الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب ما جاءَ في الصُّلْبِ
2890 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن عامِرِ بْنِ زُرارَةَ، حَدَّثَنا عَليُّ بْن مُسْهِرٍ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبي قَيْسٍ الأوْديِّ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الأَوْديِّ قال: جاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبي مُوسَى الأشعَريِّ وَسَلْمانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَسَأَلهُما، عَنِ ابنةٍ وابْنَةِ ابن وَأُخْتٍ لأبٍ وَأُمٍّ فَقالا لابْنَتِهِ النِّصْفُ وَللأخْتِ مِنَ الأبِ والأُمَّ النِّصْفُ وَلَمْ يُوَرِّثا ابنةَ الابْنِ شَيْئًا وَأْتِ ابن مَسْعُودٍ فَإنَّهُ سَيُتابِعُنا فَأَتاهُ الرَّجُلُ فَسَأَلهُ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِما فَقال: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَما أَنا مِنَ المُهْتَدِينَ وَلَكِنّي سَأَقْضي فِيها بِقَضاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لابِنَتِهِ النِّصْفُ وَلابِنَةِ الابْنِ سَهْمٌ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَما بَقيَ فَلِلأخْتِ مِنَ الأبِ والأمُّ (1).
3891 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حدثنا بِشْرُ بْنُ المفَضَّلِ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جِئْنا امْرَأةً مِنَ الأنْصارِ في الأسواقِ فَجاءَتِ الَمرْأَةُ بِابْنَتَيْنِ لَها فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ هاتانِ بِنْتا ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدِ اسْتَفاءَ عَمُّهُما مالَهُما وَمِيراثَهُما كُلَّهُ فَلَمْ يَدَعْ لَهُما مالاً إِلا أَخَذَهُ فَما تَرى يا رَسُولَ اللهِ فَواللَّهِ لا تُنْكَحانِ أَبَدًا إِلا وَلَهُما مالٌ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقْضي اللهُ في ذَلِكَ " .. قال: وَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّساءِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآيَةَ. فَقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا ليَ المَرْأَةَ وَصاحِبَها" .. فَقالَ لِعَمِّهِما: "أَعْطِهِما الثُّلثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُما الثُّمُنَ وَما بَقيَ فَلَكَ".
قالَ أَبُو داوُدَ: أَخْطَأَ بِشْرٌ فِيهِ إِنَّما هُما ابنتا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَثابِتُ بْن قَيْسٍ قُتِلَ يَوْمَ اليَمامَةِ (2).
3892 -
حَدَّثَنا ابن السَّرْحِ، حدثنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَني داوُدُ بْن قَيْسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ
(1) رواه البخاري (6736).
(2)
رواه الترمذي (2092)، وابن ماجه (2720)، وأحمد 3/ 352.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2573).
أَهْلِ العِلْمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ امْرَأَةَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ سَعْدًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابنتَيْنِ. وَساقَ نَحْوَهُ قالَ أَبُو داوُدَ: وهذا هُوَ الصَّوابُ (1).
2893 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا أَبانُ، حدثنا قَتادَة، حَدَّثَني أَبُو حَسّانَ، عَنِ الأسوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ وَرَّثَ أُخْتًا وابْنَةً فَجَعَلَ لِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُما النِّصْفَ وَهُوَ بِاليَمَنِ وَنَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ حَي (2).
* * *
باب ما جاء في الصُّلب
[2890]
(حدثنا عبد الله (3) بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم الكوفي.
(حدثنا علي بن مسهر) الكوفي (عن) سليمان (الأعمش، عن أبي قيس) عبد الرحمن بن مروان (الأودي) بفتح الهمزة ودال مهملة نسبة إلى أود بن صعب بن شعب بن سعد العشيرة من مذحج (4).
(عن هزيل) بضم الهاء وفتح الزاي مصغر (ابن شرحبيل) الكوفي (الأودي) الأعمى، أخرج له البخاري في الفرائض (5) (قال: جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري) عبد الله بن قيس (وسلمان (6) بن ربيعة)
(1) رواه البيهقي 6/ 229. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2574).
(2)
رواه البخاري (6741).
(3)
في (ر): عثمان.
(4)
"الأنساب" 1/ 226.
(5)
"صحيح البخاري"(6736).
(6)
في (ر) سليمان.
الباهلي يقال: إن له صحبة. والأصح: لا صحبة له، وهو أول قضاة الكوفة، قال ابن منده: ذكره البخاري في الصحابة، ولا يصح.
وقال ابن عبد البر: ذكره أبو حاتم في الصحابة (1) وقال: هو عندي كما قال (2).
(فسألهما عن ابنة وابنة ابن وأخت لأب وأم) ما يخص كل واحدة منهن (فقال: لابنته النصف) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (وللأخت من الأب والأم النصف) هكذا قالاه ثم رجعا إلى قول ابن مسعود كما سيأتي.
وقد اختلف العلماء في حكم الأخوات مع البنات؛ فمذهب عامة الفقهاء الفرضيون (3) وغيرهم إلى أن الأخوات مع البنات عصبة فيأخذن ما فضل عن ذوي الفروض، وخالف في ذلك ابن عباس ومن تابعه، فروي عنه أنه لا يجعل الأخوات مع البنات عصبة، وقال في بنت وأخت للبنت النصف ولا شيء للأخت. فقيل له: إن عمر قضى بخلاف ذلك جعل للأخت النصف. فقال ابن عباس: أنتم أعلم أم الله؟ يريد قول الله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} فإنما جعل لها الميراث شرط عدم الولد والحق مذهب ابن مسعود الآتي وهو قول الجمهور (4).
(1)"الجرح والتعديل" 4/ 297 (1290).
(2)
"الاستيعاب" 2/ 193.
(3)
في (ر) الكوفيون.
(4)
انظر: "الشرح الكبير" 7/ 53، "المغني" لابن قدامة 7/ 7.
(ولم يورثا ابنة الابن شيئًا) لأن البنت والأخت استغرقا المال، وهذا قد رجعا عنه ووقع الاتفاق عليه بعد ذلك على نحو هذا المعنى (وأْتِ)(1) عبد الله (ابن مسعود) فاسأله عن ذلك (فإنه سيتابعنا) على هذا، فيه أن من أفتى بما أدى إليه اجتهاده وتوقف فيما أفتى به أو شك فيه فيستحب أن يدل المستفتي على إتيان مَنُ علم فضيلته التامة ليسأله هل يتابعه أو يخالفه (فأتاه فأخبره بقولهما) في مسألته.
(فقال) ابن مسعود: والله لئن أفتيته بحرمان بنت الابن مع بنت الصلب القد ضللت) بفتح اللام الأولى كما في الآية (إذًا) التنوين عوض عن الجملة، التقدير: إذا اتبعتهما في فتواهما فأنا ضال أيضًا (وما أنا من المهتدين) إلى الصواب في هذِه المسألة ولا هما (ولكن أقضي فيها) أي: في هذِه المسألة.
(بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه: أن السنة قاضية بقضاء الله تعالى؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ويتعين على كل عالم يتبعها في الأحكام الشرعية فإذا ظفر بشيء منها على مسألته نظر واجتهد هل فيها عام له مخصص أو مطلق له مقيد أو منسوخ حكمها ونحو ذلك مما هو معلوم مشهور بين أئمة العلم فيفتي به وينقاد لذلك (2)(لابنته) المفردة (النصف) كما تقدم (ولابنة الابن) أو بنات الابن وإن كثرن السدس من المال، وهو (سهم) مما صحت منه
(1) في (ر): ابن، والمثبت من ل ومن المطبوع. وفي (ع) وائت وهي كذلك في المطبوع من "سنن ابن ماجه".
(2)
انظر: "فتح الباري" 12/ 18.
المسألة وهو ستة (تكملة الثلثين) الذي فرض الله تعالى للبنات في قوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وهذا مجمع عليه بين العلماء؛ لأن الله تعالى فرض للبنات كلهن الثلثين وبنات الصلب وبنات الابن كلهن يسمين أولادًا فكان لهن الثلثان لا يزدن عليه، واختصت بنت الصلب بالنصف لأنه مفروض لها، واسم الولد متناول لها حقيقة فبقي للبقية من بنت الابن أو بنات الابن تمام الثلثين فإنهن يسمين أولادا مجازا، وقال الله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ} فخاطب بذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى:{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} مخاطب بذلك من في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
…
بنوهن أبناء الرجال الأجانب (1)
(وما بقي) من الميراث (فللأخت من الأب والأم) أخرجه البخاري (2) والترمذي (3) والنسائي (4) وابن ماجه (5) وكذا الأخوات من الأب والأم أو الأب فقط لهن مع البنت وبنت الابن تكملة المال وهو الباقي عن فرضهما؛ لأن الأخوات مع البنات عصبة كما أن الإخوة مع البنات عصبة، وأما احتجاج ابن عباس فلا يدل على ما ذهب إليه، بل يدل
(1)"الاستذكار" 5/ 325.
(2)
البخاري (6736).
(3)
الترمذي (2093).
(4)
النسائي في "الكبرى"(6294).
(5)
ابن ماجه (2721).
على أن الأخت لا يفرض لها النصف مع الولد ونحن نقول به، فإنما تأخذه مع البنت ليس بفرض، وإنما هو بالتعصيب كميراث الأخ، وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قول الله تعالى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} ، وعلى قياس قوله: ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في توريثه منها عدم ولدها وهو خلاف الإجماع (1).
[2891]
(حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الإمام (2)، (حدثنا [عبد الله بن عقيل])(3) بن أبي طالب الهاشمي المديني، قال الترمذي: صدوق تكلم فيه من قبل حفظه، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه (4). (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما.
(قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) نمشي (حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواف)(5) بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وآخره فاء، وهو اسم لحرم المدينة الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم (6). وفي الحديث: اصطدت نهسًا
(1)"المغني" 7/ 7.
(2)
"تهذيب الكمال" 4/ 148.
(3)
هكذا في (ر)، وفي (ع) محمد بن عقيل. وفي مطبوع "السنن": عبد الله بن محمد بن عقيل وكذا في "معالم السنن" للخطابي 3/ 212.
(4)
"سنن الترمذي" تحت حديث رقم (3).
(5)
في (ر): الأسواق. والمثبت من (ع) ومن ضبط المصنف لها. وهي بعض النسخ بالفاء كما ذكر ذلك عوامة تحت هذا الحديث برقم (2883). وهي كذلك محرفة إلى الأسواق في "عون المعبود" وضبطها الشارح بالفاء وقال: وفي بعض النسخ بالفاء مكان القاف. وقال في "العرف الشذي": وهو خطأ. انظر: "عون المعبود" 5/ 302، "العرف الشذي" 1/ 136.
(6)
"معالم السنن" 3/ 212، "النهاية" لابن الأثير 2/ 1035. وقال الدكتور عوامة: وهو=
بالأسواف (1)، والنهس بضم النون وفتح الهاء ثم سين مهملة طائر يشبه الصرد يديم تحريك (2) رأسه وذنبه (3).
(فجاءت المرأة بابنتين) من أولادها (فقالت: يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس)(4) الأنصاري (قتل معك يوم) غزوة (أحد) زاد الترمذي (5): شهيدًا. الظاهر أنه قتل باليمامة كما سيأتي، (وقد استفاء) بالسين المهملة وفتح التاء والفاء والمد، أي: استرد واسترجع حقهما من الميراث (عمهما) وجعله فيئًا له وهو استفعل من الفيء الذي يؤخذ من أموال الكفار (مالهما) جميعه (وميراثهما كله) ولفظ ابن ماجه (6): أخذ جميع ما ترك أبوهما. وللترمذي (7) نحوه (فلم يدع لهما مالاً إلا أخذه) واستولى عليه (فما) ذا (ترى يا رسول الله؟ ) ثم قالت (فوالله لا ينكحان)(8) بضم المثناة تحت، مبني للمفعول، فيه دليل على أن رغبة الأزواج فيما مضى وإلى الآن في مال الزوجة الكثير من ملبوس
=الشارع المعروف اليوم بشارع أبي ذر في المدينة المنورة.
(1)
أخرجه أحمد 5/ 192، ومالك في "الموطأ" 2/ 890.
(2)
سقط من (ر).
(3)
"النهاية" 5/ 285.
(4)
قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 212: وهذا غلط من بعض الرواة وإنما هي امرأة سعد بن الربيع وابنتاه؛ قتل سعد يوم أحد وبقي ثابت بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى شهد اليمامة. وانظر: "البدر المنير" 7/ 214.
(5)
(2092).
(6)
(2720).
(7)
(2092).
(8)
هكذا في الأصل، وفي مطبوع "السنن": تنكحان. بضم المثناة فوق.
وحلي وفرش ونحو ذلك.
وفي الحديث دلالة على الأخوات مع البنات عصبة خلافًا لابن عباس (1)(أبدًا إلا ولهما مال) أخبرت المرأة عما هو موجود يقصده الرجال من النساء غالبًا ويرغبون فيه فهو إخبار عن الموجود لا أمر شرعي، وظاهره إباحة تجهيز البنت بالحلي والأمتعة والأواني التي ينتفع بها الزوج ويستمتع به ما لم يؤد إلى السرف الظاهر كما للمفاخرة والمباهاة كما هو موجود الآن، ويدل على الإباحة المذكورة قوله عليه السلام:"تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها" الحديث، رواه مسلم (2). وإقرارها على ذلك دليل على جوازه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقضي الله) تعالى، أي: سيحكم الله في ذلك ما يشاء (في ذلك قال: ونزلت) لفظ الترمذي (3): فنزلت آية الميراث، ولابن ماجه (4) نحوه، ورواية الترمذي دالة على أن هذا سبب نزول آية الوصية؛ فإن فاء السببية مبينة لسبب النزول (سورة النساء) يعني: آية الميراث التي في سورة النساء.
ويعارض سبب نزول هذه الآية رواية الصحيحين المتقدمة من حديث جابر: عادني النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: كيف أصنع في مالي؟ فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} ولفظ الترمذي: فقلت: كيف أقسم مالي؟ فلم يرد علي
(1) مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 233. وانظر: "الروضة" 6/ 8.
(2)
(1466) والحديث في البخاري برقم (5090).
(3)
الترمذي (2092).
(4)
(2720).
شيئًا، فنزلت:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ} (1).
({يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}) قالت الشافعية: أولادكم حقيقة في أولاد الصلب، فأما أولاد الابن فإنما (2) يدخل فيه بطريق المجاز كما تقدم، فإذا حلف أن لا ولد له وله ولد ابن، لم يحنث (3).
قال ابن المنذر: لما قال الله يوصيكم في أولادكم كان الذي يجب على ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد المؤمن والكافر، فلما بين قوله عليه السلام:"لا يرث المسلم الكافر" علم أنه أراد بعض الأولاد (4).
قال القرطبي: ودخل في أولادكم الأسير في أيدي الكفار إذا علمت حياته وإسلامه، وبه قال كافة أهل العلم إلا النخعي، فإنه قال: لا يرث الأسير (5).
(الآية) إلى آخرها. (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لما نزلت آية الميراث: (ادعوا) أي: ابعثوا؛ بدليل رواية الترمذي: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما (6)(لي المرأة وصاحبها) أي: وخصمها وهو العم، فلما جاء (فقال لعمهما: أعطهما الثلثين) لفظ الترمذي: "أعط ابنتي سعد الثلثين" يعني: ثلثي مال أبيهما، يشبه أن يكون التقدير: أعط وليهما؛ فإن الصغير لا يدفع إليه المال ولا تبرأ الذمة بالدفع إليه، ويحتمل أن
(1) ويجمع بين مثل هذا بتعدد سبب النزول. راجع "لباب النقول في أسباب النزول" ص (15).
(2)
سقط من (ر).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن" 5/ 59.
(4)
السابق.
(5)
السابق.
(6)
"سنن الترمذي"(2092).
تكونا بالغتين (1) رشيدتين. (وأعط أمهما الثمن) المفروض لها مع الولد، وذكر الآية والحديث كما قال أبو بكر ابن العربي على نكتة بديعة وهو أن ما كانت الجاهلية تفعله أن الصبي ما كان يعطي الميراث حتى يقاتل على الفرس ويذب عن الحريم لم يكن في صدر الإسلام شرعًا لنا مستقرًّا ثابتًا إلى أن نزلت آية الميراث هذِه، ولو كان شرعًا ثابتًا لنا لما استرجع ميراث الابنتين الصغيرتين من العم ولما حكم على عم الصبيتين برد ما أخذ من مالهما؛ لأن الأحكام إذا مضت وجاء النسخ بعدها إنما تؤثر في المستقبل ولا تنقض ما تقدم، وإنما كانت ظلامة وقعت. قاله ابن العربي (2).
قال ابن عبد البر: بهذا الحديث علم أن الله أراد بقوله {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} يعني: اثنين فما فوقهما وقياسًا على الأختين [أن للابنتين](3) الثلثان (4). (وما بقي) بكسر القاف على لغة القرآن وهو الثمن ونصف السدس، وإن شئت قلت: هو السدس وثلث الثمن وهو خمسة أسهم من أربعة وعشرين سهمًا (فلك) أي: فهو مستحقك بالتعصيب وهو الباقي بعد ذوي الفروض.
(قال المصنف: أخطأ (5) فيه بشر) أحد الرواة، ولعل الخطأ من عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فإنه تكلم فيه من سوء حفظه (6). وتكلم
(1) في (ر) غير.
(2)
"أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 433.
(3)
في (ر): اثنتين. وقبلها بياض.
(4)
"التمهيد" لابن عبد البر 24/ 96.
(5)
هذِه الكلمة سقطت من الأصل وهي على الهامش في (ع).
(6)
"سنن الترمذي" 1/ 8.
الأئمة في الاحتجاج به (1). وقال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل (2). والابنتان (هما ابنتا سعد بن الربيع) ابن عمرو بن أبي زهير الأنصاري الخزرجي عقبي بدري، استشهد يوم أحد (و) أما (ثابت بن قيس) بن شماس الأنصاري فإنه (قتل يوم) وقعة جو (3) بفتح الجيم وتشديد الواو وسماها الحميري (اليمامة) لما قتل المرأة التي سميت بالزرقاء؛ فإن اسمها كان اليمامة.
[2892]
(حدثنا) أحمد بن عمرو (ابن السرح، حدثنا) عبد الله (ابن وهب، أخبرني داود بن قيس) المدني، أخرج له مسلم في غير موضع (وغيره من أهل العلم) بالحديث (عن عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (أن امرأة سعد ابن الربيع) قيل: هي عمرة بنت حرام الأنصارية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها، (قالت: يا رسول الله، إن سعدًا هلك وترك ابنتين) وإن عمهما أخذ مالهما (4)(وساق) الحديث (نحوه) إلى نحو ما تقدم.
(قال المصنف: هذا هو أصح)(5) من الرواية التي قبلها.
(1) من (ل).
(2)
"سنن الترمذي" 4/ 414.
(3)
هكذا في (ر) وفي "معجم البكري" 2/ 376: جر بفتح أوله وتشديد ثانيه: قصر في جانب صنعاء الأيسر. وقال الحازمي في "الأماكن": (ص 209)، وأيضا موضع بالحجاز في ديار أشجع كانت فيه وقعة بينهم وبين سليم.
قلت: لكن التي سميت باليمامة فاسمها: (جو) بالواو قال البكري في "معجمه" 2/ 407 جو: اسم اليمامة في الجاهلية حتى سماها الحميري لما قتل المرأة التي تسمى اليمامة باسمها.
(4)
في (ر) مكان هذِه الكلمة بياض. والمثبت من (ل) و (ع).
(5)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: الأصح.
[2893]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان) الأرجح فيه الصرف، وهو ابن يزيد (حدثنا قتادة، حدثني أبو حسان) واسمه مسلم ابن عبد الله الأعرج، ويقال: الأحرد البصري (1).
(عن الأسود بن يزيد) النخعي، له ثمانون حجة وعمرة (2)(أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه ورث) بفتح الواو والراء المشددة، ولفظ رواية البخاري (3) عن الأسود بن يزيد: قضى فينا معاذ بن جبل النصف للابنة والنصف للأخت (أختا وبنتًا جعل لكل واحدة منهما النصف) لفظ البخاري: النصف [للابنة والنصف](4) للأخت.
فيه دلالة على الأخت من الأبوين أو من الأب مع البنت أو البنات عصبة بمنزلة الأخ، فإذا خلَّف الميت بنتًا وأختًا لأبوين أو لأب فللبنت النصف والنصف الباقي للأخت كما لو كان مع البنت أخ. وتقدم قول (5) ابن عباس رضي الله عنهما في بنت وأخت: للبنت النصف ولا شيء للأخت. فقيل له: إن عمر قضى بخلاف ذلك جعل للأخت النصف. فقال ابن عباس: أنتم أعلم أم الله؟ يريد قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا} ، فإنما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد، واحتجاجه لا يدل على ما ذهب
(1)"تقريب التهذيب"(8046).
(2)
"تهذيب الكمال" 3/ 235.
(3)
(6741).
(4)
سقط من (ر).
(5)
سقط من (ر).
إليه، بل يدل على أن الأخت لا يفرض لها النصف مع الولد، ونحن نقول: فإن ما تأخذه مع البنت ليس بفرض بل بالتعصيب كأخ، كما تقدم.
(وهو) قاضٍ (باليمن، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ) يعني: يوم قضى بهذا القضاء (حي) ولفظ البخاري: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النصف للابنة (1).
(1)"صحيح البخاري"(6741).