الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب في اتِّخَاذِ الكَلْبِ لِلْصَّيْدِ وَغَيْرِهِ
2844 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَليِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ ماشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيراطٌ"(1).
2845 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلا أَنَّ الكِلابَ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا فاقْتُلُوا مِنْها الأَسْوَدَ البَهِيمَ"(2).
2846 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عاصِمٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرٍ قال: أَمَرَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الكِلَابِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ المَرْأَةُ تَقْدَمُ مِنَ البَادِيَةِ - يَعْنِي: بِالكَلْبِ - فَنَقْتُلُهُ ثُمَّ نَهَانَا عَنْ قَتْلِها، وقالَ:"عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ"(3).
* * *
باب في اتخاذ الكلب لصيدٍ وغيره
[2844]
(حَدَّثَنَا الحسن بن علي) الخلال (حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتخذ كلبًا) اتخذ واقتنى بمعنى واحد
(1) رواه البخاري (2322)، ومسلم (1575).
(2)
رواه الترمذي (1486، 1489)، والنسائي 7/ 185، وابن ماجة (3205)، وأحمد 4/ 85، 5/ 54، 56.
قال الترمذي والبغوي في "شرح السنة" 11/ 211: حديث حسن صحيح.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2535).
(3)
رواه مسلم (1572).
(إلا) بمعنى غير صفة لكلب لتعذر الاستثناء من المفرد، ويجوز أن ينزل النكرة منزلة المعرفة التي للجنس فيكون استثناء (1)(كلب ماشية) من الإبل والغنم. قاله ابن السكيت وجماعة، وبعضهم يجعل البقر من الماشية (2) فيه أن النكرة في سياق النفي تعم وهو الصحيح (3).
قال القرطبي: كلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو الذي يسرح معها لا الذي يحفظها في الدار من السراق (4).
(أو صيد) يعني الذي يتخذ للاصطياد به (أو زرع) يحفظه من الوحوش بالليل والنهار، ويدخل في معنى الزرع: الكرم والثمار وغير ذلك (5) من منافع البادية كلها من الطارق وغيره (6)(انتقص من أجره) وفي رواية للبخاري (7): من عمله (كل يوم قيراط) والقيراط في الأصل: نصف دانق، وفي العرف: جزء من أربعة وعشرين جزءًا (8)، وفي البخاري وغيره (9):"قيراطان"، فيحتمل أن يكون ذلك في نوعين من الكلاب
(1)"عمدة القاري" 30/ 487، وانظر:"فتح الباري" 5/ 6، 10/ 381.
(2)
"المصباح المنير" 2/ 574.
(3)
"نهاية السول شرح منهاج الوصول" 1/ 381.
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 10/ 371.
(5)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 390.
(6)
"الاستذكار" 8/ 494.
(7)
"صحيح البخاري"(2322، 2323، 2324، 2325، 5480، 5482).
(8)
القيراط قال ابن منظور: القراط، والقيراط من الوزن، معروف، وهو نصف دانق، وجمعه قراريط .. . والقيراط جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشره في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءا من أربعة وعشرين. اهـ "لسان العرب" 7/ 375.
(9)
"صحيح مسلم"(1574)، والترمذي (1487)، والنسائي (4284).
أحدهما أشد أذى من الآخر، ويختلف باختلاف المواضع، فيكون القيراطان في المدائن والقيراط في البوادي، أو كان باعتبار الزمانين فذكر القيراط أولًا ثم زاد التغليظ فذكر القيراطين (1).
[واختلف في معنى نقص من أجره كل يوم قيراط، وأقرب ما قيل في ذلك قولان: أحدهما (2) أن جميع ما عمله من عمل ينقص لمن اتخذ ما نهي عنه من الكلاب مارًّا كل يوم يمسكه فيه من أجر ذلك العمل، وقيل: من عمل ذلك اليوم الذي يمسكه فيه، وذلك لترويع المسلم والتشويش عليه بنباحه والمنع من دخول الملائكة بيته أو لنجاسته على ما يراه الشافعي، ولم يكن القيراط يستعمل في العرب، ولذلك تفتح عليكم [أرض](3) يذكر فيها القيراط يعني: مصر المحروسة] (4).
[2845]
(حَدَّثَنَا مسدد، حَدَّثَنَا يزيد) بن زريع (حَدَّثَنَا يونس) بن عبيد بالتصغير أحد أئمة البصرة.
(عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن الكلاب) ذكر قبله الترمذي عن ابن مغفل: إني لممن يرفع أغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال:"لولا أن الكلاب"(5)(أمة من الأمم) تسبح، ويقال: لكل جيل من الناس والحيوان أمة (لأمرت بقتلها) لكنها تسبح بلسانها بخلاف النامي من النبات والشجر (فاقتلوا منها
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 10/ 239.
(2)
من (ل).
(3)
ساقطة من النسخ.
(4)
انظر: "المفهم" 14/ 80.
(5)
"سنن الترمذي"(1489).
الأسود) لفظ الترمذي (1): "كل أسود"، ولفظ مسلم:"عليكم بالأسود"(2)(البهيم)"ذي النقطتين فإنه شيطان" يعني: والشياطين تقتل لكثرة فسادها، واحتج به أحمد بن حنبل وبعض أصحابنا على أنه لا يجوز صيد الكلب الأسود ولا يحل أكله إذا قتله؛ لأنه شيطان، وإنما أحل صيد الكلب (3)، وممن كره صيده الحسن (4) والنخعي (5) وقتادة (6).
قال أحمد: ما أعرف أحدًا يرخص فيه (7) يعني: من السلف. وقال (8): يحرم اقتناؤه ويجب قتله، فلم يبح صيده كغير المعلم.
ودليل تحريم اقتنائه قوله في الحديث: "فاقتلوا منها الأسود". وما وجب قتله حرم اقتناؤه وتعليمه، فلم يبح صيده.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه شيطانًا ولا يجوز اقتناء الشيطان (9).
وقال الشافعي وأحمد (10) وجماهير العلماء منهم أبو حنيفة: يحل
(1)"سنن الترمذي"(1489).
(2)
"صحيح مسلم"(1572).
(3)
"شرح مسلم" للنووي 10/ 237، "المجموع" 9/ 93.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة 5/ 385 (20140).
(5)
ابن أبي شيبة (20141).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة 5/ 385 (20142)، وعبد الرزاق 4/ 472 (8508).
(7)
"مسائل الكوسج" بتحقيقنا (2815)، وانظر:"الجامع لعلوم الإمام أحمد"(من تصنيفنا) 12/ 513 (2824).
(8)
هكذا قال الشارح فأوهم أن هذا من تمام كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى وليس كذلك وإنما هو من استدلال ابن قدامة في "المغني" على ما ذهب إليه الحنابلة.
(9)
انظر: "المغني" 10/ 2، "الشرح الكبير" 11/ 24.
(10)
هكذا في الأصل والصواب حذفها لأن مذهب أحمد سبق الحديث عنه وهو خلاف هذا.
صيد الكلب الأسود كغيره (1) لعموم الآية والحديث والقياس على غير الأسود؛ لأن السواد ليس بعلة مؤثرة، وليس المراد بالحديث إخراجه عن جنس الكلاب، ولهذا لو ولغ في إناء وغيره وجب غسله كما يغسل من ولوغ الكلب الأبيض (2)(البهيم) الخالص السواد.
وقال أحمد: هو الذي ليس فيه بياض.
وقال ثعلب وإبراهيم الحربي: كل لون لم يخالطه لون آخر فهو بهيم، قيل لهما: من كل لون؟ قالا: نعم (3).
[2861]
(4)(حَدَّثَنَا يحيى بن معين) المدني (5) إمام المحدثين.
(حَدَّثَنَا حماد بن خالد الخياط) البصري ببغداد، أخرج له مسلم، وقال
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 10/ 237، 13/ 74، "المغني" لابن قدامة 2/ 11.
(2)
قال البغوي في "شرح السنة" 11/ 212: قيل جعل الأسود منها شيطانا لخبثها؛ لأن الأسود البهيم أضرها وأعقرها، والكلب أسرع إليه منه إلى جميعها وهي مع هذا أقلها نفعا، وأسوؤها حراسة، وأبعدها من الصيد، وأكثرها نعاسا. وقيل في تخصيص كلاب المدينة بالقتل من حيث إن المدينة كانت مهبط الملائكة بالوحي، وهم لا يدخلون بيتا فيه كلب. انتهى.
(3)
"المغني" لابن قدامة 11/ 2.
(4)
هذا الحديث أثبت في أصول أبي داود كلها في هذا الموضع إلا (ك، ب) فإنه تأخر إلى آخر أبواب الصيد وعليه ف ص رمز في أوله وآخره؛ أنه ليس في رواية ابن داسة. انظر: حاشية الشيخ محمد عوامة على "سنن أبي داود" 3/ 383.
(5)
في الأصل المدني والمثبت في كتب التراجم: المري بالراء المهملة والياء آخر الحروف ونسبته إلى المدينة صحيحة لأنه مات بها.
انظر: "تهذيب الكمال" 31/ 544، "تهذيب التهذيب" 11/ 246، "تقريب التهذيب"(7651).
ابن معين: ثقة (1) أمي (2)، عن (معاوية بن صالح) بن حدير الحضرمي الحمصي قاضي الأندلس، أخرج له مسلم في مواضع.
(عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير) الحضرمي، أخرج له مسلم.
(عن أبيه) جبير بن نفير الحضرمي، أخرج له مسلم أيضًا.
(عن أبي ثعلبة [الخشني])(3) قيل: اسمه جرثوم وقيل: جرثومة، وقيل: جرهم (4)، لم يختلفوا في صحبته ولا نسبته إلى خشين وهو وائل بن النمر، بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، وضرب له بسهم يوم خيبر، وأرسله إلى قومه فأسلموا.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رميت الصيد) زاد مسلم: "بسهمك فغاب عنك "(فأدركته) أي: أدركت ذكاته، كما في رواية لمسلم (5).
(بعد ثلاث ليالٍ وسهمك) مرفوع مبتدأ وخبره فيه، والجملة حالية؛ لأنها بعد واو الحال، ويجوز أن ينصب على حذف فعل تقديره: ووجدت سهمك (فيه) والأول أولى لسلامته من التغيير (فكله) أما ما أدركت ذكاته بأن وجدت فيه حياة مستقرة فالإجماع على أنه لا يحل إلا بذكاة فإذا أدرك ذكاته حل له (6) أكله وأما إذا كان حياته كحياة
(1)"تاريخ الدوري عن ابن معين"(666).
(2)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"(3854).
(3)
ساقطة من الأصول، والمثبت من مطبوع "السنن".
(4)
"الإصابة" 7/ 58.
(5)
"صحيح مسلم"(1935).
(6)
من (ل).
المذبوح فهذا يباح من غير ذبح؛ فإن الذكاة في مثل هذا لا تفيد شيئًا كما أنه لو ذبحه مجوسي وبقيت فيه حياة المذبوح ثم أعاد ذبحه مسلم (1) لم يحل (2)(ما) زمانية أي يأكله في مدة الزمان الذي (لم ينتن) بضم التاء ويجوز كسرها مع فتح النون وكسرها.
قال البيهقي: حمل أصحابنا هذا النهي على التنزيه (3) أي: يكره أكل لحم الصيد إذا أنتن كسائر اللحوم والأطعمة المنتنة، وفي قوله فأدركته بعد ثلاث وسهمك فيه فكله دليل على أنه إذا رمى الصيد فغاب عنه فوجد سهمه فيه ولا أثر به غيره حل له أكله (4)، وكذا لو أرسل كلبه على صيد فغاب عن عينه ثم وجده ميتا ومعه كلبه حل؛ لظاهر الحديث، يصححه جماعة من أصحابنا منهم البغوي والغزالي في "الإحياء"(5) والفارقي، وقال في "الروضة" (6): هو الأصح دليلًا، ولم يثبت في التحريم شيء، وعلق الشافعي (7) على صحة الحديث.
(1) من (ل).
(2)
"المغني" 11/ 13.
(3)
نقل البيهقي نحو هذا عن الخطابي. انظر: "السنن الكبرى" 9/ 243. وقال النووي في "شرح مسلم" 13/ 81: هذا النهي عن أكله للنتن محمول على التنزيه لا على التحريم وكذا سائر اللحوم والأطعمة المنتنة يكره أكلها ولا يحرم إلا أن يخاف منها الضرر خوفا معتمدا وقال بعض أصحابنا يحرم اللحم المنتن وهو ضعيف والله أعلم. انظر "المجموع" 9/ 114.
(4)
انظر: "عمدة القاري" للبدر العيني 30/ 493، "فتح الباري" 9/ 601.
(5)
"شرح السنة" 11/ 197، "إحياء علوم الدين" 2/ 95 - 101.
(6)
"الروضة" 3/ 253.
(7)
انظر: "الروضة" 3/ 253.
والثاني: يحرم على الأظهر عند الجمهور، ونسبه الرافعي إلى ترجيح الأكثرين (1)؛ لاحتمال موته بسبب آخر، والتحريم يحتاط له.
وفي "مراسيل أبي داود"(2) عن زياد ابن أبي مريم: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رميت صيدًا ثم تبعته فوجدته ميتًا فقال: "هوام الأرض كثير"، فلم يأمره بأكله، ذكره في "المهذب" وقال النووي: غريب (3).
* * *
(1)"الشرح الكبير" 12/ 35.
(2)
هذا الحديث لم أجده في "المراسيل" وإنما هو في "مصنف عبد الرزاق"(8456).
(3)
"المهذب" 1/ 254.