الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب مُخالَطَة اليَتِيمِ في الطَّعامِ
2871 -
حدثنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: لَمّا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعامَهُ مِنْ طَعامِهِ وَشَرابَهُ مِنْ شَرابِهِ فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ فاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَروا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} فَخَلَطُوا طَعامَهُمْ بِطَعامِهِ وَشَرابَهُمْ بِشَرابِهِ (1).
* * *
باب مخالطة اليتيم في الطعام
[2871]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الرازي القاضي (عن عطاء) بن السائب (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال: لما أنزل الله تعالى) هذِه الآية ({وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}) أصل اليتم الانفراد، وقيل: الغفلة؛ لأن اليتيم يغفل عنه، وقد يتم الصبي بكسر التاء (2) ({إِلَّا بِالَّتِي}) أي: بالفعلة أو بالطريقة التي (3)({هِيَ أَحْسَنُ}) أي: أصوب وأسرع إلى
(1) رواه النسائي 6/ 256، وأحمد 1/ 325.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2555).
(2)
"النهاية" لابن الأثير 5/ 689 وتمام العبارة: يَتِمَ الصَّبيُّ بالكسر يَيْتَم فَهُو يَتِيمٌ والأنثَى يَتيمة وجَمْعُها: أيْتَام ويَتَامَى.
(3)
المثبت من (ع) وفي غيره إلا.
إصلاح ماله (و) قوله تعالى: ({إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ}) سمي أخذ المال على جميع وجوهه أكل؛ لأن المقصود الأعظم من الأخذ هو الأكل، وبه أكثر إتلاف الأشياء ({أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}) بغير حق (الآية) (1) إلى آخرها (انطلق) كل (من كان عنده يتيم) من الأوصياء وغيرهم] (فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل) أي: صار (يفضل) بفتح الضاد ويجوز ضمها لليتيم (من طعامه) وشرابه (فيحبس) مبني للمفعول (حتى يأكله أو يفسد) بضم السين ويلقيه (فاشتد) لفظ النسائي (2): فشق ذلك على الناس (عليهم) لما فيه من الحرج والتضييق] (فذكروا) وللنسائي: فشكوا (ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل) هذِه الآية: ({وَيَسْأَلُونَكَ}) يعني: أولياء الأيتام، وقيل: كانت العرب تتشاءم بملابسة أموال اليتامى ومؤاكلتهم فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن السائل هو عبد الله بن رواحة (3)({عَنِ}) مخالطة ({الْيَتَامَى}) ومؤاكلتهم ({قُلْ إِصْلَاحٌ}) مبتدأ و ({لَهُمْ}) نعت له ({خَيْرٌ}) خبره فيجوز أن يكون التقدير: خير لهم، ويجوز أن يكون خير لكم، أي: إصلاحهم نافع لكم [وتقدم قراءة طاوس (قل أصلح لهم خير) (4)] أي: أصلح لهم فهو خير فالفاء جواب الشرط وإن لم يصرح بأداة الشرط فإن الأمر يتضمن معناه، أي: أن تصلح لهم فذلك خير، واستدل بالآية
(1) سورة النساء آية (10).
(2)
(3671، 3672).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 3/ 62.
(4)
"المحتسب" لابن جني 1/ 122. وانظر: "تبيين الحقائق" 6/ 221.
أبو حنيفة على أن للولي أن يشتري مال الطفل اليتيم لنفسه بأكثر من ثمن المثل؛ لأنه إصلاح له دل عليه ظاهر القرآن.
وقال الشافعي: لا يجوز ذلك في البيع (1)؛ لأنه لم يذكر في الآية التصرف، بل قال:{إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} من غير (2) أن يذكر فيه الذي يجوز له النظر (3)({وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ}) هذِه المخالطة كخلط المثل بالمثل كالتمر بالتمر.
قال أبو عبيد: مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ويشق على كافله أن يفرد طعامه عنه كما تقدم ولا يجد بدًا من خلطه لعياله فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه يكفيه بالتحري فيجعله مع نفقة أهله (4). ({فَإِخْوَانُكُمْ}) فيه أن الصغير وإن كان رضيعًا يقال له أخي كما في الكبير. قال أبو عبيد: وهذا (5) عندي أصل لما يفعله الرفقاء في الأسفار؛ فإنهم يتخارجون (6) النفقات بينهم بالسوية، وقد يتفاوتون في قلة المطعم وكثرته (7)، وليس كل من قل مطعمه تطيب نفسه
(1)"الأم" 5/ 261.
(2)
سقطت من الأصل (ر) والمثبت من (ع).
(3)
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 3/ 65. وانظر: "تبيين الحقائق" 6/ 221.
(4)
"تفسير القرطبي" 3/ 65.
(5)
في (ر): لهذا. والمثبت من (ع).
(6)
في الأصل: يحتاجون. والمثبت من "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 240، وانظر:"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي.
(7)
في الأصل: وقلبه. والمثبت من "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد، وانظر:"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي.
بالتفضل (1) على رفيقه - في قلة المطعم -، ولما كان هذا في أموال اليتامى واسعًا كان في غيرهم أوسع، ولولا ذلك لخفت أن يضيق فيه الأمر على الناس (2)(فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه) ولما أذن الله في مخالطة الأيتام مع قصد الإصلاح بالنظر إليهم وفيهم كان ذلك دليلًا على جواز التصرف في مال (3) اليتيم تصرف الولي في البيع والشراء والقسمة وغير ذلك على الإطلاق لهذِه الآية، فإذا كفل الرجل اليتيم وحازه إليه جاز عليه فعله وإن لم يقدمه والٍ عليه لأن الآية مطلقة، والكفالة (4) ولاية عامة.
(1) في (ر): بالتفصيل. وفي (ع) بالتفضيل. والمثبت من "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد.
(2)
انظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد باب ذكر اليتامى وما نسخ من شأنهم، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 8/ 186 و 187.
(3)
من أول هنا سقط في (ر)، واستمرار السقط في الأصل، وهذا السقط استمر في الشرح حتى حديثين بعد هذا وجزء من أول الثالث. وانظر؛ "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 3/ 65 وتمام كلامه ولاية عامة لم يؤثر عن أحد من الخلفاء أنه قدم أحدا على يتيم مع وجودهم في أزمنتهم وإنما كانوا يقتصرون على كونهم عندهما. اهـ. وانظر:"أحكام القرآن" لابن العربي سورة البقرة المسألة الرابعة في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} ..
(4)
في الأصل: وإطلاقه. والمثبت من "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي.