الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - باب في الوَلاءِ
2915 -
حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قال: قُرِئَ عَلَى مالِكٍ وَأَنا حاضِرٌ: قالَ مالِكٌ: عَرَضَ عَلَيَّ نافِعٌ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَرادَتْ أَنْ تَشْتَريَ جارِيَةً تَعْتِقُها، فَقالَ أَهْلُها: نَبِيعُكِها عَلَى أَنَّ وَلاءَها لَنا. فَذَكَرَتْ عائِشَةُ ذاكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "لا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ"(1).
2116 -
حدثنا عُثْمانُ بْن أَبي شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعُ بْنُ الَجرّاحِ، عَنْ سُفْيانَ الثَّوْريِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الوَلاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ وَوَليَ النِّعْمَةَ"(2).
2117 -
حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبي الَحجّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الوارِثِ، عَنْ حُسَيْنٍ الُمعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رِئابَ بْنَ حُذَيْفَةَ تَزَوَّجَ امْرَأة فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلاثَةَ غِلْمَةٍ، فَماتَتْ أُمُّهمْ فَوَرِثُوها، رِباعَها وَوَلاءَ مَوالِيها وَكانَ عَمْرُو بْنُ العاصِ عَصَبَةَ بَنِيها فَأَخْرَجَهُمْ إِلَى الشّامِ فَماتُوا، فَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ العاصِ وَماتَ مَوْلًى لَها وَتَرَكَ مالاً لَة فَخاصَمَة إِخْوَتُها إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ فَقالَ عُمَرُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما أَحْرَزَ الوَلَدُ أَوِ الوالِدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كانَ " .. قال: فَكَتَبَ لَة كِتابًا فِيهِ شَهادَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ وَرَجُلٍ آخَرَ فَلَمّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الَملِكِ اخْتَصَمُوا إِلَى هِشامِ بْنِ إِسْماعِيلَ أَوْ إِلَى إِسْماعِيلَ بْنِ هِشامٍ فَرَفَعَهُمْ إِلَى عَبْدِ الَملِكِ، فَقال: هذا مِنَ القَضاءِ الذي ما كنْتُ أَراهُ. قال: فَقَضَى لَنا بِكِتابِ عُمَرَ بْنِ الَخطّابِ فَنَحْن فِيهِ إِلَى السّاعَةِ (3).
* * *
(1) رواه البخاري (2156، 6759)، ومسلم (1504).
(2)
رواه البخاري (1493، 2536)، ومسلم (1504).
(3)
رواه ابن ماجه (2732). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2590).
باب في الولاء
[2915]
(حدثنا قتيبة بن سعيد [قال: قرئ على مالك وأنا حاضر] (1) قال مالك) (2) بن أنس إمام دار الهجرة (عرض) أي: قرأ (علي نافع (3) عن ابن عمر أن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين أرادت أن تشتري جارية) وهي بريرة، وكانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها وأرادت أن تشتري جارية (تعتقها) بضم أوله وكسر ثالثه، ليعتق الله بكل عضو منها عضوًا من النار (4).
(فقال أهلها: نبيعكها) بكسر كاف خطاب المؤنث (على) شرط (أن ولاءها) بالمد يكون (لنا) يعني كما كان الحكم عندهم في الجاهلية وكانوا ينقلون الولاء من شخص آخر بالبيع والهبة ونحوها فجاء الشرع بدفع ذلك والنهي عنه (فذكرت عائشة) ذلك (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا يمنعك ذلك) بكسر الكاف فيهما من شراء الجارية (فإن) ما (الولاء) مأخوذ من الولي بسكون اللام مع فتح الواو وهو القرب وهو نسب يورث به ولا يورث، ولا ينتقل عن مستحقه؛ لأنه لحمة كلحمة النسب (5) (لمن
(1) ليست في النسخ، والمثبت من مطبوع "السنن".
(2)
في نسخة "معالم السنن"، "عون المعبود" ومطبوع "السنن" طبعة المكنز: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَى مَالِكٍ وَأَنَا حَاضِرٌ قَالَ مَالِكٌ: عَرَضَ عَلَى نَافِعٌ
…
الخ. وعلى هامش نسخة عوامة إثبات الخلاف بين نسخ أبي داود في هذا السند فليراجع.
(3)
في بعض نسخ "السنن" عَرْضٌ عن نافع. وفي حاشيتها: على. وفي بعضها: عرض عليَّ. والأقرب للصواب أن تكون عرض عن نافع. راجع نسخة عوامة (2907).
(4)
هذا معنى حديث أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة برقم (6715).
(5)
هذا معنى حديث أخرجه الدارمي (3159)، وابن حبان 11/ 325، "المستدرك" 4/ 341 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
أعتق) فمن أعتق عبدًا تطوعًا أو نذرًا نذره أو حلف أن يعتقه، أو أعتقه في كفارة وجبت عليه أو كتابة فأدى، أو أعتق عليه بحكم لزمه، أو على جعل جعله، أو أعتقه عنه غيره، أو عتق عليه لقرابة بينه وبينه، فالولاء في ذلك كله للمعتق (1).
[2916]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع بن الجراح، عن سفيان) بن سعيد (الثوري، عن منصور) بن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي. (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) إنما يثبت (الولاء لمن أعطى الثمن) أي: لا تحصل ولاية النعمة التي يستحق بها ميراثه إلا لمن أعطى الثمن من ماله، وفي رواية للبخاري (2):"فإن الولاء لمن أعطى الورق" يعني: من ماله. وفيه دليل على أن الموكل إذا دفع الثمن لوكيله وقال: اشتري عبدًا أو اعتقه فاشتراه ودفع الثمن للذي دفعه له الموكل وأعتقه عنه أن الولاء يكون لمن وكل ودفع الثمن (وولي النعمة) في إعتاقه؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} (3) التقدير: للذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالإعتاق وهو زيد ابن حارثة. وفيه أن من أسلم على يد رجل لا يرثه إلا معتقه.
[2917]
(حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، أبو معمر) ميسرة المنقري مولاهم البصري المقعد شيخ البخاري (4)(حدثنا عبد الوارث)
(1) انظر: "إحكام الأحكام" 1/ 366، "شرح السنة" 8/ 348، "عمدة القاري" 7/ 83، "فتح الباري" 12/ 40.
(2)
(2436).
(3)
الأحزاب: 37.
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" 15/ 353.
ابن سعيد (عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم أن رياب) بكسر الراء المهملة ثم مثناة تحت مخففة وبعد الألف باء موحدة (بن حذيفة) زاد ابن ماجه (1) فقال: رياب (2) بن حذيفة بن سعيد بن سهم (تزوج امرأة) بينها ابن ماجه فقال: أم وائل بنت معمر الجمحية (فولدت له ثلاثة غلمة) بكسر الغين جمع غلام، ولابن أبي شيبة: ثلاثة أولاد (3)(فماتت أمهم فورثوها) بكسر الراء المخففة والواو في ورثوها واو ضمير الأولاد أي: ورثها بنوها كما لابن ماجه (4)، يقال لمن ورث جميع المال: ورث مال أبيه، فإن ورث البعض قيل: ورث من مال أبيه (رباعها) بالنصب الرباع بكسر الراء جمع ربع وهو الدار بعينها حيث كانت؛ لأنهم يربعون فيها، أي: يقيمون، ويجمع على ربوع وهو منصوب، أي: يورثوها (وولاء مواليها) قد يستدل به شريح على ما ذهب إليه أن ولاء الموالي يورث كما يورث المال، والذي عليه الجمهور أن الولاء لا يورث، وإنما يورث به. وأما هذا الحديث فمعناه والله أعلم: أنهم ورثوا مال مواليها بسبب الولاء، وإنما أسند الإرث إلى الولاء لأنه سببه فأضيف إليه؛ فإن الشيء يضاف إلى سببه كما يقال: دية الخطأ ودية العمد، ولأن الولاء إنما يحصل بإنعام المعتق على مولاه بالعتق، وهذا المعنى لا ينفك عن المعتق، فكذلك الولاء.
(1)(2732).
(2)
في مطبوع ابن ماجه (2732): رباب، وهو خطأ؛ قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 398: وأما رياب بكسر الراء وبعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها فهو رياب بن حذيفة بن مهشم بن سعيد بن سهم.
(3)
(32171) وفيه فولدت له ثلاثة. وليس فيه أولاد.
(4)
(2732).
(وكان عمرو بن العاص عصبة بنيها) أي وارثًا لهم بالتعصيب (فأخرجهم) أي خرج بهم عمرو بن العاص معه (إلى الشام) كذا لابن ماجه، والظاهر أنه خرج بهم لمتجر ونحوه، وفيه أن للولي أن يسافر باليتيم إلى البلاد البعيدة إذا لم يكن له من يحفظه في الإقامة وخاف ضياعه (فماتوا) في الطريق، وزاد ابن ماجه: فماتوا في طاعون عمواس (1) انتهى.
وعمواس بفتح العين والميم قرية معروفة بأرض فلسطين من الشام (2). ولابن ماجه: فورثهم عمرو وكان عصبتهم، فلما رجع عمرو جاء بنو معمر يخاصمونه في ولاء أختهم (فقدم عمرو بن العاص) من الشام (و) قد (مات مولى لها) يعني لأم وائل (وترك مالاً) له كثيرًا وهو ألف دينار (فخاصمه إخوتها إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر) رضي الله عنه، زاد ابن ماجه: أقضي بينكما بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحرز) أي جمعه وضمه إلى حرزه يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازًا إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ منه (الولد) أحرز (أو الوالد فهو لعصبته) من بعده كائنًا (من كان) وقد احتج بهذا الحديث أصحاب أحمد لما ورد عنه في رواية: أن المعتقة إذا ماتت وخلفت ابنها وأخاها أو ابن أخيها ثم مات مولاها وترك أخا مولاته أو إخوة مولاته وعصبة ابنها أن ميراثه لعصبة الابن، ويروى ذلك عن
(1)"السنن"(2732).
(2)
قال الحموي في "معجم البلدان" 4/ 157: عمواس رواه الزمخشري بكسر أوله وسكون الثاني ورواه غيره بفتح أوله وثانيه وآخره سين مهملة وهي كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس.
علي، وروي نحوه عن عمر وابن عباس (1) وسعيد بن المسيب (2)، وبه قال شريح، والصحيح عند جمهور العلماء.
وعند أحمد: أن ميراثه لأخي مولاته؛ لأنه أقرب عصبة المعتق؛ فإن المرأة لو كانت هي الميتة لورثها أخوها وعصبتها، فإن انقرض عصبتها كان بيت المال أحق به من عصبة ابنها (3).
(قال) الرواي (فكتب) عمر بن الخطاب (له) أي لعمرو بن العاص بما قضى به (له كتابًا) أي: سجلًّا شاهدًا بما قضى به و (فيه) أي في آخره (شهادة عبد الرحمن بن عوف و) شهادة (زيد بن ثابت ورجل آخر) معهما، وفيه دلالة على أن الحاكم إذا رفعت إليه دعوى وحكم فيها بشيء وسأله الخصم كتاب سجل يشهد له كتب للشاهد بين يدي الحاكم صورة ما حكم به وأنه أنفذ ذلك بسؤال المحكوم له، ويشهد بذلك على الحاكم شاهدان أو أكثر.
قال أصحابنا: وينبغي أن تكون المحاضر والسجلات نسختين إحداهما تدفع لصاحب الحق غير مختومة والأخرى توضع وتحفظ في ديوان الحكم مختومة ويكتب على رأسها أسم الشخصين (4). (فلما استخلف عبد الملك) بن مروان بن الحكم بن أبي العاص (5) بن أمية الأموي، رأى عثمان، وروى عن أبي هريرة.
(اختصموا) في المال الذي تركه المولى وكان ألف دينار، كذا
(1)"السنن الكبرى" للبيهقي 10/ 302، 303.
(2)
"موطأ مالك" برقم (1492).
(3)
"المغني" 7/ 269.
(4)
"الحاوي" 16/ 35، 205، "المجموع" 20/ 166.
(5)
في الأصل بياض والمثبت من كتب التراجم. انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 327.
لابن أبي شيبة (1)، وفي ابن ماجه: حتى إذا استخلف عبد الملك ابن مروان توفي مولى لها وترك ألف دينار، فبلغني أن ذلك القضاء قد غير (إلى هشام بن إسماعيل) كذا لابن ماجه من غير شك، وهو الصحيح هو إسماعيل بن هشام (أو إلى [إسماعيل بن هشام])(2) الحنفي، روى عن مجاعة بن مرارة بضم الميم فيهما (فرفعهم) لما أشكل عليه أمرهم (إلى عبد الملك) بن مروان، زاد ابن ماجه: فأتيناه بكتاب عمر (فقال: هذا) الذي قضى به عمر (من القضاء الذي ما كنت أراه) ولا أحكم به. انتهى.
وكذا قال حميد: كان الناس يغلطون عمرو بن شعيب في هذا الحديث، لكن قال ابن عبد البر: هذا حديث حسن صحيح، وذكر توثيق الناس لعمرو بن شعيب (3).
قال عبد الحق: وحديث ابن أبي شيبة أتم.
(قال: فقضى لنا بكتاب) أي بمقتضى كتاب (عمر بن الخطاب فنحن فيه) أي فيما قضى لنا به (إلى الساعة) فيه أن القاضي إذا رفع إليه حكم قاضٍ قبله أعلم منه وأجل وكان مخالفًا لما يعتقده في ذلك الحكم أنه لا ينقضه ولا يخالفه، بل يمضيه وينفذه.
(1)"المصنف" برقم (32171).
(2)
في النسخ: هشام بن إسماعيل. والمثبت من مطبوع "السنن"، وهو الصواب.
(3)
"التمهيد" 3/ 62.