الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب ما جاءَ فيمَنْ ماتَ، عَنْ غيْرِ وَصيَّةٍ يتَصَدَّقُ عَنْهُ
2881 -
حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حدثنا حَمّادٌ، عَنْ هِشامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ أَنَّ أمْرَأة قالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمّيَ افْتلِتَتْ نَفْسُها وَلَوْلا ذَلِكَ لَتَصَدَّقَتْ وَأَعْطَتْ أفَيُجْزِئُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْها؟ فَقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ فَتَصَدَّقي عَنْها"(1).
2882 -
حدثنا أَحْمَدُ بْن مَنِيعٍ، حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبادَةَ، حدثنا زَكَرِيّا بْنُ إِسْحاقَ، أَخْبَرَنا عَمْرُو بْن دِينارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قال: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمّي تُوُفِّيَتْ أَفيَنْفَعُها إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْها؟ فَقالَ: "نَعَمْ" .. قال: فَإِنَّ لي مَخْرَفًا وَإِنّي أُشْهِدُكَ أَنّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْها (2).
* * *
باب فيمن مات عن غير وصية يتصدق عنه
[2881]
(حدثنا موسى بن إسماعيل) الأزدي، (حدثنا حماد) بن سلمة، (عن هشام (3) بن عروة [(عن عروة)](4) بن الزبير بن العوام، (عن عائشة) رضي الله عنها (أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي افتلتت) بضم التاء الأولى بلفظ المجهول من الافتلات بالفاء وهو ما كان بغتة وعن عجلة (5)، قال المنذري: بروي وبغير روية (نفسها) أي: ماتت نفسها بغتة. قال القاضي: ضبطناه بفتح السين على أنه
(1) رواه البخاري (1388، 2760)، ومسلم (1004).
(2)
رواه البخاري (2756).
(3)
في (ر): سهام. وهو خطأ.
(4)
من (ر)، وفي المطبوع: عن أبيه.
(5)
في (ر) عجلان.
مفعول (1). قال ابن الأثير: إنما افتلتها (2) الله نفسها كما تقول: اختلسه الشيء وأسكنه إياه. ثم بنى الفعل لما لم يسم فاعله فتحول المفعول الأول مضمرًا وبقي الثاني منصوبًا. قال: وتكون التاء الآخرة [ضميرًا للأم](3) أي: افتلتت هي نفسها، وروي بضم السين على أنه متعدٍّ لمفعول واحد أقيم مقام الفاعل وتكون التاء لتأنيث النفس أي: أخذت نفسها فلتة، وأكثر الروايات فتح السين، وذكره [ابن قتيبة] (4) أنه: اقتتلت (5) نفسها. وهي كلمة تقال من قتله الحب. والنفس هنا مؤنثة، وهي بمعنى الروح.
(ولولا ذلك) موجود (لتصدقت وأعطت) الفقراء والمحتاجين من مالها (أفيجزي) بفتح الياء الأولى (أن أتصدق عنها؟ قال: نعم) قال بعضهم: أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة عنها؛ فدل على جواز ذلك والفضيلة فيه، ولا خلاف في جواز صدقة الحي عن الميت نذرًا كان أو غيره (6) (فتصدقي عنها) قوله: نعم. دليل على الجواز، وقوله بعد ذلك: تصدقي عنها دليل على استحبابه والفضيلة فيه.
(1)"إكمال المعلم" 3/ 278، وتمام عبارته: روايتنا فيه بفتح السين على المفعول الثاني، ويصح الرفع على ما لم يسم فاعله. وانظر:"المشارق" 2/ 22.
(2)
في (ر) قتلها.
(3)
في (ر) ضم اللام والمثبت من (ع).
(4)
في الأصلين كلمة غير واضحة وأثبت هذِه الكلمة من كتب الشروح ومنها: "مشارق الأنوار" 2/ 157، "شرح مسلم" للنووي 7/ 95، "فتح الباري" 3/ 255 فقال: وذكره ابن قتيبة بالقاف وتقديم المثناة.
(5)
في (ع): افتلتت، والمثبت من (ر).
(6)
"التمهيد" لابن عبد البر 12/ 93، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 6/ 161.
قال أبو الفضل اليحصبي: ولا خلاف في استحبابه للوارث.
[2882]
(حدثنا أحمد بن منيع) البغوي الحافظ صاحب "المسند"، (حدثنا روح بن عبادة، حدثنا زكريا بن إسحاق) المكي، (حدثنا عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا) وهو سعد بن عبادة (قال: يا رسول الله، إن أمي) عمرة (1) بفتح العين المهملة وهي بنت مسعود بن قيس وكانت من [المبايعات (توفيت) سنة خمس من الهجرة توفيت - زاد البخاري (2) -وهو غائب عنها (أفينفعها) الصدقة (إن تصدقت عنها) وفي رواية: وأظنها لو تكلمت تصدقت (3). يعني لما علمه من حرصها على الخير أينفعها شيء إن تصدقت به عنها. وفي الحديث دليل على فضيلة السؤال للعالم عند الجهل وترك الحكم بالرأي؛ لأن هذا الصحابي لما لم يكن له علم هل تنفع صدقته بتلك النية أم لا؟ فسأل قبل أن يعلم فلما علم الحكم عمل به.
(قال: نعم) فيه دليل على أن بر الوالدين مطلوب بعد موتهما؛ لأن الصدقة عنها من هذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث حين سأله بعض الصحابة عن ذلك فقال:"أن ينفذ وصيتهما (4) ويبر صديقهما" فقد
(1) انظر ترجمتها في "الطبقات الكبرى" 3/ 439، "الإصابة" 8/ 33 برقم (11508).
(2)
(2756 و 2762).
(3)
البخاري (1388)، ومسلم (1004) من حديث عائشة.
(4)
هكذا في (ر) وفي (ع) صدقتهما ولم أقف على هذِه اللفظة في روايات الحديث وإنما هي: إنفاذ عهدهما. أخرجه أبو داود كتاب الأدب باب بر الوالدين (5144). ولفظه: وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا. وقال ابن الأثير في جامع الأصول 1/ 407: إنفاذ عهدهما: إمضاء وصيتهما، وما عهدا به قبل موتهما.
يكون المرء عاقًّا في حياة الأبوين بارًّا بعد موتهما.
(قال: فإن لي مخرفًا) بفتح الميم والراء وهو البستان (1) من النخل؛ لأنه يخرف منه الرطب، أي: يجتنى (2)، ومنه حديث أبي قتادة: فابتعت به مخرفًا (3)(فأشهدك) فيه دليل على مشروعية الإشهاد بالصدقة وغيرها من الموقوفات والبيوعات ونحوها؛ لأن الله تعالى أمر بالإشهاد في مواضع، ولأنه تحصل له وفاة بغتة فيكون الإشهاد شاهدًا بذلك وليأمن من غائلة النفس ومكر العدو إبليس؛ لأنه قد تحدثه نفسه بالرجوع عن الصدقة. وفيه أن إظهار الصدقة في هذا الموضع أفضل من إخفائها لاغتنام صدق النية.
(أني قد تصدقت (4) به عليها) قال المهلب: لم يسم سعد على من تصدق بالحائط ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم تجز الصدقة والوقف على غير مسميين لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بيان ذلك (5). وكلام الرافعي في الوقف يقتضي أنه لا يشترط فإنه قال: واحتجوا لهذا القول بأنه لو قال: أوصيت بثلث مالي. واقتصر عليه صحت الوصية وصرفت إلى الفقراء والمساكين وتابعه في "الروضة"(6).
(1) في (ر) اللسان.
(2)
"النهاية" لابن الأثير 2/ 66، و"جامع الأصول" 6/ 482 و 8/ 400، وراجع "فتح الباري" 5/ 386.
(3)
أخرجه البخاري (2100) ومسلم (1751).
(4)
في (ر) صدقت.
(5)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 8/ 174.
(6)
"روضة الطالبين" 5/ 319، 6/ 186.
قال ابن أبي جمرة: فيه دليل لقول مالك أن الصدقة تجب بالقول؛ لأنه قال: أشهدك أني تصدقت به. وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم يطلب منه زيادة في الوجوب.
قال: وفيه دليل على أن للرجل بعد إشهاده على الصدقة أن يتصرف، أي: في تفريقها؛ لأنه أشهد النبي صلى الله عليه وسلم على صدقته لم يقل: أعط من فلان وامنع من فلان (1).
(1) انظر: "فتح الباري" 5/ 398.