الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَاب الوَصَايَا
1 - باب ما جاء فِيما يؤْمرُ بِهِ مِنَ الوَصِيَّةِ
2862 -
حدثنا مُسَدَّدٌ بْن مُسَرْهَدٍ، حدثنا يَحْيَى بْن سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَني نافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - يَعْني: ابن عُمَرَ - عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَئ يُوصي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّته مَكْتُوبَة عِنْدَهُ"(1).
2863 -
حدثنا مُسَدَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ قالا: حدثنا أَبُو مُعاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: ما تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِينارًا وَلا دِرْهَمًا وَلا بَعِيرًا وَلا شاةً وَلا أَوْصَى بِشَئ (2).
(1) رواه البخاري (2738)، ومسلم (1627).
(2)
رواه مسلم (1635).
كتاب الوصايا (1)
* * *
باب ما يؤمر به من الوصية
[2862]
(حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بالتصغير، وهو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب القرشي (حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما حق) مبتدأ محصور في خبره المقدر بعد إلا، أي: ما حقه إلا ليبيت ووصيته مكتوبة عنده، ويدل على هذا التقدير قوله في صفة (امرئ مسلم): يبيت؛ لأنه امرء (2) بثلاث صفات: مسلم، والجملة من قوله: شيء يوصي فيه، وجملة يبيت.
ويحتمل إعرابًا آخر، وهو أن يكون يبيت هو خبر المبتدأ بتأويله بمصدر كما في قوله تعالى:{يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} (3) ويكون الحصر متوجهًا إلى الحال فقط مسلم جرى على الغالب وإلا فوصية الذمي صحيحه والكفار مخاطبون بالفروع، أو يكون ذلك من الخطاب المسمى عند البيانيين (4) بالتهييج، أي: الذي يمتثل أوامر الله، ويجتنب نواهيه إنما هو المسلم كما في نظائره (5)، وهذا اللفظ وإن
(1) من هنا بدأ الأصل (ع).
(2)
في (ر) أمر.
(3)
الرعد: 12، وانظر:"فتح الباري" 5/ 357.
(4)
في (ر) التباشر.
(5)
"فتح الباري" 5/ 357.
كان ظاهره الوجوب، وبه أخذ داود (1)، لكنه صرفه عن ذلك عند الجمهور أدلة أخرى نحو قوله:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (2)، فإنه نكَّر الوصية كما نكَّر الدين، ولو كانت الوصية واجبة [لأخرج بشيء من المال عن القسمة] (3) نعم روى ابن عون عن نافع عن ابن عمر الحديث (4) بلفظ:"لا يحل لامرئ مسلم"(5).
[وقال المنذري: إنها تؤيد القائل بالوجوب لكن لم يتابع ابن عون على هذِه الرواية](6) وقد قال المنذري: إنها شاذة.
وفي رواية لابن عبد البر: "لا ينبغي لأحد عنده مال يوصي فيه أن يأتي عليه ليلتان"، وقد أجمع العلماء على أن من لم يكن عنده إلا اليسير التافه من المال أنه لا يندب له الوصية (7) ولا (بشيء) والشيء يصدق على أقل
(1) انظر: "الأوسط" لابن المنذر 8/ 11.
(2)
النساء: 78.
(3)
عبارة ابن حجر في "الفتح" 5/ 358 تدل على هذا المعنى وهي: واستدل لعدم الوجوب من حيث المعنى؛ لأنه لو لم يوص لقسم جميع ماله بين ورثته بالإجماع، فلو كانت الوصية واجة لأخرج من ماله سهم ينوب عن الوصية اهـ.
(4)
من (ل).
(5)
"التمهيد" لابن عبد البر 14/ 291.
(6)
من (ل). والذي يبدو لي والله أعلم أن القائل: لم يتابع .. . هو ابن عبد البر. انظر "التمهيد" 14/ 291. وقال ابن حجر في "الفتح" 5/ 357: وأخرجه الطحاوي أيضا وقد أخرجه النسائي من هذا الوجه ولم يسق لفظه، قال أبو عمر: لم يتابع ابن عون على هذِه اللفظة قلت: إن عنى عن نافع بلفظها فمُسَّلم ولكن المعنى يمكن أن يكون متحدا كما سيأتي، وإنّ عنى عن ابن عمر فمردود لما سيأتي قريبا ذكر من رواه عن ابن عمر أيضا بهذا اللفظ.
(7)
"التمهيد" لابن عبد البر 14/ 291.
متمول. قال الشافعي: معنى الحديث (1) ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته أعنده (2) وما ينبغي أن يغفل المؤمن عن الموت والاستعداد له. ويحتمل أن معناه: ما المعروف في مكارم الأخلاق] (3)(يوصي فيه) ويدل على هذا التقدير وأن الوصية غير واجبة. رواية مسلم (4): "له شيء يريد أن يوصي فيه"، فصرف ذلك إلى إرادته دليل على عدم الإيجاب إلا من عليه تباعات من حقوق الله تعالى أو حقوق الآدميين، فهذا يجب عليه الإشهاد.
قال بعضهم: يشق على الإنسان أن يأتي كل يوم مع كثرة تكرره (5) كتابة محقرات المعاملات وجزئيات الأمور المكررة، وهذِه المشقة قرينة تدل على أن المراد به حالة المرض المخوف التي يغلب على ظنه قرب موته وقلة أيامه البواقي، فهذا لا يحصل المشقة في كتابة وصيته، وعلى هذا فيكون من تخصيص الحديث (6).
(يبيت ليلتين) وفي رواية: ليلة (7)، وفي رواية: ثلاث (8)، وفي رواية بالإطلاق (9) والقصد بالكل المبادرة والسرعة إلى كتابتها أول وقت
(1) في (ر) الحرم والمثبت من (ل).
(2)
انظر: "المجموع" 15/ 386.
(3)
من (ل).
(4)
(1627).
(5)
من (ل).
(6)
"شرح مسلم" للنووي 11/ 75، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 8/ 142.
(7)
"السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 272. ورواها الطبراني في "الكبير" 12/ 305.
(8)
"صحيح مسلم" برقم (1627).
(9)
أخرجه الطحاوي في شرح "مشكل الآثار" 9/ 260 ولفظه: "يَبِيتُ وَعِنْدَهُ مَالٌ" وأخرجه الطيالسي (1841)، ولفظه: يبيت فوق ليلتين .. الخ الحديث.
الإمكان لاحتمال بغتة الموت التي لا يأمنها عاقل [ساعة فضلا](1) عن ليلة، ويحتمل أن يكون إنما خص الليلتين بالذكر فسحة من يحتاج أن ينظر في ماله وما عليه فيتحقق بذلك (2)(إلا ووصيته) مبتدأ وما بعده خبر وواوه واو الحال، والجملة في موضع نصب على الحال (مكتوبة عنده) أي مشهود بها؛ فإن الغالب إنما يكتب العدول؛ لأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة ولهذا قال تعالى:{وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} (3)، المراد به الشهادة، وحينئذٍ فلا دلالة فيه على اعتماد الخط إذا عرف كما يقوله المالكية (4).
[2863]
(حدثنا مسدد ومحمد بن العلاء قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير (عن الأعمش، عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي (عن مسروق، عن عائشة قالت: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا) واحدا (ولا درهمًا) بفتح الهاء (ولا بعيرًا ولا شاة) وللبخاري (5): "ولا عبدًا ولا أمه ولا شيئًا، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة لابن السبيل".
(ولا أوصى بشيء) قال القرطبي: أرادت عائشة: ما أوصى بشيء من أمر الخلافة بدليل الحديث الصحيح في مسلم وغيره أنهم لما ذكروا أن
(1) في (ر): فضلة. والمثبت من (ل).
(2)
انظر "فتح الباري" 5/ 358.
(3)
البقرة: 282.
(4)
انظر: "إحكام الأحكام" 1/ 383، "دليل الفالحين" 4/ 499.
(5)
"صحيح البخاري"(2739) ، (2873) من حديث عمرو بن الحارث رضي الله عنه.
عليًّا كان وصيًّا قالت: ومتى أوصى إليه وذكرت الحديث (1).
وقد أكثرت الشيعة والروافض من الأحاديث الكاذبة واخترعوا نصوصًا على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا وادعوا أنها تواترت عندهم ولو كان شيء من ذلك معروفًا [عند الصحابة](2) لذكروه يوم السقيفة ولذكره علي محتجًّا لنفسه (3).
(1) قال البغوي في "شرح السنة" 5/ 279: قولها: (ولا أوصى بشيء) تريد به وصية المال، لأن الإنسان إنما يوصي في مال يورث منه، وهو (لمجيد) لم يترك شيئًا يورث منه، فيوصي فيه. وانظر:"شرح مسلم" للنووي 11/ 87، "فتح الباري" 5/ 361.
(2)
من (ل).
(3)
أول ص (4) من الأصل (ع) وفي آخر ص (3) من هذا الأصل جاء هذا النقل: يريد وصيته بالمال خاصة؛ لأنه لم يترك ما لا يوصي فيه وقد أوصى بأمور في الدين كقوله: أخرجوا اليهود من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. وقوله عليه الصلاة والسلام: وما ملكت أيمانكم. سيوطي.