الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
162 - باب في الوَفاء بِالعَهْدِ
2756 -
حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينارٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنَّ الغادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِواءٌ يَوْمَ القِيامَةِ فيقال: هذِه غَدْرَةُ فُلانٍ بْنِ فُلانٍ"(1).
* * *
باب الوفاء بالعهد
[2756]
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن) الإمام (مالك) بن أنس (عن عبد الله بن دينار) مولى عبد الله بن عمر، من تابعي المدينة وثقاتهم (عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الغادر) وهو الذي يواعد على أمر ولا يفي، يقال: غدر يغدر، بكسر الدال في المضارع.
(يُنصَبُ له لواء) قال أهل (2) اللغة (3): اللواء هو الراية العظيمة لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب أو صاحب دعوة الجيش، ويكون الناس تبعًا (4) له، قالوا: ومعنى "لكل غادر لواء" أي: علامة يشتهر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة مكان الرئيس، وهو علامة لمكانه، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق لغدرة الغادر لتشهره بذلك، فتنصب للوفاء راية بيضاء وللغدر راية سوداء؛ ليشتهر
(1) رواه البخاري (6178)، ومسلم (1735).
(2)
ساقطة من (ل).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الأثر" 4/ 571.
(4)
في الأصول: تبع. والمثبت هو الصواب.
بها الوفاء فيعظمونه به، والغادر فيذمونه ويلومونه بغدره (1).
قال القرطبي: وقد شاهدنا هذا عادة مستمرة فيهم إلى اليوم، فمقتضى هذا الحديث: أن الغادر يفعل به مثل ذلك (2).
(يوم القيامة) ليشتهر بالخيانة والغدر فيذمه أهل الموقف، قال: ولا يتعدى أن يكون للوفي بالعهد يرفع له يوم القيامة لواء يعرف به وفاؤه بالعهد فيمدحه أهل الموقف، كما يرفع لنبينا محمد (3) صلى الله عليه وسلم لواء الحمد فيحمده كل من في الموقف.
(فيقال: هذِه غدرة) بفتح الغين (فلان بن فلان) لما يعرفه أهل الموقف، وفي هذا بيان عظيم تحريم الغدر، لاسيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين، ولكونه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء، كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذبة الملك (4)، وذكر القاضي عياض (5) احتمال أن يكون المراد نهي الرعية في الغدر بالإمام فلا يشقوا عليه العصا. قال النووي: والصحيح الأول (6).
(1) انظر: "شرح النووي على مسلم" 12/ 43.
(2)
"المفهم" 3/ 520.
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم"، وذكر منها
…
" ملك كذاب". رواه مسلم (107).
(5)
"إكمال المعلم" 6/ 19.
(6)
"شرح النووي على مسلم" 12/ 44.