الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - باب في النَّهْي أنْ تُصْبَرَ البهائِم والرِّفْق بِالذَّبِيحَةِ
2815 -
حدثنا مُسْلِم بْن إِبْراهِيمَ، حدثنا شعْبَةُ، عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ، عَنْ أَبي قِلابَةَ، عَنْ أَبي الأشعَثِ، عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ قال: خَصْلَتانِ سَمِعْتهُما مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ كتَبَ الإِحْسانَ عَلَى كُلِّ شَيء فَإِذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا -قال: غَير مُسلِمٍ يَقولُ: - فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وِإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ"(1).
2816 -
حدثنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسيُّ، حدثنا شعْبَةُ، عَنْ هِشامِ بْنِ زَيْدٍ قال: دَخَلْت مَعَ أَنَسٍ عَلَى الحَكَمِ بْنِ أَيّوبَ فَرَأى فِتْيانًا أَوْ غِلْمانًا قَدْ نَصَبُوا دَجاجَةً يَرمونَها، فَقالَ أَنَسٌ: نَهَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ البَهائِم (2).
* * *
باب في الرفق بالذبيحة
[2815]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي (حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء (3) عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي (عن أبي الأشعث) شراحيل بن آده (4) الصنعاني.
(عن شداد بن أوس) بن ثابت الأنصاري النجاري بن أخي حسان بن ثابت خطيب الأقصى رضي الله عنه.
(1) رواه مسلم (1955).
(2)
رواه البخاري (5513)، ومسلم (1956).
(3)
ساقطة من الأصول، والمثبت من مطبوع "السنن".
(4)
شراحيل بن آده بالمد وتخفيف الدال، أبو الأشعث الصنعاني، ويقال: آده جد أبيه وهو ابن شرحبيل بن كليب، ثقة. "التقريب"(2761).
(قال: خصلتان) لفظ مسلم: ثنتان حفظتهما بكسر الفاء، كما قال تعالى {وَحَفِظْنَاهَا} (1) (سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى كتب الإحسان على) فعل (كل شيء) إنما أمر به وعلى بمعنى في، والإحسان هنا بمعنى الإكمال، فحق على من شرع في شيء أن يأتي على غاية كماله وآدابه المصححة والمكملة، فإذا فعل ذلك قبل عمله وكثر ثوابه (فإذا قتلتم فأحسنوا، [قال] (2) غير) بالرفع (مسلم) بن إبراهيم الأزدي (يقول: ) فإذا قتلتم (فأحسنوا القتلة) بكسر القاف، وهي الحالة والهيئة من القتل، يقال: قتله قتلة سوء، يعني: على هيئة قبيحة (وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح) بفتح الذال بغير هاء، وفي رواية للنسائي:"فأحسنوا الذبحة"(3). بكسر الذال وبالهاء، كالقبلة وهي الهيئة والحالة أيضًا.
وهذا الحديث عام في كل ذبح [من الذبائح](4)، وقتيل ساغ قتله من قصاص أو حد ونحو ذلك، وهو من الأحاديث الجامعة للقواعد والفوائد الكثيرة، فمن جملة الإحسان الذي كتبه الله إحسان الذبح والقتل والضرب ونحو ذلك، ومنه:(وليحد) بضم الياء، يقال: أحد السكين وحددها واستحدها بمعنىً (أحدكم) أي: كل واحد من الذابحين (شفرته) بفتح الشين، وسكون الفاء، هي السكينة العريضة، أن أنسًا كان شفرة القوم
(1) الحجر: 17.
(2)
سقطت هذِه الكلمة من الأصل، وأثبتها من نسخ "السنن".
(3)
"سنن النسائي"(4405).
(4)
سقط من (ر).
في سفرهم (1). أي: أنه كان خادمهم الذي يخدمهم ويكفيهم مهنتهم، شبه بالشفرة؛ لأنها تمتهن في قطع اللحم وغيره (2) فيه استحباب تحديد السكين التي للذبح والسيف الذي يضرب به الرقاب ونصل السهام التي يرمى الصيد بها، ويدخل فيه رمي العدو بها؛ لأن الله كتب الإحسان على كل شيء، ولو من كافر وحيوان غير محترم، ومحل استحباب تحديد الشفرة إذا كانت تقطع بلا حديد، أما لو كانت تقطع إلا بشدة تحامل الذابح عليها فيحرم الذبح بها، ولا يحل المذبوح، قاله الأذرعي، والذي قاله النووي وغيره أنه لو ذبح بسكين كآلة، كره وحلت الذبيحة، ويستحب إمرار السكين بقوة وتحامل ذهابًا وإيابًا، ورأى (3) عمر رجلًا قد وضع رجله على شاة وهو يحد السكين فضربه حتى أفلت الشاة (4).
(وليرح ذبيحته) بإحداد السكين وتعجيل إمرارها بقوة ليسرع موتها فتستريح من ألمه.
[2816]
(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي) نسبة إلى
(1) ذكره ابن قتيبة في "غريب الحديث" 2/ 398، وابن الجوزي في "غريب الحديث" 1/ 549، وابن الأثير في "النهاية" 2/ 484.
(2)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 3/ 370.
(3)
من (ل).
(4)
"المجموع" 9/ 81، وأخرج عبد الرزاق برقم (8605) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: رأى عمر بن الخطاب رجلًا يسحب شاة برجلها؛ ليذبحها، فقال له:"ويلك قدها إلى الموت قودا جميلا". وبرقم (8610) عن الأسلمي، عن صفوان ابن سليم قال: كان عمر بن الخطاب ينهى أن تذبح الشاة عند الشاة.
الطيالسة التي تجعل على العمائم (1)، أصله من فارس، وسكن البصرة (حدثنا شعبة، عن هشام بن زيد) بن أنس بن مالك (قال: دخلت مع) جدي (أنس) بن مالك رضي الله عنه (على الحكم بن أيوب) أمير البصرة من جهة الحجاج بن يوسف (2) الثقفي (فرأى فتيانًا) بكسر الفاء جمع لفتىً كأخ وإخوان (أو غلمانًا) شك من الراوي (قد نصبوا) أي رفعوا، كما تقدم في الصلاة: لا ينصب رأسه. أي: لا يرفعه (دجاجة) بفتح الدال أرجح من كسرها (يرمونها) بالنبل، ولمسلم في رواية: يترامونها (3). (فقال: أنس) بن مالك (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر) أي: تحبس حية لتقتل بالرمي، وأصل الصبر الحبس، وكل من حبس شيئًا عن الحركة فقد صبره، ومنه قيل للرجل يقدم فيضرب عنقه: قتل صبرًا. أي: أمسك للموت (البهائم) سميت بذلك لأنها لا تتكلم، وفي معناها الطير، قال ابن المنذر: قال أحمد وإسحاق: لا تؤكل المصبورة والمجثمة. قال غيره: لا أعلم أحدًا من العلماء أجاز أكل المصبورة، وكلهم يحرمها؛ لأنه لا ذكاة في المقدور عليه إلا في الحلق واللبة.
قال المهلب: هذا إنما هو نهي عن العبث في الحيوان وتعذيبه في غير مشروع، وإنما كره العبث لحديث شداد المذكور قبله:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء".
* * *
(1) انظر: "الأنساب" 4/ 91.
(2)
في (ر): يونس.
(3)
"صحيح مسلم"(1958/ 59).