الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب في ذَبائِحِ أَهْلِ الكِتابِ
2817 -
حدثنا أَحْمَدُ بْن محَمَّدِ بْنِ ثابِتٍ المَرْوَزيُّ، حَدَّثَني عَليّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْويِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} : {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} فَنُسِخَ واسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (1).
2818 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا إِسْرائِيلُ، حدثنا سِماكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ في قَوْلِهِ:{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} يَقولُونَ: ما ذَبَحَ اللهُ فَلا تَأكُلُوا وَما ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ فَكُلُوا. فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2).
2819 -
حدثنا عُثْمانُ بْن أبي شَيْبَةَ، حدثنا عِمْرانُ بْن عُيَيْنَةَ، عَنْ عطَاءِ بْنِ السّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: جاءَتِ اليَهُودُ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالُوا نَأْكل مِمّا قَتَلْنا وَلا نَأْكُل مِمّا قَتَلَ اللهُ؟ فَأَنْزَلَ الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ (3).
* * *
باب في ذبائح أهل الكتاب
[2817]
(حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت) بن شبويه (المروزي) قال
(1) رواه البيهقي 9/ 282. وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (2508).
(2)
رواه ابن ماجه (3173). وصححه الحافظ في "الفتح" 9/ 264، والألباني في "صحيح أبي داود"(2509).
(3)
رواه الترمذي (3069). قال الألباني في "صحيح أبي داود"(2510): حديث صحيح، لكن ذكر اليهود فيه منكر، والمحفوظ أنهم المشركون.
في "الكمال": قال الدارقطني: روى عنه البخاري. وكان من كبار الأئمة (1). (حدثني علي بن حسين) بن واقد الهروي (عن أبيه) الحسين ابن واقد المروزي (عن يزيد) من الزيادة بن أبي سعيد (النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2) يعني: كلوا مما ذكي على اسم الله، وهذا جواب لقول المشركين: تأكلون مما قتلتم أنتم ولا تأكلون مما قتل الله. يعني الميتة، وما قتل الله أحق أن تأكلوه على زعمكم أنكم تعبدون الله، كما سيأتي {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} قال ابن عباس: يريد به الميتة والمنخنقة [إلى قوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}، وقال الكلبي: يعني ما لم يذك أو يذبح لغير الله. ومذهب الشافعي](3) أن التسمية في الذبح مستحبة.
والمراد بقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الميتة كما تقدم عن ابن عباس، وهو رواية عن أحمد رحمه الله تعالى (4).
واستدل (5) برواية البخاري عن عائشة: أن قومًا قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قومًا يأتوننا (6) باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
(1)"تهذيب الكمال" 1/ 436.
(2)
الأنعام: 118.
(3)
من (ل)، وراجع الحاوي" 15/ 95.
(4)
انظر: "الإنصاف" 10/ 300.
(5)
زاد هنا في (ل): البخاري.
(6)
في (ر) يأتون باللحم.
"سموا عليه وكلوا"(1)(فنسخ)(2) الله تعالى (واستثنى من ذلك) فقال تعالى (فقال) ابن عباس: (وطعام) هو اسم لما يؤكل، مبني للمفعول، ويجوز للفاعل، والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند كثير من أهل العلم بالتأويل (أهل الكتاب) يعني: اليهود والنصارى.
قال القرطبي: أما ما حرم علينا من طعامهم فليس بداخل تحت الخطاب في قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} يعني: ذبيحة اليهود والنصارى، وإن [كان] (3) النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح، واليهود تقول: باسم العزير.
قال عطاء: كل من ذبيحة النصراني وإن قال: باسم المسيح؛ لأن الله قد أباح ذبائحهم وقد علم ما يقولون.
وقال القاسم بن محمد: كل من ذبيحته وإن قال: باسم سرجس -اسم كنيسة لهم- وهو قول الزهري وربيعة والشعبي ومكحول. وروي عن صحابيين: عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت.
وقالت طائفة: إذا سمعت الكتابي يسمي غير الله فلا تأكل. وقال بهذا من الصحابة: علي وعائشة وابن عمر، وهو قول طاوس والحسن، متمسكين بقوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} .
وقال مالك: أكره ذلك ولا أحرمه.
(1) البخاري (2057).
(2)
في الأصل: فسبح. والصواب ما أثبتناه، والتصحيح من "سنن أبي داود" ومن "تفسير الطبري" 12/ 87، "فتح القدير" للشوكاني 2/ 228.
(3)
سقطت من الأصلين، وأثبتها من "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ليستقيم الكلام.
وحكى المحب الطبري الاتفاق على جواز أكل ذبيحة أهل الكتاب، واستدل على أن التسمية على الذبيحة ليست بشرط؛ لأنهم لا يسمون على الذبيحة إلا الإله الذي ليس معبودًا حقيقة مثل المسيح والعزير، ولو سموا الآلهة حقيقة لم تكن تسميتهم عبادة، فالتسمية وعدمها من الكافة سواء إذا لم تتصور منه العبادة، وقد حكم الله بحل ذبائحهم مطلقًا فدل ذلك على أن التسمية لا تشترط أصلًا، كما يقوله الشافعي رحمه الله (1).
{وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} فيه دليل على أنهم مخاطبون بتفاصيل شرعنا، أي: إذا اشتروا منا اللحم يحل لهم اللحم ويحل لنا الثمن المأخوذ منهم.
[2818]
(حدثنا محمد بن كثير) العبدي (أنبأنا إسرائيل، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ} شياطين الجن، عن ابن عباس، وعنه: أنهم اليهود، عكرمة: هم المجوس كتبوا إلى قريش: أتأكلون ما تذبحون بأيديكم دون ما ذبحه الله بسكين من ذهب {لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} أي: يوسوس الشيطان إلى وليه من الإنس فيلقي في قلبه الجدال بالباطل، كانوا (يقولون) هذا تفسير لما يوحوه إليهم [بذبحه. رواية ابن ماجه (2): كانوا يقولون ما ذكر عليه اسم الله](3): (ما ذبح الله فلا تأكلون، وما ذبحتم أنتم) توضحه رواية ابن ماجه: وما لم يذكر اسم الله عليه (فكلوه) إذا ذكرتم
(1) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 6/ 76.
(2)
حديث (3173).
(3)
من (ل).
اسم الصنم عليه (فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} المراد بالآية عند الشافعية: لا تأكلوا مما ذكر عليه اسم غير الله، ولهذا قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}، والحالة التي يكون فيها فسقًا هو الإهلال لغير الله، كما قال تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ}، والإجماع على أن من أكل ذبيحة مسلم لم يسم عليها ليس بفاسق (1)، وحينئذٍ فمفهوم الآية يدل على إباحة متروك التسمية، وهذا المسلك قاله الشافعي، وهو أحسن الأجوبة.
[2819]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عمران بن عيينة) الهلالي أخو سفيان صدوق (2)(عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: كل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله) أي: نأكل مما مات بالضرب بأيدينا، ولا نأكل ما أماته الله بلا ضرب.
قال الضحاك: كانوا يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها ويأكلوها (3).
وقال قتادة: كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه (4)(فأنزل الله)
(1) في (ر) ليس بفسق. ونقل هذا الإجماع في "المجموع" للنووي 8/ 412، "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" 5/ 194، "حاشية الجمل على المنهج" لزكريا الأنصاري 10/ 338.
(2)
انظر: "الثقات" للعجلي (1428). وقال ابن حجر في "التقريب"(5164): صدوق له أوهام.
(3)
انظر: "تفسير الطبري" 9/ 497.
(4)
انظر: "تفسير الطبري" 9/ 496، "المحرر الوجيز" 2/ 175.
عز وجل-، زاد الترمذي:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} هو محمول عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في أشهر الروايتين عنه (1) على ما تركت التسمية عليه عمدًا؛ بدليل قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ، قالوا: والأكل مما نسيت التسمية عليه ليس بفسق؛ فإن عندهم: إن تركت التسمية على الذبيحة عمدًا (2) وإن تركت عمدًا لم تؤكل (إلى آخر الآية) يعني: إلى قوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .
* * *
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة 11/ 33، "التمهيد" لابن عبد البر 22/ 301، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 6/ 68، "المغني" لابن قدامة 11/ 33، "اختلاف العلماء" لابن هبيرة 2/ 343.
(2)
من (ل).