الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
181 - باب في حَمْلِ السِّلاحِ إِلى أَرْضِ العَدُوِّ
2786 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَني أَبي، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ ذي الجَوْشَنِ - رَجُلٍ مِنَ الضِّبابِ - قال: أَتيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لي يُقالُ لَها: القَرْحاءُ فَقُلْتُ: يا مُحَمَّدُ إِنّي قَدْ جِئْتُكَ بِابْنِ القَرْحاءِ لِتَتَّخِذَهُ قَالَ: "لا حاجَةَ لي فِيهِ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُقِيضَكَ بِهِ المُخْتارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ" .. قُلْتُ: ما كُنْتُ أُقِيضُهُ اليَوْمَ بِغُرَّةٍ. قَالَ: "فَلا حاجَةَ لي فِيهِ"(1).
* * *
باب حمل السلاح إلى أرض العدو
إذا أخذ منه عوض كراع. الكراع بضم الكاف، قال الجوهري: هو اسم لجميع الخيل (2).
[2786]
(حدثنا مسدد) بن مسرهد قال (3): (حدثنا عيسى بن يونس) عن أبيه قال: (حدثنا أبي) يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن أبي إسحاق) السبيعي واسمه عمرو بن عبد الله الهمداني (عن ذي الجوشن) قال ابن الأثير: اختلف في اسمه فقيل: هو أبو شمر شُرَحْبيل بن الأعور بن عمرو بن معاوية بن عمرو الضِّبَابي بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة من بني كلاب، ويقال: إنه أوس بن الأعور،
(1) رواه أحمد 4/ 67، وابن أبي شيبة (37856).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(481).
(2)
"الصحاح في اللغة" 3/ 411.
(3)
من (ر).
والأول أكثر، وإنما لقب بذي الجوشن من أجل أن صدره كان ناتئًا وهو صحابي معروف، وكان شاعرًا محسنًا، وهو والد شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه، سكن الكوفة، قال: وروى عنه أبو إسحاق مرسلًا (1).
وهكذا قال أبو محمَّد بن أبي حاتم (2) وشمر لم يذكره أبو محمَّد بن أبي حاتم ولا البخاري في تاريخيهما. قال عبد الحق (3): ويقال: سمعه أبو إسحاق من ابنه شمر بن ذي الجوشن، ذكره ابن عبد البر (4)، وشِمْر بكسر الشين المعجمة وسكون الميم.
(رجل من الضباب) بالكسر على البدل، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو رجل من الضباب، بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة.
(قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال له: القَرْحاءُ) بفتح القاف، لعلها سميت بذلك للغرة التي كانت في وجهها، وأن الفرس الأقرح هو ما في وجهه بياض دون الغرة، ومنه يقال: روضة قرحاء. أي: فيها نوارة بيضاء (فقلت: يا محمَّد) لعل خطابه هذا قبل أن يسلم ذو الجوشن، أو قبل نزول الآية؛ فإن الضحاك روى عن ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمَّد، يا أبا القاسم، فنهاهم عن ذلك إعظامًا لنبيه
(1)"جامع الأصول في أحاديث الرسول" 12/ 376.
(2)
"المراسيل" لابن أبي حاتم (527)، و"الجرح والتعديل" 3/ 447.
(3)
في الأصول: ابن عبد الحق، وانظر:"الأحكام الوسطى" 3/ 121.
(4)
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" 2/ 468.
صلوات الله وسلامه عليه. قال: فقالوا: يا نبي الله، يا رسول الله، وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير.
قال مقاتل بن حيان: في الآية يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمَّد، ولكن شرفوه فقولوا: يا رسول الله (إني قد جئتك بابن القرحاء) فيه تسمية الدواب، وكان النبي يسمي دوابه، والآلة التي للجهاد (لتتخذه) عندك لجهاد العدو ولغيره (قال: لا حاجة لي فيه) بلا عوض.
فإن قلنا: إن هذا قبل أن يسلم، ففيه دليل على عدم قبول الهبة من المشركين.
(وإن شئت أن أَقِيْضك) بفتح الهمزة، وكسر القاف، وإسكان المثناة تحت (به) أي: بدله. أي: أقايضك، يقال: قاض يقيض قيضًا، وقايضه يقايضه مقايضة في البيع إذا أعطاه سلعة وأخذ عوضها سلعة، والمقايضة في البيوع تشبه المبادلة، مأخوذ من القيض أبدلك وأعوضك، وهو العوض يقال: هما قيضان، أي: متساويان، وفي بعض النسخ: أقبضك بفتح القاف وتشديد الباء. فيه دليل على جواز حمل السلاح إلى أرض العدو إذا تعرض به الخيل التي للعدو، ووجه الدليل أن هذا قبل أن يسلم وإن كان قد أسلم فيحمل على أنَّه كان نازلًا في بلاد الكفر.
والذي عليه العمل أن حمل السلاح إلى أرض العدو لا يجوز، ولهذا قال عبد الحق في آخر الحديث (1): وكان هذا قبل أن ينزل قول
(1)"الأحكام الوسطى" 3/ 121.
الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} مع أن الحديث كما تقدم، وكما أنَّه لا يجوز حمل السلاح إلى أرض العدو لا يجوز أن يباع العدو شيئًا مما يستعينون به في حروبهم من كراع أو سلاح، ولا شيئًا مما يرهبون به على المسلمين في قتالهم مثل الرايات، وما يلبسون في حروبهم.
قال ابن رشد المالكي (1): وكذلك النحاس؛ لأنهم يعملون منه الطبول فيرهبون بها المسلمين. قال: وجائز أن يعطوا ذلك في فداء المسلمين باتفاق، وكذلك الخيل والسلاح إذا لم يقبلوا في الفداء غير ذلك.
(المختارة) فيه استحباب تسمية الدواب (من دروع بدر) أي: من دروع غنائم بدر (فعلت، قلت: ما كنت لأقيضه) بضم الهمزة، كما تقدم (اليوم بغرة) بضم الغين وتشديد الراء، فيه أنَّه يسمى الفرس غرة، والمشهور عند أئمة اللغة والغريب والفقهاء أنها القسمة من الرقيق، ذكرًا كان أو أنثى، سميت بذلك لأنَّ الإنسان من أحسن الصور، أي: أفضله وخياره، وغزة كل شيء خياره، وإنما سمى هذِه الفرس بغرة؛ لأنها أنفس أمواله (قال: فلا حاجة لي فيه) أي: على غير الوجه المتقدم.
(1)"المقدمات المهمات" 2/ 154 - 155.