الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب في بَيانِ مَواضِعِ قَسْمِ الخُمُسِ وسَهْمِ ذي القُرْبى
2978 -
حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْن عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن مَهْديٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْريِّ، أَخْبَرَني سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، أَخْبَرَني جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أنَّهُ جاءَ هُوَ وَعُثْمان بْن عَفّانَ يُكَلِّمانِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيما قَسَمَ مِنَ الخُمُسِ بَيْنَ بَني هاشِمٍ وَبَني الطَّلِبِ فَقُلْت: يا رَسُولَ اللهِ قَسَمْتَ لإِخْوانِنا بَني المطَّلِبِ وَلَمْ تُعْطِنا شَيْئًا وَقَرابَتُنا وَقَرابَتهُمْ مِنْكَ واحِدَة. فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما بَنُو هاشِمٍ وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيء واحِدٌ". قالَ جُبَيْرٌ: وَلم يَقْسِمْ لِبَني عَبْدِ شَمسٍ وَلا لِبَني نَوْفَلٍ مِنْ ذَلِكَ الخُمُسِ كَما قَسَمَ لِبَني هاشِمٍ وَبَني المُطَّلِبِ. قالَ: وَكانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الخُمُسَ نَحوَ قَسمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ أنَّهُ لم يَكنْ يُعْطي قُربَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما "كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ. قال: وَكانَ عُمَرُ بْن الخطّابِ يُعْطِيهِمْ مِنهُ وَعُثْمانُ بَعْدَهُ (1).
2979 -
حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حدثنا عُثْمانُ بْن عُمَرَ أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، حدثنا جُبَيْرُ بْن مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْسِمْ لِبَني عَبْدِ شَمسٍ وَلا لِبَني نَوْفَلٍ مِنَ الخُمُسِ شَيْئًا كَما قَسَمَ لِبَني هاشِمٍ وَبَني المُطَّلِبِ. قال: وَكانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الخُمُسَ نَحْوَ قَسمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَما كانَ يُعْطِيهِمْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكانَ عُمَرُ يُعْطِيهِم وَمَنْ كانَ بَعْدَة مِنْهُمْ (2).
2980 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، أَخْبَرَني جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِم قال: لّمَا كانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَضَعَ رَسُولُ اللْهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذي القُرْبَى في بَني هاشِمٍ وَبَني المطَّلِبِ وَتَرَكَ بَني نَوْفَلٍ وَبَني عَبْدِ شَمْسٍ
(1) رواه البخاري (3140، 3502).
(2)
رواه أحمد 4/ 83.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2635).
فانْطَلَقْتُ أَنا وَعُثْمان بْن عَفّانَ حَتَّى أَتَيْنا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُلْنا: يا رَسُولَ اللْهِ هؤلاء بَنُو هاشِمٍ لا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِلْمَوْضِعِ الذي وَضَعَكَ الله بِهِ مِنْهُمْ فَما بالُ إِخْوانِنا بَني المُطَّلِبِ؟ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنا وَقَرابَتُنا واحِدَةٌ. فَقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنا وَبَنُو المُطَّلِبِ لا نَفْتَرِقُ في جاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ وَإِنَّما نَحْنُ وَهُمْ شَيء واحِدٌ". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصابِعِهِ (1).
2981 -
حدثنا حُسَين بْن عَليٍّ العِجْليُّ، حدثنا وَكِيعٌ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ صالِحِ، عَنِ السّدّيّ في ذي القُرْبَى قال: هُمْ بَنُو عَبْدِ المطَّلِبِ (2).
2982 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حدثنا عَنْبَسَةُ، حدثنا يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ أَخْبَرَني يَزِيدُ بْنُ هُرمُزَ أَنَّ نَجْدَةَ الحَرُوريَّ حِينَ حَجَّ في فِتْنَةِ ابن الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابن عَبّاسٍ يَسْألهُ عَنْ سَهْمِ ذي القُرْبَى وَيَقولُ: لَمِنْ تَراهُ؟ قالَ ابن عَبّاسٍ: لِقُربَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قسَمَهُ لَهُمْ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ كانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنا مِنْ ذَلِكَ عَرضًا رَأَيْناهُ دُونَ حَقِّنا فَرَدَدْناهُ عَلَيْهِ وَأَبَيْنا أَنْ نَقْبَلَهُ (3).
2983 -
حدثنا عَبّاسُ بْن عَبْدِ العَظِيمِ، حدثنا يَحيَى بْن أَبي بُكَيْرٍ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرّازيّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي لَيْلَى قالَ: سَمِعْتُ عَلِيّا يَقولُ وَلَّاني رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُمُسَ الخُمُسِ فَوَضَعْتُهُ مَواضِعَهُ حَياةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَياةَ أَبي بَكْرٍ وَحَياةَ عُمَرَ فَأُتي بِمالٍ فَدَعاني فَقالَ خُذْهُ. فَقُلْتُ: لا أُرِيدُهُ. قالَ: خُذْهُ فَأَنْتمْ أَحَقُّ بِهِ. قُلْتُ: قَدِ اسْتَغْنَيْنا عَنْهُ فَجَعَلَهُ في بَيْتِ المالِ (4).
(1) رواه النسائي 7/ 130. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 317، والألباني في "صحيح أبي داود" (2638).
(2)
رواه ابن أبي شيبة 18/ 133 (34138).
قال الألباني في "صحيح أبي داود"(2640): حديث صحيح مقطوع.
(3)
رواه مسلم (1812) بنحوه.
(4)
رواه الحاكم 2/ 128، 3/ 40، والبيهقي 6/ 343.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(519).
2184 -
حدثنا عُثْمان بْن أَبي شَيْبَةَ، حدثنا ابن نُمَيْرٍ، حدثنا هاشِمُ بْنُ البَرِيدِ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قالَ: سَمِعْتُ عَلِيّا عليه السلام يَقُولُ: اجْتَمَعْتُ أَنا والعَبّاسُ وَفاطِمَة وَزَيْدُ بْنُ حارِثَةَ عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُوَلِّيَني حَقَّنا مِنْ هذا الخُمُسِ في كِتابِ اللهِ فَأَقْسِمَهُ حَياتَكَ كَى لا يُنازِعَني أَحَدٌ بَعْدَكَ فافْعَلْ. قال: فَفَعَلَ ذَلِكَ، قالَ: فَقَسَمْتُهُ حَياةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ وَلَاّنيهِ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه حَتَّى إِذا كانَتْ آخِرُ سَنَةٍ مِنْ سِني عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنَّهُ أَتاهُ مالٌ كَثِيرٌ، فَعَزَلَ حَقَّنا ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَي فَقُلْتُ: بِنا عَنْهُ العامَ غِنًى وَبِالمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ حاجَةٌ فارْدُدْهُ عَلَيْهِمْ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لم يَدْعُني إِلَيْهِ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ فَلَقِيتُ العَبّاسَ بَعْدَ ما خَرَجْت مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَقال: يا عَليّ حَرَمْتَنا الغَداةَ شَيْئًا لا يُرَدُّ عَلَينا أَبَدًا وَكانَ رَجُلًا داهِيًا (1).
2985 -
حدثنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حدثنا عَنْبَسَةُ، حدثنا يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ أَخْبَرَني عَبْدُ اللهِ بْنُ الحارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الهاشِميُّ أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَباهُ رَبِيعَةَ بْنَ الحارِثِ وَعَبّاسَ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ قالا لِعَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ وَللْفَضْلِ بْنِ عَبّاسٍ: ائْتِيا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقولا لَهُ: يا رَسُولَ اللهِ قَدْ بَلَغْنا مِنَ السِّنّ ما تَرى وَأَحْبَبْنا أَنْ نَتَزَوَّجَ وَأَنْتَ يا رَسُولَ اللهِ أَبَرُّ النّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَبَوَيْنا ما يُصْدِقانِ عَنّا فاسْتَعْمِلْنا يا رَسُولَ اللهِ عَلَى الصَّدَقاتِ فَلْنُؤَدِّ إِلَيْكَ ما يُؤَدّي العُمّالُ وَلْنُصِبْ ما كانَ فِيها مِنْ مِرْفَقٍ. قال: فَأَتَى إِلَيْنا عَليُّ بْن أَبي طالِبٍ وَنَحْنُ عَلَى تِلْكَ الحالِ، فَقال لَنا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا والله لا نَسْتَعْمِلُ مِنْكُمْ أَحَدًا عَلَى الصَّدَقَةِ". فَقالَ لَهُ رَبِيعَةُ: هذا مِنْ أَمْرِكَ قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ نَحْسُدْكَ عَلَيْهِ. فَألقَى عَليٌّ رِداءَهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهِ فَقال: أَنا أَبُو حَسَنٍ القَرمُ والله لا أَرِيمُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْكما ابناكُما بِجَوابِ ما بَعَثْتما بِهِ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. قالَ عَبْدُ
(1) رواه أحمد 1/ 84 - 85، والبيهقي 6/ 343 - 344.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(520).
الُمطَّلِبِ: فانْطَلَقْتُ أَنا والفَضْل إِلَى بابِ حُجْرَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نُوافِقَ صَلاةَ الظُّهْرِ قَدْ قامت فَصَلَّينا مَعَ النّاسِ ثُمَّ أَسْرَعْتُ أَنا والفَضْل إِلَى بابِ حُجْرَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشِ فَقُمْنا بِالبابِ حَتَّى أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأَخَذَ بِأُذُني وَأُذُنِ الفَضْلِ ثمَّ قال: أَخْرِجا ما تُصَرِّرانِ ثُمَّ دَخَلَ فَأَذِنَ لي وَللْفَضْلِ فَدَخَلْنا فَتَواكَلْنا الكَلامَ قَلِيلًا ثُمَّ كَلَّمْتهُ أَوْ كَلَّمَهُ الفَضْل -قَدْ شَكَّ في ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ- قال: كَلَّمَهُ بِالأمرِ الذي أَمَرَنا بِهِ أَبَوانا. فَسَكَتَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ساعَةً وَرَفَعَ بَصَرَهُ قِبَلَ سَقْفِ البَيْتِ حَتَّى طالَ عَلَيْنا أَنَّهُ لا يَرْجِعُ إِلَيْنا شَيْئًا حَتَّى رَأَيْنا زَيْنَبَ تَلْمَعُ مِنْ وَراءِ الِحجابِ بِيَدِها تُرِيدُ أَنْ لا تَعجَلا وَإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أَمْرِنا ثُمَّ خَفَّضَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ فَقالَ لَنا: "إِنَّ هذِه الصَّدَقَةَ إِنَّما هيَ أَوْساخُ النّاسِ وَإِنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ ادْعُوا لي نَوْفَلَ بْنَ الحارِثِ" .. فَدُعيَ لَهُ نَوْفَل بْن الحارِثِ فَقالَ: "يا نَوْفَلُ أَنْكِحْ عَبْدَ المُطَّلِبِ". فَأَنْكَحَني نَوْفَلٌ ثمَّ قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لي مَحْمِيَةَ بْنَ جَزْءٍ". وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَني زُبَيْدٍ كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأَخماسِ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمِحْمِيَةَ: "أَنْكِحِ الفَضْلَ". فَأَنْكَحَهُ ثمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَصْدِقْ عَنْهُما مِنَ الخُمُسِ كَذا وَكَذا". لَمْ يُسَمِّهِ لي عَبْدُ اللهِ بْنُ الحارِثِ (1).
2986 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حدثنا عَنْبَسَةُ بْن خالِدِ، حدثنا يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ، أَخْبَرَني عَليُّ بْن حُسَينٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَليٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَليَّ بْنَ أَبي طالِبٍ قال: كانَتْ لي شارِفٌ مِنْ نَصِيبي مِنَ المَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعطْاني شارِفًا مِنَ الخُمُسِ يَوْمَئِذٍ فَلَمّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْنيَ بِفاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واعَدْتُ رَجُلًا صَوّاغًا مِنْ بَني قَيْنُقاعَ أَنْ يَرتَحِلَ مَعي فَنَأْتيَ بإذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوّاغِينَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ في وَليمَةِ عُرْسي فَبَيْنا أَنا أَجْمَعُ لِشارِفَى مَتاعًا مِنَ الأقتابِ والغَرائِرِ والِحبالِ -وَشارِفاي مُناخانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنصارِ- أَقْبَلْتُ حِينَ
(1) رواه مسلم (1072).
جَمَعْتُ ما جَمَعْتُ فَإذا بِشارِفَي قَدِ اجْتبَّتْ أَسْنِمَتُهُما وَبُقِرَتْ خَواصِرُهُما وَأُخذَ مِنْ أكبادِهِما فَلَمْ أَمْلِك عَيْنَي حِينَ رَأَيْتُ ذَلِك المَنْظَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هذا؟ قالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْن عَبْدِ المُطَّلِبِ وَهُوَ في هذا البَيْتِ في شَربٍ مِنَ الأنصارِ غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحابَهُ، فَقالَتْ في غِنائِها:
أَلا يا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّواءِ
فَوَثَبَ إِلَى السَّيْفِ فاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُما وَبَقَرَ خَواصِرَهُما وَأَخَذَ مِنْ أكبادِهِما. قالَ عَليٌّ: فانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْن حارِثَةَ قال: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي لَقِيتُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما لَكَ؟ " قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ ما رَأَيْتُ كاليَوْمِ عَدا حَمْزَةُ عَلَى ناقَتَي فاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُما وَبَقَرَ خَواصِرَهُما وَها هُوَ ذا في بَيْتٍ مَعَهُ شَربٌ فَدَعا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِدائِهِ فارْتَداهُ ثمَّ انْطَلَقَ يَمْشي واتَّبَعْتُهُ أَنا وَزَيْدُ بْنُ حارِثَةَ حَتَّى جاءَ البَيْتَ الذي فِيهِ حَمْزَة فاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَإِذا هُمْ شَربٌ فَطَفِقَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيما فَعَلَ فَإذا حَمْزَة ثَمِل مُحْمَرَّةٌ عَيْناهُ، فَنَظَرَ حَمْزَة إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكبَتَيْهِ، ثمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثمَّ قال حَمْزَة: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلا عَبِيدٌ لأبي فَعَرَفَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ثملٌ فَنَكَصَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم علَى عَقِبَيهِ القَهْقَرى فَخَرَجَ وَخَرَجْنا مَعَهُ (1).
2987 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَني عَيّاشُ بْنُ عُقْبَةَ الحَضْرَميُّ، عَنِ الفَضْلِ بْنِ الحَسَنِ الضَّمْريِّ أَنَّ أُمَّ الحَكَمِ أَوْ ضُباعَةَ ابنتَى الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ حَدَّثَتْهُ، عَنْ إِحْداهُما أنَها قالَتْ: أَصابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا فَذَهَبْتُ أَنا وَأُخْتي وَفاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فشَكَوْنا إِلَيْهِ ما نَحْن فِيهِ وَسَألناهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنا بِشَيء مِنَ السَّبْي. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سَبَقَكُنَّ يَتامَى بَدْرٍ لكن سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى ما هُوَ خَيْرٌ لكن مِنْ ذَلِكَ تُكبِّرْنَ اللهَ عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ تَكبِيرَةً وَثَلاثًا وَثَلاثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلاثًا وَثَلاثِينَ تَحْمِيدَةً وَلا إله إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لا
(1) رواه البخاري (2089، 3091)، ومسلم (1979).
شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شيء قَدِيرٌ" قالَ عَيّاشٌ: وَهُما ابنتا عَمِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
2988 -
حدثنا يحيَى بْن خَلَفٍ، حدثنا عَبْدُ الأعلَى، عَنْ سَعِيدٍ -يَعْني: الجُرَيْريَّ- عَنْ أَبي الوَرْدِ، عَنِ ابن أَعْبُدَ قال: قال لي عَليٌّ رضي الله عنه: أَلا أُحَدِّثُكَ عَنّي وَعَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللْهِ صلى الله عليه وسلم وَكانَتْ مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ قُلْتُ: بَلَى. قال: إِنَّها جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أثَّرَ في يَدِها، واسْتَقَتْ بِالقِربَةِ حَتَّى أثَّرَ في نَحْرِها، وَكنَسَتِ البَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيابُها فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَدَمٌ فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتِ أَباكِ فَسَألتِيهِ خادِمًا فَأَتَتْهُ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدّاثًا فَرَجَعَتْ فَأَتاها مِنَ الغَدِ فَقالَ: "ما كانَ حاجَتُكِ". فَسَكَتَتْ فَقُلْت: أَنا أُحَدِّثُكَ يا رَسُولَ اللهِ جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أثَرَتْ في يَدِها وَحَمَلَتْ بِالقِرْبَةِ حَتَّى أثَرَتْ في نَحْرِها فَلَمّا أَنْ جاءَكَ الَخدَمُ أَمَرتُها أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خادِمًا يَقِيها حَرَّ ما هيَ فِيهِ. قالَ: "اتَّقي اللهَ يا فاطِمَةُ وَأَدّي فَرِيضَةَ رَبّكِ واعْمَلي عَمَلَ أَهْلِكِ فَإذا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحي ثَلاثًا وَثَلاثِينَ واحْمَدي ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَكَبِّري أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ فَتِلْكَ مِائَةٌ فَهيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خادِمٍ" .. قالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللهِ عز وجل وَعَنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم (2).
2181 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدٍ المَرْوَزيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ عَليِّ بْنِ حُسَيْنٍ بهذِه القِصَّةِ قال: وَلم يُخْدِمْها (3).
2990 -
حدثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى، حدثنا عَنْبَسَة بْنُ عَبْدِ الواحِدِ القُرَشيّ قالَ أَبُو
(1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 299، والطبراني 25 (333).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(520/ م).
(2)
رواه عبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" 1/ 153، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 70، 2/ 41.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(521).
(3)
رواه إسحاق بن راهويه في "المسند" 5/ 11 (2107).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(522).
جَعْفَرِ -يَعْني: ابن عِيسَى- كُنّا نَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الأبدالِ قَبْلَ أَنْ نَسْمَعَ أَنَّ الأبدالَ مِنَ المَوالي قالَ: حَدَّثَني الدَّخِيلُ بْن إِياسِ بْنِ نُوحِ بْنِ مُجّاعَةَ، عَنْ هِلالِ بْنِ سِراجِ بْنِ مُجّاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُجّاعَةَ أنَّهُ أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَطْلُبُ دِيَةَ أَخِيهِ قَتَلَتْهُ بَنُو سَدُوسِ مِنْ بَني ذهْلٍ. فَقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كُنْتُ جاعِلًا لِمُشْرِكٍ دِيَةً جَعَلْتُ لأخِيكَ ولكن سَأُعْطِيكَ مِنْهُ عُقْبَى". فَكَتَبَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِائَةِ مِنَ الإِبِلِ مِنْ أَوَّلِ خُمسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكي بَني ذُهْلٍ فَأَخَذَ طائِفَةَ مِنْها وَأَسْلَمَتْ بَنُو ذُهْلٍ فَطَلَبَها بَعْدُ مُجّاعَة إِلَى أَبي بَكْرِ وَأَتاهُ بِكتابِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَتَبَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ بِاثْنَي عَشَرَ ألفَ صاعٍ مِنْ صَدَقَةِ اليَمامَةِ، أَرْبَعَةِ آلافٍ بُرّا، وَأَرْبَعَةِ آلافٍ شَعِيرًا، وَأَرْبَعَةِ آلافٍ تَمرًا، وَكانَ في كِتابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لِمُجّاعَةَ:"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا كِتابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبيِّ لِمُجّاعَةَ بْنِ مُرارَةَ مِنْ بَني سُلْمَى إِنّي أَعْطَيْتُهُ مِائَةً مِنَ الإبِلِ مِنْ أَوَّلِ خُمُسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكي بَني ذُهْلٍ عُقْبَةً مِنْ أَخِيهِ"(1).
* * *
باب بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى
[2978]
(حدثنا عبيد الله) بالتصغير وهو (ابن عمر بن ميسرة) القواريري البصري الحافظ، روي عنه مائة ألف حديث (2)(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الحافظ البصري اللؤلؤي (عن عبد الله ابن المبارك، عن يونس بن يزيد (3)، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أخبرني جبير بن مطعم: أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان
(1) رواه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 112 - 113، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 62. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (523).
(2)
"التقريب"(4325).
(3)
في (ر): زيد. والمثبت من (ع) ومن "السنن".
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من الخمس) من سهم ذوي القربى من غنائم خيبر (1)(بين بني هاشم) رواية: في بني هاشم (وبني المطلب، فقلت: في رسول الله) إخواننا بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك منهم الذي وضعك (2) الله به منهم، فما بالك (قسمت لإخواننا) (3) سرف (4) من (بني المطلب) هكذا لأحمد بهذِه الزيادة (ولم تعطنا شيئًا وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة) ولفظ أحمد: أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة قال: إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام (5)، انتهى، ورواية البخاري (6) باختصار.
ووجه كون قرابة جبير بن مطعم وعثمان مع بني المطلب واحدة أن جبير هو ابن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، وعثمان هو ابن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، فعثمان رضي الله عنه هو من بني عبد شمس، وجبير من بني نوفل، وكان لعبد مناف ابن قصي أربعة نفر: هاشم بن عبد مناف، وعبد شمس بن عبد مناف، والمطلب بن عبد مناف وأمهم واحدة وهي عاتكة بنت مرة، والرابع
(1) في "مسند أحمد" برقم (16782) حنين.
(2)
هذِه اللفظة عند أحمد في "المسند" 27/ 305 ح وقد أثبتها الشيخ شعيب: وصفك وقال في الحاشية رقم (2): في (ظ 12) و (ق): وضعك. انتهى. وفي "سنن النسائي" برقم (4137): جعلك.
(3)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: لإخوتنا.
(4)
هكذا رسمت ولعلها الشرف.
(5)
"مسند أحمد" 27/ 305 (16741).
(6)
(3140) و (3502)، و (4229).
نوفل بن عبد مناف وأمه واقدة (1): بنت عمرو المازنية (2).
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال الرافعي: وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "بنو المطلب لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام" إلى شأن الصحيفة القاطعة التي كتبتها (3) قريش وتبايعوا على أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يبايعوهم ولا يناكحوهم، وبقوا على ذلك سنة (4) لم يدخل في بيعهم بنو المطلب، بل خرجوا مع بني هاشم في الشعاب، وهذا مشهور في السير والمغازي، ورواه البيهقي في "الدلائل"(5) و"السنن"(6).
(إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء) بفتح الشين المعجمة (واحد)(7) قال في "النهاية"(8): وهذِه الرواية المشهورة. ورواه يحيى بن معين: سِيٌّ بكسر السين المهملة وتشديد الياء، أي: مثل وسواء، كما يقال: هما سيان، أي: مثلان (9).
(1) في (ع) واحدة والمثبت من (ل) ومن "الروض الأنف" 1/ 206، و"السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 234، و"المعرفة والتاريخ" 1/ 159.
(2)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 307.
(3)
في (ر) كيفيتها.
(4)
هكذا هي في الأصول وفي "التلخيص الحبير" وفي "البدر المنير" وأما "السنن الكبرى" ففيها: سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
(5)
2/ 191.
(6)
"السنن الكبرى" 6/ 365، وانظر:"التلخيص الحبير" 3/ 220 وانظر: "البدر المنير" 9/ 317، "شرح السنة" للبغوي 11/ 127.
(7)
في (ر): واحدة.
(8)
2/ 1036.
(9)
انظر: "عمدة القاري" 22/ 311، "فتح الباري" 6/ 245.
وقد احتج بهذا على أن المستحقين سهم ذي القربى المذكور في الآية لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم هم بنو هاشم وبنو المطلب ابني عبد مناف دون غيرهم، فدعى لهم النبي صلى الله عليه وسلم نصرتهم وموافقتهم بني هاشم يشترك في أخذه الذكر والأنثى؛ لدخولهم في اسم القرابة.
(قال جبير) بن مطعم: (ولم يقسم) من سهم ذي القربى (لبني عبد شمس) ابن عبد مناف (ولا لبني نوفل [من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب])(1) ابن عبد مناف.
(قال) جبير: (وكان أبو بكر) الصديق (يقسم الخمس) المذكور (نحو قسم) بفتح القاف بمعنى القسمة (رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم) لعل المراد به ما روي عن الحسن بن محمد بن الحنفية أنه قال: اختلفوا في سهم ذي القربى فأجمعوا رأيهم أن يجعلوه في الخيل والعدة في سبيل الله، فكان في خلافة أبي بكر وعمر في الخيل والعدة في سبيل الله (2).
قال البيهقي بعد أن حكى ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم قال: مشيت (3) أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل (4) إلى هنا. ثم قال: وروى
(1) من المطبوع.
(2)
"السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 342.
(3)
في (ر): نسبت.
(4)
في (ر): عبد مناف.
بعضهم هذا الخبر فأدرج فيه: إن أبا بكر لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم، وكان عمر يعطيهم منه وعثمان بعده.
قال: ورواه غيره فميز ذلك عن الحديث وجعله من قول الزهري، فصارت الرواية لهم بذلك منقطعة، قال: ونحن نروي عنهما موصولًا غير منقطع مثل مذهبنا إن شاء الله تعالى، وسيأتي له مزيد في الباب بعده (1).
(قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطيهم (2) منه وعثمان بعده) كان يعطيهم من سهم القربى من الخمس.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال الشافعي (3): حقهم ثابت، وكذا قال مالك بن أنس (4).
[2979]
(حدثنا عبيد الله) بالتصغير (بن عمر) بن ميسرة القواريري شيخ الشيخين (حدثنا عثمان بن عمر) بن فارس العبدي (أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، حدثنا جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس) بن عبد مناف (ولا لبني نوفل) بن عبد مناف (من الخمس شيئًا كما قسم لبني هاشم وبني المطلب) قد يحتج به من لم ير سهم ذوي القربى من الخمس، بل يقسم الخمس على ثلاثة أسهم وهم: اليتامى، والمساكين، وابن
(1)"مختصر الخلافيات" 4/ 65.
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: يعطى.
(3)
"الأم" 4/ 153 وانظر: "الأوسط" 11/ 95.
(4)
انظر: "التمهيد" 20/ 46.
السبيل، وهو قول أبي حنيفة (1)، وهو مروي عن ابن عباس أنه قال: إن أبا بكر وعمر قسما الخمس على ثلاثة أسهم (2)، ونحوه حكي عن الحسن ابن محمد ابن الحنفية.
وأجيب بأن قول أبي حنيفة مخالف لظاهر الآية فإن الله سمى لرسوله وقرابته شيئًا وجعل لهما في الخمس حقًّا كما سمى الثلاثة الأصناف الباقية، فمن خالف ذلك فقد خالف ظاهر لفظ الكتاب (3).
(قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه يقسم) يعطي (الخمس) المذكور (نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (يعطيهم ومن كان بعده منهم) كعثمان بن عفان ومن بعده كما تقدم.
[2980]
(حدثنا مسدد، حدثنا هشيم) بن بشير السلمي (عن محمد بن إسحاق) صاحب المغازي (عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أخبرني جبير بن مطعم قال) جبير: (فلما) رواية: لما (كان) هي التامة، أي: فلما وجد (يوم خيبر) رواية: حنين (وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى) يعني: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم (في بني هاشم وبني المطلب) ابني عبد مناف (وترك بني نوفل وبني عبد شمس) قال البخاري: وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة؛ لأن أمهم عاتكة بنت
(1) انظر: "المبسوط" 3/ 18.
(2)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط" 6/ 104 (6491) وضعفه لضعف محمد بن مروان الكلبي، وهو كذاب.
(3)
انظر: "شرح السنة" 11/ 127، "معالم السنن" 3/ 255، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 271، "التمهيد" 14/ 68، "المغني" 7/ 299.
مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم (1)(2)، انتهى.
قال ابن بطال: هذا الحديث حجة على أن ذا القربى الذي يسهم لهم الخمس هم بنو هاشم وبنو المطلب خاصة دون سائر قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قال أبو ثور (3).
وقال ابن الحنفية: سهم ذي القربى لنا أهل البيت. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنهم بنو هاشم خاصة، وقال أصبغ بن الفرج: اختلف في ذلك، فقيل: هم قرابة الرسول عليه السلام خاصةً، وقيل: قريش كلها، قال: ووجدت في "معاني الآثار" أنهم آل محمد (4). وسيأتي له مزيد.
(فانطلقت أنا وعثمان بن عفان) رضي الله عنهما (حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم) بن عبد مناف (لا ننكر فضلهم) على غيرهم (للموضع) رواية أحمد (5): لمكانك (الذي وضعك الله) تعالى (به منهم) من القرب حازوا به الشرف والفضيلة العظمى لهم ولكل من جاء من بعدهم من نسلهم وعقبهم إلى يوم القيامة (فما بال إخواننا) الذين هم (بنو المطلب) بن عبد مناف (أعطيتهم وتركتنا) وقرابتهم (وقرابتنا) منك (واحدة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا) بكسر الهمزة وتشديد النون أصلها إننا نحن (وبنو المطلب)(6) قيل: لا يجوز غير هذا الذي رواه
(1) في (ل) لأمهم. والمثبت من (ع) ومن "صحيح البخاري".
(2)
"صحيح البخاري" 4/ 91.
(3)
"شرح صحيح البخاري" 5/ 271.
(4)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 309.
(5)
"مسند أحمد" 4/ 81.
(6)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: وبني المطلب.
الأنصاري ([لا نفترق في جاهلية ولا) في (إسلام) ورواه الشافعي (1) وأحمد (2) وقال البرقاني] (3): هو على شرط مسلم (4).
ونبه صلى الله عليه وسلم على أن سبب استحقاق بني المطلب للنصرة في القرابة فرعى لهم حقهم نصرتهم وموافقتهم بني هاشم كما في شأن الصحيفة حين كتبتها قريش على أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يبايعوهم ولا يناكحوهم، وبقوا على ذلك سنة، ولم يدخل في بيعتهم بنو المطلب، بل خرجوا مع بني هاشم في بعض الشعاب (وإنما نحن وهم شيء) تقدم أن فيها لغتان بالسين المهملة والمعجمة (واحد) يعني: في النسب (وشبك بين أصابعه) إشارة إلى أن أنسابهم دخل بعضها في بعض واتصل به كما دخل أصابع اليدين بعضها في بعض بالتشبيك كما تدخل لحمة الثوب في سداته وتصير كالشيء الواحد؛ لما بينهما من المداخلة الشديدة (5).
[2981]
(حدثنا الحسين (6) بن علي) بن الأسود، قال أبو حاتم: صدوق (7)(العجلي) بكسر العين وسكون الجيم، نسبة إلى بني عجل
(1)(411).
(2)
(16741).
(3)
سقط من (ر).
(4)
انظر "البدر المنير" 7/ 318، و"التلخيص الحبير" 3/ 219. وانظر:"الجمع بين الصحيحين" للحميدي 3/ 280.
(5)
انظر: "عمدة القاري" 22/ 311، "فتح الباري" 6/ 245.
(6)
في الأصل الحسن والمثبت من "السنن" ومن "الجرح والتعديل" 3/ 56، "تهذيب الكمال" 6/ 391.
(7)
"الجرح والتعديل" 3/ 56.
بن لجيم بن صعب، بطن من نذار (حدثنا وكيع، عن الحسن بن صالح) الهمداني، أخرج له مسلم (عن السدي) وهو إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي، أنه سئل (في ذي القربى) الذي يسهم لهم في الخمس (قال: هم بنو عبد المطلب) قال بعضهم: إنما خصهم للنصرة في القرابة، يعني: كما تقدم: "إنا لم نختلف في جاهلية ولا إسلام"، وقيل: لو كان ذلك بحسب النصرة فقط لكان بنو هاشم أولى الناس (1).
[2982]
(حدثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري شيخ البخاري (حدثنا عنبسة، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، أخبرني يزيد بن هرمز) بضم الهاء والميم وهو منصرف وإن كان لفظه أعجميًّا لسدس (2)، وكان يزيد هذا غفاريًّا؛ لأنه مولى أبي ذياب وأبو ذياب من غفار، وكان رأس الموالي يوم الحرة، وهو والد عبد الله بن يزيد بن هرمز من معلم مالك بن أنس، ويزيد أخرج له مسلم هذا الحديث (3).
(أن نجدة) بفتح النون، ابن عامر (الحروري) بفتح الحاء المهملة، نسبة إلى حروراء موضع أو قرية بظاهر الكوفة.
قال السمعاني (4): على ميلين من الكوفة كان اجتماع أول الخوارج فيها، يعني: حين تعاقدوا على مذهبهم (حين حج) سنة اثنين وسبعين (في) السنة التي كان فيها (فتنة) عبد الله (ابن الزبير) بن العوام (5) حين
(1) انظر: "فتح الباري" 6/ 246.
(2)
هكذا في الأصول.
(3)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 726.
(4)
"الأنساب" 2/ 207.
(5)
سقط من (ر).
افتتن فيها، أي: امتحن وابتلي بالحصار في الكعبة والقتال، وكان الحجاج وفد لحصاره من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنين وسبعين وحج بالناس الحجاج في ذلك العام ووقف بعرفة، ولم يطوفوا بالبيت في تلك الحجة فحاصره ستة أشهر وسبعة عشر يومًا إلى أن قتل نصف جمادى الآخرة (أرسل إلى) عبد الله (بن عباس يسأله عن سهم ذي القربى) أي: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور في الآية (ويقول) له فيما كتب إليه (لمن تراه) أي: لمن ترى الخمس مستحقًّا، ورواية مسلم: عن الخمس لمن هو، وفيها: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال (1).
قال ابن عباس: لولا أن أكتم علمًا ما كتبت إليه، كتب إليه نجدة: أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟ . الحديث بطوله.
قال النووي: قول ابن عباس: لولا أن أكتم علمًا ما كتبت إليه، معناه: أن ابن عباس كان كره نجدة لبدعته وهي كونه مع الخوارج الذين يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ولكن لما سأله عن العلم لم يمكنه كتمه فاضطر إلى جوابه (2).
(قال ابن عباس) هو (لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(1)"صحيح مسلم"(1812).
(2)
"شرح النووي على مسلم" 12/ 190 وتمام كلامه: أي لولا أني إذا تركت الكتابة أصير كاتما للعلم مستحقا لوعيد كاتمه لما كتبت إليه.
في حياته، ولفظ مسلم: وإنا كنا نرى أن قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم، ولفظ النسائي: هو لنا أهل البيت (1). قال النووي: سأله عن خمس خمس الغنيمة الذي جعله الله لذي القربى (2).
قال الشافعي مثل قول ابن عباس وهو أن خمس الخمس من الفيء والغنيمة يكون لذي القربى، وهم عند الشافعي والأكثرين بنو هاشم وبنو المطلب (3).
قال القرطبي: الخمس المسؤول عنه هو خمس الخمس لا خمس الغنيمة، ولا يقول ابن عباس ولا غيره أن خمس الغنيمة يصرف في القرابة وإنما يصرف إليهم خمس الخمس على قول من يصرف خمس الغنيمة خمسة أخماس على مذهب الشافعي، وهو الذي أشار إليه ابن عباس وهو مذهب ابن حنبل (4).
(وقد كان عمر) بن الخطاب (عرض علينا من ذلك) الخمس (عرضًا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله) منه. زاد النسائي (5): وكان الذي عرض الخمس أن يعين ناكحهم ويقضي عن غارمهم ويعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك. وفي رواية له (6): وقد كان عمر
(1)"المجتبى" 7/ 147.
(2)
في شرح النووي هنا عبارة: وقد اختلف العلماء فيه فقال الشافعي مثل قول ابن عباس .. الخ.
(3)
"شرح مسلم" للنووي 12/ 191.
(4)
"المفهم" 12/ 14.
(5)
"سنن النسائي" 7/ 146 (4144).
(6)
"سنن النسائي" 7/ 147.
دعانا إلى أن ننكح منه أيمنا ويحذي منه عائلنا ونقضي منه عن غارمنا، فأبينا إلا أن يسلمه لنا وأبى ذلك فتركناه عليه، انتهى. يعني: أنه أبي أن يصرف ذلك جميعه إليهم، بل يصرف ما يحتاجون إليه والباقي يصرفه في المصالح للمسلمين.
[2983]
(حدثنا عباس) بالموحدة والسين المهملة (بن عبد العظيم) العنبري من حفاظ البصرة شيخ مسلم، وروى عنه البخاري تعليقًا (1)(حدثنا يحيى بن أبي بكير) العبدي قاضي كرمان (2)(حدثنا أبو جعفر) عيسى بن أبي عيسى ماهان (الرازي) أخرج له البخاري في كتاب "الأدب"(3)(عن مطرف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس) قال ابن تيمية (4) في "المنتقى": فيه دليل على أن (5) مصارف الخمس خمسة. خلافًا لأبي حنيفة ومن وافقه أن الخمس يثلث يعني: يعطى لثلاثة وهم: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل (6). وخلافًا لمن قال: يقسم الخمس على ستة أسهم: سهم لله تعالى، وسهم لرسوله؛ لظاهر قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} فعد ستة، وجعل الله تعالى لنفسه
(1)"التقريب"(3176)، "الكاشف"(2601).
(2)
"الكاشف"(6142).
(3)
"التقريب"(8019).
(4)
في (ل): التيمية. والمثبت من (ع).
(5)
سقط من الأصل والمثبت من "المنتقى"، مع "نيل الأوطار" 8/ 148.
(6)
انظر: "اللباب في شرح الكتاب" 1/ 401، و"الهداية شرح البداية" 2/ 148، وانظر:"المغني" 7/ 299.
سهمًا سادسًا وهو مردود على عباد الله أهل الحاجة (1)(فوضعته مواضعه) في (حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم) في زمن (حياة أبي بكر و) في (حياة عمر) رضي الله عنهما (فأتي بمال) من خمس الخمس (فدعاني فقال: خذه) تصرف (فقلت) والله (لا أريده. قال: خذه فأنتم) أهل البيت (أحق به) من غيركم (قلت: قد استغنينا عنه) أي: عن أخذه بغيره فأخذه (فجعله في بيت المال) أي: في بيت مال المسلمين يصرف في مصالحهم على ما يراه الإمام.
[2984]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا) عبد الله (ابن نمير) الهمداني (حدثنا هاشم بن البريد) بفتح الباء الموحدة وكسر الراء الكوفي ثقة، وهو والد علي البزار (2)(حدثنا حسين (3) بن ميمون) الخندفي بكسر الخاء المعجمة والدال، والفاء الكوفي، توفي سنة 118 (عن عبد الله بن عبد الله) الرازي، قاضي الري، وثقه ابن حنبل وغيره (4) (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليًّا) رضي الله عنه (يقول: اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة) بن شراحيل القضاعي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه (عند النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس) الذي لنا (في كتاب الله) تعالى (فأقسمه) بفتح الميم نصب عطفًا على توليني في أيام (حياتك) لـ (كي لا ينازعني أحد بعدك) في حقي
(1) انظر: "المغني" 7/ 299، "المفهم" 11/ 81.
(2)
انظر: "التقريب"(7252).
(3)
في (ر): الحسن.
(4)
"العلل ومعرفة الرجال"(653 و 1394)، "الجرح والتعديل" 5/ 92، "الكاشف"(2809).
منه (فافعل) ذلك (قال: ففعل ذلك) وأعطاني ولايته (فقسمته) في مصارفه (حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولانيه) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبو بكر) الصديق رضي الله عنه واستمر في ولايتي (حتى كانت آخر) بالرفع (سنة من سنين (1) عمر) هذِه لغة في سنين، وهي أن لا تسقط نونها للإضافة؛ لأنها حرف إعراب فهي كنون غسلين، ومنه قول الشاعر:
[دعاني من نجد فإن سنينه
…
لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا] (2)
والياء على هذِه اللغة لامة واللغة المشهورة أن تعرب إعراب جمع المذكر السالم، وبالوجهين جاء قوله عليه السلام:"اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف"(3) بحذف النون للإضافة كما يحذف في بني زيد، وبالوجهين ورد هنا من سني عمر (فإنه أتاه مال كثير) من الخمس (فعزل حقنا) منه (ثم أرسل إلى) فقال: خذ حقكم (فقلت) إن (بنا عنه) أي: عن هذا المال في هذا (العام غنى) عنه (و) إن (بالمسلمين إليه) في هذا العام (إليه حاجة) شديدة (فاردده عليهم فرده) عمر (عليهم) فيه: أن الأفضل لمن له حق تعين من حقوقه إذا رأى من هو محتاج إليه أن يتركه له (ثم لم يدعني) بسكون الدال (إليه) أي (4): لم يطلبني إلى أخذه (أحد بعد عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (فلقيت العباس بعدما
(1) هكذا في الأصل وعليها شرح الشارح والذي في مطبوع "السنن" طبعة عوامة والمكنز: سني عمر.
(2)
سقط من (ر).
(3)
"صحيح البخاري"(804) وح (1006).
(4)
في (ر): ثم.
خرجت من عند عمر رضي الله عنه فقال: يا علي حرمتنا) في هذِه (الغداة) وفيما بعدها من الخمس (شيئًا لا يرد علينا) بعده (أبدًا وكان) العباس (رجلًا داهيًا) أي خبيرًا بدواهي الدهر ونوازله وهي الأمور العظيمة التي تنزل بالناس وتحدث لهم، وكانوا في الجاهلية يقدمونه في الأمور المعضلة ويشاورونه ويأخذون برأيه.
[2985]
(حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس، عن ابن شهاب) قال (أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل) بن الحارث ابن عبد المطلب (الهاشمي) المدني، لقبه ببه (1)، حنَّكه النبي صلى الله عليه وسلم (أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب) الصحابي، توفي بدمشق، وكان ابن عم عبد الله الراوي عنه لأبيه (أخبره: أن أباه ربيعة ابن الحارث) بن عبد المطلب وكان أسن من عمه (2) العباس بسنتين، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح:"وإن أول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث"(وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة) بن الحارث (وللفضل بن عباس) ولفظ مسلم (3): اجتمع ربيعة ابن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: لو بعثنا هذين الغلامين
(1)"تهذيب التهذيب" 5/ 157 وفي "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 182: ببه بباء معجمة بواحدة مكررة الأولى منهما مفتوحة والثانية مشددة. وكذا هو في "الإصابة" ترجمة (1502). وأما معنى هذا اللقب فصوت لا عبرة به كان يصوت له به في طفوليته فلقب به. وكانت أمه تقول في ترقيصه
…
لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جاريةً خِدَبَّه
…
انتهى من "الفائق" 1/ 71، 72 وقال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 223: يقال للشابّ الممتلئ البدن نَعمةً: بَبَّة. وانظر: "المحكم" لابن سيدة 10/ 806.
(2)
من هنا سقط في (ر).
(3)
(1072).
- قالا لي وللفضل بن عباس - إلى رسول الله فكلماه، فأمرهما على هذِه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا ما يصيب الناس، قال: فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك.
(ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولا له: يا رسول الله قد بلغنا من السن) أي: من العمر (ما ترى، وأحببنا أن نتزوج) لشدة غلبة الشباب (وأنت يا رسول الله أبر الناس) بالرفع أي أكثرهم برًّا (وأوصلهم) بالرحم (وليس) عندنا ولا (عند أبوينا ما يصدقان) بضم الياء وسكون الصاد، أي: يعطيان (عنا) من الصدقة (فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات) أي: اجعلنا عاملين عليها، يعني: نسعى في جمعها (فلنؤد إليك ما يؤدي العمال) إليك على عادتهم (ولنصب) منها (ما كان فيها من مرفق) بكسر الميم وفتح الفاء، وهو ما يرتفق به وينتفع من مال وغيره، ويجوز فتح الميم وكسر الفاء كما في مرفق الإنسان، وقد قرئ في السبع باللغتين في قوله تعالى:{وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} (1).
(قال: فأتى علي بن أبي طالب ونحن على تلك الحال) زاد مسلم: فوقف عليهما فذكرا له ذلك، قال علي: لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل (فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نستعمل منكم (2) والله) فيه جواز الحلف على غلبة الظن (فقال له ربيعة) بن الحارث والله (هذا من أمرك) أي من قبل نفسك (قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي حصلت
(1) قرأ نافع وابن عامر بالفتح، وقرأ الباقون بالكسر. انظر:"حجة القراءات" لابن زنجلة (ص 421).
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: لا يستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حرمة التزويج منه. قال في "النهاية": الصهر حرمة التزويج، والفرق بينه وبين النسب أن النسب ما رجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء، والصهر ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج (1).
(فلم نحسدك عليه) أي على ما نالك منه من الشرف وعظم الرتبة (فألقى علي) بن أبي طالب (رداءه) على الأرض (ثم اضطجع عليه) ليستريح (فقال: أنا أبو حسن)(2) قال ذلك لأجل الذي كان عنده من علم ذلك كان رضي الله عنه يقول هذِه الكلمة عند الأخذ في قضية تشكل على غيره وهو يعرفها، ولذلك جرى كلامه مجرى المثل حتى قالوا: قضية ولا أبا حسن، أي: هذه قضية مشكلة وليس هناك من يبينها كما كان يفعل أبو حسن الذي هو علي بن أبي طالب (3)(القرم) أكثر الروايات بالواو ولا معنى لها (4)، وإنما هو بالراء والرفع وتنوين حسن وهو السيد، هو الفحل من الإبل ويستعار للرجل الكبير المجرب للأمور، ورواية القاضي الشهيد (5) بالراء والرفع على النعت لأبي حسن.
(1)"النهاية" 3/ 130.
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: الحسين.
(3)
هذا النقل من "المفهم" للقرطبي 9/ 97 وتمامه: وأتوا بـ (أبي حسن) بعد (لا) النافية للنكرة على إرادة التنكير. أي: ليس هناك واحد ممن يسمى أبا حسن، كما قالوا:
أرى الحاجات عند أبي خُبَيب
…
نُكِدْنَ ولا أمية في البلاد
أي: ولا واحدٌ ممن يُسمى أمية.
(4)
بل ذكر لها القرطبي في "المفهم" معنى فقال في 9/ 97: وقد روي: بالواو مكان الراء بإضافة حسن إليه، وهي رواية ابن أبي جعفر، ووجهها: كأنه قال: أنا عالم القوم وذو رأيهم.
(5)
هكذا في (ل) وفي ع: الشهير. والصواب الشهيد، انظر:"إكمال المعلم" 3/ 330.
قال النووي: هذا أوضح الأوجه في ضبطه.
والثاني حكاه القاضي: أبو حسن القوم بالواو وبإضافة الحسن إلى القوم (1) ومعناه: عالم القوم وذو رأيهم.
والثالث: مروي عن أبي بحر: أبو حسن بالتنوين، والقوم بالرفع، أي: أنا من علمتم أيها القوم رأيه السديد، وهذا ضعيف؛ لأن حرف النداء لا يحذف في نداء القوم.
(والله لا أريم) بفتح الهمزة وكسر الراء، أي: لا أزول ولا أبرح من مكاني هذا (حتى يرجع إليكما ابناكما) بألف التنوين المقصورة (2).
قال القرطبي: وهو الصحيح، [قال ووقع لبعض الشيوخ: أبناؤكما بالمد جمع ابن وهو وهم فإنه] (3) قد نص على أنهما اثنان (4).
قال النووي: وقد يصح على مذهب من جمع الاثنين (5)(بحور)(6) بكسر باء الجر وفتح حاء حور وسكون واوها (ما بعثتما به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) أي: بجوابه يقال: كلمته فما رد حورًا ولا حويرا أي: جوابًا، وأصل الحور: الرجوع، ومنه قوله تعالى:{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)} ، وقيل: أراد بالحور الخيبة والإخفاق، أي: يرجع خائبًا مما يطلب (7).
(1) إلى هنا انتهى السقط من (ر).
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 7/ 180.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"المفهم" 9/ 97.
(5)
"شرح مسلم" للنووي 7/ 181.
(6)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: بجواب.
(7)
راجع "شرح مسلم" للنووي 7/ 181.
(قال عبد المطلب)(1) بن ربيعة (فانطلقت أنا والفضل) بن عباس. لفظ النسائي: حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)(حتى نوافق) بضم النون، أي: أسرعنا في المشي حتى ندرك (صلاة الظهر) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقنا (قد قامت) أي: أقيمت الصلاة (فصلينا) صلاة الظهر جماعة (مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحجرة للبيت، وأصله حظيرة الإبل؛ لأن لها حائط يحجر، أي: يمنع من الدخول، ولفظ مسلم: فلما صلى الله عليه وسلم سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها (وهو يومئذ عند زينب بنت جحش) أي: في بيتها ونوبتها (فقمنا) واقفين (بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأذني وأذن الفضل) فيه التأديب بإمساك الأذن وتركها (ثم قال) لنا: (أخرجا) بفتح الهمزة (ما تصرران) بضم التاء وفتح الصاد وكسر الراء الأولى.
قال النووي: هكذا هو في معظم الأصول ببلادنا، ومعناه: أخرجا ما تجمعانه في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته فقد صررته، قال: ووقع في بعض النسخ: - تسرران بالسين - من السر، أي: ما يقولانه لي سرًّا، وذكر القاضي عياض أربع لغات: هاتين الثنتين، والثالثة: تصدران بإسكان الصاد وبعدها دال مهملة، أي: ماذا ترفعان إلى. والرابعة: تصوران بفتح الصاد وبواو مكسورة مشددة، قال: وهكذا ضبطه الحميدي (3).
(1) في (ر): عبد الملك.
(2)
"السنن الكبرى"(2391).
(3)
"شرح مسلم" 7/ 178.
قال صاحب "المطالع": والصواب تصرران بالصاد والراءين (1).
(ثم دخل) إلى الحجرة، فيه أن الأدب في دخول الدار أن يدخل صاحب المنزل قبل المأذون له (فأذن لي وللفضل، فدخلنا) فيه استحباب الإذن في الدخول وإن كان قرابة أو صديقًا (فتواكلنا الكلام قليلًا) معناه: إن كلًّا منا قد وكل الكلام إلى صاحبه يريد أن يبتدئ الكلام صاحبه دونه.
قال الزمخشري: التواكل أن يتكل كل واحد منهما على صاحبه في الكلام (2).
قال القرطبي: كأنهما توقفا قليلًا إلى أن بدر أحدهما بالكلام فتكلم (3).
(ثم كلمته أو كلمه الفضل قد شك في ذلك عبد الله) بن الحارث (4)، لفظ مسلم: ثم تكلم أحدنا من غير شك (فقال: كلمه) بسكون الميم على الأمر، أي: قل له (بالأمر (5) الذي أمرنا به أبوانا) بيَّن ذلك في رواية مسلم ولفظه: فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح، فجئنا لتؤمِّرنا على بعض هذِه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون.
قال (فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصره قبل) بكسر القاف وفتح
(1)"مطالع الأنوار" 4/ 270.
(2)
"الفائق" 4/ 78.
(3)
"المفهم" 9/ 97.
(4)
في (ر) عبد الحارث والمثبت من (ل) و (ع).
(5)
من المطبوع.
الموحدة، أي: جهة، رواية: نحو (سقف البيت) يحتمل -والله أعلم- أنه رفع بصره نحو السقف وهو جهة السماء ليدعو لهما أن يغنيهما بفضله عمن سواه، فإن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين، وفيه إشارة إلى تنبيههما على (1) أن يسألا الله تعالى ويرغبا إليه في جميع أمورهما دون أحد من الآدميين لقوله عليه السلام:"إذا سألت فاسأل الله"(2)(حتى طال علينا) سكوته وحسبنا (أنه لا يرجع) أي: لا يرد (إلينا شيئًا) من ما سألناه، ولفظ مسلم: فسكت طويلًا حتى أردنا أن نكلمه ثانيًا (حتى رأينا زينب تلمع) قال النووي: هو بضم التاء وإسكان اللام وكسر الميم، قال: ويجوز فتح التاء والميم، يقال: ألمع ولمع إذا أشار بثوبه (3). ومنه حديث ابن مسعود: رأى رجلًا شاخصًا بصره إلى السماء فقال: ما تدري هذا لعل بصره سيلمع قبل أن يرجع إليه. ويقال: لمع الطائر بجناحيه إذ خفق بهما (من وراء الحجاب) وهو الستر الذي استترت به من أعين الداخلين إليه (بيدها) يدل على أن اليد ليس بعورة كما في الوجه (تريد) بإشارتها (أن لا تعجلا) أيها المتكلم (وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ينظر (في أمركما)(4) ولفظ مسلم: أن لا تكلماه.
فيه أن الأولى في حق المرأة إذا احتجبت من أحد أن لا تتكلم في
(1) سقط من (ر).
(2)
أخرجه الترمذي (2516) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
"شرح مسلم" للنووي 7/ 179، "المفهم" 9/ 97.
(4)
هكذا في الأصل (ع) وفي مطبوع "السنن": أمرنا.
حضرته، بل تشير بيدها أو تحرك شيئًا أو تضربه ليفهم منه ما تريد دون لفظها (ثم خفض) بمفتوحات ([رسول الله] (1) رأسه) الخفض ضد الرفع (فقال لنا) ووجه خفض رأسه عند كلامهما أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحب أن يواجه أحدًا بما يكرهه حياء منه، فإنه صلى الله عليه وسلم كان أشد حياء من العذراء في خدرها (2). في الخطاب وغيره.
(إن هذِه الصدقة) تشمل الواجب والتطوع (إنما هي أوساخ الناس) هذا تنبيه على العلة في التحريم الآتي في الصدقة على محمد وعلى آل محمد، وفيه تقديم العلة على معلولها، ومعنى أوساخ الناس: أنها تطهير لأموالهم مما يحدث فيها من الشبه، وتطهير لنفوسهم مما يحدث فيها من البخل والشح وغير ذلك، فهو كما قال الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فهي كغسالة الأوساخ، وغسلين غسالة جروح أهل النار وفروجهم (وإنها لا تحل لمحمد) صلى الله عليه وسلم (ولا لآل محمد) لأن يد الآخذ سفلى، ويد المعطي عليا، ولا يد أعلى من يد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أيدي آله، فقد أكرمهم الله وأعلا مقدارهم عن أخذ أوساخ الناس وأغناهم بما أوجب لهم من سهم ذي القربى الواجب أيضًا لهم إليهم على كل من ولي شيئًا من أمور المسلمين إلى يوم القيامة، فلو منعوهم وجب سد خلالهم والقيام بحاجاتهم على أهل القدرة من المسلمين لا على وجه الصدقة بل على جهة القيام بالحقوق الواجبة في الأموال، ويكون حكمهم كحكم الحقوق المرتبة
(1) من المطبوع.
(2)
هو حديث أخرجه البخاري (3562).
على بيت مال المسلمين.
واختلفوا في آل محمد، والصحيح أنهم بنو هاشم وبنو المطلب (1).
وقال مالك وأصحابه: هم بنو هاشم خاصة (2)، ومثله عند أبي حنيفة، واستثنى آل أبي لهب (3).
(ادعوا لي نوفل بن الحارث) الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان [أسن بني هاشم الصحابة](4)(فدعي له نوفل بن الحارث) بن عبد المطلب (فقال: يا نوفل، أنكح) بفتح الهمزة وكسر الكاف (عبد المطلب) بن ربيعة (فأنكحني نوفل) ابنته، ودفع النبي صلى الله عليه وسلم الصداق عني من سهمه من الخمس كما سيأتي أنه أمر بذلك محمية بن جزء (ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا إلى محمية) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الميم وفتح المثناة تحت (بن جزء) بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة على وزن كلب، هكذا نقله أهل الحفظ والإتقان (5).
وقال الدارقطني: بكسر الجيم يقوله أصحاب الحديث (6)(وهو رجل) عم عبد الله بن الحارث بن جزء من مهاجرة الحبشة وهو حليف بني جمح وهو (من بني زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة مصغر، وزبيد
(1)"الأم" 3/ 202.
(2)
انظر: "بداية المجتهد" 2/ 153.
(3)
انظر: "المبسوط" 10/ 9، "تبيين الحقائق" 1/ 303.
(4)
هكذا في الأصل ومعناها كما في "الإصابة" 6/ 479: كان أسن من أسلم من بني هاشم حتى من عميه حمزة والعباس. وانظر: "الطبقات الكبرى" 4/ 46.
(5)
انظر: "الإصابة" 6/ 44، "تهذيب الأسماء" 1/ 612.
(6)
"المؤتلف والمختلف" 1/ 491.
قبيلة من مذْحج (1)، واسم زبيد منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك ابن أدد، وإنما قيل له زبيد؛ لأنه قال: من يزيدنى رفده فأجابه أعمامه كلهم بنو زبيد الأكبر فقيل لهم جميعًا: زبيد وإليهم ينسب عمرو بن معدي كرب الزبيدي (2)(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس) يجمعها ويتصرف فيها، وأما ما ورد في "صحيح مسلم" أن محمية من بني أسد، فقال القاضي عياض: كذا وقع، قال: والمحفوظ أنه من بني زبيد (3). وذكره ابن الكلبي والسمعاني (4) أنه زبيدي كما تقدم.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمية) بن جزء (أنكح) بفتح الهمزة (الفضل) ابن عباس أي: زوجه (فأنكحه) أي: زوجه امرأة، وولدت له بنتًا تزوجها الحسن بن علي ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعري (5).
(ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمحمية (قم فأصدق) بفتح الهمزة وسكون الصاد وكسر الدال (عنهما) أي عن عبد المطلب والفضل (من الخمس [كذا وكذا])(6) قال المنذري: أي: من حصته صلى الله عليه وسلم من الخمس الذي هو سهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يأخذ لطعامه ونفقة أهله منه قدر الكفاية ويرد الباقي منه على يتامى بني هاشم وأيامهم ويضعه حيث أراه الله تعالى
(1)"وفيات الأعيان" 4/ 374، "عمدة القاري" 3/ 60.
(2)
"مغاني الأخيار" باب الزاي المعجمة الزبيدي.
(3)
"مشارق الأنوار" 1/ 63.
(4)
"الأنساب" 3/ 136.
(5)
انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم 2/ 412.
و"نسب قريش" لمصعب الزبيري (ص 26).
(6)
من المطبوع.
من وجوه المصلحة. وقد يحتمل إنما أمره أن يسوق المهر عنهما من سهم ذي القربى، وهو من جملة الخمس (1). وذكر هذين الاحتمالين النووي (2).
وفي الحديث دليل على أن الصدقة لا تحل لهم بوجه من الوجوه وإن كانوا عاملين عليها كما لا يحل لهم إذا كانوا محتاجين إليها إكرامًا لهم عنها؛ إذ هي أوساخ الناس كما تقدم (3).
[2986]
(حدثنا أحمد بن [صالح، حدثنا] (4) عنبسة بن خالد، حدثنا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني علي بن حسين) بن علي (أن) أباه (حسين بن علي أخبره، أن علي بن أبي طالب قال: كانت لي شارف) وهي المسنة من النوق والجمع شرف مثل نازل ونزل (5)، والمعروف في ذلك أنه من النوق خاصة دون الذكور (6)، وعن الأصمعي أن الشارف للذكر والأنثى (7)(من نصيبي من المغنم) الحاصل من جهاد الكفار (يوم) وقعة (بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) قد (أعطاني شارفًا) أخرى، كذا في الصحيحين (من الخمس يومئذٍ) قال التيمي: فيه دليل على أن الغانم قد يعطى من الغنيمة بوجهين من الخمس ومن الأربعة
(1)"مختصر السنن" وبهامشه "معالم السنن" 4/ 223. ولعله من كلام الخطابي.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 7/ 180.
(3)
انتهى السقط الحاصل في (ر).
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، والمثبت من "سنن أبي داود".
(5)
"النهاية" 2/ 1142.
(6)
"غريب الحديث" لابن قتيبة 1/ 486.
(7)
"فتح الباري" 6/ 199 وقال البدر العيني في "عمدة القاري" 17/ 388: وعن الأصمعي أنه يقال للذكر شارف وللأنثى شارفة.
الأخماس (1).
(فلما أردت أن أبتني (2) بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أردت أن أدخل بزوجتي فاطمة رضي الله عنها، والأصل أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال: بنى الرجل على أهله. قال الجوهري: ولا يقال: بنى بأهله (3). وهذا الذي قاله فيه نظر لهذا الحديث الثابت في الصحيحين، ثم عاد الجوهري فاستعمله في كتابه (4) (واعدت رجلًا صواغًا (5) أي: صائغًا، وهو الذي يصوغ الذهب والفضة (6)، وصواغ من أبنية المبالغة مثل أكال وشراب (7)(من بني قينقاع) مثلث النون والضم أشهر، وهم طائفة من يهود المدينة، قال النووي: يجوز صرفه على إرادة الحي، وترك صرفه على إرادة القبيلة والطائفة (8)(أن يرتحل معي) إلى ظاهر المدينة (فنأتي) بالنصب (بإذخر) بكسر الهمزة وإسكان الذال المعجمة وكسر الخاء المعجمة وهي حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب (9)، ويستعمله الصياغ وغيرهم من الكفار المعاهدين في إيقاد اليابس منه،
(1) انظر: "فتح الباري" 6/ 201.
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: أن أبني.
(3)
"الصحاح" 6/ 136.
(4)
انظر: "الصحاح" 3/ 86.
(5)
بفتح الصاد المهملة والتشديد. وانظر: "فتح الباري" 6/ 199.
(6)
"النهاية" لابن الأثير 3/ 124.
(7)
انظر: "المفهم" 16/ 143.
(8)
"شرح مسلم" للنووي 13/ 143.
(9)
"النهاية" 1/ 65.
وفيه جواز الاستعانة في الاحتشاش وغيره من الأعمال والاكتساب باليهود وغيرهم من الكفار المعاهدين وأهل الذمة، وجواز مرافقتهم في السفر والأكل معهم، وفيه جواز الاحتشاش والاحتطاب للتكسب به، وفيه جواز [بيع الوقود](1) للصواغين ومعاملتهم (أردت أن أبيعه من الصواغين) فيه أن بيع الحشيش والحطب ونحوهما جائز، وأنه لا ينقص المروءة، وفيه اقتناء الدواب ليحمل عليها ما يأتي به للبيع، رواية:(فأستعين) فيستعين بالنصب (به في وليمة عرسي) وفيه اتخاذ سنه الوليمة للعرس سواء في ذلك من له مال كثير ومن دونه، وأن ليس من عنده مال يحترف في تحصيلها بالاحتطاب والاحتشاش والصناعة التي يحسنها (فبينا [أنا أجمع] (2) لشارفي) بتشديد الياء آخره تثنية شارف (متاعًا من الأقتاب) جمع قتب وهو أداة الرحل الذي يوضع على ظهر البعير، والقتب للجمل كالإكاف لغيره، ومنه حديث عائشة:"لا تمنع المرأة زوجها وإن كانت على ظهر قتب"(3)(والغرائر) جمع غرارة بكسر العين وهي شبه العدل (4)(والحبال) الذي يشد بها
(1) في (ر): الموقود.
(2)
في (ر): لأجمع.
(3)
أخرجه أحمد (19422)، والطيالسي (1193 و 2036)، وعبد بن حميد (813). قال في "الصحاح" 1/ 218: هو رحل صغير على قدر السنام. وقال أبو عُبيد: كُنَّا نَرى أنْ المعنى أن يكون ذلك وهي تسير على ظَهْر البَعير فجاء التفسير في بعض الحديث: إن المرأة كانت إذا حَضَر نِفَاسُها أُجْلِسَتْ على قَتَبٍ ليكونَ أسْلَس لولادتها. انتهى من "الفائق" 3/ 158.
(4)
انظر: "المصباح المنير" 2/ 445. والعدل هنا نصف الحمل على أحد شقي الدابة. والغرارة ما يوضع فوق العدلين. انظر: "عمدة القاري" 8/ 100.
(وشارفاي مناخان) رواية: مناختان (1) بضم الميم وتخفيف النون وتاء التأنيث (إلى جنب حجرة) أي بيت (رجل من الأنصار) فيه جواز إناخة الناقة على باب غيره، وإن توقع منها البول (2) وغيره إذا لم يتضرر به أساس الدار ونحوه (3)(وأقبلت حين جمعت ما جمعت) من الأمتعة المذكورة (فإذا) أنا (بشارفي (4) قد اجتبت) بضم الهمزة وكسر الجيم وتشديد الموحدة، والصحيح: اجتبيت (5) بزيادة التحتانية وسكون الجيم، أي: قطعت (أسنمتهما) بالرفع نائب عن الفاعل، وهو جمع سنام، والسنام للبعير كالألية للغنم (وبقرت) بضم الباء وكسر القاف، أي: شقت (خواصرهما) جمع خاصرة (وأخذ من أكبادهما) قطعًا (فلم أملك عيني حين رأيت ذلك) فيه أن البكاء الذي يجلبه الحزن وشدة الغيظ غير مذموم وسبب هذا الحزن خوفه من تقصيره في حق فاطمة وجهازها، ولم يكن من حيث هما متاع الدنيا (6) (المنظر) بفتح الميم والظاء (فقلت: من فعل هذا؟ فقالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب) فيه أن إخبار المظلوم بمن ظلمه ليس من الغيبة (وهو في هذا البيت في
(1) في (ح) و (س). عوامة. قال النووي 13/ 146: وهما صحيحان فأنث باعتبار المعنى وذكر باعتبار اللفظ.
(2)
في (ر): القول.
(3)
"فتح الباري" 6/ 201.
(4)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: شارفاي: بحذف باء الجر.
(5)
هكذا في الأصل والصواب اجتبت. من غير ياء والمقصود بالتحتانية الموحدة. والله أعلم وراجع الفقرة السابقة.
(6)
انظر: "فتح الباري"(6/ 200 و 201).
شرب) بفتح الشين وإسكان الراء وهم الجماعة الشاربون واحدهم شارب كتاجر وتجر (من الأنصار) فيه جواز الاجتماع على شرب المباح، وأن المأكول والمشروب إذا قدم إلى الجماعة جاز أن يتناول كل واحد منهم بقدر الحاجة من غير تقدير (1)(2)(غنته قينة) بفتح القاف، هي الجارية المغنية (و) غنت (أصحابه) بنصب الباء، وفيه دليل على جواز الغناء بالمباح من القول وإنشاد الشعر، وإباحة استماعه من الأَمَة.
(فقالت في غنائها) بكسر الغين والمد وهو رفع الصوت بالشعر وما قال به من الزجر (ألا) بالتخفيف (يا حمز) مرخم أصله يا حمزة، ويجوز فتح الزاي على الأصل وضمها على النداء (للشرف) قال القرطبي: الرواية المشهورة في هذا اللفظ: للشرف باللام وضم الشين، والراء جمع شارف شرف واللام متعلقة بفعل محذوف دل عليه الحال، أي: انهض للشرف أو قم لها، فلذلك قام حمزة فنحرها وجوفها وإن كانتا شارفتين دليل (3) على إطلاق الجمع على الاثنين، ويروى بفتح الشين والراء، أي: ذو الشرف والرفعة (النواء) بكسر النون وتخفيف الواو والمد، جمع ناوية وهي السمينة يقال: نوت الناقة سمنت فهي ناوية والجمع نواء على غير قياس، ووقع عند الأصيلي والقابسي بفتح النون والقصر (4) وهو البعد، وفيها بعد،
(1) انظر: "فتح الباري" 6/ 201.
(2)
زاد هنا في (ر): قال القرطبي.
(3)
في (ر): قليل.
(4)
سقط من (ر).
والصواب رواية الجماعة. وبقية البيت:
وهن معقلات بالفناء
وبعده:
ضع السكين في اللبات منها
…
وضرجهن حمزة بالدماء
وعجل من أطايبها لشرب
…
قديدًا من طبيخ أو شواء (1)
(فوثب) حمزة حين سمع قولها (إلى السيف فاجتب) ولمسلم: فجب (2)، وللبخاري: فأجب (3)، وهذه غريبة في اللغة (4) (أسنمتهما وبقر) أي: شق، ومنه سميت البقرة؛ لأنها تشق الأرض بالحراثة (خواصرهما) قال القرطبي: شق عنها الجلد (5) وأخرج الذي فيها، قال: وإنما فعل ذلك بعد أن نحرها على عاداتهم، وعلى هذا يدل الشعر المذكور.
قال: ويحتمل أن يكون فعل ذلك بها من غير نحر استعجالًا لإجابة الإغراء الذي أغرته به (6) المغنية، لاسيما وقد كانت الخمر أخذت منه (7).
(1)"شرح مسلم" للنووي 13/ 144.
(2)
"صحيح البخاري"(1979).
(3)
"صحيح مسلم"(2375).
(4)
"شرح مسلم" للنووي 13/ 144.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في (ر): بعد.
(7)
"المفهم" 5/ 247.
قال النووي: وهذا الفعل الذي (1) جرى من حمزة من شربه وقطع أسنمة الناقتين وبقر خواصرهما وأكل لحمهما لا إثم عليه في شيء من ذلك، أما أصل الشرب والسكر فكان مباحًا؛ لأنه قبل تحريم الخمر، وأما من يقوله من بعض من لا تحصيل له أن السكر لم يزل محرمًا فباطل لا أصل له وأما ما في الأمور فجرت منه في حال عدم التكليف فلا إثم فيها كمن شرب دواءً لحاجة فزال به عقله، أو شرب شيئًا يظنه خلًّا فكان خمرًا، أو أكره على شرب الخمر فشربها وسكر فهو في حال السكر غير مكلف ولا إثم عليه فيما يقع منه في ذلك الحال بلا خلاف، وأما غرامة ما أتلفه فتجب في ماله فلعل عليًّا أبرأه من ذلك بعد معرفته بقيمة ما أتلفه، أو أنه أداه إليه حمزة بعد ذلك، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أداه عنه (2) لحرمته عنده وكمال حقه عليه ومحبته إياه.
وقد أجمع العلماء على أن ما أتلفه السكران من الأموال يلزمه ضمانه كالمجنون، فإن الضمان لا يشترط فيه التكليف، ولهذا أوجب الله تعالى في قتل الخطأ الدية والكفارة، وأما هذا السنام المقطوع فإن لم يكن تقدم نحرهما فهو حرام بإجماع المسلمين؛ لأن ما أبين من حي فهو ميت، ويحتمل أنه ذكاهما، ويدل عليه الشعر وإن كان ذكاهما فلحمها حلال باتفاق العلماء إلا ما حكي عن عكرمة وإسحاق وداود: لا يحل ما ذبحه سارق أو غاصب أو متعد، والصواب الذي عليه الجمهور حله وإن لم يكن ذكاهما وثبت أنه أكل منهما فهو أكل في حالة السكر
(1) سقطت من الأصل وأثبتها من "شرح مسلم" للنووي 13/ 144 لحاجة السياق إليها.
(2)
في (ر): ثمنه.
المباح ولا إثم فيه (1).
(وأخذ من أكبادهما) والأخذ لا يلزم منه أن يكون أكل.
(قال علي) بن أبي طالب لا علي بن حسين، وذكره ابن شهاب تعليقًا (فانطلقت حتى أدخل)(2) بالرفع؛ لأن حتى لا تعمل هنا؛ لأن بعدها جملة، والتقدير: فانطلقت فدخلت، أي هذا الدخول حالي؛ لأن الانطلاق إنما كان لدخوله، ومنه قراءة نافع:{وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (3) بالرفع، أي: زلزلوا فقال الرسول، والرسول هنا شعيب في قول مقاتل (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة) حب رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت) من رؤية وجهي وحالي، أو علمه بوحي.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ ) فيه السؤال عن أمر من يراه متغير الحال (قال: فقلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم) قط.
قال القرطبي: هذا كلام كثر عندهم حتى صار كالمثل، والكاف فيه نعت ليوم محذوف، تقديره: ما رأيت [يومًا مثل اليوم. يهوله لما لقي فيه. ويحتمل أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، تقديره: ما رأيت](4) كربًا مثل
(1)"شرح مسلم" 13/ 144، 145.
(2)
قال ابن حجر في "الفتح" 6/ 204: قوله "فانطلقت حتى أدخل" كذا فيه بصيغة المضارعة في موضع الماضي في الموضعين وهي مبالغة لإرادة استحضار صورة الحال ويجوز ضم أدخل على أن حتى عاطفة أي انطلقت فدخلت والفتح على أن حتى بمعنى إلى أن.
(3)
البقرة: 214. وانظر: "السبعة في القراءات" (ص 181).
(4)
سقط من (ر).
كرب اليوم، أو: ما رأيت منظرًا مثل منظر اليوم.
قال: وعلى هذا ففيه حجة على إباحة أكل ما ذبحه غير المالك تعديًّا، كالغاصب والسارق؛ لأن الزكاة وقعت من المتعدي على شروطها الخاصة بها، وقيمة الذبيحة قد تعلقت [بذمة المتعدي](1)(عدا) بالعين المهملة، أي: اعتدى عمك، وغدا - بالغين المعجمة - من الغدو (حمزة) بن عبد المطلب (على ناقتي) بفتح التاء والياء المشددة (فاجتب) أي قطع (أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب) بفتح الشين كما تقدم، وفيه أن ما ذكر على قصد [التظلم والاستغاثة بمن يعينه على من استعدى على ماله إذ لا يمكنه الخلاص] (2) إلا بذكر ما فعل به وبماله؛ لقوله عليه السلام:"لصاحب الحق مقال"(3).
قال [الكرماني: وفي الحديث دلالة على جواز النحر بالسيف وفي حالة بروك المنحور والتخيير](4) فيما نأكله كاختيار الكبد دون بقية المنحور، قال: وذلك ليس بإسراف، وأكل الكبد وإن كان دمًا، وأن من دل إنسانًا على مال قريبه ليس بظالم. قال:(فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتدى به) ولمسلم: فارتداه، وفيه جواز لباس الرداء، وترجم له البخاري بابًا (5).
(1) في الأصل بقيمة الذبيحة. والمثبت من "المفهم" للقرطبي 16/ 144.
(2)
سقط من (ر) وكتب مكانه كلمة الخاص.
(3)
البخاري (2306).
(4)
سقط من (ر).
(5)
لعله يقصد به ما ذكره البخاري في كتاب اللباس، وهو باب: الأردية. 7/ 139.
وفيه أن الكبير إذا خرج من منزله تجمل بثيابه ولا يقتصر على ما يكون عليه في بيته وخلواته، وهذا من المروءات والآداب المحبوبة وليس هو من التصنع للمخلوقين.
(ثم انطلق يمشي واتبعته) بفتح الهمزة وبسكون التاء، ويجوز وصل الهمزة وتشديد التاء (أنا) يعني: علي بن أبي طالب (وزيد بن حارثة) فيه أن الكبير إذا مشى يمشي خلفه أتباعه وتلاميذه ولا يمشون أمامه.
وفيه أن الأتباع والتلاميذ إذا كانوا عند الإمام وذهب في أمر مهم من نصرة مظلوم أو إغاثة لهفان ونحوه أن يذهبوا معه، [ليكونوا عونا له على ما يريده ولا يتخلفوا عنه وإن لم يأمرهم بالذهاب معه](1)(حتى جاء البيت الذي فيه) عمه (حمزة، فاستأذن) في الدخول (فأذن له) وفيه سنة الاستئذان في الدخول وان كان المستأذن له قريبًا أو صديقًا (فإذا هم شرب) بفتح الشين وسكون الراء، يعني: فوجدهم جماعة يشربون (فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل) فيه أن السكران يلام إن كان يعقل، وإن كان لا يعقل فلا يلام، كما أن السكران لا يحد في حال السكر؛ لأن الحد للردع والتنكيل، وهو (2) لا يحصل مع السكر، كذا قال أصحابنا.
وقد يؤخذ من هذا الحديث أن السكران يلام كما في البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسكران فأمر بضربه (3). إلا أن يحمل الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأن حمزة ثمل، ولا بأنه باق على سكره (فإذا حمزة ثمل)
(1) سقط من (ر).
(2)
في (ر): أن.
(3)
"صحيح البخاري"(6781)
بفتح المثلثة وكسر الميم، أي: سكران أخذ منه الشراب (محمرة عيناه) وهي دلالة على غلبة السكر على عقله. وهذا الحديث يدل على أن شرب الخمر كان إذ ذاك مباحًا معمولًا عندهم بحيث لا ينكر ولا يغير وأنه صلى الله عليه وسلم[أقرّ عليهم](1)، وعليه يدل قوله تعالى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، وقوله تعالى:{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد) بتشديد العين (النظر) إليه أي: نظر إليه يتأمل وحده نظر (فنظر إلى ركبته (2) ثم صعد النظر) إليه (فنظر إلى سرته) ظاهرا (3) في أنه صلى الله عليه وسلم كانت سرته مكشوفة.
وفيه دلالة على أن السرة ليست من عورة الرجل (4)، وبه قال الأئمة الأربعة، ولم يخالف أبو حنيفة الثلاثة إلا في الركبة إلا في قوله: الركبة من العورة؛ لحديث: "الركبة من العورة"(5). ويرده رواية أحمد والبخاري عن أبي الدرداء قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أبو بكر آخذ بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أما صاحبكم فقد غامر"(6).
ومما يدل على أن السرة ليست بعورة رواية أحمد (7) عن عمير بن
(1) من "المفهم" لإتمام الكلام. انظر "المفهم" 5/ 249.
(2)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: ركبتيه بالتثنية.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"المغني" 1/ 651 وانظر: "الأوسط" لابن المنذر 5/ 67، "شرح النووي على مسلم" 4/ 31، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 32.
(5)
أخرجه الدارقطني 1/ 231 من طريق أبي الجنوب
…
ثم قال: أبو الجنوب ضعيف.
(6)
أخرجه البخاري (3661).
(7)
"المسند" 2/ 255.
إسحاق (1) قال: كنت مع عليّ فلقينا أبو هريرة، فقال: أرني أقبل منك حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل فقال بقميصه فقبل سرته.
(ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة رضي الله عنه: وهل أنتم إلا عبيد لأبي) وللبخاري: لآبائي. فيه جواز إطلاق الكلام على التشبيه كما قال: هل أنتم إلا عبيد أبي؛ أي: كالعبيد، فحذف منه حرف التشبيه، وفيه إشارة إلى شرف أبيه عبد المطلب، وأن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطلب في الخضوع لحرمته وجواز تصرفه في مالهما، وأن الكلام يختلف باختلاف المتكلمين فيصدر الكلمة التي يخاطب بها في الاستحقاق على سبيل الإدلال.
(فعرف) بفتح الراء (رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه) قد (ثمل) بكسر الميم، فيه أنه لما لامه لم يكن يعرف أنه أخذ منه السكر، [ثم عرف](2) فلما عرف لم يلمه بعد ذلك ولا أنكر عليه ولا عنفه.
قال القرطبي: لا في حال سكره ولا بعد ذلك، فكان ذلك على إباحة ما يسكر عندهم؛ قال: وهذا خلاف ما قاله الأصوليون وحكوه: أن السكر حرام في كل شريعة قطعًا؛ لأن الشرائع لمصالح العباد لا لمفاسدهم، وأصل المصالح العقل كما أن أصل المفاسد ذهابه، فيجب المنع من كل ما يذهبه أو يشوش فيه، وما ذكروه واضح، ويمكن أن ينفصل عن حديث حمزة بأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإنكار عليه في حال سكره لكونه لا يعقل وعلى إثر ذلك نزل تحريم الخمر، وأن
(1) قال ابن حجر: مقبول. "التقريب"(5179).
(2)
سقط من (ر).
حمزة لم يقصد بشربه السكر ولكنه شرع فيه فغلبه (1).
(فنكص) بتخفيف الكاف (رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه) رواية الصحيحين: فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقهقر، أي: تأخر إلى جهة عقبيه (القهقرى) مقصور، وهو الرجوع إلى وراء ووجهه إليك.
وظاهر هذا أنه صلى الله عليه وسلم رجع إلى خلفه ووجهه إلى حمزة مخافة أن يصدر من حمزة شيئًا يكرهه، أو رجع عنه لكونه مغلوبًا على عقله من السكر.
وفيه أن من كان عند من يخشى أن تصدر منه في حقه ما يكرهه فليخرج من عنده مسرعًا ولا يلبث عنده ما أمكنه، كما إذا كان عند مجنون أو ظالم لا يستطيع منعه مما يصدر في حقه (فخرج وخرجنا معه) من عنده (2).
[2987]
(حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني عياش) بالمثناة والشين المعجمة (بن عقبة الحضرمي) ذكره ابن حبان في "الثقات"(3)(عن الفضل بن الحسن الضمري) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم، نسبة إلى ضمرة رهط عمرو بن أمية الضمري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبني ضمرة رهط أبي ذر الغفاري رضي الله عنه (4) (أن أم الحكم) ويقال:[أم حكيم] صفية، ويقال: عاتكة (أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب) بن هاشم القرشيتان ابنتي عم النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)"المفهم" 5/ 249.
(2)
انظر في فوائد هذا الحديث: "فتح الباري" 6/ 200، 201 وقد ذكر هذِه الفوائد ثم قال: وفي كثير من هذِه الانتزاعات نظر ا. هـ. وانظر: "عمدة القاري" 19/ 79.
(3)
5/ 272.
(4)
"الأنساب " 4/ 25، "اللباب" 2/ 264.
قال محمد بن سعد (1): هي أم الحكم.
وقال محمد بن خياط (2): حدثني غير واحد من بني هاشم أنهم لا يعرفون للزبير ابنة غير ضباعة، وقال: ضباعة هي أم حكيم.
وقال الحافظ أبو القاسم: هذا وهم؛ فقد ذكر الزبير بن بكار أن للزبير ابنتين: ضباعة وأم حكيم، وذكر أن أم حكيم كانت تحت ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب وولده منها، وأن ضباعة كانت تحت المقداد (3)، وقتل ابنها عبد الله يوم الجمل مع عائشة (4).
(حدثه عن إحداهما أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيًا فذهبت أنا وأختي) ضباعة أو أم الحكم (وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فشكونا إليه ما نحن
(1) هذا منقول عن "تهذيب الكمال" 35/ 347، وقال ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 8/ 46 تحت عنوان ذكر بنات عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع بنات للزبير: وهن ضباعة وأم الحكم وصفية وأم الزبير. وقال ابن حجر في "الإصابة" 8/ 194: أم حكيم بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم قيل اسمها صفية ويقال: هي أم الحكم التي تقدمت قريبا وقيل ضباعة التي تقدمت في الأسماء.
قال خليفة: حدثني غير واحد من بني هاشم أنهم لا يعرفون للزبير بن عبد المطلب بنتا غير ضباعة. ثم قال في آخر الترجمة: وأخرج إسحاق بن راهويه في "مسنده" هذا الحديث من رواية داود بن أبي هند أن أم حكيم بنت الزبير وهي ضباعة، كانت تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم الطعام الحديث في أكله من كتف الشاة وصلى ولم يتوضأ فهذا يوضح بأن أم حكيم كنية ضباعة والله أعلم. وانظر:"تاريخ دمشق" 8/ 240، "الاستيعاب" 4/ 1933، "البدر المنير" 6/ 416.
(2)
في "طبقاته" ص (331). وتمام كلامه: وقال أبو عبيدة: ضباعة وأم حكيم ابنتا الزبير ابن عبد المطلب.
(3)
"تاريخ دمشق" 28/ 138. وانظر "جمهرة نسب قريش" للزبير بن بكار (ص 510).
(4)
انظر: "أسد الغابة" لابن الأثير 7/ 168.
فيه) من العمل بالرحى في الطحن وبالقربة والكنس وغير ذلك (وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي) الذي أصابه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبقكن) بأخذ ذلك (يتامى) شهداء أهل (بدر) ولم يواجهن أو إحداهن بالمنع لحسن أدبه صلى الله عليه وسلم وتلطفه في الكلام، لا سيما مع ابنته وبنتي عمه.
وفيه الاعتذار لمن طلب منه شيئًا ولم يعطه.
و(لكن سأدلكن على ما هو خير لكن من ذلك) بكسر الكاف، ولا شك أن ما ينفع في الآخرة خير مما ينفع في الدنيا (تكبرن الله على إثر) بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما لغتان مشهورتان كسنة وسنة ومثل ومثل (ممل صلاة) مطلق الصلاة هنا مقيد بما في مسلم: دبر كل صلاة مكتوبة (ثلاثًا [وثلاثين تكبيرة) وثلاثًا منصوب بمحذوف، تقديره: تكبرن حتى يكون القول منهن ثلاثًا وثلاثين (وثلاثًا وثلاثين تسبيحة وثلاثا وثلاثين تحميده) ظاهره كما قال النووي: يكبر ثلاثا وثلاثين] (1) مستقلة، وتسبيح ثلاثًا وثلاثين مستقلة، وكذلك التحميد (2).
وفي هذا الحديث وما في معناه دلالة على أن أدبار الصلوات أوقات فاضلة للأذكار والدعاء يرتجى فيها القبول ويبلغ بها المصلي إذا قالها إلى كل ما يؤول ولا يضر قائلهن بأيهن بدأ، وليس الترتيب المذكور بشرط في الثواب والعمل على الترتيب الذي في الحديث بعده.
(ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) فبها تمام المائة [وسيأتي في الرواية بعدها أن تمام المائة
(1) سقط من (ر).
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (5/ 93 و 94).
التكبير] (1) أربعًا وثلاثين كما سيأتي.
(قال عياش) بن عقبة الحضرمي أحد الرواة (و) أم الحكم وضباعة (هما ابنتا (2) عم النبي صلى الله عليه وسلم) كما تقدم.
[2988]
(حدثنا يحيى بن خلف) أبو سلمة الباهلي، أخرج له مسلم (3)(حدثنا عبد الأعلى)(4) في النذور والطب، وعن المعتمر في الأيمان (عن سعيد) بن إياس (الجريري) بضم الجيم وفتح الراء الأولى نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن بكر بن وائل (5)(عن أبي الورد) بن ثمامة بن حرب القشيري البصري، شيخ، أخرج له البخاري في "الأدب"، قال الدارقطني: لم يحدث عنه غير الجريري (6)(عن) علي (بن أعبد)(7) بفتح الهمزة والباء الموحدة [وبضم الموحدة](8) أيضًا (9)، قال المنذري (10): وابن أعبد وإن كان كما قال علي بن المديني ليس بمعروف، فقد أخرج البخاري (11)
(1) سقط من (ر).
(2)
في (ع) بنت. وفي (ر) هما بنت ابنا. والمثبت من مطبوع "السنن".
(3)
"التقريب"(7539).
(4)
بياض في الأصل.
(5)
"الأنساب" 2/ 53.
(6)
"تهذيب الكمال" 34/ 389، "الكاشف"(6887).
(7)
علي بن أعبد أبو الحسن وقد لا يسمى في الإسناد مجهول. "التقريب"(9689). وانظر: "تهذيب الكمال" 20/ 321.
(8)
سقط من (ر).
(9)
"جامع الأصول" 12/ 195، "عون المعبود" 8/ 150.
(10)
"مختصر المنذري" 4/ 228.
(11)
(3113).
ومسلم (1) والنسائي (2) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بنحوه، وسيجيء في كتاب الأدب إن شاء الله مزيد (3).
(قال: قال لي علي) بن أبي طالب (رضي الله عنه: ألا أحدثك عني وعن) زوجتي (فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه، قلت: بلى) يا أمير المؤمنين (قال: إنها جرّت) بتشديد الراء (بالرحى) مقصور وهي الطاحون الصغيرة (حتى أثّر) بتشديد المثلثة عصا الرحا (في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت) حمائل القربة (في نحرها) أي رقبتها (وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها) فيه دليل على خدمة المرأة زوجها.
قال القرطبي: وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم في قديم الأمر وحديثه بذلك، ألا ترى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته كانوا يتكلفون الطحن بالرحى والسقي بالقربة وكنس البيت [والطبيخ والخبيز](4) وفرش الفراش، وتقديم الطعام وإحضار الماء للشرب، ولا نعلم امرأة امتنعت من ذلك.
قال القرطبي: ولا يسوغ لها الامتناع، بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصرن في ذلك ويأخذونهن بالخدمة، ولولا أنها مستحقة لما طالبوهن
(1)(2727). من حديث ابن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه.
(2)
"السنن الكبرى" 6/ 203 (10650). من طريق ابن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه وهو فيها أيضا من طريق عبيدة عن علي رضي الله عنه. 5/ 373 (9172). وبرقم (10652) عن شبث بن ربعي عن علي رضي الله عنه.
(3)
انظر: "الضعفاء والمتروكين" لابن الجوزي (4013).
(4)
في (ع) والخبز والطبيخ. وسقط الطبيخ من (ر).
بذلك (1).
وقد بوب البخاري (2) على هذا الحديث: باب عمل المرأة في بيت زوجها.
(فأتى النبي صلى الله عليه وسلم) بالنصب (خدم) وللبخاري (3): سبي، وفي رواية (4): فبلغها أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسبي وبوب عليه: باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين (5).
(فقلت) لها: (لو أتيت أباك فسألتيه)(6) أن يعطيك (خادمًا، فأتته فوجدت عنده حُدَّاثًا) بضم الحاء المهملة وتشديد الدال وبعد الألف ثاء مثلثة، قال في "النهاية": أي جماعة يتحدثون، قال: وهو جمع على غير قياس حملًا على نظيره نحو: سمار جمع سامر؛ فإن السمار جماعة يتحدثون (7).
(فرجعت) إلى بيتها (فأتاها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ ) ولفظ مسلم (8): فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا (9) وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا
(1)"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي سورة البقرة آية (230).
(2)
"صحيح البخاري" 7/ 65.
(3)
(3705).
(4)
"صحيح البخاري"(3113).
(5)
4/ 83.
(6)
في (ع): (فسألتيا) وعلى حاشية (ل): (فسألتيه لنا). والمثبت من (ر) ومن مطبوع "السنن"(2981).
(7)
"النهاية" 1/ 907.
(8)
(2727).
(9)
في (ر): إليها.
نقوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مكانكما"، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، ثم قال (فسكتت) فاطمة حياء من والدها صلى الله عليه وسلم (فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله) بحاجتها أنها (جرت بالرحى) مقصور كما تقدم (حتى أثرت في يدها، وحملت) تستقي (بالقربة [حتى أثرت) يعني الحبل] (1)(في نحرها، فلما أن جاءك الخدم) من السبي (أمرتها أن تأتيك فتستخدمَك) بنصب الميم أي: تطلب منك أن تعطيها (خادمًا يقيها) أي يصونها عن الخدمة ويستر عنها (حر ما هي فيه) من العمل وفي رواية لغيره (2): يقيها حار (3) ما هي فيه. يعني من التعب والمشقة من خدمة البيت؛ لأن الحرارة مقرونة بهما كما أن البرد مقرون بالراحة والسكون، والحار الشاق المتعب، ومنه حديث عيينة بن حصن لما أمره بجلد الوليد بن عقبة: ولِّ حارها من تولى قارها (4).
وفيه أن المرأة عليها خدمة بيتها إن لم تكن خادمًا، وإن كانت شريفة أو دنية، حكاه ابن خويز منداد عن بعض المالكية، وهو خلاف مذهب الشافعي، وحملوا هذا الحديث على أن فاطمة تبرعت بذلك، ولا خلاف في استحباب ذلك وفضيلته لمن تبرع به؛ لأنه معونة للزوج (5).
وفيه ما كان عليه ذلك الصدر الصالح من شظف العيش وشدة
(1) في (ع): حتى أثر يعني: الحبل أثرت.
(2)
لم أقف عليه مسندا وقد ذكره ابن الأثير في "النهاية" 1/ 931 وابن الجوزي في "غريب الحديث" 1/ 201، والزمخشري 1/ 276.
(3)
في (ر): حر. والمثبت من (ع) و (ل)، "النهاية".
(4)
"النهاية" لابن الأثير 1/ 931.
(5)
انظر: "فتح الباري" 9/ 324، "المفهم" 18/ 19، "الذخيرة" 4/ 467.
الحال، وأن الله تعالى حماهم عن الدنيا مع أنها ملكهم، وهذِه سنة الله في الأنبياء والأولياء كما قال:"أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء"(1).
(قال: اتقي الله) تعالى (يا فاطمة) أي: دومي على ملازمة التقوى (وأدي فريضة ربك) يدخل فيه الصلاة والصوم والواجبات والغسل من الجنابة والوضوء وغير ذلك من الواجبات -يعني: حق الزوج-، وهذا من عطف الخاص على العام؛ لأن أداء الفرائض (2) من جملة عموم التقوى الجامعة للأوامر والنواهي (واعملي عمل أهلك) الأهل: أهل البيت، ولعل المراد هنا بأهل البيت الزوج، والأصل فيه القرابة، وقد أطلق على الأتباع.
وفي حديث أم سلمة: "ليس بك على أهلك هوان"(3). أراد بالأهل نفسه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن المراد: واعملي مثل عمل أهلك، يعني: أقاربك، أي: اسلكي طريقهم.
(1) لم أجده بهذا اللفظ. وقد أخرجه الترمذي (2398) وقال حسن صحيح، وابن ماجه (4023) والنسائي في "الكبرى" (7439) والحاكم 1/ 41 وقال: صحيح على شرط الشيخين. ولكن بدون ذكر الأولياء، وقد أورده السبكي في أحاديث "الإحياء" التي ليس لها أصل ص 6/ 357، ثم قال: المعروف في لفظه: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل".
وقال العراقي في "تخريج الإحياء" 4/ 28: أخرجه الترمذي وصححه والنسائي في "الكبرى" وابن ماجه من حديث سعد ابن أبي وقاص وقال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ فذكره دون ذكر الأولياء. وللطبراني من حديث فاطمة: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون" الحديث.
(2)
في (ر): الفرض.
(3)
أخرجه مسلم (1460).
وفيه توصية الوالد ابنته المزوجة على أداء فرائض الله تعالى ولا يمنعها الاشتغال بحقوق الزوج عن حق الله تعالى؛ فإن حق الله تعالى مقدم على حق (1) زوجها وحقوق الآدميين.
(فإذا أخذت مضجعك) أي أردت النوم في مضجعك، والمضجع بفتح الميم جمعه مضاجع، قال الله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (فسبحي) الله تعالى (ثلاثًا وثلاثين [واحمدي) الله تعالى (ثلاثا وثلاثين] (2) وكبري) الله تعالى (أربعا (3) وثلاثين فتلكِ) بكسر الكاف تمام (مائة هي خير لك من خادم)(4) قال البخاري في "صحيحه": آثر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الصفة والأرامل ووكل ابنته فاطمة إلى الله تعالى (5).
وقال الطبري: لو كان في الخمس قسمًا مفروضًا لذوي القربى لأخدم ابنته [فاطمة رضي الله تعالى عنها](6)، ثم لم تدع هي فيه رضي الله عنها حقًّا لقرابة حين وكلها إلى التسبيح (7) ولو كان حقًّا لبينه (8)
(1) سقط من (ر).
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (ر) ثلاثا. وفي الأصل، (ع): ثلاثا وعلى الهامش: في (ظ): أربعا. وفي مطبوع "السنن": أربعا.
(4)
في (ر) مائة.
(5)
4/ 83 وهذا معنى كلامه.
(6)
سقط من (ع) و (ل) المثبت من (ر).
(7)
في (ر): الشيخ.
(8)
في (ر): لنبيه.
تعالى كما في الفرائض (1).
قال المهلب: الأثرة بينة في هذا الحديث، وذلك أن ابنة النبي صلى الله عليه وسلم لما استخدمته خادمًا فعلمها من تحميده وتسبيحه وتكبيره ما هو أنفع لها وأدوم للنفع، وآثر بذلك الفقراء الذين كانوا في المسجد قد أوقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنن مع شبع (2) بطونهم لا يرغبون في كسب مال ولا راحة عيال فكأنهم استأجروا أنفسهم من الله بالقوت، فكان إيثار النبي صلى الله عليه وسلم لهم وحرمان ابنته دليلًا واضحًا على أن الخمس موقوف للآكد فالآكد، وليس على (3) من ذكر الله تعالى بالسوية (4) كما زعم الشافعي، انتهى (5).
ورواية مسلم في قوله لها: "ما ألفيتيه عندنا"(6). أي: ما وجدتيه عندنا يدل على أنه لم يؤثر أحدًا عليها بعد طلبها إلا أنها لما طلبت لم يكن بقي عنده منه شيئًا، وهذا لا يلزم منه الإيثار كما تقدم.
(قالت) فاطمة رضي الله عنها: (رضيت عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم) وهذا يدل على كمال عقلها وتعاظم فضلها؛ إذ رضيت عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حيث علمت أن ما عند الله خير وأبقى؛ فإن
(1)"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 271.
(2)
في (ر): تشبع.
(3)
سقط من الأصول وأثبتها من "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 272؛ لحاجة السياق إليها.
(4)
في (ر): ما سوته.
(5)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 272.
(6)
(2728).
التسبيحات والتحميدات والتكبيرات من الباقيات الصالحات، والخادم من المال، والمال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير، وبهذا يظهر السر في تعليمه التسبيحات والتحميدات والتكبيرات حين سألت الخادم دون غيرها، والله أعلم.
[2989]
(حدثنا أحمد بن محمد) بن ثابت بن شبويه (المروزي)(1) بفتح الميم والواو وهو من كبار الأئمة (2).
(حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري عن علي بن حسين) بن علي رضي الله عنه (بهذِه القصة، وقال: ولم يخدمها) بضم أوله، يقال: أخدمه إذا أعطاه خادمًا.
[2990]
(حدثنا محمد بن عيسى) بن نجيح بن الطباع البغدادي، أخرج له البخاري تعليقًا (3)(حدثنا عنبسة بن عبد الواحد) أبو خالد الأموي (القرشي) ثقة (4).
(قال أبو جعفر يعني) محمد (بن عيسى) شيخ المصنف (كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال) تكون (من الموالي (5) قال: حدثني الدخيل) بضم الدال وفتح الخاء المعجمة مصغر (6)(بن إياس بن نوح ابن مجاعة) بضم الميم وتشديد الجيم المفتوحة، وخففها بعضهم،
(1)"الأنساب" 5/ 265.
(2)
"الكاشف"(76).
(3)
"الكاشف"(5104).
(4)
" التقريب"(5207).
(5)
"تهذيب الكمال" 22/ 421.
(6)
"التقريب"(1822).
وبعد الألف عين مهملة وتاء تأنيث، اليمامي (1)، ذكره ابن حبان في "الثقات"(2).
(عن هلال بن سراج) بكسر السين المهملة وبعد الألف جيم (3)(بن مجاعة) اليمامي وثق (4).
(عن أبيه) سراج وثق) (5)(عن جده مجاعة) بضم الميم كما تقدم ابن مرارة (6) بن سلمى - بضم السين - الحنفي اليمامي، له ولأبيه وفادة، وليس له غير هذا الحديث، قيل: إن مجاعة هذا لم يرو عنه غير ابنه سراج بن مجاعة (7).
(أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس) بفتح السين وضم الدال المهملتين، وسدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل. وسدوس بالفتح أيضا: سدوس بن دارم في بني تميم (8).
قال ابن حبيب: كل سدوس في العرب فهو مفتوح السين إلا سدوس ابن أصمع (9)(من بني ذهل) بضم الذال المعجمة وهو ذهل بن ثعلبة.
(1)"التقريب"(6477)"الخلاصة" 1/ 395.
(2)
"الثقات" 6/ 294.
(3)
"التقريب"(7339).
(4)
"الكاشف"(5999).
(5)
"الكاشف"(1805).
(6)
بفتحات. "الخلاصة" 1/ 395.
(7)
"أسد الغابة" 5/ 53، "الإصابة" 6/ 353.
(8)
"الأنساب" 3/ 235.
(9)
"المؤتلف والمختلف" للدارقطني 2/ 52، "توضيح المشتبه" 5/ 69، "الأنساب"=
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت جاعلًا لمشرك) ذكر المعنى [المشتق في](1) المنع دليل على أن الإشراك بالله تعالى هو العلة في منع إعطائه الدية عن أخيه، كما أن المعنى المشتق في قوله عليه السلام:"ليس للقاتل ميراث"(2). هو العلة في منع الإرث، والمراد بالمشرك هنا الحربي إذا استمر على المقاتلة قبل أن يستأسر، وكذا إذا قدر على قتله دون إمساكه للأسر فلا دية في قتله ولا كفارة (دية جعلت لأخيك) دية كأمثاله، وهذا من حسن مخاطبته وملاطفته صلى الله عليه وسلم إذ لم يصرح له بأن المشرك الحربي لا دية له، بل علق له الإعطاء بالممتنع وقوعه، والمعلق على المعدوم معدوم، وهذا منه صلى الله عليه وسلم فيه نوع تألف ولهذا وعده بإعطاء ما سيأتي (ولكن سأعطيك منه) أي: بما طلبت من الدية (عقبى) بضم العين وسكون القاف مع القصر، أي: عوضًا.
وفي "النهاية": أي: بدلًا عن الإبقاء (3) والإطلاق (4)، ثم بين العوض (فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم) أن يعطي (بمائة من الإبل) بدلًا من (5) قبله (من أول خمس) بضم الخاء وفتحها (يخرج) أي يحصل (من) مال (مشركي بني ذهل) بضم الذال وسكون الهاء، كما تقدم.
=3/ 238. وهذِه الكلمة نقلت في "عون المعبود" 8/ 152: إلا سدوس ابن أصبغ.
(1)
في (ل) و (ر): المستوفي.
(2)
رواه الترمذي (1032)، وابن ماجه (2750) و (2751)، وابن حبان (1223) من حديث أبي هريرة ولفظه:"ليس للقاتل من الميراث شيء".
(3)
في (ر): الإيفاء.
(4)
"النهاية" 3/ 526.
(5)
زاد هنا في (ر) ما.
قال الخطابي: يشبه أن يكون أعطاه ذلك تألفا له أو لمن وراءه من قومه (1).
وفيه دليل على أن للإمام أن يعطي المؤلفة قلوبهم من الخمس من سهم المصالح إذا رأى ذلك، كما له أن يصرف في الثغور وعمارة الحصون، ويدل على هذا ذكر المصنف هذا الحديث في باب بيان مواضع قسم الخمس، وإنما خص (2) النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء هذِه المؤلفة من بني ذهل؛ لأن قاتل أخيه منهم فكان مالهم أولى بالإعطاء (فأخذ) مجاعة (طائفة منها) يعني: من المائة الإبل التي كتب له بها النبي صلى الله عليه وسلم (وأسلمت بنو ذهل) بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان سقط الخمس المأخوذ من أموالهم.
(فطلبها) يحتمل أنه طلب ما بقي من المائة (بعد) بضم الدال بحذف المضاف إليه، وتقديره: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (مجاعة) بالرفع؛ لأنه الفاعل، فإنه عاش بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن صالح خالد بن الوليد يوم اليمامة وله مع خالد أخبار في الردة (إلى أبي بكر) الصديق (وأتاه بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم) شاهدًا له لما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم (فكتب أبو بكر) رضي الله عنه حين قرأ الكتاب كما سيأتي.
وفيه حجة لما ذهب إليه مالك من الاعتماد على الخط والعمل به إذا عرف كاتبه أو شهد عنده من يعرفه مشيرًا إليه (3).
(1)"معالم السنن" 3/ 263.
(2)
في (ر): حض.
(3)
انظر: "البيان والتحصيل" 9/ 459.
ووجه الدليل أنه لم يطلب من مجاعة من يشهد له أن هذا كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافًا للشافعي وغيره.
وقد يجاب عن هذا الحديث بأنه محمول على أن أبا بكر كان عنده من علم القضية وأخبره بها (1).
(باثني) بجزم الياء المخففة بياء التثنية (عشر) بفتح الشين والراء (ألف) بالنصب على التمييز (صاع من صدقة اليمامة) أي من زكاة قرية اليمامة وهي باليمن.
قال الأزهري: هي القرية التي قصبتها حجر، يقال: إن اسمها فيما خلا جو [بفتح الجيم وتشديد الواو](2) فسميت يمامة باسم المرأة التي سكنتها وهي زرقاء اليمامة، سماها بذلك الحميري حتى قتل المرأة بها قال الملك الحميري: وقلنا: فسموها اليمامة باسمها وسرنا وقلنا لا نريد إقامة (3).
(أربعة) بالنصب بدل (آلاف) بالتنوين، أي: أربعة آلاف صاع (برًّا) أي من البر وهو القمح (وأربعة آلاف) بالتنوين (شعيرًا، وأربعة آلاف) صاع (تمرًا، وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم) وفي إضافة الكتاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن كتبه دليل على أن من أمر بشيء أو كان (4) السبب في فعله أنه يطلق فعله عليه مجازًا (لمجاعة) بن مرارة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
(1) راجع "الذخيرة" 10/ 160، "أسنى المطالب" 3/ 119.
(2)
"تهذيب اللغة" 15/ 460.
(3)
انظر: "معجم ما استعجم" 1/ 407.
(4)
في (ع) و (ر): كتاب.
الرَّحِيمِ) هذا موافق لحديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع"(1)، فقد اجتمع في الابتداء بالبسملة أمره صلى الله عليه وسلم وفعله، وهذا الحديث في رواية "ببسم الله" يعضد هذِه الرواية على رواية:"بالحمد لله"(2).
(هذا كتاب) فيه أن السنة في كتب المبايعات والأوقاف ونحوها أن يؤتى بعد البسملة باسم الإشارة فيقال بعد البسملة: هذا كتاب وقف أو كتاب صداق أو نحو ذلك (من محمد النبي صلى الله عليه وسلم لمجاعة بن مرارة) بضم الميم (من بني سلمى) بضم السين سلمى كما تقدم (إني أعطيته) أي وعدته بعطية (مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل) تقدم (عقبة) بضم العين أي: بدلًا (من) دية (أخيه).
* * *
(1)"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1210)، "أدب الإملاء" للسمعاني ص 51، "طبقات الشافعية الكبرى" 1/ 6.
(2)
"صحيح ابن حبان"(1) و (2) والدارقطني في "السنن" كتاب الصلاة (1) و (2).