الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب في المرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَة زَوْجِها
2927 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حدثنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَعِيدٍ قال: كانَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ يَقُول الدِّيَة لِلْعاقِلَةِ وَلا تَرِث المَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِها شَيْئًا حَتَّى قال لَهُ الضَّحّاكُ بْنُ سُفْيانَ: كَتَبَ إِلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبابيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِها. فَرَجَعَ عُمَرُ.
قالَ أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ: حدثنا عَبْدُ الرَّزّاقِ بهذا الحَدِيثِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَعِيدٍ وقالَ فِيهِ: وَكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأعرابِ (1).
* * *
باب في المرأة ترث من دية زوجها
[2927]
(حدثنا أحمد بن صالح) المصري الحافظ شيخ البخاري.
(حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد) بن المسيب.
(قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: الدية) يعني دية المقتول (للعاقلة) يعني لعصباته الذين يعقلون أي يعطون دية قتل الخطأ عن الجاني وهم الأقارب من جهة الأب، وكان عمر يقول بهذا ويذهب إليه في أول الأمر لظاهر القياس، وذلك أن المقتول لا تجب ديته ولا يستحقها إلا إذا مات وبالموت تزول أملاك الميت الثابتة له، ويخرج عن أن يكون أهلًا للملك، وهي إحدى الروايتين عن علي رضي الله عنه (2)، ثم
(1) رواه الترمذي (2112)، وابن ماجه (2752)، وأحمد 4/ 102، 103.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2599).
(2)
رواية توريثه لها أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" 9/ 314 (28129)، ورواية المنع أخرجها الدرامي (3042).
رجع عمر لما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبطل قياسه بالنص كما سيأتي.
(ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئًا) لأنها لا ترث عنه إلا ما كان يملكه قبل موته، ودية المقتول لا ترثها إلا بعد موته، كما تقدم.
(حتى قال لي الضحاك بن سفيان) بن عوف العامري الكلابي، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه الذين أسلموا، وكان أحد الأبطال، وكان يعد بمائة فارس، ولما سار رسول الله إلى مكة أمَّره علي بني سليم (1).
(كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح المثناة تحت (الضبابي) بكسر الضاد المعجمة وفتح الموحدة الأولى وكذا الثانية المكسورة، نسبة إلى معاوية بن كلاب بطن من مضر، وقيده بعضهم بفتح الضاد وهو وهم (2).
(من دية زوجها) الذي قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا (3).
[وفيه من الفقه](4) أن القتيل إذا عفا عن الدية كان عفوه جائزًا في ثلث ماله؛ لأنه قد ملكه، وإنما يجوز في قتل الخطأ؛ لأن الوصية فيه إنما تقع للقاتل بالدية أنها تقع للعاقلة الذين يغرمون الدية دون قتل العمد ولا وصية للقاتل كالميراث. قاله الخطابي، وفيه أنه لو أوصى لرجل بشيء من ديته دون الثلث جازت وصيته على هذا.
وفي هذا الحديث من الفقه: أن من أوصى بثلث ماله لرجل فقتل
(1) الإصابة" 3/ 477.
(2)
"الأنساب" 4/ 6.
(3)
"الإصابة" 1/ 90 (207). وما بين المعقوفين سقط من (ع)، .
(4)
في (ل) طمس، والمثبت من (ع).
الموصي ولم يخلف إلا ديته وأخذت فللموصى له بالثلث تلك الدية؛ لأن ظاهر الحديث أن الدية ملك للمقتول تورث عنه للزوجة وغيرها، وكذا تخرج منها وصيته.
والدليل على أن الدية ملك للمقتول أنها بدل نفسه فيكون بدلها له كدية أطرافه المقطوعة منه في الحياة؛ ولأنه لو أسقطها عن القاتل بعد جرحه إياه كان صحيحًا، وليس له إسقاط حق الورثة، ولأنها مال موروث فأشبهت سائر أمواله.
(فرجع عمر) عما كان قال به حين بلغه النص الصريح، وهذا الحديث صححه الترمذي (1)، إلا أن لفظه: الدية على العاقلة، ولا ترث امرأة من دية زوجها شيئًا.
وعند ابن ماجه (2): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال: "المرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث عمدًا". ورواه أبو القاسم البغوي من طريق الزهري أن عمر قال: أيكم سمع رسول الله ورث امرأة من عقل زوجها فقام الضحاك فقال: كتبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله: هل لامرأته من عقله شيء؟ فكتب إلى أن ورثها.
وروى أبو يعلى عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى الضحاك أن يورث امرأة أشيم من دية زوجها (3).
(1)"السنن"(1415).
(2)
(2736).
(3)
رواه الطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 321، والدارقطني 4/ 76.
ورواه ابن شاهين عن المغيرة أنه قال: حدث عمر بن الخطاب بقصة أشيم فقال: لتأتيني على هذا بما أعرف. فنشدت الناس في الموسم، فأقبل رجل يقال له زرارة بن جزء فحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (1).
والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده.
* * *
(1)"المعجم الكبير" للطبراني 5/ 276. وراجع "نصب الراية" 4/ 352.