الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب ما جاءَ في الدَّلِيل علَى أنَّ الكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ المالِ
2876 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ، عَنْ خَبّابٍ قالَ مُصْعَبُ بْن عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِلا نَمِرَة كُنّا إِذا غَطَّيْنا بِها رَأْسَة خَرَجَتْ رِجْلاهُ وَإِذا غَطَّيْنا رِجْلَيهِ خَرَجَ رَأْسَهُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "غَطُّوا بِها رَأْسَهُ واجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ"(1).
* * *
باب الدليل على أن الكفن من رأس المال
[2876]
(حدثنا محمد بن كثير) العبدي (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن) سليمان (الأعمش، عن أبي وائل) شقيق بن سلمة.
(عن خباب) بن الأرت (قال: قتل مصعب بن عمير) بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار بن قصي أحد السابقين في الإسلام (2)(قتل يوم) وقعة (أحد، ولم تكن له) شيء (إلا نمرة) لفظ مسلم: فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة (3) وهي كساء ملمع فلذلك شبهت بالنمر (4)(كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا) بها (رجليه خرج رأسه) وفيه ما كان فيه صدر (5) هذِه الأمة من التقلل من الدنيا، وفيه ذكر سنن السابقين ومناقب الصالحين في زهدهم في الدنيا وتقللهم منها ليعتبر بها السامعون وتقل
(1) رواه البخاري (1276)، ومسلم (940).
(2)
"الإصابة" 6/ 123.
(3)
(940).
(4)
"شرح مسلم" للنووي 3/ 89.
(5)
في (ر): بياض. والمثبت من (ع).
رغبتهم في الدنيا.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غطوا بها رأسه) وفيه دليل على أن الكفن إذا ضاق فتغطية رأس الميت أولى من رجليه؛ لأنه أفضل، وكذلك في لبس الحي، وفيه أن الموجود من مال الميت يكفن فيه وإن كان غيره أولى منه في صفته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يكفنوه فيها وهي ملمعة من صوف، ولم يأمرهم أن يبيعوها أو يرهنوها عند من تؤخذ منه الثياب القطن الأبيض إلى أن يدفن ثم تباع وتعطى له كما يفعل في ذا الزمان كثيرًا، وقيل: إنما كفن فيها لأنه استشهد فيها يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكفن فيها ليبعث بها يوم القيامة كما ورد وقد استدل به المحدثون على أن الكفن من رأس المال، وأنه مقدم على الديون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتكفينه في نمرة ولم يسأل هل عليه دين أم لا؟
واستثنى أصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن كالثوب المرتهن، وقد يستدل به على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن.
فإن قيل: لم يكونوا متمكنين (1) من جميع البدن عند التمكن فجوابه أن معناه: لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة. ولو كان ستر جميع البدن واجبًا لوجب على الحاضرين من المسلمين تتميمه إن لم يكن له قريب تلزمه نفقته فإن كان وجب عليه (2).
(1) في الأصل (ع): متوكلين. والمثبت من (ر) ومن "شرح مسلم" للنووي
(2)
"شرح مسلم" على النووي (7/ 6 و 7).
(واجعلوا على رجليه) شيئًا (1)(من الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة، وهي حشيشة معروفة طيبة الريح يسقف بها البيوت فوق الخشب وهمزتها زائدة (2).
وفيه أن الكفن إذا ضاق وجعل على رأس الميت وظهرت رجلاه أي: لا تترك مكشوفة بل يستر ما لم يكن عليه كفن بشيء من العشب أو الهشيم أو أوراق الأشجار العريضة ونحوها (3).
(1) في الأصل: شيء.
(2)
"شرح أبي داود" للعيني 6/ 84.
(3)
انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 3/ 266، "عمدة القاري" 12/ 255.