المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب في الصيد - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٢

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌158 - باب فِيمَنْ قال: الخُمُسُ قَبلَ النَّفلِ

- ‌159 - باب في السَّرِيَّةِ تَرُدُّ علَى أَهْل العَسْكَرِ

- ‌160 - باب في النَّفْلِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ومِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ

- ‌161 - باب في الإِمام يَسْتَأْثِرُ بِشَيء مِنَ الفَيء لِنفْسِهِ

- ‌162 - باب في الوَفاء بِالعَهْدِ

- ‌163 - باب في الإِمام يسْتَجَنُّ بِهِ في العُهُودِ

- ‌164 - باب في الإِمامِ يَكونُ بيْنَهُ وَبينَ العَدُوِّ عهْدٌ فيسِيرُ إليْهِ

- ‌165 - باب في الوَفاء لِلْمُعاهِدِ وَحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ

- ‌166 - باب في الرُّسُلِ

- ‌167 - باب في أَمانِ المَرْأَةِ

- ‌168 - باب في صُلْح العَدُوِّ

- ‌169 - باب في العَدُوِّ يؤْتَى عَلَى غرَّةٍ ويُتَشَبَّه بِهِمْ

- ‌170 - باب في التَّكْبِيرِ عَلَى كلِّ شَرَفٍ في المَسِير

- ‌171 - باب في الإِذْنِ في القُفُولِ بَعْدَ النَّهْى

- ‌172 - باب في بَعْثةِ البُشَراءِ

- ‌173 - باب في إِعْطاءِ البَشيرِ

- ‌174 - باب في سُجُود الشُّكْرِ

- ‌175 - باب في الطُّرُوقِ

- ‌176 - باب في التَّلَقّي

- ‌177 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنْ إِنْفاذِ الزّادِ في الغَزْوِ إِذا قَفَلَ

- ‌178 - باب في الصَّلاةِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌179 - باب في كِراءِ المَقاسِمِ

- ‌180 - باب في التِّجارَةِ في الغَزْوِ

- ‌181 - باب في حَمْلِ السِّلاحِ إِلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌182 - باب في الإِقامَةِ بِأَرْضِ الشِّرْكِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌1 - باب ما جاءَ في إِيجابِ الأَضاحي

- ‌2 - باب الأُضْحِيَةِ عَنِ المَيِّتِ

- ‌3 - باب الرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ في العَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحّي

- ‌4 - باب ما يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحايا

- ‌5 - باب ما يَجُوز مِنَ السّنِّ في الضَّحايا

- ‌6 - باب ما يُكْرَهُ مِنَ الضَّحايا

- ‌7 - باب في البقَر والجَزورِ، عنْ كَمْ تجْزِئ

- ‌8 - باب في الشّاةِ يضَحَّى بِها عَنْ جَماعَة

- ‌9 - باب الإِمامِ يَذْبَحُ بِالمُصَلَّى

- ‌10 - باب في حَبْسِ لُحُومِ الأَضاحي

- ‌12 - باب في النَّهْي أنْ تُصْبَرَ البهائِم والرِّفْق بِالذَّبِيحَةِ

- ‌11 - باب في المُسافِرِ يُضحِّي

- ‌13 - باب في ذَبائِحِ أَهْلِ الكِتابِ

- ‌14 - باب ما جاءَ في أكْلِ معاقَرَةِ الأَعْرابِ

- ‌15 - باب في الذَّبِيحَةِ بِالمَرْوَةِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في ذَبِيحةِ المُتَرَدِّيَةِ

- ‌17 - باب في المُبالَغة في الذَّبْحِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في ذَكاةِ الجَنِينِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في أكلِ اللَّحْمِ لا يُدْرى أَذُكِرَ اسمُ اللِه عَلَيْهِ أَمْ لا

- ‌20 - باب في العَتيرَةِ

- ‌21 - باب في العَقِيقَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌1 - باب في اتِّخَاذِ الكَلْبِ لِلْصَّيْدِ وَغَيْرِهِ

- ‌2 - باب في الصَّيْدِ

- ‌3 - باب في صَيدِ قُطِعَ منْهُ قِطْعةٌ

- ‌4 - باب في اتِّباعِ الصَّيْدِ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌1 - باب ما جاء فِيما يؤْمرُ بِهِ مِنَ الوَصِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ فِيما لا يَجُوز للْمُوصي في مالِهِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في كَراهِيَةِ الإِضْرارِ في الوصِيَّةِ

- ‌4 - باب ما جاء في الدُّخُول في الوَصايا

- ‌5 - باب ما جاءَ في نسْخِ الوصِيّةِ لِلْوالِدَيْنِ والأَقْربِينَ

- ‌6 - باب ما جاء في الوَصِيَّةِ لِلْوارثِ

- ‌7 - باب مُخالَطَة اليَتِيمِ في الطَّعامِ

- ‌8 - باب ما جاءَ فِيما يوَليِّ اليَتيم أَنْ يَنالَ مِنْ مالِ اليَتِيمِ

- ‌9 - باب ما جاء مَتَى يَنْقَطِعُ اليُتْمُ

- ‌10 - باب ما جاءَ في التَّشْدِيد في أَكْل مال اليتِيمِ

- ‌11 - باب ما جاءَ في الدَّلِيل علَى أنَّ الكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ المالِ

- ‌12 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَهَبُ ثُمَّ يوصَى لَهُ بِها أوْ يَرِثُها

- ‌13 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يُوقِفُ الوَقْفَ

- ‌14 - باب ما جاءَ في الصَّدَقَةِ، عنِ المَيِّتِ

- ‌15 - باب ما جاءَ فيمَنْ ماتَ، عَنْ غيْرِ وَصيَّةٍ يتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌16 - باب ما جاء في وَصِيَّةِ الحَرْبيِّ يسْلِمُ وَلِيُّهُ أَيلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِذَها

- ‌17 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْن وَلَهُ وَفاءٌ يُسْتَنْظَرُ غُرَماؤُهُ وَيُرْفَقُ بِالوارثِ

- ‌كتَابُ الفرَائضِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في تَعْلِيمِ الفَرائِضِ

- ‌2 - باب في الكَلالَة

- ‌4 - باب ما جاءَ في الصُّلْبِ

- ‌5 - باب في الجَدَّةِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في مِيراث الجَدِّ

- ‌7 - باب في مِيراثِ العَصَبةِ

- ‌8 - باب في مِيراث ذَوي الأَرْحامِ

- ‌9 - باب مِيراثِ ابن المُلاعِنَةِ

- ‌10 - باب هَلْ يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أسْلمَ عَلَى مِيراثٍ

- ‌12 - باب في الوَلاءِ

- ‌13 - باب في الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدي الرَّجُل

- ‌14 - باب في بَيْعِ الوَلاءِ

- ‌15 - باب في المَوْلُودِ يَسْتَهلُّ ثمَّ يَمُوتُ

- ‌16 - باب نَسْخِ مِيراث العقْدِ بِمِيراثِ الرَّحِمِ

- ‌17 - باب في الحِلْفِ

- ‌18 - باب في المرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَة زَوْجِها

- ‌كتاب الخراج والإمارة والفيء

- ‌1 - باب ما يلْزَمُ الإمامَ منْ حَقِّ الرَّعِيَّةِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في طَلَب الإِمارَةِ

- ‌3 - باب في الضَّرِيرِ يوَلَّى

- ‌4 - باب في اتِّخاذِ الوَزِيرِ

- ‌5 - باب في العِرافةِ

- ‌6 - باب في اتِّخاذِ الكاتِبِ

- ‌7 - باب في السِّعايَةِ علَى الصَّدَقَةِ

- ‌8 - باب في الخَلِيفةِ يَسْتَخْلِفُ

- ‌9 - باب ما جاءَ في البَيْعَةِ

- ‌10 - باب في أَرْزاقِ العُمّالِ

- ‌11 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌12 - باب في غُلُول الصَّدَقَةِ

- ‌13 - باب فِيما يَلْزمُ الإِمامَ منْ أَمْرَ الرَّعِيَّةِ والحَجَبَةِ عَنْهُ

- ‌14 - باب في قَسْمِ الفَيء

- ‌15 - باب في أرْزاقِ الذُّرِّيَّةِ

- ‌16 - باب مَتَى يُفْرَضُ للرَّجُلِ في المُقاتِلَةِ

- ‌17 - باب في كَراهِيَةِ الافتِراضِ في آخِرِ الزَّمانِ

- ‌18 - باب في تَدْوِينِ العَطاءِ

- ‌19 - باب في صَفايا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوالِ

- ‌20 - باب في بَيانِ مَواضِعِ قَسْمِ الخُمُسِ وسَهْمِ ذي القُرْبى

الفصل: ‌2 - باب في الصيد

‌2 - باب في الصَّيْدِ

2847 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن عِيسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ، عَنْ عَديِّ بْنِ حاتِمٍ، قَالَ: سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: إِنِّي أُرْسِلُ الكِلابَ المُعَلَّمَةَ فَتُمْسِكُ عَلَيَّ أَفَآكُلُ؟ قالَ: "إِذا أَرْسَلْتَ الكِلابَ المُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ" .. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ ما لَمْ يَشْرَكها كلْبٌ لَيْسَ مِنْها" ..

قُلْتُ: أَرْمي بِالِمعْراضِ فَأُصِيبُ أَفَآكُلُ؟ قالَ: "إِذا رَمَيْتَ بِالمِعْراضِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَأَصابَ فَخَزَقَ فَكُلْ وَإِنْ أَصابَ بِعَرْضِهِ فَلا تَأْكُلْ"(1).

2848 -

حَدَّثَنَا هَنّادُ بْنُ السَّريِّ، حَدَّثَنَا ابن فُضَيْلِ، عَنْ بَيانٍ، عَنْ عامِرٍ، عَنْ عَديِّ بْنِ حاتِمٍ، قالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: إِنَّا نَصِيدُ بِهَذِهِ الكِلَابِ فَقالَ لي: "إِذا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ المُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْها فَكُلْ مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، وَإِنْ قَتَلَ إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الكَلْبُ فَإِنْ أَكَلَ الكَلْبُ فَلَا تَأكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّما أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ".

2849 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عَدىِّ بْنِ حاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَوَجَدْتَهُ مِنَ الغَدِ وَلَمْ تَجِدْهُ في ماءٍ وَلا فِيهِ أَثَرٌ غَيْرَ سَهْمِكَ فَكُلْ وَإِذَا اخْتَلَطَ بكِلابِكَ كلْبٌ مِنْ غَيْرِها فَلا تَأكُلْ لا تَدْري لَعَلَّهُ قَتَلَهُ الذي لَيْسَ مِنْها"(2).

2850 -

حَدَّثَنَا محَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فارِسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ زَكَرِيّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عَديِّ بْنِ حاتِمٍ أَنَّ

(1) رواه البخاري (5477، 7397)، ومسلم (1929).

(2)

رواه البخاري (5484)، ومسلم (1929) بنحوه.

ص: 294

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا وَقَعَتْ رَمِيَّتُكَ في ماءٍ فَغَرِقَ فَماتَ فَلَا تَأْكُلْ"(1).

2851 -

حَدَّثَنَا عُثْمان بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْر، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عَديِّ بْنِ حاتِمٍ، أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"ما عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بازٍ، ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ مِمّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ" .. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قالَ: "إِذا قتلَهُ وَلَمْ يَأكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ" .. قالَ أَبُو داوُدَ: البازُ إِذَا أَكَلَ فَلا بَأْسَ بِهِ، والكَلْبُ إِذا أَكَلَ كُرِهَ، وَإِنْ شَرِبَ الدَّمَ فَلا بَأسَ بِهِ (2).

3853 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا داوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ ابْنِ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنيِّ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في صَيْدِ الكَلْبِ: "إِذا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ ما رَدَّتْ عَلَيْكَ يَداكَ"(3).

2853 -

حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ مُعاذِ بْنِ خُلَيْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأعلَى، حَدَّثَنَا داوُدُ، عَنْ عامِرٍ، عَنْ عَديِّ بْنِ حاتِمٍ، أَنَّهُ قال: يا رَسُولَ اللهِ أَحَدُنا يَرْمي الصَّيْدَ فَيَقْتَفِي أَثرَهُ اليَوْمَيْنِ والثَّلاثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ أَيَأْكُلُ؟ قالَ:"نَعَمْ إِنْ شَاءَ" .. أَوْ قالَ: "يَأْكُلُ إِنْ شاءَ"(4).

2854 -

حَدَّثَنَا محَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبيِّ، قال: قال عَديُّ بْن حاتِمٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ المِعْراضِ فَقالَ:"إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصابَ بعَرْضِهِ فَلا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ" .. قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبي. قالَ: "إِذا سَمَّيْتَ فَكُلْ وَإِلَّا فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلا تَأكُلْ فَإنَّما أَمْسَكَ لِنَفْسِهِ" .. فَقال: أرسِلُ كَلْبي فَأَجِدُ عَلَيْهِ كَلْبًا آخَرَ؟ فَقالَ: "لا تَأكُلْ لأَنَّكَ

(1) رواه مسلم (1929) بنحوه.

(2)

سلف برقم (2849).

(3)

رواه مسلم (1931).

(4)

رواه البخاري (5484) ضمن حديث طويل.

ص: 295

إِنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ" (1).

2855 -

حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْن السَّريِّ، عَنِ ابن المُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقيَّ يَقُول أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ عائِذُ اللهِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا ثَعْلَبَةَ الخُشَنيَّ، يَقُولُ: فلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ إِنّي أَصِيدُ بِكَلْبي المُعَلَّمِ وَبِكَلْبِي الذي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ قالَ: "ما صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فاذْكُرِ اسْمَ اللهِ وَكُلْ، وَما اصَّدْتَ بِكَلْبِكَ الذي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ"(2).

2856 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن المُصَفَّى، حَدَّثَنَا محَمَّد بْنُ حَرْبٍ، ح وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن المُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الزُّبَيْديِّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ سَيْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلانِيُّ، حَدَّثَني أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنيُّ، قال: قال لي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أَبا ثَعْلَبَةَ كُلْ ما رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ وَكَلْبُكَ" .. زادَ عَنِ ابن حَرْبٍ: "المُعَلَّمُ وَيَدُكَ فَكُلْ ذَكِيًّا وَغَيْرَ ذَكيٍّ"(3).

2857 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الِمنْهَالِ الضَّرِيرِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْن زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَعْرابِيًّا يُقالُ لَهُ: أَبُو ثَعْلَبَةَ قال: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لي كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَأَفْتِني في صَيْدِها. فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ كَانَ لَكَ كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ" .. قال: ذَكِيّا أَوْ غَيْرَ ذَكيٍّ؛ قالَ: "نَعَمْ" .. قال: فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قالَ: "وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ" .. فَقال: يا رَسُولَ اللهِ أَفْتِنِي فِي قَوْسِي. قالَ: "كُلْ ما رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ" .. قالَ: "ذَكِيّا أَوْ غَيْرَ ذَكيٍّ" .. قال: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قالَ: "وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ ما لَمْ يَصِلَّ أَوْ تجِدَ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ" .. قال: أَفْتِنِي في آنِيَةِ المَجُوسِ إِنِ اضْطُرِرْنا إِلَيْها. قالَ: "اغْسِلْها وَكُلْ فِيها"(4).

(1) رواه البخاري (175، 5476)، ومسلم (1929).

(2)

رواه البخاري (5487)، ومسلم (1930).

(3)

راجع ما سلف برقم (2852).

(4)

رواه النسائي 7/ 191، وأحمد 2/ 184. وانظر:"ضعيف أبي داود"(493).

ص: 296

باب في الصيد

[2847]

(حَدَّثَنَا محمد بن عيسى) بن الطباع، نزل أذنة، كان يحفظ نحوًا من أربعين ألف حديث، قال أبو حاتم: ثقة مأمون ما رأيت أحفظ منه للأبواب (1)(حَدَّثَنَا جرير، عن منصور، عن إبراهيم) النخعي (عن همام) بن الحارث (عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة) فيه التصريح بأن غير المعلم لا يحل ما قتله بلا خلاف (2) لقوله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (3)، وللتعليم شروط في كتب الفقه (4)(فتمسك) فيه دليل على جواز اتخاذ الكلاب واقتنائها للصيد (5)(علي) يحتمل أن تكون علي بمعنى اللام، أي: لأجلي كقوله تعالى: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (6) أي: لأجل هدايته

(1)"الجرح والتعديل" 8/ 39.

(2)

انظر: "شرح مسلم" للنووي 13/ 74.

(3)

المائدة آية (4).

(4)

ذكر العلماء هذِه الشروط على هذا النحو: والمراد بالمعلمة التي إذا أغراها صاحبها على الصيد طلبته، وإذا زجرها انزجرت، وإذا أخذت الصيد حبسته على صاحبها، وهذا الثالث مختلف في اشتراطه واختلف متى يعلم ذلك منها، فقال البغوي في "التهذيب": أقله ثلاث مرات، وعن أبي حنيفة وأحمد يكفي مرتين، وقال الرافعي: لم يقدره المعظم لاضطراب العرف واختلاف طباع الجوارح فصار المرجع إلى العرف. انتهى من "فتح الباري" 9/ 600.

(5)

"فتح الباري" 9/ 602.

(6)

البقرة: 185.

ص: 297

إياكم، ويؤخذ منه اشتراط امتثال الكلب لمرسله فإن أمسك لنفسه لم يحل (أفآكل) منه؟ (قال: إذا أرسلت الكلاب المعلمة) فيه دليل على أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل؛ لأن الكلب إذا علم تكون له فضيلة على سائر الكلاب، فالإنسان إذا كان له علم أولى أن يكون له فضل على سائر الناس لاسيما إن عمل بما علم كما روي عن علي: قيمة كل امرئ ما يحسنه (1)(وذكرت اسم الله) تعالى عليه هو عند الجمهور للندب بدليل قوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (2)، ولم يقل: وسميتم عليه، وهذِه التسمية قيل: هي التي عند الإرسال على الصيد (3)، وقيل: المراد بالتسمية عند الأكل.

قال القرطبي: وهو الأظهر كما في الصحيح من قوله لعمر بن سلمة: "سم الله وكل مما يليك"(4).

وأما قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (5)، ففيه أجوبة تقدم بعضها (فكل مما أمسكن) النون في آخره ضمير على الكلاب وإن كانت لا تعقل، وهذا على القليل وإلا فالأكثر أن يقال في جمع الكثرة لمن لم يعقل فغلب، وفي جمع القلة فغلب، فيقال: الجذوع انكسرت [والأجزع انكسرت](6) ويحتمل أن يكون الكلاب

(1) أورده ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/ 198.

(2)

المائدة: 3.

(3)

قال ابن كثير في تفسير سورة المائدة آية 4: وهذا القول هو المشهور عن الجمهور.

(4)

"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 6/ 74.

والحديث أخرجه البخاري (5061).

(5)

الأنعام: 121.

(6)

من (ل).

ص: 298

مما بان فيه جمع الكثرة عن جمع القلة كقوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (1)، والعلة هنا باعتبار المرسل؛ فإن الغالب أن (2) لا يكون عنده منها عدد كثير. (عليك) كلابك، ومعناه: ما أمسكن على قصد أنها لك؛ لأنك علمتها كذلك (قلت) آكل (وإن) كن (قتلن) الصيد، وفي النون ما تقدم في أمسكن، وإنما أعاد النبي صلى الله عليه وسلم الكلاب في الجواب، وإن كان قد علم من كلام السائل لأنه أدرج فيه زيادة قيود مع القيود الواقعة في السؤال وتأكيدًا لاعتبارها، وكذا أعاد.

(قال: وإن قتلن) فيه أن الكلب أو الجارح إذا مات الصيد بإمساكه فإنه يحل أكله إن كان قد جرحه، ثم تحامل عليه فقتله حل قطعًا، فإن قتله من غير جرح بل بمجرد التحامل والثقل، فيحمل أيضًا على الأظهر لعموم القتل فإنه يعم الجرح وعدمه.

والثاني: لا يحل، وصححه صاحب "المرشد" لأن الجرح آلة فلم يحل بثقله كالسلاح (3)(ما لم يشركها) بفتح الياء والراء وماضيه بكسر الراء.

(كلب) آخر (ليس منها) أي: من الكلاب المعلمة ويبعد أن يراد: ليس من كلابك بل من كلاب غيرك؛ لأنه لو أرسل رجلين كلبين على صيد فقتلاه جميعًا أكل، وكان الصيد بينهما إلا أن يبعد الأول بقاتله فلا شيء للثاني، والمراد منه أنه لا يحل إذا شارك كلبه كلب آخر قد

(1) البقرة آية 228.

(2)

من (ل).

(3)

راجع "تفسير ابن كثير" لسورة المائدة آية (3).

ص: 299

استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الزكاة أو شككنا في ذلك (1). (قلت: إني أرمي بالمعراض) بكسر الميم وسكون العين المهملة وتخفيف الراء بعد الألف ضاد معجمة، قال ابن دقيق العيد: هو عصا رأسها محدد (2)، وقيل: هو السهم الذي لا ريش له (3).

قال النووي: الصحيح أنه خشبة ثقيلة أو عصا في طرفها حديدة، وقد تكون بغير حديد (4) (فأصيب) الصيد (أفآكل) منه (قال: إذا رميت بالمعراض وذكرت اسم الله) عليه. قال ابن جرير في "تفسيره": من ظن أن في الآية يعني: أو الحديث على أنه لا يحل من صيدهن إلا ما أرسل وسمى الله عليه فقد أعظم الخطأ؛ لأن دلالة القرآن والحديث إنما هي على التسمية على ما أمسكن عند أكله دون التسمية في حال الإرسال، ولو أراد سبحانه وتعالى ذلك لقال: واذكروا اسم الله عليها أو عليهن كما قال: فكلوا مما أمسكن عليكم، ولم يقل عليه، والتقدير على هذا: واذكروا اسم الله على أكله (5).

(فأصاب) الصيد (فخزق) بفتح الخاء والزاي المعجمتين ومعناه: نفذ، وعبارة القرطبي: خزق معناه خرق (6) يعني: بإهمال الراء، يقال:

(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 13/ 74.

(2)

"إحكام الأحكام" 2/ 288.

(3)

انظر: "فتح الباري" 9/ 600.

(4)

شرح مسلم" للنووي 13/ 75.

(5)

لم أقف على هذا الكلام في التفسير في موضع المائدة. وقال القرطبي عند هذِه الآية: وقيل: المراد بالتسمية هنا التسمية عند الأكل، وهو الأظهر. انتهى.

(6)

"المفهم" 16/ 118.

ص: 300

سهم خازق، وفيه لغة خاسق بالسين المهملة (1)، قال: الزاي تقلب سينًا كبزق وبسق (2).

(فكل) يعني: إن أصابته الحديدة في إحدى الطرفين فقتلته وأراقت دمه، فهذا يجوز أكله (3)؛ لأنه حينئذٍ كالسيف والرمح (وإن أصاب) الصيد (بعرضه) فرضه دون جرح (فلا تأكل) لأنه وقيذه، وإنما لم يؤكل ما قتل بالعرض؛ لأنه في معنى الحجر (4) لا معنى السهم.

[2848]

(حَدَّثَنَا هناد بن السري) بفتح السين وكسر الراء التميمي الكوفي شيخ مسلم (حَدَّثَنَا) محمد (ابن فضيل) بن غزوان (5) الضبي (عن بيان) بن بشر المؤدب (عن عامر) بن شراحيل الشعبي.

(عن عدي بن حاتم، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: إنا) قوم (نصيد بهذِه الكلاب، فقال: إذا أرسلت كلابك) إرسال الجارحة بمنزلة الذبح، ولهذا اعتبرت التسمية معه؛ فإن استرسل بنفسه فسمى صاحبه وأغراه فزاد في عدوه أبيح صيده، وبه قال أبو حنيفة (6)، وهو وجه عند الشافعي (7)؛ لأنه قد ظهر أثر الإغراء فصار كما لو أرسله؛ لأن فعل الإنسان متى انضاف إلى فعل غيره فالاعتبار بفعل الإنسان كما لو صال كلب على

(1)"النهاية" لابن الأثير 2/ 76.

(2)

"شرح مسلم" للنووي 13/ 2179 وقال النووي: ولكنها لغة قليلة.

(3)

من (ل).

(4)

في (ر): الحجرة.

(5)

غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي. التقريب 6227.

(6)

انظر: "الحاوي" 18/ 121.

(7)

انظر: "تحفة الملوك " ص 204.

ص: 301

إنسان فأغراه إنسان، فالضمان على من أغراه، والوجه الأقوى عند الشافعي؛ لا يحل؛ لأنه اجتمع الإرسال المحرم للأكل والإغراء المبيح فيغلب التحريم على القاعدة المستقرة.

وعن مالك روايتان كالوجهين (1)(المعلمة) لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (2)، وهو بأن (3) تنزجر جارحة السباع بزجر صاحبه، ويقف ويسترسل بإرساله إذا أغراه وهيجه على الصيد.

(وذكرت اسم الله عليها) ولا يتعين لفظ الله، وإن كان هو الأكمل، فلو قال: بسم الله الرحمن أو الرحيم كان حسنًا، فلو جمع بين الله الرحمن الرحيم كان أحسن. قال الشافعي: فإن زاد شيئًا من ذكر الله تعالى فالزيادة خير (4).

(فكل مما أمسكن) أي: حبسن (عليك) تقييد الحل بالإمساك يدل على أن الكلب إذا استرسل بنفسه وقتل صيدًا فهو حرام معلمًا كان أو لم يكن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -حم قيد تجويز الأكل من الصيد بوصف الإرسال فكان ذلك شرطًا لحل الأكل (5)(وإن) كان قد (قتل) الصيد سواء جرحه أو قتله بتثاقله عليه كما تقدم قريبا.

(إلا أن يأكل الكلب) منه (فإن أكل) منه (فلا تأكل) فيه حجة للجديد

(1)"المغني" 11/ 4 ، "المجموع" للنووي 9/ 103، و"المدونة" 1/ 535.

(2)

المائدة: 4.

(3)

في (ر): باق.

(4)

"الأم" 2/ 239.

(5)

"الحاوي" 15/ 6، "المجموع" 9/ 99.

ص: 302

وهو الأصح من مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وأحمد: أن الكلب إذا ظهر كونه معلمًا ثم أكل من لحم الصيد (1) قبل أن قتله أو بعده أنه يحرم أكل لحم الصيد (فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه) وهذا الحديث يقدم على حديث أبي ثعلبة [الدال على الحل كما سيأتي فهو أولى بالعمل منه لأنه أصح من حديث أبي ثعلبة](2) فإنه متفق عليه بخلاف حديث أبي ثعلبة، ولأنه متضمن للزيادة وهو ذكر الحكم معللًا.

والثاني وهو القديم أنه يحل الأكل منه وإن أكل؛ لحديث أبي ثعلبة: وإن أكل، ولأن الأصل (3) بقاؤه على التأدب، والأكل يحتمل أن يكون لشدة جوع أو غيظ على الصيد (4). وسيأتي.

[2849]

(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد) بن سلمة (عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رميت بسهمك) ويقال: بسهم القدح والنشاب (وذكرت اسم الله) تعالى عليه (فوجدته من الغد) وللبخاري: فوجدته بعد يوم أو

(1) قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" 13/ 75: واختلف العلماء فيه فقال الشافعي في أصح قوليه: إذا قتلته الجارحة المعلمة من الكلاب والسباع وأكلت منه فهو حرام وبه قال أكثر العلماء منهم ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والشعبي والنخعي وعكرمة وقتادة وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وداود وقال سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن عمر ومالك: يحل. وهو قول ضعيف للشافعي.

(2)

من (ل).

(3)

في (ر) الصيد.

(4)

"المغني" 11/ 4.

ص: 303

يومين (1)(ولم تجده) غريقًا (في ماء فيه أثر غير سهمك فكل) فإن الظاهر أنه مات بسهمك، والأصل عدم حدوث غيره، وهذا إذا كان أثر الجراحة ظاهرة فيه، فإن وجده ميتًا ولا أثر به من سهمك فوجهان كما تقدم، ولم يذكر نتن اللحم هنا، فدل على أنه غير شرط.

(وإذا اختلط بكلابك كلب) آخر (من غيرها) زاد البخاري: ولفظه: "وإذا خالط كلابًا لم يذكر أسم الله عليها فأمسكن وقتلن"(2)(فلا تأكل) ثم ذكر العلة وهي: فإنك (لا تدري لعله قتله) الكلب (الذي ليس منها) فيه دلالة لما هو مذهبنا ومذهب الجمهور أن من أرسل كلبه المعلم على صيد فاختلط به كلاب أخر ووجد الصيد قتيلًا ولا يعلم القاتل منهما، أو علم أنها اشتركت في قتله أنه حرام، وممن قال به مالك وأبو حنيفة وأحمد لهذا الحديث (3).

وحكى ابن المنذر عن الأوزاعي أنها إذا (4) اشتركت في قتله وكانت الكلاب الأخر معلمة (5) والصحيح عدم الحل؛ لأنه شك في الاصطياد المبيح فوجب إبقاء حكم التحريم، فإن علم أن الذي خالطه مما يباح صيده بدلالة تعليل تحريمه، ولأنه لم يشك، والتحريم في الحديث

(1) البخاري (5484).

(2)

السابق.

(3)

انظر: "شرح مسلم" للنووي 13/ 78.

(4)

من (ل).

(5)

هكذا في الأصل وفي "شرح البخاري" لابن بطال 5/ 396: كان الأوزاعي يقول: إذا أرسل كلبه المعلم فعرض له كلب آخر فقتلاه فهو حلال، وإن كان غير معلم فقتلاه لم يؤكل .. . فالظاهر أن ها هنا كلمة ساقطة وهي (كان حلالا).

ص: 304

إنما هو مع الشك (1).

[2850]

(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس) الذهلي (حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة) أبو سعيد الوادعي الحافظ قال (أخبرني عاصم (2) الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقعت رميتك) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد المثناة تحت، قال ابن الأثير: الرمية الشيء الذي يرميه من صيد وغيره (3).

قال الأصمعي: هي الطريدة التي يرميها الصائد، وهي كل دابة مرمية (4)(في ماء فغرق) بكسر الراء.

(فمات، فلا تأكل) هذا متفق على تحريمه إذا كانت الجارحة (5) غير موجبة، وإن كانت موجبة (6) مثل أن ذبحه، أو أبان حشوتة لم يضر وقوعه في الماء؛ لأن هذا صار في حكم الميت بالذبح فلا أثر لوقوعه في الماء (7).

(1)"شرح البخاري" لابن بطال 5/ 396، "المجموع" 9/ 103، "الشرح الكبير" لابن قدامة 11/ 11.

(2)

بعدها في الأصول: ابن.

(3)

"جامع الأصول" 7/ 24.

(4)

انظر: "تهذيب اللغة" 15/ 201.

(5)

هكذا في الأصل والذي في كتب الفقه كـ "المغني"، "الشرح الكبير"، "كشف المشكل" لابن الجوزي:"الجراحة" وهو الصواب.

(6)

يعني وقعت في مقتل راجع "كشف المشكل" 2/ 285.

(7)

"المغني" 11/ 23، "الشرح الكبير" 11/ 16، "كشف المشكل" 1/ 285، "اختلاف العلماء" لابن هبيرة 2/ 345.

ص: 305

[2851]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.

(حدثنا مجالد) بتخفيف الميم ابن سعيد الهمداني الكوفي، أخرج له مسلم (عن الشعبي، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما علمت من كلب أو باز) بتخفيف الزاي المنونة المكسورة، وفي البازي ثلاث لغات أفصحها (1) بتخفيف الياء كالقاضي جمعه قضاة، والثانية باز مثل بأن فيرفع بالضم وينصب بالفتح ويجر بالكسر، والثالثة بازي بتشديد الياء آخره، ويقال للبزاة والشواهين ونحوهما مما يصيد صقور، وأحسن أجناسه ما قل ريشه واحمرت (2).

وفيه دليل على أنه يجوز الاصطياد بالكلب وما في معناه من جوارح السباع كالكلب والفهد والنمر وغيرها، وبجوارح الطير كالبازي وفي معناه الشواهين والصقر؛ لقوله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (3).

قال القرطبي: على أن كل (4) ما يصطاد بعد التعليم جارح أي: كاسب، قال الله تعالى:{وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ} أي: اكتسبتم (5).

(ثم أرسلته) إلى الصيد (وذكرت أسم الله) عليه (فكل) أمر للإباحة (مما أمسك) قال الأخفش: من هنا زائدة كقوله تعالى {كُلُوا مِنْ

(1) في (ر) أرجحها.

(2)

انظر: "حياة الحيوان" للدميري 1/ 105 وتمام الوصف فيه: "عيناه مع حدة فيهما".

(3)

المائدة: 4.

(4)

في (ر): يأكل.

(5)

"الجامع لأحكام القرآن" 6/ 66.

ص: 306

ثَمَرِهِ}، وخطأه البصريون فقالوا: من لا تزاد في الإثبات، ومن في مما أمسك و {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} للتبعيض، ووجهه أنه إنما يحصل (1) من الصيد دون الفرث والدم.

قال القرطبي: وهذا ليس بمعهود في الأكل، ويحتمل أن يراد: مما أبقته الجوارح لكم، وهذا على قول من قال: لو أكل الكلب أو البازي من الصيد لم يضر، وسبب لهذا الاحتمال اختلف العلماء في جواز أكل الصيد إذا أكل الجارح منه على ما تقدم (2).

(عليك) أي: لأجلك كما تقدم (قلت: وإن قتل) الصيد؟ (قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئًا) فقد دل على أنه (فإنما أمسكه عليك) وهذا فيه تبيين لما أبهم في رواية الترمذي عن عدي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي فقال: "ما أمسك عليك فكل"(3).

[2852]

(حدثنا محمد بن عيسى) بن نجيح أبو جعفر بن الطباع، روى تعليقًا عنه البخاري (حدثنا هشيم) مصغرًا (أنبأنا داود بن عمرو) الدمشقي.

قال أبو زرعة: لا بأس به، ومرة قال فيه ابن معين: مشهور، ومرة قال: ثقة (4)(عن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة (ابن عبيد الله) بالتصغير الحضرمي الشامي.

(1) في "الجامع لأحكام القرآن": يحل.

(2)

"الجامع لأحكام القرآن" 6/ 73.

(3)

انظر: "جامع الترمذي"(1467).

(4)

"الجرح والتعديل" 3/ 420.

ص: 307

(عن أبي إدريس) عائذ الله بن عبد الله (الخولاني، عن أبي ثعلبة) جرثوم (الخشني رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب) المعلم (إذا أرسلت كلبك) على الصيد (وذكرت اسم الله تعالى) عليه (فكل، وإن أكل منه) فكل إن شئت منه، وفيه إباحة الأكل مما أمسك الكلب وإن أكل من الصيد.

فيه معارضة للحديث المتقدم من رواية عدي في رواية مسلم: "فإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه". فيحمل حديث عدي (1) على التنزيه والاستحباب، وحديث أبي ثعلبة هذا على الإباحة حتى لا تتعارض الأحاديث.

وقال بعضهم: ربما علل حديث عدي بأنه كان من المياسير فاختير له الحمل على الأولى، وأن أبا ثعلبة كان على العكس من ذلك فأخذ له بالرخصة واستضعف لكونه عليه السلام علل عدم الأكل بخوف الإمساك على نفسه.

قال ابن دقيق العيد: اللهم إلا أن يقال إنه علل بخوف الإمساك لا بتحقيقه. فيجاب عن هذا بأنا إذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل وهو التحريم (2).

(وكل من ما ردت) بتشديد الدال وسكون تاء التأنيث (عليك) يحتمل أن يكون ردت بمعنى أعطت أي: كل من كل شيء أعطته لك (يدك) بفعل فعلته أو سبب كما في حديث: "ردوا السائل ولو بظلف". أي: أعطوه ولو

(1) ساقطة من (ر).

(2)

"إحكام الأحكام" 1/ 479.

ص: 308

ظلفًا محروقًا.

واستدل به أحمد على أن من نصب منجلًا للصيد وسمى عليها فعقرت صيدًا، وقتلته حل (1)، فإن بان منه عضو فحكمه حكم البائن بضربه الصائل (2)، وروي نحو ذلك عن ابن عمر، وهو قول الحسن وقتادة، واستدل بأنه قتل الصيد بنصب المنجل وهو له حد، وجرت العادة بالصيد به، والسبب أجري مجرى المباشرة في الضمان فكذا في إباحة الصيد.

وقال الشافعي: لا يباح بحال؛ لأنه لم يذكه أحد، وإنما قتلت المناجل بنفسها ولم يوجد من الصائد إلا السبب، وكذا من نصب أحبولة فيها حديدة فوقع فيها صيد فقتلته الحديدة لم يحل؛ لأنه لم يذكه أحد، فلم يوجد من الصائد إلا السبب كمن نصب سكينًا فوقعت عليها شاة فذبحت حلقها. وفرق الحنابلة بين السكين والمنجل؛ لأن العادة لم تجر بالصيد بالسكين (3).

[2853]

(حدثنا الحسين بن معاذ بن خليف) البصري ثقة (4)(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالمهملة البصري.

(حدثنا داود) بن أبي هند القشيري، واسم أبي هند دينار (عن عامر) الشعبي.

(1) انظر: "كشف المشكل" 1/ 284، "شرح منتهى الإرادات" 3/ 428.

(2)

في (ر): الصائد.

(3)

"الشرح الكبير" 11/ 15، "روضة الطالبين" 3/ 249، "الوسيط" للغزالي 7/ 114، "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" 30/ 479.

(4)

"الكاشف" 1/ 234.

ص: 309

(عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله) إن (أحدنا يرمي الصيد فيقتفي) أي يتبع (أثره) يقال: اقتفوت أثره وقفوت أثره إذا تبعته (اليومين) أو (الثلاثة ثم يجده) بعد ذلك (ميتًا وفيه) أثر (سهمه) أو وجد فيه سهمه بعينه (أيأكل) من لحمه (قال: نعم إن شاء أو قال يأكل إن شاء) كذا لفظ البخاري في "الصحيح" بلفظ: هذِه الثانية من غير شك من الراوي (1). وفيه دليل لأبي حنيفة أنه إن لم يتبعه ولا قفا أثره تابعًا له إلى أن وجده مقتولًا بعدما غاب عنه لم يحل أكله (2)، قال البيهقي قاله استحسانًا بخلاف ما إذا قفا أثره فإنه يحل أكله عنده.

واستدل أبو حنيفة بأنه إنما أباح أكله لأجل اقتفائه أثره؛ لأنه إذا لم يتبعه ووجده مقتولًا يخشى أن يكون مقدورًا عليه فلا يؤكل إلا بذكاة (3).

[2854]

(حدثنا محمد بن كثير) البصري (حدثنا شعبة، عن عبد الله ابن أبي السفر) سعيد بن محمد الهمداني الكوفي، أخرج له الشيخان.

(عن الشعبي قال: قال عدي بن حاتم رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعراض) عود يجعل في رأسه حديدة.

قال أحمد: المعراض شيء يشبه السهم يحذف به الصيد (4)(فقال: إذا) رميت به (وأصاب) الصيد (بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل)

(1)"صحيح البخاري"(5484).

(2)

انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 195.

(3)

انظر: "التمهيد" لابن عبد البر 346/ 23، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 394.

(4)

"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 12/ 517 - 518 (2834).

ص: 310

منه (فإنه وقيذ) بمعنى الموقوذة، فهو فعيل بمعنى مفعول، والموقوذة هي التي ترمى أو تضرب بالخشب حتى تموت من غير تذكية كما كانت الجاهلية تفعله، وهي حرام على قول الأئمة الأربعة (1).

وقال الأوزاعي وأهل الشام: يباح ما قتله بحده وعرضه (2).

وحكم آلات الصيد حكم المعراض في أنها إذا قتل بعرضها ولم تجرح لم يبح الصيد كالسهم يصيب الطائر بعرضه فيقتله، والرمح والحربة والسيف يضرب به صفحًا فيقتل فكل ذلك حرام (3).

(قلت: إني أرسل كلبي وأجد كلبًا آخر فقال: لا تأكل فإنما سميت على كلبك) معناه: أن من أرسل كلبه على صيد فوجد الصيد ميتًا ووجد مع كلبه كلبًا آخر لا يعرف حاله فإنه لا يباح إلا أن يدركه حيًّا فيذكيه، ولا أعلم فيه هذا مخالفًا (4).

[2855]

(حدثنا هناد بن السري، عن) عبد الله (ابن المبارك، عن حيوة بن شريح قال: سمعت ربيعة بن يزيد) القصير (الدمشقي) بفتح الميم (يقول: أخبرني أبو إدريس الخولاني عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه يقول: قلت: يا رسول الله إني أصيد بكلبي المعلم) بأن ينزجر بزجر صاحبه ويسترسل بإرساله ويعتبر تكرار هذا التعليم من

(1) انظر "النتف" 1/ 232، "المنتقى شرح الموطأ" 3/ 114، "الإقناع" 1/ 184، "المغني" 26/ 11.

(2)

انظر: "شرح مسلم" للنووي 13/ 75، "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 385، "سبل السلام" 4/ 84.

(3)

"المغني" 11/ 26، "الشرح الكبير" 11/ 14.

(4)

"المغني" 11/ 15.

ص: 311

غير عدد معين، بل المرجع فيه إلى أهل الخبرة (وبكلبي الذي ليس بمعلم. قال: ما صدت) بصاد مشددة.

قال في "النهاية": كذا روي، وأصله اصطدت كما تقدم (1)(بكلبك المعلم فاذكر أسم الله) تعالى عليه (وكل، وما أصدت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل) وإن لم تدرك فيه حياة مستقرة فتذكيه فلا تأكل منه.

[2856]

(حدثنا محمد بن المصفى) بن بهلول القرشي الحمصي الحافظ، قال أبو حاتم: صدوق (2).

(حدثنا محمد بن حرب، وحدثنا محمد بن مصفى، حدثنا بقية) بقية ابن الوليد، أخرج له مسلم (عن الزبيري) واسمه محمد بن عبد الله بن الزبيري الكوفي الحبال (حدثنا يونس بن سيف) الكلاعي، ثقة (3).

(حدثنا أبو إدريس) عائذ (الخولاني، حدثني أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ثعلبة كل ما ردت) بتشديد الدال أي: أعطاك الله تعالى به من الصيد كما تقدم.

(عليك قوسك) القسي أنواع وكلها محتملة أن تدخل في الحديث، فمنها قوس الرجل وقوس اليد وهي ثلاثة أقسام: عربية حجازية، وعربية مصنوعة، وفارسية وهي: التركية، والعربية تنقسم إلى أنواع كثيرة، وأما قوس الرجل فنوعان: تركية: وبها رمت الأكاسرة من الفرس، ولها قفل

(1)"النهاية" لابن الأثير 3/ 138.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 104.

(3)

"الكاشف" 3/ 104.

ص: 312

ومفتاح. وأندلسية: وبها رمت الأندلس (1).

(وكلبك. زاد عن) محمد (ابن حرب: المعلم. و) كل ما ردت عليك (يدك ذكيًّا) أي سواء كان ذكيًّا (أو غير ذكي) فكله.

قال في "النهاية": أراد بالذكي ما أمسك عليه فأدركه قبل زهوق روحه، فذكاه في الحلق أو اللبة، وأراد بقوله: غير ذكي ما زهقت نفسه قبل أن تدركه فتذكيه مما جرحه الكلب بسنه أو ظفره، انتهى (2).

وعلى هذا فذكي فعيل بمعنى مفعول مذكى. وهذا الحديث عام يدخل في عمومه مسائل كثيرة:

منها: أن من أرسل كلبًا أو رمى بسهمه صيدًا فأصابه وغيره حلا جميعًا، وهذا قول أبي حنيفة (3) وأحمد، وكذا الشافعي، إلا أنه فصل فقال: إذا أرسل الكلب على صيد فأخذ آخر في طريقه حل؛ لأنه رده عليه كلبه المعلم وإن عدل عن طريقه إليه ففيه وجهان (4).

وقال مالك: إذا أرسل كلبه على صيد بعينه فأخذ غيره لم يبح؛ لأنه لم يقصد صيده إلا أن يرسله على صيود (5)، فأما إذا أرسل سهمه أو الجارح ولا يرى صيدًا ولا يعلمه فصاد لم يحل صيده؛ لأنه لم يقصد صيدًا، وبهذا قال الشافعي وأحمد.

(1)"صبح الأعشى" 2/ 150.

(2)

"النهاية" 2/ 411.

(3)

انظر: "المبسوط" 14/ 94، "الهداية شرح البداية" 4/ 119.

(4)

انظر: "الشرح الكبير" 11/ 36 "الأم" للشافعي 2/ 228.

(5)

انظر: "المدونة" 1/ 534.

ص: 313

وقال الحسن ومعاوية بن قرة: يحل أكله لعموم الحديث (1).

[2857]

(حدثنا محمد بن المنهال الضرير) شيخ الشيخين أبو عبد الله التميمي المجامعي البصري.

(حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب) بن أبي قريبة أبو محمد (المعلم) مولى معقل بن يسار.

(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) كما تقدم رضي الله عنهم (أن أعرابيّا يقال له أبو ثعلبة) الخشني (قال: يا رسول الله، إن لي كلابًا مكلبة) أي: مسلطة على الصيد معودة بالاصطياد التي قد ضَرِيَتْ (2) عليه، والمكلِّب بكسر اللام صاحبها (3) وكان لعدي كلاب خمسة قد سماها بأسماء أعلام فأسماء أكلبه سهلب (4) وغلاب (5) والمختلس والمتناعس وخامس (6).

قال السهيلي (7): فيهما أخطب أو قال: وثاب (8).

(فأفتني) بفتح الهمزة (في صيدها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان لك كلاب مكلبة) فأرسلتها على الصيد وذكرت اسم الله تعالى عليها (فكل مما

(1) انظر: "المغني" 11/ 18.

(2)

ضرِي: اعتاد وجرئ. انظر: "المصباح المنير" 2/ 361.

(3)

النهاية" لابن الأثير 4/ 348.

(4)

في الأصل سليب. والمثبت من "الجامع لأحكام القرآن".

(5)

في الأصل علاب بالمهملة والمثبت من "الجامع لأحكام القرآن".

(6)

في الأصل: وخامس. وليس كذلك؛ وإنما قال السهيلي: وخامس أي وكلب خامس .. الخ.

(7)

في (ر) التسهيل.

(8)

"الجامع لأحكام القرآن" 6/ 66.

ص: 314

أمسكن) ولأحمد: "أمسكت"(عليك) فقال: يا رسول الله ذكي وغير ذكي؟ (فقال: ) سواء كان (ذكيّا أو غير ذكي) تقدم تفسير الذكي قبله، وفيه دلالة للصحيح من مذهب الشافعي أن الكلب إذا أمسك ولم يجرحه بل قتله بثقله وصدمته فإنه يحل (1) وإن لم يجرحه الكلب ولا أمسكه حتى أدرك ذكاته لقوله أو غير ذكي أي مذكى، ولأن الكلب لا يمكن تعليمه الجرح وإنهار الدم حتى يشترط تعليمه ذلك.

(قال: وإن أكل) الكلب (منه، قال: وإن أكل منه) أي: يحل وإن أكل (2) الكلب المعلم منه، ولا يشترط ترك الأكل منه سواء الكلب وغيره، وهذا حجة الشافعي (3).

وقال أحمد: إن أكل الكلب من الصيد لم يحل، فاستدل بحديث عدي المتقدم:"فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما (4) أمسكه على نفسه"، قال: وهذا أولى من حديث أبي ثعلبة؛ لأنه أصح؛ فإنه متفق عليه كما تقدم (5).

(قال: يا رسول الله أفتني في قوسي) الذي أرمي به (قال: كل) كلَّ (ما ردت عليك قوسك) توضحه رواية أحمد ولفظه: "كل ما أمسكت

(1) في المسألة قولان الحل وعدمه، انظر "المجموع" 9/ 102.

(2)

من (ل).

(3)

يعني في أحد قوليه والقول الثاني لا يحل وقال البغوي والنووي: هو الأصح. انظر "شرح السنة" للبغوي 11/ 195، "شرح مسلم" للنووي 13/ 75.

(4)

في (ر): مما.

(5)

انظر: "المغني" 11/ 4.

ص: 315

قوسك" (1) يعني: كل ما حبسته من الصيد برمي قوسك، قال: ذكي وغير ذكي قال (قال: ذكليا) كان (أو غير ذكي) أي: وإن لم تدرك ذكاته كما في الكلب (قال: وإن تغيب) المرمي (عني قال: وإن تغيب عنك) يعني ووجدت فيه سهمك كما تقدم (ما لم يصل) بفتح الياء وكسر الصاد المهملة وتشديد اللام أي: ما لم يتغير اللحم وتنتن رائحته مطبوخًا كان أو غير مطبوخ (2).

قال في "النهاية": يقال: صل اللحم وأصل، قال: وهذا على الاستحباب فإنه يجوز أكل اللحم المتغير الريح إذا كان ذكيًّا (3) كما تقدم.

ولنا وجه: أن اللحم الطري إذا أنتن يحرم أكله.

قال العمراني: وليس بشيء (4)، ولعل مراد صاحب هذا الوجه بالنتن النتن الشديد القريب من الاستحالة والفساد لا مطلق النتن ويرجع ذلك إلى أهل الخبرة؛ فإن حكموا بضرره (5) حرم تناوله وإلا فلا، كما لو كمر الشتوي وغطي حين خروجه من التنور.

قال بعض أصحابنا: حرم أكله، لأنه سم قاتل (أو تجد فيه) الصيد (أثرًا غير سهمك)(6) فيه دلالة على أنه إذا وجد في الصيد أثر غير سهمه

(1)" المسند" 2/ 184.

(2)

"المفهم" للقرطبي 16/ 121.

(3)

"النهاية" 3/ 48.

(4)

"البيان" 4/ 552.

(5)

في (ر): بصورة.

(6)

وفي بعض نسخ "السنن": أثرَ غيرِ سهمك.

ص: 316

أو أثر سبع. أو يحتمل أن يكون مات بسبب آخر من صدمة أو غيرها لم يحل، فإن التحريم يحتاط له، ولأنه شرط في حديث عدي (1) العلم بأن سهمه قتله.

(قال: أفتني في آنية المجوس) أمة من الناس وهي كلمة فارسية (2). وفي الحديث: "القدرية مجوس هذِه الأمة"(3). قيل: جعلهم مجوسًا لمضاهاة مذهبهم في قولهم بالأصلين وهما: النور والظلمة يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة، وكذا القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى الإنسان والشيطان (4)(إذا اضطررنا إليها، قال: اغسلها) ولم تعد ذكر الاضطرار في الجواب لكونه غير متغير في الحكم ولا شرط، والظاهر أن هذا الغسل ثلاثًا، لأنه لتوهم النجاسة كما في حديث:"إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثًا قبل أن يدخلهما في الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده". وفيه دلالة لما ذهب إليه أحمد أنه لا يؤكل من طعام المجوس ولا في آنيتهم، لأن الظاهر نجاسة آنيتهم المستعملة في أطعمتهم، وكذا قال القاضي: لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم وكذا آنية عبدة الأوثان ونحوهم؛ لأن ذبائحهم ميتة وأوانيهم لا تخلو من أطعمتهم غالبًا، ومن يأكل الخنزير من النصارى أو الميتة (5) أو يذبح بالسن والظفر نحوهم، لاتفاقهم في

(1) في (ر): على.

(2)

"المصباح المنير" 2/ 564.

(3)

أخرجه أبو داود (4691).

(4)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (1/ 154 و 155).

(5)

من (ل).

ص: 317

نجاسة أطعمتهم (1). ومذهب الشافعي: حكم آنية أهل الكتاب في الكراهة وإباحة الاستعمال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضئوا من مزادة مشركة من الصابئين، ولأن الأصل (2) الطهارة فلا تزول بالشك (3)(وكل فيها) واشرب وانتفع بها.

(1) انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 5/ 374 - 375 (224).

(2)

في (ر): في الطهارة.

(3)

انظر: "الحاوي" للماوردي 1/ 81، "المجموع"(1/ 261 - 265).

ص: 318