الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب في الكَلالَة
2886 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا سُفْيانُ قالَ: سَمِعْتُ ابن المُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جابِرًا يَقُول: مَرِضْتُ فَأَتاني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُني هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ ماشِيَيْنِ وَقَدْ أُغْميَ عَلَيَّ فَلَمْ أُكُلِّمْهُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّهُ عَلَيَّ فَأَفَقْت فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أَصْنَعُ في مالي وَلي أَخَواتٌ؟ قال: فَنَزَلَتْ آيَةُ المَوارِيثِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (1).
* * *
باب مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَاتٌ
2887 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبي شَيْبَةَ، حدثنا كَثِيرُ بْنُ هِشامٍ، حَدَّثَنا هِشامٌ - يَعْني: الدَّسْتَوائيَّ - عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرٍ قال: اشْتَكَيْتُ وَعِنْدي سَبْعُ أَخَواتٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنَفَخَ في وَجْهي فَأَفَقْت فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ أَلا أُوصي لأَخَواتي بِالثُّلُثِ قالَ: "أَحْسِنْ" .. قُلْتُ: الشَّطْرَ قالَ: "أَحْسِنْ" .. ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَني فَقالَ: "يا جابِرُ لا أُراكَ مَيِّتًا مِنْ وَجَعِكَ هذا وَإِنَّ اللهَ قَدْ أَنْزَلَ فَبَيَّنَ الذي لأَخَواتِكَ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ" .. قال: فَكانَ جابِرٌ يَقُولُ أُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ فيَّ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (2).
2888 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قال: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ في الكَلالَةِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (3).
(1) رواه البخاري (5651)، ومسلم (1616).
(2)
رواه أحمد 3/ 372.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2569).
(3)
رواه البخاري (4364، 4605)، ومسلم (1618).
2889 -
حَدَّثَنا مَنْصُورُ بْنُ أَبي مُزاحِمٍ، حَدَّثَنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قال: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقال: يا رَسُولَ اللهِ يَسْتَفْتونَكَ في الكَلالَةِ فَما الكَلالَةُ قالَ: "تُجْزِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ" .. فَقُلْتُ لأبَي إِسْحاقَ: هُوَ مَنْ ماتَ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَلا والِدًا. قال: كَذَلِكَ ظَنّوا أَنَّهُ كَذَلِكَ (1).
* * *
باب فِى الكَلَالَةِ
[2886]
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ: سَمِعْتُ) محمد (بْنَ المُنْكَدِرِ أَنهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرِ) فيه استحباب عيادة المريض وأنها مستحبة للإمام كاستحبابها لآحاد الناس، وفيه أن الإمام أو الشيخ إذا عزم على عيادة مريض أو زيارة أخ صالح أو ميت أن يستصحب من كان عنده وقت ذلك فيحصل له الفضيلة تبعا للإمام (مَاشِيَيْنِ) وفضيلته على الركوب (2)(وَقَدْ أُغْمِيَ عَليَّ) حين جاءني (فَلَمْ أُكلِّمْهُ) للغيبة من الإغماء (فَتَوَضَّأَ وَصَبَّهُ عَلَيَّ) فيه دليل على الوضوء لغير صلاة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي عان سهلًا أن يتوضأ فيغسل داخلة إزاره ويصبه عليه (3).
(1) رواه الترمذي (3042)، وأحمد 4/ 293، 295، 301.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2570).
(2)
"شرح مسلم" للنووي 11/ 55.
(3)
أخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 939، ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" 13/ 469، وأخرجه ابن ماجه (3509)، وأحمد 3/ 486.
قال المهلب: وفيه دليل على طهورية الماء الذي يتوضأ به (1). يعني: أو يغتسل؛ لأنه لو كان نجسا لما صبه عليه.
وفيه التبرك بفضل ماء الفضل كما ورد عن علي أنه كان يشرب عقب الوضوء من فضل ماء وضوئه للتبرك (2). وفيه التبرك بآثار الصالحين من فضل طهور وأكل ولبس وغير ذلك مما ترتجى به البركة؛ ولأنه مما يتداوى به (3). (فَأَفَقْتُ) من الإغماء ببركة الماء الذي صبه علي (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، كَيفَ أَصْنَعُ فِى مَالِي وَلِي أَخَوَاتٌ؟ ) وللترمذي (4): كان لي تسع أخوات (قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ المَوارِيثِ)(5) وهي: ({يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِى الكَلَالَةِ}) أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي في أوائل النساء والأخرى في الصيف وهي هذِه الآية (6). ومعنى {يَسْتَفْتُونَكَ} : يطلبون منك الفتوى وهي تبيين المشكل من الأحكام {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} أي: يبين لكم الحكم في توريث الكلالة، قال القرطبي] (7) الصواب أن الكلالة هم الذين يرثون من غير ولده ووالده لصحة حديث جابر (8).
(1)"عمدة القاري" 4/ 418.
(2)
أخرجه أحمد 2/ 256 (943)، وابن خزيمة 1/ 11 (16)، وابن حبان 4/ 171، وعبد الرزاق 1/ 34.
(3)
أخرجه ابن ماجه (3509) من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف.
(4)
"سنن الترمذي"(2097).
(5)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: الميراث.
(6)
"شرح السنة" 8/ 339.
(7)
إلى هنا انتهى السقط الحاصل المشار إليه سابقا.
(8)
"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 5/ 62.
وفي رواية في الصحيح (1): فقلت: يا رسول الله إنما يرثني كلالة. والكلالة من تكلله النسب، أي: أحاط. وبه سمي الإكليل وهي التاج والعصابة التي تحيط بالرأس، فإذا مات الرجل وليس له ولد ولا والد فورثته كلالة، هذا قول أبي بكر وعمر وعلي وجمهور أهل العلم، فالأب والابن طرفان للرجل فإذا ذهبا تكلله النسب، ومنه قيل: روضة مكللة، إذا حفت بالنور، فالكلالة أجمعوا على أنه (2)(من كان ليس له ولد) ولا والد (وله أخوات) اثنتين فأكثر من أبيه وأمه أو أبيه فقط؛ لأن أولاد الأم تقدموا في أول السورة (3).
[2887]
(4)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا كثير بن هشام) الرقي
(1)"صحيح البخاري"(194)، "صحيح مسلم"(1616).
(2)
في (ع) جاء هنا كلمة (باب). والصواب عدم إثباتها لأن هذا الكلام مستمر في سياق واحد، وهو منقول عن القرطبي وقد دمجه الشارح في متن الحديث كعادته.
(3)
"الجامع لأحكام القرآن" 5/ 75.
(4)
وقع هنا في مطبوع "السنن" وفي "معالم السنن" 3/ 208، "عون المعبود" 5/ 300: ترجمة بعنوان: من كان ليس له ولد ولا والد وله أخوات وهذا شبيه بما وقع هنا في النسخة (ع). ولم يثبت هذِه الترجمة الدكتور عوامة. وسبب هذا الاختلاف: أن بعض نسخ "السنن" ختمت الحديث بهذِه الجملة التي جاءت في هذِه الترجمة إلا واحدة رمز لها الدكتور عوامة بـ (ك) فإنها ختمت الحديث بكلمة الكلالة ثم جاء بعدها باب من كان ليس له ولد وله أخوات وفي (ظ) ضبة بين كلمة الكلالة وكلمة: من كان وفي ح ضبة كذلك ولكن مع كتابة كلمة باب على الحاشية، وانه كذلك في نسخة. قال: ورجحت ما أثبت لأن الحديث رواية ثانية للحديث الذي قبله. قلت وهو كما قال والله أعلم. انظر حاشية الدكتور عوامة على "السنن" تحت هذا الحديث برقم (2879). ومما يرجح أن إثبات هذِه الترجمة وهم: أنها تفسير للترجمة السابقة عليها فالمناسب أن تكون تحتها وليست ترجمة أخرى.
الكلابي، أخرج له مسلم في الحج، (حدثنا هشام الدستوائي، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم المكي، (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما (قال: اشتكيت) من وجع في مرض (وعندي سبع أخوات) وتقدمت رواية: تسع أخوات، وجاء في رواية الطبري الجمع بينهما (1) في حديث واحد فقال: عندي تسع أخوات أو سبع (2)(فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه احتساب الخطا في العيادة (فنفخ في وجهي)[يشبه أن يكون النفخ ليصل إليه من بركة ما يخرج من جوفه من النفخ](3) وربما خرج مع نفخ شيء من ريقه صلى الله عليه وسلم فتحصل له البركة الشاملة؛ فإن ريق النبي صلى الله عليه وسلم شفاء وأي شفاء، وفي رواية:"بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا"(4).
وفي حديث عائشة السعوط مكان النفخ؛ لأنهم كانوا إذا اشتكى أحدهم حلقه نفخوا فيه فجعلوا السعوط مكانه (5). وفي الرواية التي
=وأيضا فالحديث عند غير أبي داود وهذِه الجملة من تمامه ومن ذلك رواية البيهقي في "الكبرى" 6/ 224 وفيها: قَالَ فَنَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الكَلَالَةِ} مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَاتٌ. وَفِى رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ ابن المُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ فِى هذا الحَدِيثِ قَالَ: إِنَّمَا تَرِثُنِى كَلَالَةٌ فَسَمَّى مَنْ يَرِثُهُ كَلَالَةً وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الذى نَزَلَتْ فِيهِ آيَةُ الكَلَالَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ لأَنَ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وهذِه الآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَهُ.
(1)
في (ر) عنهما.
(2)
في البخاري: سبع بنات أو تسع.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"صحيح البخاري"(5745) ومسلم (2194).
(5)
أخرجه أحمد 22/ 229.
قبله أنه صب عليه من وضوئه، فيحمل على أنه جمع بين النفخ والصب؛ لأن القضية واحدة (فأفقت فقلت: يا رسول الله ألا) بتخفيف اللام ومعناها العرض (1)(أوصي) بضم الهمزة أولها (لأخواتي) السبع (بالثلثين) وهذا قبل نزول آية المواريث (قال: أحسن) بفتح الهمزة وكسر السين، أي: أحسن في الوصية ولا تضارر (قلت) أوجب (الشطر) بالنصب بالفعل المقدر، أي: أوجب لهن النصف من مالي (قال) له ثانيًا (أحسن) في الوصية (ثم خرج) من عندي (وتركني) ثم رجع إلي. كذا للطبري (2)(فقال: يا جابر) إني (لا أراك) بضم الهمزة بمعنى لا أظنك (ميتًا من وجعك هذا) قال: هذا بوحى أوحي (3) إليه (وإن الله) تعالى (قد أنزل) في حقك (فبين الذي) يجب (لأخواتك) اللواتي من أبيك وأمك (فجعل لهن الثلثين) في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} .
وفيه دليل على أن الأختين الشقيقتين أو التي لأب أو ما زاد عليهن فرضهن الثلثان (4) إذا تمحضوا إناثا. قال ابن المنكدر (وكان جابر رضي الله عنه يقول: أنزلت هذِه الآية فيَّ) بتشديد الياء، يعني: في حق ميراثه نزلت هذِه الآية ({يَسْتَفْتُونَكَ} .. ) إلى آخر الآية ({قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}) أي: يبين لكم أحكام دينكم، وقد تقدم.
(1) في (ر): العوض. والمثبت من (ل) و (ع).
(2)
"تفسير الطبري" 4/ 378.
(3)
سقط من (ر)، والمثبت من (ل) و (ع).
(4)
في (ر) الثلث.
[2888]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي (حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق) السبيعي (عن البراء بن عازب) رضي الله عنهما (قال: آخر آية نزلت في الكلالة: ) يعني: من الآيتين اللتين نزلتا في الكلالة ({يَسْتَفْتُونَكَ}) أي: يسألونك يا محمد أن تفتيهم في الكلالة ({قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}) قال الجوهري (1): مصدر تكلله النسب. وهذِه الآية مخصصة ومقيدة لرواية البخاري (2) عن شعبة عن أبي إسحاق: سمعت البراء يقول آخر سورة أنزلت براءة، وآخر آية نزلت، يعني: في آيتي الكلالة أو في أحكام المواريث {يَسْتَفْتُونَكَ} .
وروى البخاري (3) أيضا في سورة البقرة عن الشعبي، عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا، وقيل (4): إن آية الربا قول ابن عباس، وآية {يَسْتَفْتُونَكَ} من قول البراء.
[2889]
(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي البغدادي، شيخ مسلم في مواضع (حدثنا أبو بكر) عبد الله بن عياش الكوفي راوية (5) عاصم في القراءة السبع وغيرها (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن البراء بن عازب قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، يستفتونك) زاد الترمذي (6):{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} (في الكلالة ما) هي
(1) سقط من (ر)، وفي (ل) بياض، وفي (ع): خط. والمثبت يقتضيه السياق.
(2)
(4364).
(3)
(4544).
(4)
انظر: "عمدة القاري" 27/ 229.
(5)
في (ر) رواية.
(6)
(3042).
(الكلالة؟ قال: تجزيك) بفتح أوله، أي: تكفيك (آية الصيف) أي: التي نزلت في الصيف، والتي في أولها نزلت في الشتاء (فقلت لأبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي في ذلك، يقال بضم أوله الكلالة (هو من مات ولم يدع) أي: يترك (ولدًا ولا والدًا. فقال) نعم (كذا (1) ظنوا) يشبه [أن] يكون معناه: قالوا، على لغة بني سليم في استعمالهم الظن بمعنى القول (أنه كذلك) فقد تقدم أن جمهور العلماء قالوا بذلك، وقيل: معناه أنهم ظنوا أنها نزلت في الصيف.
(1) ورد بعدها في الأصل: نسخة: كذلك.