الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب في اتِّخاذِ الوَزِيرِ
2932 -
حدثنا مُوسَى بْنُ عامِر المُرِّيُّ، حدثنا الوَلِيدُ، حدثنا زهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَن عَائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا أَرادَ اللهُ بِالأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ إِنْ نَسيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعانَهُ وَاِذا أَرادَ اللهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ إِنْ نَسيَ لَمْ يُذَكرْهُ وَإِنْ ذَكرَ لَمْ يُعِنْهُ"(1).
* * *
باب في اتخاذ الوزير
[2932]
(حدثنا موسى بن عامر) بن عمارة (المري) بضم الميم وكسر الراء المشددة الدمشقي و (حدثنا الوليد) بن مسلم (حدثنا زهير بن محمد) التميمي المروزي نزل الشام (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد التميمي الفقيه (عن أبيه) القاسم بن أبي بكر التيمي الفقيه.
(عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله تعالى بالأمير) الذي له ولاية على قوم من خليفة أو قاضٍ ونحوهما.
(خيرًا) يحتمل أن يراد به عموم خير الدنيا والآخرة؛ لأنه نكرة في معرض الشرط، ويحتمل أن يكون معناه الخصوص؛ لأن ذلك سائغ في ألسنة العرب، كما قال بعض العلماء: إن المراد بالخير المطلق الجنة، وهذا ليس بقوي، والأول أولى.
(جعل له وزير) هو مشتق من الوزر وهو الثقل والإثم؛ لأنه يتحمل
(1) رواه النسائي 7/ 159، وأحمد 6/ 70، والبيهقي 10/ 111. قال النووي في "رياض الصالحين" (679): رواه أبو داود بإسناد جيد على شرط مسلم.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2603).
عن الملك ثقل التدبير ومؤنة ما يحتاج إلى فعله ويسمى السلاح وزرًا؛ لثقله على لابسه، وقيل: مشتق من الوزر وهو اللجأ، قال الله تعالى:{لَا وَزَرَ} (1) أي: لا ملجأ منه إلا إليه، ويسمى الوزير بذلك لأن الملك يعتصم برأيه ويلجئ إليه أموره، وقيل: الوزير مشتق من المؤازرة وهي المعاونة عن الأصمعي قال: وكان القياس أن يقال: أزير فقلبت الهمزة إلى الواو، ووجه قلبها أن فعيلا جاء في معنى مُفاعل محبًّا صالحا، كقولهم: عشير وجليس ونديم، فلما قلبت في أخيه قلبت فيه (2).
(صدق) أي: صادقًا في النصح له، والأظهر أن المراد به وزيرًا صالحًا؛ لرواية النسائي (3) ولفظه: قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ولي منكم عملًا فأراد الله به خيرًا جعل له وزيرًا صالحًا". ثم بيَّن وزير الصدق (إن نسي) شيئًا من أحكام الشريعة وآدابها أو نسي قضية منه في مظلوم رفعت إليه، أو نسي مصلحة من مصالح الرعية ونحو ذلك (ذكره) ما نسيه ونبهه عليه.
(وإن) لم ينس شيئًا ولكن (ذكر) ذلك واحتاج إلى مساعدة بالرأي أو اللسان أو البدن (أعانه) أعانه على ذلك وساعده.
ومن أهم ما ينبغي أن يكون في الوزير: أن يكون حريصًا على أفعال الخير راغبًا فيه وفي تحصيله للملك ولرعيته وجنوده، كارهًا للشر وأهله،
(1) القيامة: 11.
(2)
"النهاية" 5/ 392، "تاج العروس" 14/ 360، "فيض القدير" 10/ 340.
(3)
(4215).
وينبغي له أن يحترص على أن تكون مملكة الملك جميعها عامرة آمنة، والرعية داعية والهدايا إلى الملك جارية، وجنوده ورعاياه راضية.
(وإذا أراد الله به غير ذلك جعل) الله (له وزير سوء، إن نسي) شيئًا مما يتعلق بمصالحه ومصالح الرعية (لم يذكره) ذلك (وإن ذكر) واحتاج إلى إعانة (لم يعنه) ولا يألوه إلا خبالًا أي: فسادًا.
* * *