الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - باب في الحِلْفِ
2925 -
حدثنا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا محَمَّدُ بْنُ بِشْبر وابْنُ نُمَيْر وَأَبُو أُسامَةَ، عَنْ زَكَرِيّا، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا حِلْفَ في الإِسْلامِ وَأَيُّما حِلْفٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلامُ إِلَاّ شِدَّةً"(1).
2926 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا سُفْيان، عَنْ عاصِمٍ الأحوَلِ قالَ: سَمِعْت أَنَسَ ابْنَ مالِكٍ يَقُولُ: حالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المُهاجِرِينَ والأَنْصارِ في دارِنا. فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا حِلْفَ في الإِسْلام؟ ". فَقال: حالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المُهاجِرِينَ والأنصارِ في دارِنا. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا (2).
* * *
باب في الحلف
الحلف بكسر الحاء وسكون اللام هو الذي يفعل في الجاهلية (3).
[2925]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر و) عبد الله (ابن نمير) الهمداني (4). (وأبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي.
(عن زكريا) بن أبي زائدة الهمداني الأعمى.
(عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
(1) رواه مسلم (2530).
(2)
رواه البخاري (2294)، ومسلم (2529).
(3)
انظر: "فتح الباري" 4/ 473، "النهاية" لابن الأثير 1/ 1033.
(4)
الهمداني: بفتح الهاء وسكون الميم والدال المهملة، هي منسوبة إلى همدان، وهي قبيلة من اليمن، نزلت الكوفة. "الأنساب" 5/ 647.
الزهري. (عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف) بكسر المهملة وسكون اللام.
في الإسلام) وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام بعد نسخ التوارث" أي: لا يتحالف أهل الإسلام كما كان أهل الجاهلية يتحالفون، وذلك أن المتحالفين كانا يتناصران في كل شيء، فيمنع الرجل حليفه وإن كان ظالمًا، ويقوم دونه، ويدفع عنه بكل ممكن، فيمنع الحقوق وينتصر به على الظلم والبغي والفساد، ولما جاء الشرع بالانتصاف من الظالم وأنه يؤخذ منه ما عليه من الحق ولا يمنعه أحد من ذلك، وحدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحدود وبين الأحكام، وأبطل ما كانت الجاهلية عليه من ذلك ونفى التعاقد والتحالف على نصرة الحق والقيام، وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجابًا عامًّا على من قدر عليه من المكلفين. قاله القرطبي (1).
(وأيما حلف) مجرور بالإضافة تقديره: وأي حلف (كان) أي حدث ووجد فهي كان التامة.
في الجاهلية) يعني: أي حلف وقع في أيام الجاهلية بالقيام بنصرة الحق والمواساة وصدق المحبة في الله تعالى ودخل الإسلام عليه (لم يزده الإسلام إلا شدة) تأكيد وتقوية، وهذا كنحو حلف الفضول الذي ذكره ابن إسحاق (2) وغيره (3)، قال: اجتمعت قبائل من قريش في دار
(1)"المفهم" 21/ 40، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 10/ 151.
(2)
"سيرة ابن هشام" 1/ 133.
(3)
انظر: "عيون الأثر" 1/ 67، و"الروض الأنف" 1/ 241.
عبد الله ابن جدعان لشرفه ونسبه فتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا إلا قاموا معه حتى يرد عليه مظلمته سواء كان من مكة أو غيرها فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول أي: حلف الفضائل، والفضول هنا جمع فضل للكثرة كفلس وفلوس.
وروى ابن إسحاق عن ابن شهاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو ادعي به في الإسلام لأجبت"(1).
[2926]
(حدثنا مسدد، حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عاصم الأحول قال: سمعت أنس بن مالك يقول: حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار) لفظ مسلم (2): بين قريش والأنصار. أي: آخى بينهم. والمؤاخاة: مفاعلة من الأخوة، ومعناها: أن يتعاقد الرجلان على التناصر والمواساة والتوارث حتى يصير كالأخوين نسبًا، وكان ذلك أمرًا معروفًا في الجاهلية معمولًا به عندهم، ولم يكونوا يسمونه إلا حلفًا (3).
قال القرطبي: ولما جاء الإسلام عمل النبي صلى الله عليه وسلم به وورثه على ما حكاه أهل السير، وذلك أنهم قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه مرتين بمكة قبل الهجرة وبعد الهجرة (4).
قال ابن عبد البر: والصحيح عند أهل السير والعلم بالآثار والخبر
(1)"السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 133.
(2)
(2529).
(3)
و (4)"المفهم" للقرطبي 21/ 38.
في المؤاخاة التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار حين قدومه إلى المدينة بعد بنائه المسجد على المواساة والمساعدة على سائر الحق، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات، كما تقدم (1).
في دارنا) وفي رواية مسلم (2): في داري التي بالمدينة، وفي رواية: في داره. وهكذا قال البخاري (3) في داري، ولم يقل: في داره.
(فقيل له: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام؟ ! ) الحلف الذي ورد النهي عنه في الإسلام ما كان منه في الجاهلية على التعاضد في الفتن والشرور والقتال بين القبائل والغارات، كما يقع في هذا الزمان كما بين العربان والفلاحين على محاربة الأعداء من المسلمين المؤمنين وعلى سفك دمائهم وأخذ أموالهم، وربما يقع ذلك في الأشهر الحرم وغيرها (4).
(فقال) أنس (حالف) أي: آخى (رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا) التي بالمدينة.
(مرتين أو ثلاثًا) شك من الراوي، وهذِه الزيادة ليست في الصحيحين.
* * *
(1)"المفهم" للقرطبي 21/ 38.
(2)
الحديث في "صحيح مسلم"(2529 و 2530) وليس فيه هذِه اللفظة، وإنما الذي فيه: في داره.
(3)
(2294، 6083، 7340).
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 16/ 82، "النهاية" 1/ 1031، "عمدة القاري" 35/ 452.