الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب ما جاءَ في ذَكاةِ الجَنِينِ
2827 -
حدثنا القَعْنَبيّ، حدثنا ابن المُبارَكِ، ح وَحَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجالِدٍ، عَنْ أَبي الوَدّاكِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ قالَ: سَألتُ رَسولَ اللهِ، عَنِ الجَنِينِ فَقالَ:"كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ" وقالَ مُسَدَّد: قلْنا: يا رَسُولَ اللهِ نَنْحَرُ النّاقَةَ وَنَذْبَحُ البَقَرَةَ والشّاةَ فَنَجِدُ في بَطْنِها الجَنِينَ أنلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ قالَ: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكاتَهُ ذَكاةُ أُمِّهِ"(1).
2828 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن يحيى بْنِ فارِسٍ، حَدَّثَني إِسْحاقُ بْنُ إِبْراهِيمَ بْنِ راهَوَيْهِ، حدثنا عَتّابُ بْن بَشِيرٍ، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْن أَبي زِيادٍ القَدّاحُ المَكّيُّ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"ذَكاةُ الجَنِينِ ذَكاةُ أُمِّهِ "(2).
* * *
باب ما جاء في ذكاة الجنين
[2827]
(حدثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، حدثنا) عبد الله (ابن المبارك ح وحدثنا مسدد، حدثنا هشيم) كلا ابن المبارك وهشيم (عن مجالد) بتخفيف الجيم بن سعيد الهمداني الكوفي، أخرج له مسلم (عن أبي الودَّاك) بتشديد الدال وهو جَبر بفتح الجيم (3) بن نوف
(1) رواه الترمذي (1476)، وابن ماجه (3199)، وأحمد 3/ 31، 39، 53.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2516).
(2)
رواه الدارمي 2/ 1260 (2022)، وأبو يعلى 3/ 343 (1858)، والحاكم 4/ 114، والبيهقي 9/ 334.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2517)، وفي "الإرواء"(2539).
(3)
في (ر) الميم.
البكالي، أخرج له مسلم أيضًا (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه (قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) أكل (الجنين) وهو وصف للولد ما دام في بطن أمه مستورًا؛ فإنه سمي بذلك لاستتاره جمع أجنة مثل دليل وأدلة (فقال: كلوه إن شئتم) أكله.
(وقال مسدد) في روايته (قلنا: يا رسول الله) إنا (ننحر الناقة ونذبح البقرة) فيه أن نحر الإبل وذبح البقر كان من الأشياء المعلومة عندهم في الشرع (والشاة) تذبح (فنجد في بطنها الجنين) ميتًا، الجنين منصوب بفعل محذوف تقديره: ونجد في بطنها الجنين ويكثر حذف الفعل في جواب الاستفهام نحو {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} : ليقولون خلقهم الله {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} .
(أنلقيه أم نأكله. قال: كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه) ورواه في "الموطأ" موقوفًا. وقال ابن عدي: اختلف في وقفه، ورفعه عن نافع ثم قال: ورواه أيوب وعدد جماعة، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا، وهو الصحيح ولفظ الموطأ عن ابن عمر أنه كان يقول: إذا ذبحت الناقة فذكاة ما في بطنها ذكاتها إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره فإذا خرج من بطن أمه ذبح حتى يخرج الدم من جوفه (1)، وروى الحاكم (2) والطبراني في "الأوسط" (3) عن ابن عمر مرفوعًا: "إذا أشعر الجنين
(1) أخرجه مالك في "الموطأ" برواية الشيباني (650) وبرواية يحيى الليثي (1045) موقوفا.
(2)
"المستدرك" 4/ 128.
(3)
"الأوسط" 8/ 26 (7856).
فذكاته ذكاة أمه".
(ذكاة أمه) بالرفع ويجوز النصب (1) كما سيأتي في الحديث بعده، وفي هذا الحديث حجة للشافعي ومالك وأحمد والجمهور على أن من ذبح شاة أو بقرة أو نحر ناقة فوجد في بطنها جنينًا ميتًا فإنه يحل أكله ولم يحرم. ووجه الدليل منه أنه حلل جواز الأكل الذي سئل عنه بأن ذكاة الأم تتنزل منزلة ذكاة الجنين في كل أكلة حكمًا لا جنسا ويقوم مقامه فلا يحتاج إلى ذبحه؛ لأن الجنين متصل بها في حالة الذبح لأنه داخل جوفها، واتصاله بها اتصال خلقة يتغذى بغذائها فتكون ذكاته ذكاتها؛ لأنه تابع لها كما تتبعها أعضاؤها (2).
(1) قال الزرقاني في شرحه على "الموطأ" 3/ 111: وهو برفع ذكاة في الموضعين مبتدأ وخبر أي ذكاة أمه ذكاة له وروي بالنصب على الظرفية كجئت طلوع الشمس أي: وقت طلوعها أي ذكاته حاصلة وقت ذكاة أمه قال الخطابي وغيره: ورواية الرفع هي المحفوظة.
وقال ابن الأثير في "النهاية" 2/ 411: ويُرْوى هذا الحديث بالرفعِ والنصبِ فمن رَفَعَه جَعَلَه خَبَرَ المبتدأ الذي هو ذكاةُ الجَنينِ فتكونُ ذكاةُ الأم هي ذكاةُ الجَنين فلا يحتاجُ إلى ذبْحِ مُسْتَأنَفِ ومن نَصَبَ كان التقديرُ ذكاةُ الجنين كذكاةِ أُمِّه فلما حُذِفَ الجازُ نُصِبَ أو على تقدير يُذكَّى تَذْكِيَة مِثل ذكاةِ أمه فحذَفَ المصدر وصفَتَه وأقامَ المضاف إليه مُقامه. ومنهم مَن يَرْوِيه بنصب الذَّكاتَين: أي ذكُّوا الجنين ذكاةَ أُمّه. لكن قال ابن "القيم في حاشيته على "السنن": وقوله في بعض ألفاظه فإن ذكاته ذكاة أمه مما يبطل تأويل من رواه بالنصب وقال ذكاة الجنين كذكاة أمه. انتهى. لكن قدره ابن مالك في رواية النصب ذكاة الجنين في ذكاة أمه وهو الموافق لرواية الرفع المشهورة.
(2)
انظر: "شرح السنة" 11/ 229 واختلاف العلماء لابن هبيرة 2/ 353، "الإجماع" لابن المنذر (12).
قال الشيخ أبو إسحاق بعدما ذكر عن الحنفية في استدلالهم بالحديث على ما ذهبوا إليه أن الجنين لا يحل أن يؤكل (1) فإن قيل: إن المراد مثل ذكاة أمه كقوله تعالى {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} أراد مثل عرضها فقال هذا الحديث يسقط ما ذكروه؛ ولأن ما جاز أن يتبع الآدمية في العتق جاز أن يتبع البهيمة في الذكاة حكم الأعضاء، وما جاز أن يتبع الأصل في البيع جاز أن يدخل معه في الذبح كالأعضاء.
قال علماؤنا: الجنين يجري من الأم مجرى الأطراف، ولا خلاف أن الأطراف لا تفرد بالذكاة، والدليل على أنه يجري مجرى الأطراف أنه يتبع الأم في الرق والحرية والبيع والوصية، ولا يجوز إفراده بالبيع كسائر الأطراف (2).
[2828]
(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي؛ شيخ البخاري (ابن فارس، حدثني إسحاق بن إبراهيم بن راهويه) بن مخلد، أخرج له البخاري (حدثنا عتاب) بتشديد المثناة فوق (بن بشير) بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة يقال: مولى بني أمية الحراني، أخرج له البخاري تعليقا (حدثنا عبيد الله) بالتصغير (بن أبي زياد القداح) بفتح القاف وتشديد الدال المهملة، قال ابن عدي: لم أر له شيئًا منكرًا (3)(المكي، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس (عن جابر بن عبد
(1) هذِه الكلمة مطموسة في الأصل وهي تشبه أن تكون كذلك فأثبتها والله أعلم بالصواب. وانظر: "اللباب" 2/ 624.
(2)
"الأشباه والنظائر" للسبكي 2/ 166.
(3)
"الكامل" 5/ 528.
الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذكاة الجنين ذكاة أمه) قال في "النهاية": يروى هذا الحديث بالرفع بالرفعِ والنصبِ فمن رَفَعَه جَعَلَه خَبَرَ المبتدأ الذي هو ذكاة الجنين فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف، انتهى (1).
ومن نصب وهم الحنفية كان التقدير: كذكاة أمه أو مثل ذكاة أمه فهو على التشبيه والتمثيل فلما حذف الجار نصب، أو لما حذف المضاف أقيم المضاف مقامه (2).
قالوا: وهذا غير بعيد؛ فإن القائل يقول: أبو يوسف أبو حنيفة، أي: كأبي حنيفة أو مثل أبي حنيفة، وقد قال الشاعر:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها (3)
[أي مثل عينيها ومثل جيدها (4) وأجيب هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يعد حل الميت بخلاف الحي وإنما تصدى لبيان حكم الميت بقوله: ذكاة الجنين ذكاة أمة فلابد له من فائدة عظيمة. قال ابن الأثير: ومنهم من يرويه بنصب الذكاتين أي: ذكوا الجنين ذكاة أمه (5)، انتهى. فتكون ذكاة الأول بدل من فعل الأمر كقول الشاعر:
فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالب (6)
(1)"النهاية" 2/ 411.
(2)
السابق.
(3)
"ديوان مجنون ليلي"(ص 84).
(4)
انظر: "المبسوط" 12/ 11.
(5)
"النهاية" لابن الأثير 2/ 411.
(6)
البيت أنشده سيبويه في "الكتاب"(ص 24). وتمامه: =
(1)
الفعل لئلا يجمع بين البدل والمبدل منه وهو ممتنع في مواضع] (2).
* * *
=على حين ألهى الناس جل أمورهم
…
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
وأما معناه: فزريق قبيلة. وقوله: (ندلًا) مصدر، يقول: اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذباً، يقال: ندل الرجل الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب (ندلاً) بفعل مضمر وهو (أندلي) وهذا في الأمر، تقول: ضرباً زيداً، وشتما عبد الله؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر وقوله:(ندل الثعالب) يريد سرعة الثعالب، يقال في المثل:(أكسب من ثعلب).
انظر: "الكامل" للمبرد 1/ 150.
(1)
في الأصل كلام غير واضح ويصلح لهذا المعني أن يكون: تعريفا لقوله: ندلا على نحو ما ذكرنا في الفقرة السابقة، ثم قال: بحذف الفعل.
(2)
هذِه الفقرة غير واضحة في (ل) وهي ساقطة من (ر).