الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب ما جاءَ في طَلَب الإِمارَةِ
2929 -
حدثنا محَمَّد بْن الصَّبّاحِ البَزّازُ، حدتنا هُشَيْم، أَخْبَرَنا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قال: قال ليَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لا تَسْأَلِ الإِمارَةَ، فَإِنَّكَ إِذا أُعْطِيتَها عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ فِيها إِلَى نَفْسِكَ، وَإِنْ أُعْطِيتَها عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْها"(1).
3930 -
حدثنا وَهْبٌ بْن بَقِيَّةَ، حدثنا خالِدٌ، عَنْ إِسْماعِيلَ بْنِ أَبِي خالِدٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ قُرَّةَ الكَلْبيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قال: انْطَلَقْتُ مَعَ رَجْلَيْنِ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فتَشَهَّدَ أَحَدُهُما ثُمَّ قال: جِئْنا لِتَسْتَعِينَ بِنا عَلَى عَمَلِكَ. وقالَ الآخَرُ مِثْلَ قَوْلِ صاحِبِهِ. فَقالَ: "إِنَّ أَخْوَنَكُمْ عِنْدَنا مَنْ طَلَبَهُ" .. فاعْتَذَرَ أَبُو مُوسَى إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقال: لَمْ أَعْلَمْ لمِا جاءا لَه. فَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِما عَلَى شَيء حَتَّى ماتَ (2).
* * *
باب ما جاء في طلب الإمارة
[2929]
(حدثنا محمد بن الصباح البزاز) بزايين وهو التاجر البغدادي (3)(حدثنا هشيم) بن بشير الواسطي (أخبرنا يونس ومنصور، عن الحسن) بن أبي الحسن البصري (عن عبد الرحمن بن سمرة) بن حبيب [العبشمي القرشي](4)، أسلم يوم فتح مكة، وغزا خراسان في
(1) رواه البخاري (6622)، ومسلم (1652).
(2)
رواه أحمد 4/ 393. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (558).
(3)
"تهذيب الكمال" 25/ 388.
(4)
في (ع): القرشي القيسي.
زمن عثمان، وهو الذي افتتح سجستان وكابل، وكان الحسن معه في غزوة سجستان (1) (قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا عبد الرحمن بن سمرة: لا تسألِ) بكسر اللام في الوصل (الإمارة) ظاهر النهي عن مجرد طلب الإمارة لا لهوى نفسه (2) ولا غيرها لما فيها من الخطر والافتتان ولغيره (3)(فإنك إذا أعطيتها) وهذا محمول على ما إذا كان هناك جماعة ممن يصلح أن يقوم بها، فأما إذا لم يكن هناك ممن يصلح لها (4) إلا واحدا تعين عليه ووجب عليه أن يتولاها، ويخبر الإمام بصفاته المجتمعة فيه مما يستحق الإمارة من العلم والكفاية كما قال يوسف عليه السلام:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (5) ثم بيَّن وجه علة النهي عنها: فإنك إن أعطيتها (عن مسألة) منك (وكلت فيها إلى نفسك) لأنك إذا سألتها واحترصت عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلف عنها دل على أنك طلبتها لغرض نفسك الأمارة بالسوء.
(وإن أعطيتها عن غير مسألة) منك ولا استشراف نفسك إليها وكراهتك الولاية لعلمك بآفاتها وخوفًا على نفسك من التقصير عن القيام بحقوقها (أعنت عليها) وعلى القيام بلوازمها.
وفي الحديث دليل على أن من تعاطى أمرًا وسولت له نفسه أنه قائم بذلك الأمر أنه يخذل فيه في غالب الأحوال؛ لأن من سأل الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلًا لها فيوكل إلى نفسه، ولم يعن على
(1)"الإصابة" 4/ 310.
(2)
في (ع): يفسح.
(3)
في (ع): وكثرة. وبعدها بياض.
(4)
سقط من (ع).
(5)
يوسف: 55.
القيام بها، وأن من دعي إلى عمل أو إمامة في الدين، فرأى أنه لا يصلح لذلك العمل ولا يقدر على القيام بحقه لما يعلم من تقصيره وهاب تعاطي ذلك رزقه الله تعالى المعونة على ذلك ووفقه في جميع أموره فيها (1).
[2930]
(حدثنا وهب بن بقية) الواسطي شيخ مسلم (حدثنا خالد) بن عبد الله الطحان الواسطي، اشترى نفسه من الله ثلاث مرات (2)(عن إسماعيل بن أبي خالد) سعد الكوفي، وكان طحانًا (عن أخيه) كذا ورواه البخاري في "التاريخ الكبير"(3) عن أخيه، انتهى. وله جماعة إخوة عدتهم أربعة: أشعث بالثاء المثلثة آخره، وسعيد وخالد ونعمان، وذكر أن بعضهم رواه عن إسماعيل عن أبيه، وقال: لا يصح فيه عن أبيه (4).
(عن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (بن قرة) وقيل: قرة بن بشر (5)(الكلبي) الكوفي، صدوق حكاه شيخنا (6).
(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري (عن) أبيه (أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه (قال: انطلقت مع رجلين إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ولمسلم (7): من
(1) انظر: "فتح الباري" 13/ 124، "شرح النووي على مسلم" 11/ 116.
(2)
"الكاشف"(1333) وتمام كلامه: بوزنه فضة. وانظر: "تاريخ بغداد" 8/
294.
(3)
7/ 184 (822).
(4)
"التاريخ الكبير" 2/ 82.
(5)
"تهذيب الكمال" 4/ 140.
(6)
قال ابن حجر: مجهول. انظر: "التقريب"(5538). وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 361: غير معروف. وقال الذهبي في "الميزان" 1/ 324: لا يدرى من ذا. حديثه في ذم طلب العمالة. وقال في 3/ 387: قرة بن بشر، عن أبي بردة. لا يعرف.
(7)
(1733).
بني عمي من الأشعريين، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، وكلاهما يسأل العمل، والنبي صلى الله عليه وسلم يستاك، وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته وقد قلصت.
(فتشهد) تشهد وهو تفعل من الشهادة، سمي تشهدًا؛ لأن فيه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهذا إنما يؤتى به بعد الحمد لله (أحدهما (1) ثم قال: جئنا) إليك (لتستعين بنا على) بعض (عملك) أي: بأن تولينا وتجعل كل واحد منا عاملًا لك على الجهات التي تحت نظرك وولايتك ثم تشهد الآخر (وقال الآخر مثل قول صاحبه) الذي تكلم قبله. (فقال: ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أخونكم) أي: أكثركم خيانةً (عندنا من) سأل العمل و (طلبه) ومما جرى من الكلام في هذا المعنى مجرى المثل قولهم: الحرص على الأمانة دليل الخيانة (2).
(فاعتذر أبو موسى) الأشعري، يعني حين استفهم واستعلم ما عنده من إرادتهما للعمل بقوله: ما تقول يا أبا موسى؟ (وقال: لم أعلم لما جاءا له) وأخبر: أنه لم يكن عنده خبر من إرادتهما العمل، فلما تحقق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولاه العمل؛ إذ لم يسأله ولا حرص عليه، وأما اللذان سألاه (فلم يستعن بهما على شيء) من أعماله (حتى مات) لحرصهما على العمل لما تقدم أن الحارص على الإمارة مخذول، والكاره لها معان، ومن خذله الله لا يكون كفؤًا، وغير الكفؤ لا يولى لوجود التهمة.
* * *
(1) سقط من (ع).
(2)
انظر: "المفهم" 4/ 17.