الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
166 - باب في الرُّسُلِ
2761 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن عَمْرٍو الرّازيُّ، حدثنا سَلَمَةُ - يَعْني ابن الفَضْلِ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ قال: كانَ مُسيْلِمَةُ كَتَبَ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قال: وَقَدْ حَدَّثَني محَمَّد بْن إِسْحاقَ، عَنْ شيْخٍ مِنْ أَشْجَعَ يُقالُ لَهُ: سَعْدُ بْن طارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعيْمِ ابْنِ مَسْعُودٍ الأشجَعيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعيْم قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُما حِينَ قَرَأ كِتابَ مُسيْلِمَةَ: "ما تَقُولانِ أَنْتُما". قالا: نَقُولُ كَما قالَ. قالَ: "أَما والله لَوْلا أَنَّ الرُّسُلَ لا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْناقَكُما"(1).
2762 -
حدثنا محَمَّد بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيان، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ حارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللهِ فَقالَ: ما بيْني وَبيْنَ أَحَدٍ مِنَ العَرَبِ حِنَةٌ وَإِنّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ لِبَني حَنِيفَةَ فَإِذا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسيْلِمَةَ. فَأَرْسَلَ إِليْهِمْ عَبْدُ اللهِ فَجيءَ بِهِمْ فاسْتَتابَهُمْ غيْرَ ابن النَّوّاحَةِ قالَ لَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَوْلا أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ" فَأَنْتَ اليَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ فَأَمَرَ قَرَظَةَ بنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ في السُّوقِ، ثُمَّ قال: مَنْ أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلى ابن النَّوّاحَةِ قَتِيلاً بِالسُّوقِ (2).
* * *
باب في الرُّسل
بضم السين ويجوز إسكانها.
[2761]
(حدثنا محمد بن عمرو) بن بكر بن سالم (الرازي) المعروف بزنيج، مات سنة أربعين ومائتين (قال: حدثنا سلمة) بفتح اللام (يعني:
(1) رواه أحمد 3/ 487، والحاكم 2/ 142 - 143.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2466).
(2)
رواه أحمد 1/ 384، والنسائي في "الكبرى"(8675).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2467).
ابن الفضل) الأبرش الأزرق قاضي الري، قال أبو حاتم: محله الصدق (1)(عن محمد بن إسحاق) صاحب المغازي.
(عن شيخ من أشجع يقال له: سعد بن طارق) بن أشيم، أبو مالك الأشجعي الكوفي (عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي) له ولأبيه صحبة. (عن أبيه نعيم) بن مسعود بن عامر الأشجعي، أسلم بالخندق.
(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما) رواية أحمد (2) والحاكم (3): أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين لمسيلمة (حين قرأ كتاب مسيلمة) بن حبيب الكذاب، وكان المسلمون يذكرونه بتصغير الاسم على الاحتقار له، وقوم يأبون ذلك، وكان صاحب نارنجيات (4)، وبذلك اغتر قوم، فقتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب في خلافة أبي بكر الصديق (5)، وفي رواية لأحمد: قال: جاء ابن النواحة، وابن أثال رسولا مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم (6).
(ما تقولان أنتما) في مسيلمة؟ (قالا: نقول كما قال) رواية أحمد والحاكم: فقال لهما: "أتشهدان أني رسول الله صلى الله عليه وسلم" فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله (قال: أمَا) بفتح الهمزة أصله أما ثم حذفت الهمزة تخفيفًا، ومعناها تحقيق الكلام الذي يتلوه تقول: أما إن زيدًا عاقل.
(1)"الجرح والتعديل" 4/ 168.
(2)
"مسند أحمد" 1/ 395.
(3)
"المستدرك" 3/ 52.
(4)
هو تشبيه وتلبيس يشبه السحر، وليس هو. انظر:"تاج العروس" 6/ 236.
(5)
روى ذلك البخاري في "صحيحه"(4072).
(6)
"المسند" 1/ 396.
يعني: أنه عاقل على الحقيقة لا على المجاز.
(والله لولا إن) بكسر الهمزة (الرسل لا تقتل) رواية أحمد والحاكم: لو كنت قاتلًا رسولًا (لضربت أعناقكما) فجرت السنة أن لا تقتل الرسل، والرسولان ابن النواحة، وابن أثال رسولا مسيلمة، كما صرح به أحمد في روايته، وفي هذا الحديث حجة على من شرط لصحة الأمان أن يكون مع مدعي الرسالة كتاب، والصحيح أن هذا شرط لصحة صدق الرسول لا لأمنه (1)، وقد استدل بالحديث من يقول: إن الصيغة في الأمان لا تشاطر.
[2762]
(حدثنا محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي البصري، قال:(أخبرنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح السين، الهمداني التابعي.
(عن حارثة) بفتح الحاء المهملة، وبعد الراء ثاء مثلثة (بن مُضرِّب) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة وبالباء الموحدة (أنه أتى عبد الله) بن مسعود (فقال: ما بيني وبين أحد من العرب حِنَةٌ) بكسر الحاء المهملة وتخفيف النون المفتوحة، ثم هاء، هذِه الرواية المشهورة، واللغة الفصحى في اللغة: إحنة، بكسر الهمزة وإسكان الحاء المهملة. قال الجوهري: يقال: في صدره عليّ إحنة. ولا تقل: حنة، والجمع إحَن، وقد أحنت عليه بالك، قال الشاعر:
إذا كان في صدر ابن عمك إحنة
…
فلا تستثرها سوف يبدو دفينها (2)
(1) انظر: "نهاية المطلب" 18/ 58.
(2)
"الصحاح في اللغة" 5/ 346.
قوله: فلا تستثرها، هو بعد السين مثناة فوق ثم مثلثة، والإحنة: الحقد وإضمار العداوة.
وفيه فضيلة ابن مسعود وسلامة صدره للخلق كلهم، وهذا كالتمهيد لروايته الآتية حتى لا يتهم فيها.
(وإني مررت بمسجد لبني حنيفة) بن لجيم، بضم اللام وفتح الجيم وسكون الياء، وكان هذا المسجد بالكوفة يتردد إليه بنو حنيفة، وهم قبيلة كبيرة (فإذا هم يؤمنون بمسيلمة) الكذاب، أي: يصدقونه فيما ادعى وافتراه. (فأرسل إليهم عبد الله) بن عباس (1)(فجيء بهم) وذكر أبو نعيم في ترجمة وَبَر بن مُشَهَّرٍ الحَنَفِيَّ أن مسيلمة بعثه هو وابن شَغَاف الحَنَفِي وابن النواحة، فأما وَبَر فأسلم، وأما الآخران فشهدا أنه رسول الله، وأن مسيلمة من بعده فقال: خذوهما (2).
(فاستتابهم غيرَ) عباد بن الحارث وشهرته (ابن النَّوَّاحة) بفتح النون وتشديد الواو وبالحاء المهملة، فإنه (قال له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنك رسول لضربت عنقك) أي: لولا علة الرسالة لضربت عنقك، أي: لأمرت بضربه (فأنت اليوم لست برسول، فأمر قَرَظَة) بفتح القاف والراء والظاء المعجمة (بن كعب) بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، شهد أحدًا، وفتح الري في زمن عمر سنة ثلاث وعشرين، وشهد مع علي مشاهده كلها، وتوفي في خلافته بالكوفة (فضرب عنقه) لأن علة الرسالة قد زالت، ولم يستأنف له حكم سائر المرتدين في
(1) هو ابن مسعود، وليس كما قال المصنف، كما جاءت بذلك باقي الروايات.
(2)
"معرفة الصحابة" لأبي نعيم (6515).
وجوب استتابته كما قال مالك (1)، والشافعي (2)، وأحمد في إحدى الروايتين (3).
وقال أبو حنيفة: لا يجب استتابة المرتد عن الإسلام، ويقتل في الحال إلا أن يطلب أن يؤجل فيؤجل ثلاثًا، وهذا لم يطلب التأجيل (4). قال الخطابي: ومعلوم أن هؤلاء أسروا بالكفر، ولم يمكنهم إظهاره بالكوفة في مسجدهم وهي دار الإسلام فرفع أمرهم إلى ابن مسعود فاستتاب قومًا منهم، بخلاف ابن (5) النواحة فإنه كان داعية إلى مذهب مسيلمة الكذاب، فلم يعرض عليه التوبة ورأى الصلاح في قتله، وإلى نحو هذا ذهب أكثر العلماء في أمر هؤلاء القرامطة الذين يلقبون بالباطنية (6)(بالسوق) ليظهر أمره ويشهر أمره بين المسلمين؛ فإنه قد استحق إراقة دمه.
(ثم قال: من أراد أن ينظر إلى) عباد (بن النواحة قتيلاً) أي مقتولًا (بالسوق) فيه حذف جواب الشرط أي: فلينظر إليه. وفيه إشهار قتل من تعين قتله بالأسواق والطرق المسلوكة كثيرًا ونحوها؛ ليظهر أمره ويرتدع برؤيته أمثاله وينزجروا عن فسادهم.
(1)"مختصر المزني" 8/ 304، وانظر:"الحاوي" 13/ 158، "نهاية المطلب" 17/ 164.
(2)
انظر: "البيان والتحصيل" 16/ 392، "الذخيرة" 12/ 15.
(3)
"مسائل أحمد" برواية ابنه صالح (1191)، وانظر:"الكافي" 5/ 321.
(4)
انظر "النتف" 2/ 689، و"المبسوط" 10/ 99.
(5)
ساقطة من (ر).
(6)
"معالم السنن" 2/ 276.