المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌174 - باب في سجود الشكر - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٢

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌158 - باب فِيمَنْ قال: الخُمُسُ قَبلَ النَّفلِ

- ‌159 - باب في السَّرِيَّةِ تَرُدُّ علَى أَهْل العَسْكَرِ

- ‌160 - باب في النَّفْلِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ومِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ

- ‌161 - باب في الإِمام يَسْتَأْثِرُ بِشَيء مِنَ الفَيء لِنفْسِهِ

- ‌162 - باب في الوَفاء بِالعَهْدِ

- ‌163 - باب في الإِمام يسْتَجَنُّ بِهِ في العُهُودِ

- ‌164 - باب في الإِمامِ يَكونُ بيْنَهُ وَبينَ العَدُوِّ عهْدٌ فيسِيرُ إليْهِ

- ‌165 - باب في الوَفاء لِلْمُعاهِدِ وَحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ

- ‌166 - باب في الرُّسُلِ

- ‌167 - باب في أَمانِ المَرْأَةِ

- ‌168 - باب في صُلْح العَدُوِّ

- ‌169 - باب في العَدُوِّ يؤْتَى عَلَى غرَّةٍ ويُتَشَبَّه بِهِمْ

- ‌170 - باب في التَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ في المَسِير

- ‌171 - باب في الإِذْنِ في القُفُولِ بَعْدَ النَّهْى

- ‌172 - باب في بَعْثةِ البُشَراءِ

- ‌173 - باب في إِعْطاءِ البَشيرِ

- ‌174 - باب في سُجُود الشُّكْرِ

- ‌175 - باب في الطُّرُوقِ

- ‌176 - باب في التَّلَقّي

- ‌177 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنْ إِنْفاذِ الزّادِ في الغَزْوِ إِذا قَفَلَ

- ‌178 - باب في الصَّلاةِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌179 - باب في كِراءِ المَقاسِمِ

- ‌180 - باب في التِّجارَةِ في الغَزْوِ

- ‌181 - باب في حَمْلِ السِّلاحِ إِلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌182 - باب في الإِقامَةِ بِأَرْضِ الشِّرْكِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌1 - باب ما جاءَ في إِيجابِ الأَضاحي

- ‌2 - باب الأُضْحِيَةِ عَنِ المَيِّتِ

- ‌3 - باب الرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ في العَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحّي

- ‌4 - باب ما يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحايا

- ‌5 - باب ما يَجُوز مِنَ السّنِّ في الضَّحايا

- ‌6 - باب ما يُكْرَهُ مِنَ الضَّحايا

- ‌7 - باب في البقَر والجَزورِ، عنْ كَمْ تجْزِئ

- ‌8 - باب في الشّاةِ يضَحَّى بِها عَنْ جَماعَة

- ‌9 - باب الإِمامِ يَذْبَحُ بِالمُصَلَّى

- ‌10 - باب في حَبْسِ لُحُومِ الأَضاحي

- ‌12 - باب في النَّهْي أنْ تُصْبَرَ البهائِم والرِّفْق بِالذَّبِيحَةِ

- ‌11 - باب في المُسافِرِ يُضحِّي

- ‌13 - باب في ذَبائِحِ أَهْلِ الكِتابِ

- ‌14 - باب ما جاءَ في أكْلِ معاقَرَةِ الأَعْرابِ

- ‌15 - باب في الذَّبِيحَةِ بِالمَرْوَةِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في ذَبِيحةِ المُتَرَدِّيَةِ

- ‌17 - باب في المُبالَغة في الذَّبْحِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في ذَكاةِ الجَنِينِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في أكلِ اللَّحْمِ لا يُدْرى أَذُكِرَ اسمُ اللِه عَلَيْهِ أَمْ لا

- ‌20 - باب في العَتيرَةِ

- ‌21 - باب في العَقِيقَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌1 - باب في اتِّخَاذِ الكَلْبِ لِلْصَّيْدِ وَغَيْرِهِ

- ‌2 - باب في الصَّيْدِ

- ‌3 - باب في صَيدِ قُطِعَ منْهُ قِطْعةٌ

- ‌4 - باب في اتِّباعِ الصَّيْدِ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌1 - باب ما جاء فِيما يؤْمرُ بِهِ مِنَ الوَصِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ فِيما لا يَجُوز للْمُوصي في مالِهِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في كَراهِيَةِ الإِضْرارِ في الوصِيَّةِ

- ‌4 - باب ما جاء في الدُّخُول في الوَصايا

- ‌5 - باب ما جاءَ في نسْخِ الوصِيّةِ لِلْوالِدَيْنِ والأَقْربِينَ

- ‌6 - باب ما جاء في الوَصِيَّةِ لِلْوارثِ

- ‌7 - باب مُخالَطَة اليَتِيمِ في الطَّعامِ

- ‌8 - باب ما جاءَ فِيما يوَليِّ اليَتيم أَنْ يَنالَ مِنْ مالِ اليَتِيمِ

- ‌9 - باب ما جاء مَتَى يَنْقَطِعُ اليُتْمُ

- ‌10 - باب ما جاءَ في التَّشْدِيد في أَكْل مال اليتِيمِ

- ‌11 - باب ما جاءَ في الدَّلِيل علَى أنَّ الكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ المالِ

- ‌12 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَهَبُ ثُمَّ يوصَى لَهُ بِها أوْ يَرِثُها

- ‌13 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يُوقِفُ الوَقْفَ

- ‌14 - باب ما جاءَ في الصَّدَقَةِ، عنِ المَيِّتِ

- ‌15 - باب ما جاءَ فيمَنْ ماتَ، عَنْ غيْرِ وَصيَّةٍ يتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌16 - باب ما جاء في وَصِيَّةِ الحَرْبيِّ يسْلِمُ وَلِيُّهُ أَيلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِذَها

- ‌17 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْن وَلَهُ وَفاءٌ يُسْتَنْظَرُ غُرَماؤُهُ وَيُرْفَقُ بِالوارثِ

- ‌كتَابُ الفرَائضِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في تَعْلِيمِ الفَرائِضِ

- ‌2 - باب في الكَلالَة

- ‌4 - باب ما جاءَ في الصُّلْبِ

- ‌5 - باب في الجَدَّةِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في مِيراث الجَدِّ

- ‌7 - باب في مِيراثِ العَصَبةِ

- ‌8 - باب في مِيراث ذَوي الأَرْحامِ

- ‌9 - باب مِيراثِ ابن المُلاعِنَةِ

- ‌10 - باب هَلْ يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أسْلمَ عَلَى مِيراثٍ

- ‌12 - باب في الوَلاءِ

- ‌13 - باب في الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدي الرَّجُل

- ‌14 - باب في بَيْعِ الوَلاءِ

- ‌15 - باب في المَوْلُودِ يَسْتَهلُّ ثمَّ يَمُوتُ

- ‌16 - باب نَسْخِ مِيراث العقْدِ بِمِيراثِ الرَّحِمِ

- ‌17 - باب في الحِلْفِ

- ‌18 - باب في المرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَة زَوْجِها

- ‌كتاب الخراج والإمارة والفيء

- ‌1 - باب ما يلْزَمُ الإمامَ منْ حَقِّ الرَّعِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في طَلَب الإِمارَةِ

- ‌3 - باب في الضَّرِيرِ يوَلَّى

- ‌4 - باب في اتِّخاذِ الوَزِيرِ

- ‌5 - باب في العِرافةِ

- ‌6 - باب في اتِّخاذِ الكاتِبِ

- ‌7 - باب في السِّعايَةِ علَى الصَّدَقَةِ

- ‌8 - باب في الخَلِيفةِ يَسْتَخْلِفُ

- ‌9 - باب ما جاءَ في البَيْعَةِ

- ‌10 - باب في أَرْزاقِ العُمّالِ

- ‌11 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌12 - باب في غُلُول الصَّدَقَةِ

- ‌13 - باب فِيما يَلْزمُ الإِمامَ منْ أَمْرَ الرَّعِيَّةِ والحَجَبَةِ عَنْهُ

- ‌14 - باب في قَسْمِ الفَيء

- ‌15 - باب في أرْزاقِ الذُّرِّيَّةِ

- ‌16 - باب مَتَى يُفْرَضُ للرَّجُلِ في المُقاتِلَةِ

- ‌17 - باب في كَراهِيَةِ الافتِراضِ في آخِرِ الزَّمانِ

- ‌18 - باب في تَدْوِينِ العَطاءِ

- ‌19 - باب في صَفايا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوالِ

- ‌20 - باب في بَيانِ مَواضِعِ قَسْمِ الخُمُسِ وسَهْمِ ذي القُرْبى

الفصل: ‌174 - باب في سجود الشكر

‌174 - باب في سُجُود الشُّكْرِ

2774 -

حدثنا مَخْلَدُ بْن خالِدٍ، حدثنا أَبُو عاصِمٍ، عَنْ أَبي بَكْرَةَ بَكّارِ بْنِ عَئدِ العَزِيزِ، أَخْبَرَني أَبي عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبي بَكرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كانَ إِذا جاءَهُ أَمْرٌ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ ساجِدًا شاكِرًا لله (1).

2775 -

حدثنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حدتنا ابن أَبي فديْكٍ، حَدَّثَني مُوسَى بْن يَعْقُوبَ، عَنِ ابن عُثْمانَ.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ يَحْيَى بْنُ الحَسَنِ بْنِ عُثْمانَ، عَنِ الأشعَثِ بْنِ إِسْحاقَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الَمدِينَةَ، فَلَمّا كُنّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرا، نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَديْهِ فَدَعا اللهَ ساعَةً ثمَّ خَرَّ ساجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلاً، ثُمَّ قامَ فَرَفَعَ يَديْهِ فَدَعا الله ساعَةً، ثُمَّ خَرَّ ساجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلاً، ثمَّ قامَ فَرَفَعَ يَديْهِ ساعَةً، ثُمَّ خَرَّ ساجِدًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ ثَلاثًا، قالَ:"إِنّي سَأَلْتُ رَبّي وَشَفَعْتُ لأُمَّتي فَأَعْطاني ثُلُثَ أُمَّتي فَخَرَرْتُ ساجِدًا شُكْرًا لِرَبّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسي فَسَأَلْتُ رَبّي لأُمَّتي فَأَعْطاني ثُلُثَ أُمَّتي فَخَرَرْتُ ساجِدًا لِرَبّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسي فَسَأَلْتُ رَبّي لأُمَّتي فَأَعْطاني الثُّلُثَ الآخَرَ فَخَرَرْتُ ساجِدًا لِرَبي" ..

قالَ أَبُو داوُدَ: أَشْعَثُ بْنُ إِسْحاقَ أَسْقَطَهُ أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ حِينَ حدثنا بِهِ فَحَدَّثَني بِهِ عَنْهُ مُوسَى بْن سَهْلٍ الرَّمْليُّ (2).

* * *

(1) رواه الترمذي (1578)، وابن ماجه (1394).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2479).

(2)

رواه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(234).

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(477).

ص: 96

باب سجدة الشكر

[2774]

(حدثنا مخلد بن خالد) بن يزيد الشقيري البغدادي، قال:(حدثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (عن أبي بكرة بكار بن عبد العزيز) بن أبي بكرة. قال الذهبي: فيه لين (1). قال (أخبرني أبي) بكسر الباء (عبد) بالرفع بدل من أبي (العزيز، عن أبي بكرة) نفيع رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا جاءه أمر سرور) واحد الأمور (أو بُشِّر به) وفي رواية لغيره: أمر يسر به أو بشر به. ورواية أحمد (2): عن أبي بكرة، أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم. خر ساجدًا.

قال النووي: في إسناده ضعف (3). لكن قال الترمذي: حديث حسن (4). ورواه النسائي أيضًا (5).

وفيه دليل على أن الإنسان إذا فاجأه نعمة ظاهرة يسجد لله تعالى.

قال أصحابنا: ولا فرق بين أن تخصه النعمة أو تعم المسلمين (6)، بل هي أولى وقوله (إذا جاءه أمر خر) أي: سواء كان يتوقع حصوله أو لا.

(1)"الكاشف" 1/ 160.

(2)

"مسند أحمد" 5/ 45.

(3)

"المجموع شرح المهذب" 4/ 68.

(4)

"سنن الترمذي"(1578).

(5)

كذا في الأصول، ولم أجده في كتب النسائي، ولم يعزه إليه المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 55 (11698).

(6)

"المجموع" 4/ 68.

ص: 97

وقال القاضي حسين والبغوي وغيرهما أن المراد كان يتوقعه، والمشهور أنه يسجد له وإن لم يتوقعه كما هو ظاهر إطلاق الحديث وكلام الجمهور (1).

وقوله (خر ساجدًا) يفهم منه أنه إذا كان قاعدًا لا يقوم، لكن رواية أحمد: فقام فخر ساجدًا وهذِه الرواية تشهد من قال من أصحابنا أنه يستحب في سجود التلاوة أن يقوم فيسجد، وحكى ابن الرفعة عن القاضي: لو قرأ آية السجدة وهو قاعد فالمستحب عندي أن يقوم ثم يكبر للافتتاح ليحوز فضيلة القيام؛ لأن في القيام من الفضيلة ما ليس في القعود، قال عليه السلام:"صلاة القاعد على النصف (2) من صلاة القائم"(3). قال: وعلى هذا جرى في "التتمة" و"التهذيب"، وفي "النهاية" (4): إن شيخي كان يقوم ويكبر ويهوي عن قيام.

(شاكرًا) بالتنوين (لله) تعالى على هذِه النعمة، قال البغوي في "التهذيب" (5): ولو تصدق صاحب هذِه النعمة أو صلى شكرًا فحسن، قال السبكي: يعني: مع فعله سجدة الشكر ومع تركها أيضًا، لكن قال صاحب "الكافي": لو أقام التصدق وصلاة ركعتين مقام سجود الشكر

(1)"التهذيب" 2/ 199.

(2)

ساقطة من (ر).

(3)

قد صح هذا الحديث عن جمع من الصحابة في الصحيحين والسنن وغيرها. انظر: "السلسلة الصحيحة"(3033).

(4)

"نهاية المطلب" 2/ 282.

(5)

"التهذيب" 2/ 199.

ص: 98

كان حسنًا (1).

[2775]

(حدثنا أحمد بن صالح) المعروف بابن الطبري، قال (2):(حدثنا) محمد بن إسماعيل (بن أبي فديك) الديلمي مولاهم صدوق (حدثنا موسى [بن] (3) يعقوب) الزمعي، فيه لين.

(عن ابن عثمان، قال أبو داود: هو يحيى بن الحسن بن عثمان) الزهري (عن أشعث بن إسحاق بن سعد) بن أبي وقاص (عن) عمه (عامر بن سعد، عن أبيه) سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة) شرفها الله تعالى (قال: فلما كنا قريبًا من عَزُورا) بفتح العين وضم الزاي وسكون اِلواو وبالزاي الثانية مثل وزن دنوفا اسم للمعذرة، قال الشاعر:

لولا دنوفا اسمه لم تنطع بنطع (4)

بإسكان النون وعين آخره أي: لم يتسمح بشيء. وفي بعض النسخ عزوراء بسكون الزاي وفتح الواو والمد، وهو أقرب، ولابن دقيق العيد عزوزه بالهاء بدل الهمزة، قال البكري: هو بضم الزاي وواو وزاي أخرى، موضع بين مكة والمدينة، فأنا أظنه تصحيفًا، وإنه فلما كان قريبًا من عزوزا -بفتح المهملة وسكون الزاي وفتح الواو وراء مهملة- موضع قريب من مكة (نزل) أي: عن راحلته (ثم رفع يديه فدعا الله) تعالى. فيه استحباب رفع اليدين في كل دعاء، وإذا رفع يديه

(1) انظر: "مغني المحتاج" 1/ 219، و "أسنى المطالب" 1/ 199.

(2)

ساقطة من (ل).

(3)

ساقطة من (ل، ر)، والمثبت من المطبوع.

(4)

هكذا في النسخ، ولم أجده عند غير المصنف.

ص: 99

لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه لما روى الترمذي (1) عن عمر رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما (2) وجهه.

(ساعة ثم خر) أي: سقط بسرعة (ساجدًا) منصوب على الحال والسجود هو وضع الجبهة على الأرض، وهو غاية الخرور ونهاية الخضوع.

(فمكث) بضم الكاف، وهي قراءة الجمهور (3) في قوله تعالى:{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} ، وقرأ عاصم وحده {فَمَكَثَ} بفتحها (4)، ومعناه على القراءتين: أقام.

قال ابن عطية (5): والفتح في الكاف أحسن؛ لأنها لغة القرآن في قوله: {مَاكِثِينَ} إذ هو من مكث [بفتح الكاف ولو كان من مكث بضم الكاف كان جمع مكيث.

(طويلاً) فيه فضيلة] (6) تطويل سجدة الشكر، والسهو، والتلاوة، وغير ذلك، ويوضح هذا التطويل ما رواه البيهقي (7) من حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل نخلًا فاستقبل القبلة فسجد

(1)"سنن الترمذي"(3386).

(2)

ساقطة من (ر).

(3)

انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 289.

(4)

انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 480.

(5)

"المحرر الوجيز" 4/ 304.

(6)

ساقط من (ر).

(7)

"سنن البيهقي الكبرى" 2/ 370.

ص: 100

فأطال السجود وأنا أراه، حتى ظننت أن الله توفاه، وفيه: فقال: "لما رأيتني دخلت النخل لقيت جبريل فقال: أيسرك أن الله يقول: من سلم عليك سلمت عليه

" الحديث.

(ثم) رفع رأسه أي: وسلم ثم (قام فرفع يديه) أي: للدعاء (ساعة) فيه الدعاء قائمًا وفضيلته إلا أن يحمل القيام هنا على رفع رأسه من السجود (ثم خر) ثانيًا (ساجدًا) لله تعالى.

(ذكره أحمد) بن صالح، وقال: يعني أنه فعل ذلك (ثلاثًا، وقال: إني سألت ربي عز وجل وشفعت) بفتح الفاء إلى ربي (لأمتي) ظاهره حصول الشفاعة منه لكن يعارضه رواية الصحيحين (1): "لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". [والله أعلم](2) وكلا الحديثين يدلان على كمال (3) شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، ورأفته بهم، واعتنائه بالنظر في مصالحهم المهمة.

(فأعطاني ثلث أمتي) أن يدخلهم الجنة كما في حديث أبي سعيد في البخاري (4): "والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة"(فخررت ساجدًا لربي عز وجل شكرًا) نصب على المصدرية. أي: خررت أشكر الله شكرًا. وفيه قول آخر أنه نصب لأنه مفعول له. وفيه دليل على سجود الشكر عند تجدد النعمة، ولما استجاب الله دعوته في أمته

(1) البخاري (6304)، ومسلم (198).

(2)

ساقط من (ر).

(3)

ساقط من (ر).

(4)

"صحيح البخاري"(3348).

ص: 101

وكان ذلك من أعظم النعمة عنده وأتمها.

وظاهر الحديث يدلّ على أن خروره ساجدًا كان خارج الصلاة وهو كذلك؛ لأنها لا تفعل في الصلاة بخلاف سجدة التلاوة، فإنها متعلقة بما هو مشروع في الصلاة وهي القراءة، ولا كذلك سجدة الشكر، وإذا لم تكن مشروعة في الصلاة ففعلت فيها إن كان عمدًا بطلت، وإن كان سهوًا أو جاهلًا فلا تبطل أو يسجد للسهو، وهذا في سجدات التلاوة غير {ص} ؛ فإن سجدتها سجدة شكر على المذهب (1)، فلو قرأها في غير الصلاة استحب أن يسجد اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولو قرأها في الصلاة فسجد، هل تبطل صلاته؟ فيه (2) وجهان مشهوران.

قال ابن الرفعة: أصحهما في "الحاوي": لا تبطل لتعلقها بالقراءة (3) والرافعي (4) والنووي (5) صححا البطلان، وإذا قلنا: لا يسجد. وكان المصلي مقتديًا بمن يرى السجود فيها فلا يسجد معه، ولكن ينتظره حتى يرفع أو ينوي مفارقته (ثمَّ رفعت رأسي) من السجود (فسألت ربي) ودعوت الله ساعة (لأمتي) وشفعت لهم ثانيًا. فيه تكرار الدعاء والشفاعة إن لم تقبل أو قبلت، ولكن شفع في الزيادة على ما حصل في المرّة الأولى (فأعطاني ثلث أمتي) أي: الثلث الثاني (6) تكملة

(1) انظر: "مختصر المزني" 8/ 109.

(2)

في (ل)، (ر): في.

(3)

انظر: "الحاوي" 2/ 203.

(4)

"العزيز شرح الوجيز" 4/ 186.

(5)

"المجموع شرح المهذب" 4/ 68.

(6)

في (ر): الباقي.

ص: 102

الثلثين منهم أن يدخلوا الجنة.

(فخررت ساجدًا لربي شكرًا) فيه تكرر سجدة الشكر إذا تكرر السبب الموجب لها أو حصلت زيادة عليه، كما تتكرر سجدة التلاوة إذا كرر القارئ آية السجدة خارج الصلاة في مجلسين، وكذا في مجلس لتجدد السبب بعد توفية حكم الأوّل على الأصح (ثمَّ رفعت رأسي) من السجدة الثالثة (فسألت ربي) وشفعت (لأمتي) أي: في الثلث الباقي (1) منهم (فأعطاني الثلث الآخر) بكسر الخاء من أمتي (فخررت) بفتح الراء الأولى آخر بكسر الخاء (ساجدًا لربي) سجدة ثالثة شكرًا له سبحانه.

(قال أبو داود رضي الله عنه: أشعث بن إسحاق) بن سعد (أسقطه) في روايته (أحمد بن صالح) المصري (حين حدثنا به، فحدثني) يعني: حديث أبي داود (به) أي: بهذا الحديث (عنه) أي: عن أشعث بن إسحاق بن سعد (موسى بن سهل الرملي) أخو علي، وهو نسائي الأصل، وهو ثقة، توفي سنة 262.

(1) ساقطة من (ر).

ص: 103