الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
167 - باب في أَمانِ المَرْأَةِ
2763 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ صالِح، حدثنا ابن وَهْب، قال: أَخْبَرَني عِياضُ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُليْمانَ، عَنْ كريْب، عَنِ ابن عَبّاس قال: حَدَّثَتْني أُمّ هانِئِ بِنْت أَبِي طالِبِ أنَها أَجارَتْ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ يَوْمَ الفَتْحِ، فَأَتَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقالَ:"قَدْ أَجَرْنا مَنْ أَجَرْتِ وَأَمَّنّا مَنْ أَمَّنْتِ"(1).
2764 -
حدثنا عُثْمانُ بْن أَبِي شيْبَةَ، حدثنا سُفْيانُ بْنُ عُييْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: إِنْ كانَتِ الَمرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى المُؤْمِنِينَ فيجُوزُ (2).
* * *
باب أمان المرأة
[2763]
(حدثنا أحمد بن صالح) المعروف بابن الطبري الحافظ (3). قال (4): (حدثنا) عبد الله (ابن وهب قال: أخبرني عياض) بكسر العين المهملة وتخفيف المثناة تحت (بن عبد الله) الفهري، قال الذهبي: وثق (5). (عن مخرمة) بالخاء المعجمة (بن سليمان) الأسدي الوالبي بالباء الموحدة بعد اللام، وقتل بقديد (6)(عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أم هانئ) بهمز آخره فاختة، بالخاء المعجمة، صرح
(1) رواه البخاري (357)، ومسلم (336) بعد حديث (719).
(2)
رواه النسائي في "الكبرى"(8683)، والطيالسي (1499).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2469).
(3)
انظر: "تقريب التهذيب"(48).
(4)
ساقطة من (ل).
(5)
"الكاشف" 2/ 107.
(6)
"الجرح والتعديل" 8/ 363.
باسمها الطبراني (1) أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: "مرحبًا بفاختة أم هانئ"، وادعى الحاكم تواتره (2)، وقيل: اسمها هند. قاله الشافعي، وقيل: عاتكة، وحكاه ابن حبان (3)، وقيل: حمامة. حكاه الزبير بن بكار، وقيل: إن حمامة أختها (4)(بنت أبي طالب) بن عبد المطلب زوجة هبيرة، خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: والله، إني كنت أختك في الجاهلية فكيف في الإسلام؟ ! ولكني امرأة مصبية. فسكت عنها (أنها أجارت رجلًا من المشركين) رواه في "الموطأ"(5) والصحيحين (6)، وفيه: قاتل رجلًا أجرته فلان بن هبيرة. واسمه جعدة.
وقال أبو عبيدة بن سلام: إنما أجارت هبيرة أو أبو هبيرة شك. وفي الترمذي من حديث أم هانئ: أجرت رجلين من أحمائي. يعني: الحارث ابن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة المخزوميين، كذا ساقه الحاكم في ترجمة الحارث بن هشام بسند فيه الواقدي، وكذا رواه الأزرقي، عن الواقدي عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن أم هانئ فذكر الحديث وفي آخره: فكان الذي أجارت عبد الله بن ربيعة والحارث بن هشام (يوم الفتح) أي: فتح مكة، فأراد علي رضي الله عنه قتلهما، فدخلت أم هانئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الضحى (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له) فأمضى جوارها (فقال: قد أجرنا من أجرت وآمَنَّا
(1)"المعجم الكبير"(1013).
(2)
"المستدرك" 4/ 52.
(3)
"الثقات" لابن حبان (1442).
(4)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي 2/ 366.
(5)
"الموطأ" 1/ 152 (28).
(6)
البخاري (357، 3171، 6158)، ومسلم (336).
من آمَنْتِ) بمد الهمزة فيهما.
استدل به على أن مكة فتحت عنوة؛ إذ لو فتحت صلحًا لما احتيج إلى جوارها، بل استحقا الأمان بالصلح، ولما أراد علي قتلهما، وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك والأوزاعي (1).
قال الماوردي (2): وأكثر الفقهاء وأصحاب (3) المغازي أنه صلى الله عليه وسلم منَّ على أهلها فَلَمْ يَسْب وَلَمْ يَغْنَمْ لِعَفْوهِ، واستدلوا بآيات منها قوله تعالى:{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} يعني: والله أعلم أهل مكة، فدل على أنهم لم يقاتلوا، ولو قاتلوا لم ينصروا.
فإن قيل: فما فائدة قوله: "أجرنا من أجرت وآمنا من آمنت" على قول الشافعي (4) ومن تابعه أنها فتحت صلحًا؟
قلت: لعل فائدته عقد أمان يأتي من دخلها بعد القتال؛ فإن الأمان الأول لا يشمله، ولفظه:"قد أجرنا" يشعر بأن المراد تقرير الحكم وتبيينه.
[2764]
(حدثنا عثمان) بن محمد بن إبراهيم (بن (5) أبي شيبة) الكوفي قال: (حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي أحد الأعلام (عن منصور) بن عبد الرحمن بن صفية (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي [الكوفي ثقة، إلا أنه يرسل كثيرًا.
(1) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر 14/ 332.
(2)
"الحاوي في فقه الشافعي" 14/ 224.
(3)
في (ر): وأكثر.
(4)
"الأم" 9/ 258 - 259.
(5)
ساقطة من (ر).
(عن الأسود)] (1) بن يزيد [بن قيس النخعي الكوفي خال إبراهيم بن يزيد](2) وأخو عبد الرحمن وابن أخي علقمة بن قيس، وكلهم من بني بكر ابن النخع.
(عن عائشة قالت: إن كانت المرأة لتجير) بالراء في آخره (على المؤمنين) ورواية الترمذي (3): "إن المرأة لتأخذ للقوم". يعني: تجير على المسلمين. وقال: حديث حسن. (فيجوز) بالزاي آخره. يعني: أمانها عليهم.
وفي هذا والذي قبله دليل على صحة أمان المرأة، وهو مما أجمع عليه عوام أهل العلم (4)(5) كما يجوز من كل مكلف، ولا يشترط وجود المصلحة مهما انتفى الضرر كما أورده الرافعي؛ لأنا لو أنطناه بالمصلحة اختص بأولي الأمر لأنهم الذين لهم النظر في المصالح العامة، وفي "الوافي في تتمة التتمة"؛ أن شرط الأمان أن يكون على جهة المصلحة، وهو أن يكون المؤمن لا يخاف شره (6).
(1) و (2) زيادة من (ل).
(3)
"سنن الترمذي"(1579).
(4)
في (ر): الشام. والمثبت من (ل).
(5)
انظر: "الأوسط" لابن المنذر 6/ 276.
(6)
انظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري 4/ 204، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني 4/ 238.