الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب الرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ في العَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحّي
2791 -
حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حدثنا أَبي، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا عَمْرُو بْنُ مُسْلمٍ اللَّيْثيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذا أَهَلَّ هِلالُ ذي الحِجَّةِ فَلا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلا مِنْ أَظْفارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحّيَ".
قَالَ أَبُو داوُدَ: اخْتَلَفُوا عَلَى مالِكٍ وَعَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو في عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: عُمَرُ. وَأَكْثَرُهُمْ قَالَ: عَمْرٌو. قَالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أكَيْمَةَ اللَّيْثيُّ الجُنْدَعيُّ (1).
* * *
باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي
[2791]
(حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي العنبري قاضي البصرة (حدثنا محمَّد بن عمرو) بن (2) علقمة الليثي قال: (حدثنا عمرو بن مسلم) بن أكيمة، أخرج له مسلم هنا (3) قال (سمعت سعيد بن المسيّب يقول: سمعت أم سلمة) هند بنت أبي أمية زوج النبي ([تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] (4): من كان له ذبح) بكسر
(1) رواه مسلم (1977).
(2)
في (ر): أبو.
(3)
"صحيح مسلم"(1977).
(4)
ساقطة من الأصول، والمثبت من مطبوع "السنن".
الذال المعجمة، أي: حيوان يريد (يذبحه) فهو فِعْل بمعنى مفعول مثل حِمْل بمعنى محمول (1)، كقوله تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (2)(فإذا أهل) عليه (هلال) أهل الهلال بالبناء للمفعول واستهل بالبناء للفاعل (3) خلافًا لبعضهم (ذي الحجة) بكسر الحاء المهملة وبعضهم يفتح، ولفظ النسائي (4): من رأى هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي، ولمسلم نحوه (5).
فيه دلالة على أن أصل هذِه القربة للحاج، وغيره تبع له كالتكبير أيام التشريق، قاله القفال في "محاسن الشريعة"، وضعفوه بأنّه لا يعتزل النساء، ولا يترك الطيب واللباس وغيرهما مما يتركه المحرم، وعلله الجمهور بأنّه يبقى كامل الأجزاء ليشمل التكفير بالأضحية جميع أجزاء البدن.
ومقتضى هذا التعليل كراهة ذلك لمن عزم على إعتاق رقيق مستحب أو واجب، فلا يأخذ من شعره وبشره شيئًا، وفي رواية:"أراد أن يضحي". دلالة على أن الأضحية سنة؛ لأنَّ الواجب لا يتعلق بالإرادة ولا بالمحبة (6)(فلا يأخذن من شعره) يشمل الشارب والعانة والإبط
(1) انظر "شرح مسلم" للنووي 13/ 139.
(2)
الصافات: 107.
(3)
في (ل) زيادة على.
(4)
"السنن الكبرى"(4435).
(5)
(1977).
(6)
انظر: "اختلاف الحديث" للشافعي ص 521، "الحاوي" للماوردي 15/ 72، "المجموع" للنووي 8/ 386.
والرأس (ولا من أظفاره شيئًا) وفي رواية للنسائي (1): "ولا من بدنه". ولمسلم (2): "فلا يمس من شعره وبشره شيئًا". فيه دلالة لما حكاه النووي عن إبراهيم المروروذي أن حكم أجزاء البدن حكم الشعر والظفر (3)، وعلى هذا فرواية النسائي ومسلم أعم من رواية المصنف، ومذهب الشافعي أن ذلك مكروه وتركه سنة، وهذِه الكراهة كراهة تنزيه، وقيل (4): تحريم؛ لظاهر النهي.
واستدل الشافعي رحمه الله على الجواز بحديث عائشة رضي الله عنها: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه. متفق عليه (5).
وقيل: يحرم؛ لظاهر النهي، فإن مقتضاه التحريم، ورجح بأن هذا حديث خاص، وحديث عائشة عام، والخاص مقدم بتنزيل العام على ما عدا (6) ما يتناوله الحديث الخاص (7)، ولأنه يجب حمل حديث عائشة على غير محلّ النزاع لوجوه (8) منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل
(1) لم أجد هذِه اللفظة في طبعات "سنن النسائي" التي بين يدي الآن.
(2)
(1977).
(3)
"المجموع" 8/ 392، "الروضة" 3/ 210.
(4)
هكذا في (ل)، وفي (ر): وفيه.
(5)
أخرجه البخاري (1698، 1703، 5566)، ومسلم (1321).
(6)
في (ل): عدل.
(7)
من (ل).
(8)
سقط من الأصلين، والمثبت من "المغني" لابن قدامة 11/ 96. والعبرة فيه كما هنا، وراجع "نيل الأوطار" 5/ 172.
ما نهى عنه وإن كان مكروهًا؛ لقوله تعالى إخبارًا عن قول شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (1)، ولأن أقل أحوال النهي الكراهة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره، ولأن عائشة إنما تعلم ظاهر ما رأته يباشرها به من المباشرة، أو ما يفعله دائمًا كاللباس والطيب، وأما ما يفعله نادرًا كقص الشعر مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لم ترده بخبرها، وإن احتمل إرادتها فاحتمال بعيد؛ ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة عن قوله، والقول مقدم على الفعل؛ لاحتمال أن يكون فعله خاصًّا له، فإذا ثبت هذا فيترك قطع الشعر وتقليم الأظفار؛ فإن فعل استغفر الله، ولا فدية فيه إجماعًا (2) سواء فعله عمدًا أو نسيانًا (حتى يضحي) قضيته أنَّه أراد التضحية بأعداد من الغنم فتزول الكراهة بذبح الأوّل، ويحتمل بقاء النهي إلى آخرها.
(1) هود: 88.
(2)
نقل هذا الإجماع ابن قدامة في "المغني" 11/ 96.