الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
164 - باب في الإِمامِ يَكونُ بيْنَهُ وَبينَ العَدُوِّ عهْدٌ فيسِيرُ إليْهِ
2751 -
حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَريُّ، قالَ: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الفيضِ، عَنْ سُليْمِ بْنِ عامِرٍ - رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ - قال: كانَ بيْنَ مُعاوِيَةَ وَبيْنَ الرّومِ عَهْدٌ وَكانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلادِهِمْ حَتَّى إِذا انْقَضَى العَهْدُ غَزاهُمْ فَجاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَهُوَ يَقول: الله أَكْبَرُ اللهُ فيَ وَفاءٌ لا غَدْرٌ. فَنَظَرُوا فَإِذا عَمْرُو بْن عَبَسَةَ، فَأَرْسَلَ إِليْهِ مُعاوِيَةُ فَسَأَله، فَقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ كانَ بيْنَهُ وَبيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلا يَحُلُّها حَتَّى يَنْقَضيَ أَمَدُها أَوْ يَنْبِذَ إِليْهِمْ عَلَى سَواءٍ" .. فَرَجَعَ مُعاوِيَةُ (1).
* * *
باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه
أي: نحو عدوه ليقرب منهم فيغير بعد المدة عليهم.
[2759]
(حدثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة (النمري) بفتح النون والميم الحوضي. (قال: حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي (عن أبي الفيض) اسمه موسى بن أيوب (عن سليم) بضم السين وفتح اللام (بن عامر) الخبائري بفتح الخاء المعجمة وتخفيف الباء الموحدة وكسر الياء تحتها نقطتان وبالراء، الكلاعي بفتح الكاف من تابعي الشام، كثير الحديث (رجل) بالجر على البدل مما قبله (من حمير) بكسر الحاء المهملة وإسكان الميم. (قال: كان) معاوية يسير في أرض الروم، وكان (بين معاوية وبين) أهل (الروم عهد) مؤقت إلى مدة
(1) رواه الترمذي (1580)، وأحمد 4/ 111.
وصححه الألباني في "الصحيحة"(2357).
بأمانهم وترك القتال معهم إلى أن تنقضي المدة (وكان يسير نحو بلادهم) رواية الترمذي: وكان يسير في بلادهم (1). ورواية (2) أحمد بن حنبل: فأراد أن يدنو منهم (3)(حتى إذا أنقضى العهد) يعني: انقضت مدة عهدهم (غزاهم) رواية الترمذي: أغار عليهم. وهو الذي بوب عليه المصنف رحمه الله. (فجاء رجل) رواية أحمد: فإذا شيخ (على فرس أو بِرْذَونٍ) بكسر الباء وفتح الذال المعجمة: الدابة الثقيلة المشي (وهو يقول: الله أكبر الله أكبر) فيه التكبير عند ظهور عز الإسلام.
(وفاءً) بالنصب والتنوين منصوب بفعل محذوف؛ لأن المصدر المؤكد يتصدره بقوة عامله، وتقدير معناه عند السامع تقديره أوف لهم وفاء (لا غدر) فيه بالنصب [كقوله شكرًا لا كفرًا، والغدر نقض العهد (4) (فنظروا فإذا) هو (عمرو](5) بن عَبَسة) بن عامر كما تقدم (فأرسل إليه معاوية) رواية الترمذي: فسأله معاوية. فيحتمل أنه لما سئل بإذنه كان كمن سأله فأطلق عليه مجازًا (فسأله فقال: ) عمرو (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان بينه وبين قوم عهد) أي: إلى مدة أو مطلقًا (فلا يشُدَّ عقدةً) بالنصب والتنوين، ورواية الترمذي:"فلا يخلف عهدًا". أي: العهد الذي بينهم، ويجوز وفاء لا غدر - بالرفع - وكذا في بعض النسخ (ولا يحُلَّها) رواية الترمذي:"ولا يشدنه"(حتى ينقضي) رواية الترمذي: حتى يمضي (أمدُها) قال العلماء: إذا هادنهم
(1)"سنن الترمذي"(1580).
(2)
في (ل): ورواه.
(3)
"مسند أحمد" 4/ 111.
(4)
ورد بعدها في الأصول: نسخة: بلا غدر.
(5)
ساقطة من (ر).
الإمام بعقد صحيح فيجب الكف عنهم إلى انقضاء المدة، أو إلى خيانة تصدر منهم تناقض العهد فيغتالهم إن علموا أنها خيانة، فإن لم يعلموا ففي اغتيالهم من غير إنذار وجهان لأصحابنا (1).
قال الخطابي (2): إنما كره عمرو مسير معاوية إلى ما يتاخم بلاد العدو والإقامة بقرب دارهم من أجل أنه إذا هادنهم إلى مدة وهو مقيم في وطنه فقد صارت مدة مسيره (3) بعد انقضاء المدة كالمشروط مع المدة المضروبة في أن لا يغزوهم فيها فيأمنوه على أنفسهم، فإذا كان مسيره (4) إليهم في أيام الهدنة حتى ينيخ بقرب دارهم، كان إيقاعه بهم قبل الوقت الذي يتوقعونه فكان ذلك داخلًا عند عمرو في معنى الغدر المنهي عنه.
وفيه فضيلة الوفاء بالعهد وذم النقض بالعهد ولو مع الكفار، لاسيما إذا كان العهد بالله.
(أو يَنبِذَ) بفتح أوله (إليهم) عهدهم، أي: يعلمهم بأنه قد نقض عهدهم حتى يبقى علمه وعلم العدو بأنه محارب لهم وهم حرب له، وأنه لم يبق عهد بينه وبينهم على السواء، أي: يستوي هو وهم في العلم. وعن الوليد بن مسلم: على سواء، أي: على مهل (5).
قال أبو داود: في الآية إضمار تقديره: فانبذ إليهم على سواء حتى تكون أنت وهم (على سواء) في العلم بأنك نبذت إليهم عهدهم. (فرجع معاوية) من مسيره.
(1) انظر: "الوسيط" للغزالي 7/ 91، "الحاوي" للماوردي 14/ 275.
(2)
"معالم السنن" 4/ 64.
(3)
في (ر): سيره، والمثبت من (ل).
(4)
في (ل): سيره.
(5)
رواه الطبري في "التفسير" 14/ 26.