّثَني مالِك بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ مالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثانِ قال: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ حِينَ تَعالَى النَّهارُ فَجِئْتُهُ فَوَجَدْتُهُ جالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمالِهِ فَقالَ حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ: يا مال إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْياتٍ مِنْ قَوْمِكَ وَإِنّي قَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِشَيء فاقْسِمْ فِيهِمْ. قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ غَيْري بِذَلِكَ. فَقال: خذْهُ. فَجاءَه يَرْفَأ فَقال: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ في عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ والزُّبَيْرِ بْنِ العَوّامِ وَسَعْدِ بْنِ أَبي وَقّاصٍ؟ قال: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جاءَهُ يَرْفَأُ فَقال: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ في العَبّاسِ وَعَليٍّ؟ قال: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، فَقالَ العَبّاسُ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْني وَبَيْنَ هذا -يَعْني: عَلِيّا- فَقالَ بَعْضُهُمْ: أَجَلْ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُما وارْحَمْهُما. قالَ مالِك بْن أَوْسٍ: خُيِّلَ إِلَي أَنَّهُمَا قَدَّما أُولَئِكَ النَّفَرَ لِذَلِكَ. فَقالَ عُمَرُ رحمه الله: اتَّئِدا. ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقالَ: أَنْشُدُكُمْ باللهِ الذي بإِذْنِهِ تَقُومُ السَّماء والأرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ؟ ". قالُوا: نَعَمْ. ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَليٍّ والعَبّاسِ رضي الله عنهما فَقالَ: أَنْشُدُكُما باللهِ الذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّماء والأَرْضُ هَلْ تَعْلَمانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ؟ " فَقالا: نَعَمْ. قال: فَإِنَّ اللهَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخاصَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِها أَحَدًا مِنَ النّاسِ فَقالَ الله تَعالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَكانَ الله أَفاءَ عَلَى رَسُولِهِ بَني النَّضِيرِ فَواللَّهِ ما اسْتَأْثَرَ بِها عَلَيْكُمْ وَلا أَخَذَها دُونَكمْ، فَكانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذ مِنْها نَفَقَةَ سَنَةٍ، أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً وَيَجْعَلُ ما بَقيَ أُسْوَةَ المالِ. ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقال: أَنْشُدُكمْ باللهِ الذي بإِذْنِهِ تَقُومُ السَّماء والأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قالُوا: نَعَمْ.

ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى العَبّاسِ وَعَليٍّ رضي الله عنهما فَقال: أَنْشدُكُما باللهِ الذي بِإِذْنِهِ

ص: 597

تَقُومُ السَّماءُ والأرضُ هَلْ تَعْلَمانِ ذَلِكَ؟ قالا: نَعَمْ. فَلَمّا تُوُفّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ أَبُو بَكْر: أَنا وَلىُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فجِئْتَ أَنْتَ وهذا إِلَى أَبي بَكْرٍ تَطْلُبُ أَنْتَ مِيراثَكَ مِنِ ابن أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هذا مِيراثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيها، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ رحمه الله: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ؟ " والله يَعْلَمُ إِنَّهُ لصادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيَها أَبُو بَكْرٍ فَلَمّا تُوُفّيَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ: أَنا وَليُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ووَليُّ أَبي بَكْرٍ فَوَلِيتُها ما شاءَ اللهُ أَنْ أَلِيَها فَجِئْتَ أَنْتَ وهذا وَأَنْتُما جَمِيعٌ وَأَمْرُكما واحِدٌ فَسَأَلْتُمانِيها فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُما أَنْ أَدْفَعَها إِلَيْكُما عَلَى أَنَّ عَلَيْكُما عَهْدَ اللهِ أَنْ تَلِياها بِالَّذي كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلِيها فَأَخَذْتُماها مِنّي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جِئْتُماني لأَقْضيَ بَيْنَكُما بِغَيْرِ ذَلِكَ والله لا أَقْضي بَيْنَكُما بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السّاعَة فَإِنْ عَجَزْتُما عَنْها فَرُدّاها إِلَيَّ.

قالَ أَبُو داوُدَ: إِنَّما سَأَلاه أَنْ يَكُونَ يُصَيِّرُه بَيْنَهُما نِصْفَيْنِ لا أنَّهُما جَهِلا أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ " فَإِنَّهُما كانا لا يَطْلُبانِ إِلا الصَّوابَ. فَقالَ عُمَرُ: لا أُوقِعُ عَلَيْهِ اسْمَ القَسْمِ أَدَعُهُ عَلَى ما هُوَ عَلَيْهِ (1).

2964 -

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ مالِكِ بْنِ أَوْسٍ بهذِه القِصَّةِ قال: وَهُما -يَعْني: عَلِيا والعَبّاسَ رضي الله عنهما يَخْتَصِمانِ فِيما أَفاءَ اللهُ عَلَى رَسُولهِ مِنْ أَمْوالِ بَني النَّضِيرِ.

قالَ أَبُو داوُدَ: أَرادَ أَنْ لا يُوقِعَ عَلَيْهِ اسْمَ قَسْمٍ (2).

2965 -

حدثنا عُثْمان بْنُ أَبي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ -المَعْنَى- أَنَّ سُفْيانَ بْنَ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ مالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثانِ، عَنْ عُمَرَ قال: كانَتْ أَمْوالُ بَني النَّضِيرِ مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَى رَسُولهِ مِمّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلا رِكابٍ، كانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خالِصًا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ- قالَ ابن عَبْدَةَ: يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ - فَما بَقيَ جُعِلَ في الكُراعِ وَعُدَّة في سَبِيلِ اللهِ عز وجل

(1) رواه البخاري (3094)، ومسلم (1757).

(2)

رواه البخاري (5357)، ومسلم (1757).

ص: 598

قالَ ابن عَبْدَةَ: في الكُراعِ والسِّلاحِ (1).

2966 -

حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا إِسْماعِيل بْن إِبْراهِيمَ، أَخْبَرَنا أَيُّوبُ، عَنِ الزُّهْريِّ قال: قال عُمَرُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} . قالَ الزُّهْريُّ: قالَ عُمَرُ: هذِه لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً قُرى عُرَيْنَةَ فَدَكَ وَكَذا وَكَذا: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} وم {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} فاسْتَوْعَبَتْ هذِه الآيَةُ النّاسَ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَاّ لَهُ فِيها حَقٌّ -قالَ أَيُّوبُ: أَوْ قالَ: حَظٌّ- إِلا بَعْضَ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقّائِكمْ (2).

2967 -

حدثنا هِشامُ بْن عَمّارٍ، حدثنا حاتِمُ بْن إِسْماعِيلَ ح وَحَدَّثَنا سُلَيْمانُ ابْنُ داوُدَ المَهْريُّ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني عَبْدُ العَزِيزِ بْبنُ محَمَّدٍ ح وَحَدَّثَنا نَصْرُ بْن عَليٍّ، حدثنا صَفْوان بْنُ عِيسَى -وهذا لَفْظُ حَدِيثِهِ- كُلُّهُمْ عَنْ أسامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ مالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثانِ قال: كانَ فِيما احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهُ قال: كانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثُ صَفايا بَنُو النَّضِيرِ وَخَيْبَرُ وَفَدَكُ، فَأَمّا بَنُو النَّضِيرِ فَكانَتْ حُبْسًا لِنَوائِبِهِ، وَأَمّا فَدَك فَكانَتْ حُبْسًا لأبناءِ السَّبِيلِ، وَأَمّا خَيْبَرُ فَجَزَّأَها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةَ أَجْزاءٍ جُزْءَيْنِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَجُزْءًا نَفَقَةً لأَهْلِهِ، فَما فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ جَعَلَه بَيْنَ فقَراءِ المُهاجِرِينَ (3).

2968 -

حدثنا يَزِيدُ بْن خالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ الهَمْدانيُّ، حدثنا اللَّيْثُ بْنُ

(1) رواه البخاري (2904، 4885)، ومسلم (1757).

(2)

رواه البيهقي 6/ 296. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2627).

(3)

رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 302، والبيهقي 6/ 296، 7/ 59، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 450.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2628).

ص: 599

سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خالِدٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه تَسْأَلُهُ مِيراثَها مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالَمدِينَةِ وَفَدَكَ وَما بَقيَ مِنْ خمسِ خَيْبَرَ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نُورَثُ ما تَرَكنا صَدَقَةٌ إِنَّما يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هذا المالِ ". وَإنِّي والله لا أُغَيِّرُ شَيئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حالِها التي كانَتْ عَلَيْهِ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلأعمَلَنَّ فِيها بِما عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فاطِمَةَ عليها السلام مِنْها شَيئًا (1).

2969 -

حدثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمانَ الِحمْصيُّ، حدثنا أَبِي، حدثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْريِّ، حَدَّثَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ بهذا الحَدِيثِ قال: وَفاطِمَة عليها السلام حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التي بِالمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَما بَقيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ. قالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " لا نُورَثُ ما تَرَكنا صَدَقَةٌ وَإِنَّما يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هذا المالِ ". يَعْني: مالَ اللهِ، لَيسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى المَأْكَلِ (2).

2970 -

حدثنا حَجّاجُ بْن أَبِي يَعْقُوبَ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْراهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبي، عَنْ صالِحٍ، عَنِ ابن شِهابٍ قال: أَخْبَرَني عُرْوَةُ أَنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ بهذا الحَدِيثِ قالَ فِيهِ: فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَيْها ذَلِكَ وَقال: لَسْتُ تارِكًا شَيْئًا كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلا عَمِلْتُ بِهِ، إِنّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ، فَأَمّا صَدَقَتهُ بِالَمدِينَةِ فَدَفَعَها عُمَرُ إِلَى عَليِّ وَعَبّاسٍ رضي الله عنهم فَغَلَبَهُ عَليٌّ عَلَيْها، وَأَمّا خَيْبَرُ وَفَدَك فَأَمْسَكَهُما عُمَرُ وَقال: هُما صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَتا لِحُقُوقِهِ التي تَعْرُوهُ وَنَوائِبِهِ وَأَمْرُهُما إِلَى مَنْ وَليَ الأَمْرَ. قال: فَهُما عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ (3).

(1) رواه البخاري (4240، 4241)، ومسلم (1759).

(2)

رواه البخاري (3711، 3712).

(3)

رواه البخاري (3092، 3903)، ومسلم (1759).

ص: 600

2971 -

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حدثنا ابن ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْريِّ في قَوْلِهِ:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} قال: صالَحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ فَدَكَ وَقُرى قَدْ سَمّاها لا أَحْفَظها وَهُوَ مُحاصِرٌ قَوْمًا آخَرِينَ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بِالصُّلْحِ قالَ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يَقُول: بِغَيْرِ قِتالٍ.

قالَ الزُّهْريُّ: وَكانَتْ بَنُو النَّضِيرِ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِصًا لَمْ يَفْتَحُوها عَنْوَةً، افْتَتَحُوها عَلَى صُلْحٍ، فَقَسَمَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المُهاجِرِينَ، لَمْ يُعْطِ الأَنْصارَ مِنْها شَيْئًا، إِلا رَجُلَيْنِ كانَتْ بِهِما حاجَةٌ (1).

2972 -

حدثنا عَبْدُ اللهِ بْن الجَرّاحِ، حدثنا جَرِيرٌ، عَنِ المُغِيرة قال: جَمَعَ عُمَرُ بْن عَبْدِ العَزِيزِ بَني مَرْوانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ فَقالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَتْ لَهُ فَدَكُ، فَكانَ يُنْفِق مِنْها وَيَعُودُ مِنْها عَلَى صَغِيرِ بَني هاشِمٍ، وَيُزَوِّجُ مِنْها أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَها لَها فَأَبَى فَكانَتْ كَذَلِكَ في حَياةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ فَلَمّا أَنْ وَليَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَمِلَ فِيها بِما عَمِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في حَياتِهِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ فَلَمّا أَنْ وَليَ عُمَرُ عَمِلَ فِيها بِمِثْلِ ما عَمِلا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَقْطَعَها مَرْوانُ ثُمَّ صارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ قالَ -يَعْني: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ- فَرَأَيْت أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاطِمَةَ عليها السلام لَيْسَ لي بِحَقٍّ وَأَنا أُشْهِدُكُمْ أَنّي قَدْ رَدَدْتُها عَلَى ما كانَتْ، يَعْني: عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَليَ عُمَرُ بْنُ عَبدِ العَزِيزِ الِخلافَةَ وَغَلَّته أَرْبَعُونَ ألفَ دِينارٍ وَتوُفّيَ وَغَلَّتُهُ أَرْبَعْمِائَةِ دِينارٍ وَلَوْ بَقيَ لَكانَ أَقَلَّ (2).

2973 -

حدثنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّد بْن الفُضَيْلِ، عَنِ الوَليدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبي الطُّفَيْلِ قال: جاءَتْ فاطِمَة رضي الله عنها إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه تَطْلُبُ مِيراثَها مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ

(1) رواه البيهقي 6/ 296. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (517).

(2)

رواه البيهقي 6/ 296. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (518).

ص: 601

اللهَ عز وجل إِذا أَطْعَمَ نَبِيّا طُعْمَةً فَهيَ لِلَّذي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ" (1).

2974 -

حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي الزِّنادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا تَقْتَسِمُ وَرَثَتي دِينارًا ما تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسائي وَمُوْنَةِ عامِلي فَهُوَ صَدَقَهٌ".

قالَ أَبُو داوُدَ: "مُوْنَةِ عامِلي" يَعْني: أكَرَةَ الأرضِ (2).

2975 -

حدثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزوقٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبي البَخْتَريِّ قالَ: سَمِعْت حَدِيثًا مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَني فَقُلْتُ: اكْتُبْهُ لي فَأَتَى بِهِ مَكْتُوبًا مُذَبَّرًا: دَخَلَ العَبّاسُ وَعَليٌّ عَلَى عُمَرَ وَعِنْدَهُ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٌ وَهُما يَخْتَصِمانِ، فَقالَ عُمَرُ لِطَلْحَةَ والزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٍ: أَلمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "كُلُّ مالِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صدَقَةٌ إِلَاّ ما أَطْعَمَهُ أَهْلَهُ وَكساهُمْ إِنّا لا نُورَثُ"؟ قالُوا: بَلَى. قال: فَكانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ مِنْ مالِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهِ ثُمَّ تُوُفّيَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَلِيَها أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ فَكانَ يَصْنَعُ الذي كانَ يَصْنَعُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ مالِكِ بْنِ أَوْسٍ (3).

2176 -

حدثنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكِ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُروَةَ، عَنْ عائِشَةَ أَنَّها قالَتْ: إِنَّ أَزْواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ إِلَى أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَيَسْألنَهُ ثُمُنَهنَّ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقالَتْ لَهُنَّ عائِشَةُ: أَليْسَ قَدْ قالَ

(1) رواه أحمد 1/ 4، والبزار في "المسند" 1/ 124 (54)، وأبو يعلى 1/ 40 (37)، 12/ 119 (6752)، والبيهقي 6/ 303، والضياء في "المختارة" 1/ 129/ 130 (42، 43).

قال الشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند" 1/ 160 (14): إسناده صحيح. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(2632)، وفي "الإرواء"(1241).

(2)

رواه البخاري (2776)، ومسلم (1760).

(3)

رواه البيهقي 6/ 299 - 300.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2634).

ص: 602

رَسُولُ اللْهِ صلى الله عليه وسلم: "لا نُورَثُ ما تَرَكنا فَهُوَ صَدَقَةٌ"(1).

2977 -

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحيَى بْنِ فارِسٍ، حدثنا إِبْراهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حدثنا حاتِمُ بْن إِسْماعِيلَ، عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابن شِهابٍ بإسْنادِهِ نَحْوَهُ قُلْتُ: أَلا تَتَّقِينَ اللهَ أَلم تَسمَعْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا نُورَثُ ما تَرَكنا فَهُوَ صَدَقَه وَإِنَّما هذا المالُ لآلِ مُحَمَّدٍ لِنائِبَتِهِمْ وَلِضَيْفِهِمْ فَإذا مِتُّ فَهُوَ إِلَى مَنْ وَليَ الأمْرَ مِنْ بَعْدي"(2).

* * *

باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم

[2963]

(حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن يحيى) بن عبد الله (بن فارس) لا ينصرف، الذهلي النيسابوري شيخ البخاري (3) (قالا: حدثنا بشر بن عمر الزهراني) بفتح الزاي وكسر النون، نسبة إلى زهران بن كعب بطن من الأزد، وبشر بصري (4).

(حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان) تقدم (قال: أرسل إلى عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (حين تعالى) بفتح التاء واللام المخففة (النهار) أي: أرتفع، وهو بمعنى رواية البخاري (5): متع النهار.

(فجئته، فوجدته جالسًا على سرير مفضيًا) بسكون الفاء وكسر الضاد المعجمة بوركه (إلى رماله) بضم الراء وكسرها. اقتصر المنذري على

(1) رواه البخاري (6730)، ومسلم (1758).

(2)

السابق.

(3)

"التقريب"(6387).

(4)

"التقريب"(698).

(5)

(3094).

ص: 603

الكسر، أي: لم يكن بينه وبين السرير حائل يقيه آثار المنسوج في أعلى السرير، فإن أعلى السرير ينسج من شريط وحبال وسعف ونحوه، يريد: ليس عليه شيء (1) يدفع آثار ذلك من جسمه.

(فقال حين دخلت عليه: يا مال) وقرئ يا مال بوجهين: ترخيم مالك في النداء كما يقال: يا حار بترخيم حارث (إنه قد دف) بتشديد الفاء بعد الدال المهملة، أي: أسرع إليَّ (أهل أبيات من قومك) أي: نزلوا بي مسرعين محتاجين للضر الذي نزل بهم، وأصله من الدفيف وهو السير السريع، وكان الذي ينزل به فاقة يسرع المشي في حاجته؛ لينجلي عنه ضرره، كأنهم جاؤوا مسرعين لضر أصابهم.

(وقد أمرت فيهم بشيء) أي: أمرت لهم بشيء من العطاء (فاقسم) هذا العطاء (فيهم. قلت) يا أمير المؤمنين (لو) للعرض أو للنهي كما تقدم (أمرت غيري بذلك، فقال: خذه) زاد في الصحيحين (2): فاقسمه بينهم، زاد البخاري (3): أيها المرء (4) فبينا أنا جالس عنده (فجاءه) حاجبه (يرفأ) بفتح المثناة تحت وسكون الراء وتخفيف الفاء مقصور، ويقال: مولى عمر وصاحب إذنه وحاجبه منصرف.

(فقال: يا أمير المؤمنين هل لك) رغبة (في) دخول (عثمان بن عفان

(1) من (ع).

(2)

البخاري (3094)، وسلم (1757).

(3)

(3094).

(4)

انظر: "شرح مسلم" للنووي 12/ 71، "فتح الباري" 6/ 205، "عمدة القاري" 22/ 217.

ص: 604

وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص؟ ) عليك يستأذنون؟ (قال: نعم، فأذن لهم) في الدخول عليه (فدخلوا) زاد البخاري (1): فسلموا فجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرًا (ثم) خرج، و (جاء يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في) دخول (العباس) بن عبد المطلب (وعلي؟ ) بن أبي طالب عليك فإنهم يستأذنون.

(قال: نعم فأذن لهم فدخلوا) رواية: فدخلا، وللبخاري: فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا (فقال العباس: اقض بيني وبين هذا، يعني: عليًّا) زاد البخاري: وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من بني النضير (فقال بعضهم) أي: بعض الرهط الحاضرين وهو عثمان رضي الله عنه (أجل) بسكون اللام المخففة بمعنى نعم.

(يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرحهما) لفظ البخاري: وأرح أحدهما من الآخر (قال مالك بن أوس) بن الحدثان (خيل) بضم الخاء المعجمة مبني للمجهول، ولمسلم (2): يخيل بزيادة الياء أوله (إلى أنهما) يعني: العباس وعلي (قدما) مجيء (أولئك النفر) يعني: عثمان ومن معه الذلك) يعني: لأجل أن يشفعوا عند عمر في الفصل بينهما.

(فقال عمر) رحمه الله: (اتئدا) بتشديد التاء (3) المفتوحة أي: اصبرا وأمهلا (ثم أقبل على أولئك الرهط) يعني: عثمان ومن معه (فقال: أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين أي: أسألكم بالله تعالى، نشدتك

(1) البخاري (3094، 5358).

(2)

(1757).

(3)

في الأصول: الدال.

ص: 605

الله و (بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض) أي: بأمره تدوم وتبقى السماوات السبع والأرض السبع إلى يوم القيامة إن نزلت عن حالهن ولم يتغيرن (هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث؟ ) القرطبي: جميع الرواة لهذِه اللفظة في الصحيحين وفي غيرهما يقولون: "نحن لا نورث" بالنون، وهي نون جماعة الأنبياء عليهم السلام كما قال قبله:"نحن معاشر الأنبياء"(ما تركنا) في موضع رفع بالابتداء (صدقة) مرفوع على أنه خبر المبتدأ والكلام جملتان: الأولى: فعلية، والثانية: اسمية، وحذفت الواو العاطفة بينهما، وقد صحف بعض الشيعة فقال: لا يورث بالياء وما تركنا صدقةً بالنصب، وجعل الكلام جملة واحدة على أن لا يجعل (ما) مفعولا (1) لم يسم فاعله، وصدقة نصب على الحال، ويكون معنى الكلام: إنما نتركه صدقة لله تعالى لا يورث عنا (2).

وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الميراث نفسه؛ لأنه لا يرثه أحد (فقالوا: نعم) قد قال ذلك، واعتراف العباس وعلي بصحة قوله عليه السلام:"لا نورث (3) ما تركناه صدقة" بعد سؤالهما عن علم ذلك إذعانًا للحق وتسليمًا له، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعتقد أن قولهما: نعم. اتقاء وخوفًا على أنفسهما.

ووجه بطلان هذا ما علم من صلابتهما في الدين وقوتهما، ولما علم

(1) في (ر): منعوا.

(2)

"المفهم" 11/ 86.

(3)

من هنا بدأ سقط في (ر).

ص: 606

من عدل عمر؛ ولأن المحل محل مناظرة ومباحثة عن حكم مال، وليس فيه ما يقوله أهل الضلال من الشيعة (ثم أقبل) عمر (على على) بن أبي طالب (والعباس) رضي الله عنهما (فقال: أنشدكما بالله) مأخوذ من النشيد وهو رفع الصوت (الذي بإذنه) بأمره (تقوم) تمسك وتدوم (السماء والأرض) أن تزولا (هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ) نحن معاشر الأنبياء (لا نورث ما تركنا صدقة؟ ) توضحه رواية المصنف الآتية: "ما تركناه فهو صدقة" يعني: لا تورث عني، بل يصرف في مصالح المسلمين، وقيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تصدق به (فقالا: نعم) هذا نص منهما على صحة ما سألهما عنه وتصديقهما على ذلك (قال: فإن الله عز وجل خص رسوله صلى الله عليه وسلم) في مال النضير (بخاصة لم يخص بها أحدًا من الناس) ممن كان معه في ذلك الجيش، ولفظ البخاري (1): قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، يعني: بل خص به الفيء كله، وهذا مذهب الجمهور. وقيل: ما خصه به هو حيث حلل الغنيمة له، ولم تحل لسائر الأنبياء قبله.

(فقال الله تعالى) لفظ البخاري: ثم قرأ ({وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}) أي: رد عليه من أموال الكفار، من فاء يفيء إذا رجع وآتاه الله ({مِنْهُمْ}) من يهود بني النضير ({فَمَا أَوْجَفْتُمْ}) من وجف الفرس إذا أسرع سيره، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير السريع ({عَلَيْهِ}) أي: على ما أفاء الله ({مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}) وهي الإبل التي تحمل

(1)(3093).

ص: 607

القوم، واحدتها راحلة ({وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}) دون أن يقطع المسلمون إليها مسافة ولا فارقوا أوطانهم في تحصيله، بل أوقع الله في قلوب بني النضير ما أوقع حين خرجوا من أوطانهم ورباعهم وتركوها ({وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}) (1) فكان الله) تعالى هو الذي (أفاء) أي: رد (على رسوله) صلى الله عليه وسلم أموال (بني النضير فوالله ما أستأثر بها) أي: اختص (عليكم ولا أخذها دونكم) لنفسه خاصة.

(فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منها) من أموال بني النضير (نفقة سنة أو نفقته ونفقة أهله سنة) أي: يعزل نفقة السنة لهم، ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير ولا تتم عليه السنة، ولهذا توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة على شعير (2) استدانه لأهله، ولم يشبع ثلاثة أيام تباعًا (3)، وفيه جواز ادخار قوت سنة، وجواز الادخار للعيال وأن ذلك لا يقدح في التوكل (ويجعل ما بقي) من ذلك كله (أسوة) أمثاله من (المال) يصرفه في ثمن السلاح والكراع، يعني: الخيل المعدة لسبيل الله وفي مصالح المسلمين.

(ثم أقبل) عمر رضي الله عنه (على أولئك الرهط) يعني: عثمان ومن معه (قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون ذلك؟ ) لجميعه (قالوا: نعم) فيه استشارة الإمام من حضره من أهل العلم والفتيا والقضاء على ما يقوله بحضرة الخصمين؛ لتقوى حجته في إقامة الحق

(1) الحشر: 6.

(2)

أخرجه البخاري (2916).

(3)

البخاري (5423).

ص: 608

وقمع الخصم ودفع التهمة (ثم أقبل على العباس) بن عبد المطلب (وعلي فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ ) وتحفظانه (قالا: نعم) فيه استعلام الخصمين بما حكم به، فإنهما إذا صدّقا كان أبين وأبعد عن التهمة.

(فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر رضي الله عنه أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم) من بعده في أمور المسلمين (فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر تطلب ميراثك من) رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه (ابن أخيك) عبد الله بن عبد المطلب (ويطلب هذا ميراث امرأته) فاطمة (من أبيها) صلى الله عليه وسلم ولم يطلبا الخمس من الفيء، وإنما طالبا بميراثهما مما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصا به مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، وتركه النبي صلى الله عليه وسلم صدقة من بعد وفاته].

(فقال أبو بكر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة) على سبيل البر والصلة (والله يعلم أنه) بفتح الهمزة لأن اللام ليس في خبرها (صادق) فيما قاله (بار) بتشديد الراء، أي: طائع لربه (راشد) يعني في أموره، واقف على سنن السداد (تابع للحق) فيما قاله وقصده، فلما سمعاه أذعنا وسلما وسكتا.

(فوليها أبو بكر) بفتح الواو وكسر اللام المخففة، أي: ولي النظر في أموال بني النضير والعمل بها، وأخذها من وجهها وصرفها في مواضعها.

(فلما توفي) أبو بكر (قلت) يعني: قال عمر: (أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر) من بعده (فوليتها ما شاء الله) تعالى (أن أليها) وهو سنتان؛ لما رواه البخاري ولفظه: فقبضتها سنتين (1) من إمارتي، أعمل فيها بما

(1) سقط من (ع).

ص: 609

عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم أني فيها لصادق بار راشد تابع للحق.

(فجئت أنت وهذا) يعني: العباس وعلي (وأنتما جميع) أي: متفقين غير مختلفين، ولفظ البخاري: ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة (وأمر كما واحد) قال القرطبي وغيره (1): وعنده لم يطلبا بحكم الميراث، ولا طلبا أن يتملكا ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير، بل سألاه أن يقسمها بينهما حتى يشتغل كل واحد منهما بالنظر فيما يكون في يده منها، فخاف أن يظن طلب ذلك ميراثًا فيكون موافقًا لقسمة المواريث، فإن من ترك بنتًا وعضًا كان المال بينهما نصفين، للبنت النصف بالفرض، وللعم النصف بالتعصيب، فأراد عمر حسم الذريعة (2).

(فسألتمانيها (3) فقلت: إن شئتما أن أدفعها إليكما على أن عليكما) أي: بشرط أن يكون عليكما (عهد الله أن) بنصب الدال اسم (أن) وزاد البخاري: وميثاقه أن (تلياها) وتعملا فيها (بالذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) حيث (يليها)[يعمل فيها، وبالذي كان أبو بكر حيث وليها يعمل فيها](4)(فأخذتماها مني على ذلك) زاد مسلم (5): قال: أكذلك؟ قالا: نعم. يعني: أخذاها على العمل بأحكامهما، فدفعها إليهما على ذلك،

(1) سقط من (ع).

(2)

"المفهم" 11/ 87.

(3)

سقط من (ع) والمثبت من مطبوع "السنن".

(4)

سقط من (ع).

(5)

(1757).

ص: 610

وعلى أن لا ينفرد أحدهما عن الآخر بعمل حتى يستشير ويكون معه فيه، فعملا كذلك إلى أن شق عليهما العمل فيها مجتمعين، فإنهما كانا بحيث لا يقدر أحدهما أن يشتغل بأدنى عمل حتى يحضر الآخر ويساعده، فلما شق عليهما ذلك جاءا عمر مرة ثانية.

(ثم جئتماني لأقضيَ بينكما بغير ذلك) القضاء (والله لا أقضي بينكما بغير ذلك) القضاء (حتى تقوم الساعة) فيه أن القاضي إذا قضى بحكم لا ينقضه إلا إذا خالف نصًا صريحًا أو قياسًا جليًّا (فإن عجزتما عنها فرداها إلى) يعني: لما جاءا إليه مرة ثانية يطلبان منه أن يقضي بغير ذلك القضاء، فإنهما طلبا أن يقسمها بينهما حتى يستقل كل واحد منهما بالنظر والعمل فيما يكون في يده، فأبى عمر من ذلك وخاف إن فعل ذلك أن يظن ظانٌّ أن ذلك قسمة ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، فيعتقد بطلان قوله:"لا نورث". كما تقدم.

(قال المصنف: إنما سألاه أن يكون يصيره) بتشديد التحتانية (بينهما نصفين) حتى يستقل كل منهما بالنظر فيما يكون في يده منها (لا أنهما جهلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة) فإن ذلك مما اشتهر بين الصحابة واتضح أمره، وحاشاهما أن يعدلا عما ورد النهي عنه؛ (فإنهما كانا لا يطلبان إلا الصواب).

قال الطبري: لا يخلو طلبهما من أحد وجهين: إما أن يطلب كل واحد منهما أن ينفرد بالعمل كله، أو ينفرد بنصيبه (1) وفرا من الإشاعة لما يقع بين العمال من التنازع والاختلاف.

(1) في (ر): بنفسه.

ص: 611

(فقال عمر رضي الله عنه: لا أوقع عليه اسم القسم) بفتح القاف، يعني: القسمة؛ لأن سنة الأوقاف أن لا تقسم بين أهلها، وإنما تقسم غلاتها، فلذلك حلف أن لا أقسمها بنسبة المواريث، بل (أدعه على ما هو عليه) قبل ذلك من الإجمال.

[2964]

(حدثنا محمد بن عبيد) بن حساب الغبري البصري شيخ مسلم (حدثنا محمد بن ثور) الصنعاني العابد، سئل عنه أبو حاتم فقال: الفضل والعبادة والصدق (1)(عن معمر، عن الزهري، عن مالك ابن أوس) بن الحدثان (بهذِه القصة) المذكورة (قال) هنا: (وهما -يعني: عليا والعباس رضي الله عنهما يختصمان فيما أفاء الله على رسول الله) صلى الله عليه وسلم (من أموال بني النضير) لفظ البخاري (2): من بني النضير، ولم يذكر الأموال.

والظاهر أن الذي تنازعا فيه هو الأرض التي بالمدينة، فإنه كان أجلاهم عنها وكف عن دمائهم، وجعل لهم ما حملته الإبل من أموالهم إلا الحلقة -يعني: السلاح- وخلصت له أرضهم إلا ما كان اثنين أسلما قبل الظفر فأحرز الإسلام جميع أموالهما، وقسم عليه السلام ما سوى الأرضين من أموالهم على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرًا فأعطاهما، وحبس الأرض على نفسه فكانت من صدقاته يضعها حيث يشاء، ثم سلمها عمر لعلي والعباس ليقوما بمصرفها كما ذكره الماوردي في "الأحكام

(1)"الجرح والتعديل" 7/ 217.

(2)

(3094).

ص: 612

السلطانية" (1) وغيره. وليس رواية البخاري مخالفة لرواية المصنف ولا لما تقدم فإن الأرض مال أيضًا.

(قال أبو داود: أراد أن لا يوقع عليه اسم قسم).

[2965]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة) الآمُلي (2) صدوق (المعنى، أن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار، عن) محمد بن شهاب (الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله) أي: رد (على رسوله) صلى الله عليه وسلم من أموال الكفار، وهذا يدل على أن الأموال إنما كانت للمسلمين بالأصالة ثم صارت للكفار بغير الوجوه الشرعية، وكأنهم لم يملكوا ملكًا صحيحًا لكن لهم شبهة ملك إذ قد أضاف الله إليهم أموالًا كما أضاف إليهم أولادًا فقال:{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ} (3)، وأجمع المسلمون على أن الكافر إذا أسلم وبيده مال لا ينتزع منه كما سيأتي (مما لم يوجف) أي: يسرع (المسلمون عليه بخيل ولا ركاب) وهي الإبل (وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصًا) أي: خاصة به، وفيه حجة لمالك في أن الفيء لا يقسم، وإنما جميعه موكول لاجتهاد الإمام يصرفه في المصالح (4).

(1)"الأحكام السلطانية" فصل في تعريف الحجاز وأحكامه الخاصة 1/ 345. وانظر: "الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء" لأبي الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي 2/ 94.

و"زاد المعاد" 3/ 221.

(2)

بالمد وضم الميم. انظر: "التقريب"(75).

(3)

التوبة: 55.

(4)

"المفهم" للقرطبي 11/ 82.

ص: 613

وله خلاف في الخمس، فمالك لا يقسمه، وأبو حنيفة يقسمه أثلاثًا، والشافعي يقسمه أخماسًا (1).

(ينفقه على أهل بيته) ثم بينه (قال) أبو عبد الله أحمد (بن عبدة) في روايته: (ينفق على أهله قوت سنة)(2) أي: يعطيهم قوت سنتهم كما في البخاري (3) أنه عليه السلام كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنته، والتقدير: يبيع ثمر نخل، وقد تقدم (فما بقي) بكسر القاف، كما في قوله تعالى:{وَذَرُوا مَا بَقِيَ} (4)(جُعِل) بضم الجيم وكسر العين (في الكراع) بضم الكاف اسم لجميع الخيل، والسلاح ما عددته للحرب من آلة مما يقاتل به، والسيف وحده يسمى سلاحًا (و) جعله (عدة) يدخل فيه الزاد وما يحمله عليه (في سبيل الله) كما تقدم [قال ابن عبدة: في الكراع والسلاح] (5).

[2966]

(حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) ابن علية الإمام (حدثنا أيوب، عن الزهري قال: قال عمر) هذا الحديث منقطع الإسناد، فإن الزهري لم يدرك عمر (6) {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} من أموال الكفار {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} وقال الزهري: قال عمر: هذِه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة) أي: خصه بالفيء ليأكله أو بعضه؛ لأن

(1)"المفهم" للقرطبي 11/ 82. وانظر: "عمدة القاري" 28/ 349.

(2)

ورد بعدها في الأصل: نسخة: نفقة سنة.

(3)

(5357).

(4)

البقرة: 278.

(5)

من المطبوع.

(6)

"جامع التحصيل" ص (269)(712).

ص: 614

عمر استشهد بالآية (قرى عرينة) بضم العين وفتح الراء مصغر عرنة، وتشديد الياء (1) منسوب إلى العرب (2)، كذا قال البكري في "معجم البلدان"(3)، قال: وهو على الإضافة لا ينصرف، قال: كتب أبو عبيد الله كاتب المهدي: قرى عرنية فنَوّنَ ولم يضف، فقال شبيب بن شيبة: إنما هي قرى عرنية غير منونة، فقال أبو عبد الله لقتيبة الجعفي الكوفي: ما تقول؟ فقال: إن كنت أردت القرى التي بالحجاز يقال لها: قرى عرنية، فإنها لا تنصرف، وإن كنت أردت قرى من قرى السواد فهي تنصرف، فقال: إنما أردت التي بالحجاز، قال: هو كما قال شبيب. وذكر البخاري في "تاريخه": حدثنا أحمد بن سليمان، حدثنا حسين بن إسماعيل، حدثني درباس وعمرو ابنا دجاجة عن أبيهما: أنه خرج فأتى عثمان فقال عثمان: لا يسكن قرى عرنية دينان (4).

(فدك) بفتح الفاء والدال قرية معروفة بينها وبين المدينة يومان، وحصنها يقال له: الشمروخ، وأكثر أهلها أشجع (5)(و) قرية (كذا وكذا) يعني ينبع وخيبر، ثم استشهد بالآية:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} يعني: من أموال كفار أهل القرى، قال ابن عباس:

(1) في (ر): الراء.

(2)

هكذا في الأصول الثلاثة.

(3)

"معجم ما استعجم" 3/ 929 - 930، وانظر:"معجم البلدان" 4/ 115 وهذا الضبط ليس عن البكري وغنما هو عن ياقوت وليس في هذا المكان وإنما هو في ذكر عرينة. وأما هذِه فعربية كما سيأتي.

(4)

"التاريخ الكبير" 3/ 260.

(5)

"الروض المعطار" ص (437).

ص: 615

هي قريظة والنضير (1){فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ) (2) وقوله تعالى: (و {لِلْفُقَرَاءِ}) هذا بيان للمساكين الذين لهم حق المهاجرين من مكة إلى المدينة {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} ) (3) يعني: أن كفار أهل مكة أخرجوهم من مكة، وقوله تعالى:({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ}) يعني المدينة دار الهجرة بوأها (4) الأنصار قبل المهاجرين ({وَالْإِيمَانَ}) عطف الإيمان على الدار في الظاهر لا في المعنى؛ لأن الإيمان ليس بمكان تبوأ، والتقدير: وآثروا الإيمان أو اعتقدوا الإيمان ({مِنْ قَبْلِهِمْ})(5) من قبل الأنصار. وقوله تعالى: ({وَالَّذِينَ جَاءُوا}) أي: والتابعين الذين يجيئون ({مِنْ بَعْدِهِمْ})) (6) إلى يوم القيامة أي: من بعد المهاجرين والأنصار (فاستوعبت هذِه الآية) يعني: الذين جاؤوا من بعدهم جميع (الناس) يعني: كل من يجيء من بعدهم من المؤمنين، ففهم عمر رضي الله عنه، وناهيك من لفظة الذين عموم كل من يأتي من بعد المهاجرين والأنصار، وفي هذا دلالة على ما قاله جمهور الأصوليين: أن اللفظة الواحدة تدل على عموم المعاني حقيقة، خلافًا لمن منع عموم صيغ الألفاظ المفردة، وعزي للأشعري (7)(فلم يبق أحدٌ من المسلمين إلا وله فيها حق) وظاهر كلام عمر في هذا يدل على أن لجميع المسلمين في

(1)"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 18/ 12.

(2)

الحشر: 7.

(3)

الحشر: 8.

(4)

في (ع) يتولاها وفي (ل) يتبوأها. والمثبت من (ر).

(5)

الحشر: 9.

(6)

الحشر: 10.

(7)

انظر: قواطع الأدلة للسمعاني 1/ 279، "البحر المحيط" 1/ 505.

ص: 616

الفيء حقًّا، وقال أيضًا: ما أحد إلا وله في هذا المال حق (1).

(قال أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني في روايته (أو قال) عمر: إلا وله فيها (حظ) أي نصيب (إلا بعض من تملكون) فيه حذف تقديره تملكونهم (من أرقائكم) بتشديد القاف جمع رقيق.

هذا مذهب عمر بن الخطاب، فإنه لما ولي الخلافة فاضل بين الناس في العطاء من الفيء، وأخرج العبيد من الأخذ من الفيء، وكذا ذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه فاضل في القسمة. وأما مذهب أبي بكر وعلي فسووا بين الناس في العطاء، وأعطوا العبيد حتى قال عمر لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، أتجعل الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم كمن دخل في الإسلام كرهًا؟ فقال: يا عمر، إنما عملوا لله وأجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ (2).

[2967]

(حدثنا هشام بن عمار قال: أنبأنا حاتم بن إسماعيل) الكوفي، سكن المدينة (3)(وحدثنا سليمان بن داود) بن حماد الفقيه على مذهب مالك، قال النسائي: ثقة (4)(المهري) بفتح الميم نسبة إلى مهرة بن حيدان، قبيلة كبيرة من قضاعة (5)(أخبرنا) عبد الله (بن وهب، أخبرني عبد العزيز بن محمد) الدراوردي.

(1)"مسند الشافعي"(1516)، "معرفة السنن" 9/ 267، و"الأموال" لابن زنجويه (580).

(2)

"الأم" 4/ 155، "معرفة السنن والآثار" 9/ 266، "شرح السنة" للبغوي 11/ 141.

(3)

"التقريب"(994).

(4)

"تهذيب الكمال" 11/ 409، "التقريب"(2551).

(5)

"اللباب" 3/ 275.

ص: 617

(وحدثنا نصر بن علي) الجهضمي (أنبأنا صفوان بن عيسى) القرشي الزهري، قال محمد بن سعد: كان ثقةً صالحًا (1). وذكره ابن حبان في "الثقات"(2). واستشهد به البخاري (3)، وروى له في الأدب (4)(وهذا لفظ حديثه) والثلاثة (كلهم عن أسامة بن زيد) الليثي، أخرج له مسلم (عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كان فيما احتج به عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه) على علي بن أبي طالب والعباس حين اختصما في الصفايا التي أفاء الله على رسوله (أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا) جمع صفية، مثل عطايا جمع عطية، وهي ما يصطفيه المرء لنفسه من المغنم قبل القسمة أي: يختاره (5). قال الشاعر:

لك المرباع منها والصفايا

وحكمك والنشيطة والفضول (6)

والنشيطة: ما يغنمه الغزاة في الطريق وقبل البلوغ إلى الموضع الذي قصده (7)، والمرباع: ربع الغنيمة (8)، والفضول: بقايا تفضل من الغنيمة ولا تستقيم قسمته على الجيش لقلته (9).

(1)"الطبقات الكبرى" 7/ 294.

(2)

الثقات 8/ 321.

(3)

(6412).

(4)

انظر: (124، 1007، 1190، 1237) من "الأدب المفرد" للبخاري رحمه الله.

(5)

"النهاية" لابن الأثير 3/ 73.

(6)

البيت لعبد الله بن عنمة الضبي، وأورده أبو علي القالي في "الأمالي" 1/ 144.

(7)

المصباح المنير 1/ 344.

(8)

"غريب الحديث" لابن سلام 3/ 87.

(9)

"غريب الحديث" لابن سلام 3/ 88.

ص: 618

(بني النضير)(1) أي: أرضه من أموال بني النضير بالمدينة، وهي أول أرض أفاء الله على رسوله (وخيبر) وهي ثلاث حصون من خيبر: أحدها: يسمى الكتيبة بضم الكاف وفتح المثناة فوق مصغر (2)، والثاني: الوطيح بفتح الواو وكسر الطاء وبالمهملة (3)، والثالث: السلالم بضم السين وقيل بفتحها، حكاهما في "النهاية"(4)، قال: ويقال فيه أيضًا: السلاليم (وفدك) يعني ونصف أرض فدك بفتح الدال كما تقدم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح خيبر خافوه فصالحوه على أن النصف من أرضهم ونخيلهم يعاملهم عليه، والنصف الآخر له، فصار النصف من صدقاته التي تركها إلى أن أجلاهم عمر، فقوم مالك بن التيهان وزيد بن ثابت وسهل بن أبي حثمة (5) النصف من فدك، فبلغ ذلك (6) ستين ألف درهم، ودفع لهم فصارت نصفها من صدقاته عليه السلام ونصفها الآخر لكافة المسلمين، ومصرف النصفين الآن سواء. قاله الماوردي في "الأحكام السلطانية"(7).

(فأما) أرض (بنو النضير فكانت حبسًا) بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة أي: وقفًا على نفسه يضعها حيث يشاء ويصرفها (لنوائبه) النوائب جمع نائبة، وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحاجات والحوادث، وقد نابه الشيء ينوبه نوبةً وإنابة إذا قصده مرة

(1) ورد بعدها في الأصل: نسخة: بنو النضير.

(2)

"النهاية" 4/ 253.

(3)

"النهاية" 5/ 437.

(4)

"النهاية" 2/ 985.

(5)

في (ر) خيثمة.

(6)

سقط من (ر).

(7)

فصل في تعريف الحجاز وأحكامه الخاصة.

ص: 619

بعد أخرى. وكان ينفق منها على أزواجه ثم سلمها عمر لعلي والعباس كما تقدم.

(وأما) نصف أرض (فدك فكانت حبسًا) بضم الحاء كما تقدم الأبناء السبيل) فكان يدخره لمن نزل به من الوفود وأبناء السبيل.

(وأما) أرض (خيبر فجزأها رسول الله) صلى الله عليه وسلم (ثلاثة أجزاء) وقال ابن سعد: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبغنائم خيبر فجمعت واستعمل فيها فروة (1) ابن عمرو البياضي، ثم أمر بذلك فجزأ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله، وسائر السهام أغفال (2)(3).

قال ابن سيد الناس: وليس لقول أبي عمر أنه قسم جميع أرضها بين الغانمين وجه؛ لمعارضته لنص الخبر (4).

(جزءين) منها يصرف (للمسلمين)(5) في مصالحهم (وجزءًا) يرصده (نفقة لأهله) قوت كل سنة كما تقدم (فما فضل) بفتح الضاد (عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين) الذين هجروا ديارهم وأموالهم ابتغاء فضل الله ورضوانه وارتحلوا إلى المدينة الشريفة التي هي دار الهجرة، وفيه تقديم الزوجات على الفقراء والمساكين؛ لأن نفقتهم واجبة في مقابلة عوض، وفيه تقديم من سبق إسلامه على غيره، فإن المهاجرين سبقوا الأنصار في

(1) في الأصول عروة بن عمرو البياضي والصواب: فروة بن عمرو البياضي. انظر: "الإصابة" 5/ 364، "الطبقات الكبرى" 2/ 107.

(2)

في (ر) أعقال:

(3)

"الطبقات الكبرى" لابن سعد 2/ 107.

(4)

هذا حاصل كلام ابن سيد الناس في "عيون الأثر" 2/ 140 - 147.

(5)

ورد بعدها في الأصل: نسخة: بين المسلمين.

ص: 620

الإسلام.

[2968]

(حدثنا يزيد بن خالد) بن يزيد (بن عبد الله بن موهب) بفتح الميم والهاء الرملي الفقيه الزاهد (الهمداني) بسكون الميم (1)(حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل) بضم العين (2) مصغر (ابن خالد) الأيلي الحافظ (3)(عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله) تعالى (عليه بالمدينة) من أموال بني النضير وغيرها على ما تقدم، ومما أفاء الله تعالى عليه من أرض (فدك) كما تقدم (و) من (ما بقي من خمس خيبر) أي ما بقي من سهمه صلى الله عليه وسلم من خمس خيبر.

(1)"تهذيب الكمال" 32/ 114، "تقريب التهذيب"(7708).

(2)

في (ر): الميم.

(3)

"تهذيب التهذيب" 7/ 228. لا يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها اتهمت أبا بكر فيما ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنها عظم عليها ترك العمل بالقاعدة الكلية، المقررة بالميراث، المنصوصة في القرآن، وجوّزت السهو والغلط على أبي بكر، ثم إنها لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولملازمتها بيتها، فعبَّر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيدة نساء أهل الجنة. ودفْنُ علي لفاطمة ليلًا، يحتمل أن يكون ذلك مبالغة في صيانتها، وكونه لم يؤذن أبا بكر بها؛ لعله إنما لم يفعل ذلك لأن غيرَه قد كفاه ذلك، أو خاف أن يكون ذلك من باب النعي المنهي عنه، وليس في الخبر ما يدل على أن أبا بكر لم يعلم بموتها، ولا صلَّى عليها ولا شاهد جنازتها، بل اللائق بهم المناسب لأحوالهم حضور جنازتها واغتنام بركتها، ولا تسمع أكاذيب الرَّافضة المبطلين الضالين، المضلين. انتهى.

ص: 621

قال عياض: تأول قومٌ طلب فاطمة ميراثها من أبيها على أنها تأولت الحديث إن كان بلغها قوله: "لا نورث" على الأموال التي لها بال فهي التي لا تورث لا ما يتركون من طعام وأثاث وسلاح، وهذا التأويل خلاف ما ذهب إليه أبو بكر وعمر وسائر الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، ويحتمل أن تكون جوزت السهو والغلط على أبي بكر وعظم عليها ترك العمل بالقاعدة الكلية المقررة في الميراث المنصوصة في القرآن (1).

قالت عائشة رضي الله عنها (فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة) فيه ما تقدم.

قال العلماء: والحكمة في أن (2) الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أنهم (3) لا يورثون لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوراثهم فيهلك الظان وينفر الناس عنهم (4).

(إنما يأكل آل محمد) يعني هنا بآل محمد نساءه كما في الحديث الآخر: "ما تركت بعد نفقة نسائي"(5)(من هذا المال وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) بل أجراها على حالها التي كانت عليه وهي أن تصرف

(1)"إكمال المعلم" 6/ 80.

(2)

هذِه زيادة أثبتها من "شرح مسلم" للنووي فهذا النقل منه 12/ 74.

(3)

هكذا في الأصول والأولى حذفها ولا وجود لها في "شرح مسلم" للنووي.

(4)

"شرح مسلم" للنووي 12/ 74.

(5)

رواه البخاري (2776) ومسلم (1760).

ص: 622

لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم[

] (1) حاجتهم ويصرف الباقي في مصالح المسلمين وحاجة عياله ومصالح المسلمين على سبيل الصدقة لا الوراثة، ولما قال أبو بكر ذلك لم تنازعه ولا طلبت منه بعد ذلك شيئًا (فلأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم) وكذلك عمر بعد وفاته عمل بما عمل به النبي صلى الله عليه وسلم ثم عثمان غير أنه يروى أن عثمان أقطع مروان فدك وهو مما نقم على عثمان رضي الله عنه (2)(فأبى أبو بكر رضي الله عنه أن يدفع إلى فاطمة منها) يعني من فدك وما معها (شيئًا) زائدًا عما كانت تأخذه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من النفقة وما يحتاج إليه.

[2969]

(حدثنا عمرو بن عثمان) بن سعيد (الحمصي) صدوق حافظ (3)(حدثنا أبي) عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي مولى بني أمية وكان ثقة من العابدين (4)(حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث) المذكور (قال: وفاطمة [عليها السلام] حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة) التي من أرض خيبر (وفدك، وما بقي من خمس

(1) في الأصول كلمة غير واضحة. ولعلها: لسد.

(2)

"المفهم" للقرطبي 11/ 90 وتمام كلامه: قال الخطابي: لعل عثمان تأوّل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطعم الله نبيًا طُعمة فهي للذي يقوم من بعده"، فلما استغنى عثمان عنها بماله، جعلها لأقربائه.

قلت - القرطبي-: وأولى من هذا: أن يقال: لعل عثمان دفعها له على جهة المساقاة، وخفي وجه ذلك على الراوي، فقال: أقطع. والله تعالى أعلم. انتهى.

(3)

"الكاشف" 2/ 83 (4192).

(4)

"الكاشف" 2/ 79 (3700).

ص: 623

خيبر) قال الماوردي في "الأحكام السلطانية": صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم محصورة؛ لأنه قبض عنها فتعينت؛ أحدها: أول أرض ملكها بوصية مخيريق اليهودي وكان حبرًا من بني النضير آمن يوم أحد، وكان له سبع حوائط، أسلم ثم وصى بها، وقاتل معه حتى قتل.

الثانية: أرضه من أموال بني النضير بالمدينة كما تقدم.

الثالثة والرابعة والخامسة: ثلاثة حصون من أرض خيبر كما تقدم.

السادسة: النصف من فدك لما فتح خيبر كما تقدم.

السابعة: الثلث من أرض وادي القرى العرينية (1) كما تقدم.

الثامنة: موضع سوق بالمدينة يقال له: مهزور (2)، أستقطعه مروان (3) من عمر فنقم الناس لأجله عليه، فاحتمل أن يكون إقطاع تضمين لا تمليك ليكون له في الجواز وجه.

(قالت عائشة رضي الله عنها: فقال أبو بكر صلى الله عليه وسلم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة) لا إرث؛ لأن الأنبياء لا تورث (وإنما يأكل آل محمد في هذا المال -يعني: مال الله) الذي تركه رسول الله

(1) في الأصل (ع) القريضة وفي (ل) من غير نقط فهي محتملة لكل الوجوه السابقة وقد سبق أن بينا أن الراجح فيها: العربية.

(2)

في الأصلين (ل) و (ع) من غير نقط فاحتملت ومَهْزُوْرٍ ومَهْرُوْب. قال الحميري في "الروض المعطار" 1/ 560: الأولى منه زاي معجمة وآخره راء مهملة. وانظر: "معجم البلدان" 5/ 234.

(3)

في "الروض المعطار" الموضع السابق: فأقطعه عثمان رضي الله عنه الحارث بن الحكم أخا مروان بن الحكم، وأقطع مروان فدك. وانظر: ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة للحازمي بَابُ: مَهْزُوْلٍ، ومَهْزُوْرٍ ومَهْرُوْذٍ.

ص: 624

- صلى الله عليه وسلم صدقة (ليس لهم أن يزيدوا على المأكل) بفتح الميم والكاف وفي معناه: المشروب والملبوس وما يحتاجون إليه كما كان لهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[2970]

(حدثنا حجاج بن أبي يعقوب)[واسمه يوسف الثقفي](1) الظالم (2). [قال الأعمش](3): أخرج له البخاري (4) سمعته يقول: السورة التي يذكر فيها البقرة (5)(6).

(حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري [أبو يوسف حجة ورع قال: (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد الزهري](7) العوفي أبو إسحاق المدني (عن صالح) بن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني

(1) هذا وهم والصواب أن اسم أبي يعقوب يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي الشاعر.

(2)

ليس هذا بالحجاج الظالم كما سيأتي.

(3)

هكذا في الأصل وسياق الكلام أن تتأخر بعد قوله: أخرج له البخاري.

(4)

اعتمد المؤلف على هذا القول في الحجاج على الذهبي في "الكاشف"(946) وقال ابن حجر في "التهذيب" 2/ 186: لم يقصد الشيخان وغيرهما الرواية عن الحجاج.

وقال في "التقريب"(1141): حجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير الشهير الظالم المبير وقع ذكره وكلامه في الصحيحين وغيرهما وليس بأهل أن يروى عنه.

(5)

انظر: "صحيح البخاري" برقم 1750.

(6)

هكذا جعل الشارح هنا حجاج بن أبي يعقوب هو الحجاج بن يوسف الظالم وهذا وهم بين، وكلاهما اسمه حجاج بن يوسف ويلقب بالثقفي. ولكن الثقفي الظالم هو ابن أبي عقيل ولد سنة 45 ومات سنة 95. وأما شيخ أبي داود فهو ابن أبي يعقوب مات سنة 259، فكيف يقول أبو داود في المبير: حدثنا وهو المولود سنة 202 والمتوفي سنة 275.

راجع "تهذيب التهذيب" 2/ 184 (387 و 388)، "التقريب"(1140 و 1141)، "الكاشف"(945 و 946).

(7)

سقط من (ر).

ص: 625

عروة) بن الزبير (أن عائشة أخبرته بهذا الحديث) المذكور.

(قال فيه: فأبى (1) أبو بكر) الصديق (رضي الله عنه عليها ذلك) الذي سألته (وقال: لست تاركًا شيئًا) مما (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به) كما عمل، والله (إني أخشى إن تركت شيئًا من أمره) وفعله صلى الله عليه وسلم (أن أزيغ) قال في "النهاية": أي (2) أجور وأعدل عن الحق وأميل عنه (فأما صدقته) صلى الله عليه وسلم التي (بالمدينة فدفعها عمر إلى علي والعباس رضي الله عنه) ليليا النظر فيها والعمل بأحكامها وأخذها ووجهها وصرفها في مواضعها، وعلى أن لا ينفرد أحدهما على الآخر بعمل (3) كما تقدم (فغلبه علي) أي: غلب علي العباس (عليها) أي: على أموال بني النضير والقيام على الولاية عليها والقيام بها، وكان العباس رأى عليًّا أقوى عليها وأصلح (4) بها فلم يعرض (5) له قسمتها فعبر الراوي عن تولية أمرها بالغلبة. قال القرطبي: وفي هذا بعد (6).

(وأما) أرض (خيبر وفدك فأمسكها)(7) كذا الرواية بالإفراد وهما شيئان كما في رواية مسلم (8): فأمسكهما، ويجوز أن يكون رد الضمير

(1) في (ر): وأنبأنا.

(2)

سقط من (ر).

(3)

سقط من (ر).

(4)

في (ر): أضلع.

(5)

في (ع): يعرف.

(6)

"المفهم" 3/ 571.

(7)

ورد بعدها في الأصل: نسخة: فأمسكهما.

(8)

(1759).

ص: 626

إلى كل واحد منهما وحذف أحدهما اختصارًا؛ لأنهما صارا كالشيء الواحد حين اختصا به، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ولم يقل آيتين ([عمر] وقال: هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا) معدتين (لحقوقه (1) التي تعروه) أي: تنزل به من الحقوق الواجبة والمندوبة، يقال: عروته واعتروته وعروته واعتروته إذا أتيته تطلب منه حاجة (2)(ونوائبه) جمع نائبة وهي الحوادث المهمات (وأمرهما) أي أمر القيام بهما يرجع (إلى من ولي الأمر) أي: أمر الخلافة من بعده.

(قال) الراوي: (فهما على ذلك إلى اليوم) يعني إلى يوم حدث الراوي بهذا الحديث؛ لأن عليًّا لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عمل عليه فيها في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي لم يتعرض لتملكها ولا لقسمة شيء منها، ثم كانت بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد ابن الحسين، ثم بيد عبد الله بن الحسن، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره البرقاني في "صحيحه". وهؤلاء كبراء أهل البيت لم يرو عن واحد منهما أنه تملكها ولا ورثها (3).

[2971]

(حدثنا محمد بن عبيد) بن حسان العنبري شيخ مسلم (حدثنا) محمد (بن ثور [الصنعاني العابد قال عنه أبو حاتم: الفضل

(1) في (ر) لحوقه.

(2)

سقط من (ر).

(3)

"عمدة القاري" 22/ 212 نقلا عن القرطبي ثم قال: فلو كان ما يقوله الشيعة حقا لأخذها علي - رضي الله تعالى - عنه أو أحد من أهل بيته لما ولوها. انتهى. وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض 2/ 404.

ص: 627

والعبادة والصدق (1)(عن معمر عن الزهري في قوله)، (2):{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} تقدم.

(قال) الزهري: (صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك) وهي على ثلاثة أميال من المدينة [كما تقدم](3)، وكان قد صالح أهلها على نصف أرضها (و) صالح أهل (قرًى) منون أخر غيرها، فيه جواز صلح الإمام مع الكفار، وكان (قد سماها) من حدثه عنها: أسماءها و (لا أحفظها) الآن (وهو محاصر قومًا آخرين) يعني: أهل خيبر، فخافوه وصالحوه (فأرسلوا إليه بالصلح) على أن يحقن دماءهم ويحلوا له الأموال، فصالحهم على ذلك (فقال) الزهري: فذلك قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} أي: أفاء الله على رسوله من غير أن يوجفوا بخيل ولا ركاب (4).

(قال الزهري: يقول) الله في ذلك: يعني حصل هذا الفيء (بغير قتال) منهم، ولا قطعوا في تحصيله مسافة (وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وسلم خالصةٌ) أي: خاصة به دونهم يفعل فيها ما يشاء (ولم يفتحوها عنوة) بفتح العين أي: قهرًا وغلبة، وهو من عنا يعنو إذا ذل وخضع، والعنوة المرة منه كان المأخوذ بها يخضع ويذل للآخذ، ومنه العاني الأسير كقوله عليه السلام:"فكوا العاني". بل (افتتحوها على صُلح) ولكن الصلح أنتقض للنكث الذي نكثوه

(1)"الجرح والتعديل" 7/ 217، "الكاشف"(3760).

(2)

سقط من (ر).

(3)

سقط من (ر).

(4)

راجع "فتح الباري" 16/ 129 و 130).

ص: 628

فصارت عنوة (فقسمها النبي صلى الله عليه وسلم) وخمسها كذلك الذي نكثوه، وذلك أنهم صالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة -بسكون اللام- وهي السلاح عامًا، وقيل: هي الدرع خاصة وعلى أن يكون لهم ما يحملوه منه ما حملت ركابهم، وعلى أن لا يكتموا ولا يغيبوا (1) شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم فغيبوا (2) مسكًا لحيي بن أخطب كان فيه حليهم (3)، وكان قوم بعشرة آلاف دينار وهو ذخيرة من صامت كانت أو، في مسك حمل ثم في مسك ثور، والمسك الجلد وقسمها النبي صلى الله عليه وسلم (4)(بين المهاجرين) الذين هاجروا إلى المدينة، و (لم يعط الأنصار منها شيئًا إلا رجلين) وهما سهيل بن حنيف الأوسي، وأبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي (كانت بهما حاجة) وفقر [ذكراهما فأعطاهما، وذكر الواحدي وغيره ثالثا وهو الحارث بن الصمة، أعطي معهما](5)(6).

[2972]

(حدثنا عبد الله بن [الجراح) بن سعيد التميمي حافظ نيسابور وثقه النسائي وغيره وقال أبو زرعة: صدوق (7)(ثنا، (8) جرير) بفتح الجيم

(1) في (ر): يعينوا.

(2)

في (ع): فتغيبوا. وفي (ر): فيبغوا.

(3)

في (ر) خيلهم.

(4)

"سنن أبي داود" كتاب الخراج، باب مَا جَاءَ فِى حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَرَ.

(5)

سقط من (ر).

(6)

انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 297، و"الروض الأنف" 3/ 386، "تفسير السمعاني" 5/ 400 و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 11.

(7)

"تهذيب الكمال" 14/ 362.

(8)

من (ع).

ص: 629

وهو ابن حازم (1)(عن المغيرة) بن مقسم الضبي (قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان) بن الحكم [وهم عبد الملك بن مروان](2)(حين أستخلف) في سنة تسع وتسعين (فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له) نصف أرض (فدك، فكان ينفق منها) أي من غلتها على أهله (ويعود فيها)(3) أي: فيما يحصل منها (على صغير بني هاشم) بن عبد مناف؛ لأنهم أقاربه وبني عبد المطلب، فكيف بكبيرهم ومن هو أقرب منهم؟ (ويزوج منها) (4) أي فيما يحصل منه ما يحتاج إليه (أيمهم) بتشديد الياء هي في الأصل التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا مطلقة كانت أو متوفى عنها (وإن فاطمة) رضي الله عنها (سألته) أي: إياها (أن يجعله لها) منه شيء يختص بها (فأبى) امتنع من ذلك -رواية أن يجعله لها- (فكانت) الأرض من فدك (كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله) أي توفي، وأصل السبيل الطريق، فلما كان الميت إذا خرجت منه روحه وفارقته يذهب إلى لقاء الله سميت بذلك، فكأن الروح سافرت في طريق إلى الله فالموت سبيل الله (فلما أن ولي أبو بكر رضي الله عنه) الصديق الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمل فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وسلم (بها (في حياته حتى مضى لسبيله) رضي الله عنه (فلما أن ولي عمر) بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر (عمل فيها بمثل ما عملا) في أرض فدك

(1)"التقريب"(911)"الكاشف"(768).

(2)

هذا وهم أو فيه سقط؛ لأن عبد الملك بن مروان مات سنة ست وثمانين وعمر أستخلف سنة تسع وتسعين فكيف يجمعه عمر عند استخلافه.

(3)

ورد بعدها في الأصل: نسخة: منها.

(4)

ورد بعدها في الأصل: نسخة: فيه.

ص: 630

(حتى مضى لسبيله ثم أقطعها) مبني للمجهول (مروان) بن الحكم.

قال الخطابي وغيره: إنما أقطعها مروان في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكان ذلك مما عابوه وتعلقوا عليه به، وكان تأويله في ذلك -والله أعلم- ما بلغه من قوله عليه السلام في الحديث بعده في الباب:"إذا أطعم الله نبيّا طعمة فهي للذي يقوم من بعده" فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها وينفق على عياله قوت سنته، فإن ذلك من أهم المصالح ويصرف الباقي مصرف الفيء أسوة المال، فاستغنى عنها بماله فجعله لأقربائه ووصل بها أرحامهم (1). وهو مذهب الحسن وقتادة أن هذِه الأموال جعلها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم طعمة، ثم هي لمن ولي من بعده.

قال القرطبي: أولى من هذا أن يقال لعل عثمان دفعها له على جهة المساقاة وخفي ذلك على الراوي فقال: أقطعه (2). قال وفيه حجة لمن ذهب أن أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للأئمة بعده (3)(ثم صارت لعمر بن عبد العزيز) في أيام ولايته، ثم (قال: يعني عمر بن عبد العزيز فرأيت أمرًا) أي: شيئًا (منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ابنته (فاطمة) التي هي أحب الناس في رواية الترمذي وعنده أيضًا هي سيدة نساء أهل الجنة، وإذا منعها مع هذِه الفضيلة فإنه (ليس لي بحق) ولا يحل

(1)"معالم السنن" 3/ 253.

(2)

"المفهم" للقرطبي 11/ 90.

(3)

راجع "شرح السنة" 11/ 136، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (8/ 2 و 18/ 15 ونواسخ القرآن لابن الجوزي 2/ 18.

ص: 631

لي أن أتناول حقًّا لغيري (وإني أشهدكم أني) بفتح الهمزة (قد رددتها) أي: رددت حكم التصرف فيها والعمل بمصالحها (على ما كانت، يعني: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وعمر.

وفيه دليل على أن الحاكم إذا تغير اجتهاده عمل بالباقي إذا كان أحوط وإن كان أسهل عليه وأوسع فالصحيح امتناعه.

(قال [أبو داود]) المصنف (ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة) سنة تسع وتسعين وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فاجتنب أعمال أهل بيته وترك لعن أبي تراب (1) (وغلته) الغلة بفتح الغين المعجمة: الدخل الذي يحصل له من الزرع والتمر واللبن الإجارة والنتاج ونحو ذلك فقال (2) أغلت الضَّيعة بالألف إذا صارت ذا غلة (أربعون ألف دينار) وما زال ينفق منها في مصالح المسلمين وعلى الفقراء والمحتاجين ويتورع عن أموال بيت المال وهي تنقص إلى أن (توفي) سنة إحدى ومائة وكانت (3) خلافته ثلاثين (4) شهرًا (وغلته) التي تدخل إليه في كل سنة (أربعمائة دينار ولو بقي) في الخلافة أكثر من ذلك (لكان) غلة دخله (أقل) من ذلك، هكذا كانت الخلفاء الراشدين وأهل العلم المجتهدين، كما قيل: أنفذ الرشيد إلى مالك بن أنس خمسمائة دينار، فبلغ ذلك الليث بن سعد فأنفذ إليه ألف دينار فغضب الرشيد،

(1) انظر: "الكامل" لابن الأثير (2/ 363 و 364).

(2)

في (ر): فقد.

(3)

سقط من (ر).

(4)

في (ر): ثلاثون.

ص: 632

وقال: أعطه خمسمائة وتعطه ألف دينار وأنت من رعيتي فقال أمير المؤمنين إن لي كل يوم من غلتي ألف دينار، فاستحييت أن أعطي مثله أقل دخل يوم، وحكي أنه لم تجب عليه الزكاة مع أن دخله كل يوم ألف دينار فكان الخلفاء والحكام والقضاة إذا أعطوا الولاية وهم أغنياء لم يخرجوا منها إلا وهم فقراء، بعكس الحال في هذا الزمان فصاروا يتولون الولاية وهم فقراء، فلا يخرجون منها عن قليل إلا وهم أغنياء.

[2973]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن [الفضيل])(1) ابن غزوان الضبي (عن الوليد) بن عبد الله (بن جُمَيع) بالتصغير الزهري، أخرج له مسلم في الجهاد والنفاق (2) (عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة الليثي آخر من مات من الصحابة عام مائة (3) (قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما (تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم) قيل: سبب طلبها الميراث أنها تأولت الحديث إن كان بلغها على ماله فهو الذي لا يورث عنه لا ما يتركون من طعام ودابة وثياب وسلاح، وقيل: لم يكن الأمر كذلك؛ لأن نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها لهن مما ترك لا على سبيل الميراث، بل لحق كونهن محبوسات عن الأزواج بسببه، وكذلك اختصاصهن (4) بمساكنهن.

(1) في الأصل: الفصل. والتصويب من "السنن" ومن كتب التراجم، وانظر:"الكاشف"(5115)، "التقريب"(6227).

(2)

"تهذيب الكمال" 31/ 35، "التقريب"(7432).

(3)

"الإصابة" 7/ 230.

(4)

في (ر): اختصاص.

ص: 633

(فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبيًّا) من الأنبياء (طعمة)(1) بضم الطاء وهي شبه الرزق ما كان له من الفيء وغيره جمعها (طعم) كما في الحديث المتقدم في الفرائض أن "السدس الآخر طعمة" أي: أنه زيادة على حقه (فهي) إذا مات (للذي يقوم) في الأمر (من بعده) لم يقل بهذا إلا أبو ثور؛ فإنه قال: كان الصفي وهو شيء يختار من المغنم قبل القسمة كالجارية والثوب والسيف ونحوهما، فكان ثابتًا للنبي صلى الله عليه وسلم[في حياته، وهو من بعده يأخذه الإمام الذي يقوم من بعده نحو ما كان يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم](2).

قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا سبق أبا ثور إلى هذا القول (3).

وقال أكثر العلماء: إن ذلك انقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم (4).

[2974]

(حدثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي (عن مالك، عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (5)(عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقتسم ورثتي دينارًا ولا درهمًا) والدينار منصوب على التمييز. قال العلماء: هذا التقييد بالدينار والدرهم هو من باب التنبيه (6) به على ما سواه كما قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} (7) قالوا: وليس المراد بهذا اللفظ النهي؛ لأنه إنما

(1) في الأصل: طعمة. والمثبت الصواب.

(2)

سقط من (ر).

(3)

"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 8/ 13.

(4)

انظر: "الحاوي" للماوردي 8/ 391، "المغني" 7/ 303.

(5)

"التقريب"(3302).

(6)

في (ر) التشبيه.

(7)

آل عمران: 75.

ص: 634

ينهى عما يمكن وقوعه وإرثه صلى الله عليه وسلم غير (1) ممكن، وإنما هو بمعنى الإخبار، ومعناه: لا يقسمون شيئًا لأني لا أورث. هذا هو الصحيح المشهور من مذاهب العلماء في معنى الحديث، وبه قال جماهيرهم.

وحكى القاضي عن ابن علية وبعض أهل البصرة أنهم قالوا: إنما لم يورث لأن الله تعالى خصه أن جعل ماله كله صدقة. والصواب الأول. قال النووي: وهذا الذي يقتضيه سياق الحديث (2)(ما تركت) حذف منه العائد على الموصول وهو الهاء تقديره: الذي تركته (بعد) بضم الدال لا لأنه مقطوع عن الإضافة تقديره: ما تركته من بعدي هو (نفقة نسائي) يعني: يعزل منه مؤنة نسائي وما يحتاجون إليه كل سنة بسنتها (ومؤنة عاملي) يعني بالعامل: القائم على هذِه الصدقات والنظر فيها، وقيل: هو عامل المسلمين من خليفة وغيره؛ لأنه عامل للنبي صلى الله عليه وسلم ونائب عنه في أمته (فهو صدقة) عليهم لا إرث لهم كما تقدم.

(قال [أبو داود] المصنف: العامل: الأكار)(3) بتشديد الكاف، وهو الزراع، ومن حديث أبي جهل (4): لو غير أكار قتلني. من أكرت الأرض، أي: حفرتها، والأكرة الحفرة (5).

[2975]

(حدثنا عمرو بن مرزوق) الباهلي شيخ البخاري (6) (حدثنا

(1) سقط من (ر).

(2)

"شرح مسلم" للنووي 12/ 81.

(3)

في المطبوع: مؤنة عاملي يعني: أكرة الأرض.

(4)

يعني حديث قتل أبي جهل.

(5)

"النهاية" 1/ 143.

(6)

"التقريب"(5110)، "الكاشف" للذهبي (4228).

ص: 635

شعبة، عن عمرو بن مرة) الجملي بفتح الجيم [الميم](1) أحد الأعلام.

(عن أبي البختري)(2) بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة، اسمه سعيد بن فيروز الديلمي.

(قال: سمعت حديثًا من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي) قال (فأتى) بفتح الهمزة والتاء يعني: جاء (به مكتوبًا مذبرًا) بضم الميم وفتح الذال المعجمة والموحدة المشددة والراء.

قال في "النهاية"(3) ما معناه: أي متقنًا، والذابر المتقن، ويروى بالدال المهملة، وفي الحديث: أنا سمعته من معاذ يذبره عن رسول الله (4) صلى الله عليه وسلم، أي: يحدث به عنه. وقال ثعلب: إنما هو بالذال المعجمة (يتقنه مثل الزبر بالزاي كتبه)(5) يقال: زبرت (6) الكتاب أزبره إذا أتقنت كتابته. قال المنذري: والذبر بالذال المعجمة: الكتابة مثل الزبر بالزاي (7). والمزبر بكسر الميم: القلم (8). وكان الذي كتبه وذبره أنه (دخل العباس وعلي) رضي الله عنهما (على عمر) بن الخطاب وهو

(1) في الأصول: اللام. والمثبت كما في "الأنساب" للسمعاني 2/ 87.

(2)

هذا أسم يشبه النسبة. وانظر: "الأنساب" 1/ 294.

(3)

2/ 384.

(4)

"مسند أحمد" 36/ 323 (21998).

(5)

من (ل): الكتابة.

(6)

في (ع) زبر.

(7)

"تهذيب اللغة" مادة: ذبر 5/ 59.

(8)

"النهاية" لابن الأثير 2/ 406 وتمام العبارة: يقال زَبَرت الكتاب أزْبُره إذا أتْقَنت كتابَته.

ص: 636

الخليفة (وعنده طلحة) بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة (والزبير) بن العوام (وعبد الرحمن) بن عوف (وسعد) بن أبي وقاص (وهما يختصمان) في حال دخولهما فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من بني النضير.

(فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد) رضي الله عنهم (: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو (قال: كل مال) لله تعالى يصرف في مصالح المسلمين؛ لما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع وبرة من بعيره فقال: "ما يحل لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذِه إلا الخمس، وهو مردود عليكم". رواه سعيد (1)(النبي صدقة، إلا ما أطعمه أهله وكساهم) بالمعروف (إنا لا نورث) ما تركنا صدقة (قالوا: بلى) يا أمير المؤمنين.

(قال) الرجل: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق من ماله) الحاصل من أرض بني النضير (على أهله) ما يطعمهم به ويكسوهم (ويتصدق بفضله) بفضله أي بالفاضل عن أهله على من يرد عليه من الوفود ويجعله في الكراع والسلاح كما تقدم.

(ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوليها أبو بكر) أي ولي الخلافة من بعده وإن لم يتقدم للخلافة ذكر؛ لأنه من المعلوم (سنتين) ونصفًا، وقيل: وأربعة أشهر (فكان يصنع) في أرض بني النضير (الذي كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر شيئًا من حديث مالك بن أوس) بن الحدثان المتقدم.

[2976]

(حدثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن) محمد

(1)(2754).

ص: 637

ابن مسلم (بن شهاب، عن عروة) بن الزبير (عن عائشة أنها قالت: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم) عنهن تسع نسوة (أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه) أن يعطيهن (ثمنهن) الذي فرضه الله لهن (من) ميراث (النبي صلى الله عليه وسلم) إذ لم يبلغهن الحديث (فقالت لهن عائشة) رضي الله عنهن: (أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)"نحن معاشر الأنبياء"(لا نورث) وجمهور العلماء على [أن](1) جميع الأنبياء لا يورثون، وحكى القاضي عن الحسن البصري أنه قال: عدم الإرث مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى عن زكريا: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} وزعم أن المراد وراثة المال.

قال: ولو أراد وراثة النبوة لم يقل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} إذ لا يخاف الموالي على النبوة.

ولقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} .

والصواب قول الجمهور، والمراد بقصة زكريا وداود [وراثة](2) النبوة [وليس المراد حقيقة الإرث بل قيامه مقامه وحلوله محله (ما تركنا فهو صدقة)](3) وهذِه الرواية مبينة للرواية المتقدمة (4).

[2977]

(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد (بن فارس) الذهلي (5)(حدثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي الزبيري

(1) سقط من الأصول وأثبتها من "شرح مسلم" للنووي 12/ 81.

(2)

سقط من الأصول وأثبتها من "شرح مسلم" للنووي 12/ 81.

(3)

سقط من (ر).

(4)

"شرح مسلم" للنووي 12/ 81.

(5)

"التقريب"(6387).

ص: 638

المدني (1)(2).

(حدثنا حاتم بن إسماعيل) الكوفي سكن المدينة (3).

(عن أسامة بن زيد) الليثي، أخرج له مسلم (4).

(عن ابن شهاب) الزهري (بإسناده) المذكور (نحوه) وزاد (قلت ألا تتقين الله) تعالى؟ (ألم تسمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة؟ ) فيه ما تقدم (وإنما هذا المال) المخلف من بعدي (لآل محمد) الأكثر على أنهم أهل بيته.

قال الشافعي: آل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة وعوضوا منها الخمس (5). يعني: وكذا أزواجه (لنائبتهم) يعني لما ينوبهم وينزل بهم من المهمات والحوادث من نابه الشيء إذا قصده مرة بعد أخرى (ولضيفهم) الذي ينزل بهم ويستحق القرى (فإذا مت فهو لمن ولي الأمر من بعدي) فيه ما تقدم.

(1)"التقريب"(168).

(2)

زاد بعدها هنا: عن ابن شهاب الزهري. ويأتي بعد.

(3)

"التقريب"(994).

(4)

"الكاشف"(263) وقال: قال الحاكم: روى مسلم نسخة لابن وهب عن أسامة أكثرها شواهد أو يقرنه بآخر قال النسائي وغيره: ليس بالقوي.

(5)

"الأم" 2/ 81، "الحاوي" 8/ 538.

ص: 639