الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا إذا أعطاها إذنا مطلقا، أن تخرج لما تشاء، لحاجاتها، فلا بأس وإلا، فعليها أن تتقيد بالسمع والطاعة، إذا كان قد قام بحاجتها ولم يقصر، فلا تخرج إلا بإذنه، أما إذا كان لا يبالي بها، ولا يعطيها حاجتها، فلها أن تخرج لحاجتها كشراء الخبز، وكشراء الماء، ونحو هذا مما تحتاج إليه، أو استعارة بعض الحاجة من جيرانها؛ لأنه مقصر، أما إذا أعطاها حاجتها المعتادة، فليس لها أن تخرج إلا بإذنه.
104 -
حكم ضرب الزوج لزوجته
س: السائل ع. ب. يسأل ويقول: هناك زوج، عند أتفه الأسباب يضرب زوجته، ويبخل كثيرا عليها، وعلى أولادها، بينما هو كريم مع الآخرين، كيف توجهون مثل هذا، جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذا قد أتى منكرا، ولا ينبغي له ذلك، بل الواجب عليه أن يحسن العشرة لأهله، ويكف يده عن الضرب، اشتكى بعض الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يضربون نساءهم، فقال:«إنهم ليسوا بخياركم» (2) ليس الضرابون لنسائهم بخيارهم، وإنما أهل
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (204).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في ضرب النساء، برقم (2146).
العفة والصبر والتحمل أولى؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وليس من المعروف الضرب بغير سبب، أو الإسراف في الضرب، حتى ولو كان وقع منها بعض الشيء، فليعالج بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والهجر، أو الوعظ والتذكير، ويجعل الضرب آخر الطب، يكون الضرب آخر الطب عند العجز عن العلاج بغيره، وإذا ضرب يكون ضربا خفيفا لا يجرح، ولا يكسر، ولا يترتب عليه خطر، عند الحاجة الشديدة إليه، إذا كان الوعظ والهجر لم يكفيا، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} فالمقصود أنه يعالج الأمور بغير الضرب مهما أمكن، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، فإن دعت الحاجة إلى الجر هجرها يومين، ثلاثة، أكثر من ذلك، في الفراش يعطيها ظهره، لا يكلمها، لكن الهجر بالكلام يكون ثلاثة أيام، فأقل، إذا كان بالكلام، أما بالفعال،
كونه يعطيها ظهره، أو يعالجها بأشياء أخرى، تعرف منها أنه زعلان عليها، وأنه غضبان عليها، فلا بأس، حتى تعتدل، والله يقول سبحانه:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فالرجل له درجة عليها، فلا مانع من أن يستعمل الدرجة على الوجه الشرعي، بالوعظ والتذكير والهجر والضرب الخفيف عند الحاجة إليه، أما استعمال الضرب عند أتفه الأسباب، هذا منكر، ولا يجوز، وهكذا التقتير عليها وعلى أولادها، لا يجوز، عليه أن ينفق عليها النفقة الشرعية، ويحسن إليها ولا يقتر عليها، هذا هو الواجب عليه أن ينفق بالمعروف، إن قصر فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها، ولو من غير علمه، إذا قصر عليها ولم يعطها حقها ساغ لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها، ويكفي أولادها، بالمعروف كما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن هندا بنت عتبة اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها ويكفي بنيها، قال لها:«خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» (1) وأفتاها بهذا عليه الصلاة والسلام.
(1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من أجرى الأمصار على ما يتعارفون بينهم .. برقم (2211)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند، برقم (1714).
س: يقول السائل: شاهدت رجلا اختصم هو وزوجته فبدأ بضربها ضربا شديدا، وعندما جاءت أم زوجته لترفعه عنها، أمسك بها وضربها كما ضرب زوجته فما حكم الشرع في ذلك؟ (1)
ج: لا يجوز للرجل أن يضرب زوجته بغير أمر شرعي، وليس له ضرب أمها أبدا، هذا عدوان، وليس له ضرب أمها ولا جدتها، ولا أخواتها، لكن إذا كان له حق عليهن يشتكي للمحكمة، أما أن يضربهن كذا باختياره، فلا، إذا كان له حق على أم الزوجة، أو على أختها أو على عمتها أو على أبيها، يرفع الأمر للمحكمة وإلى الجهة المسؤولة، أو يتفاهم معها، أو ترضيه هي بشيء، حتى يصطلحوا، وأما الزوجة فليس له ضربها إلا بعذر شرعي، كالنشوز إذا نشزت وما ينفع فيها الوعظ ولا الهجر ضربها ضربا غير مبرح، ضربا خفيفا؛ لقول الله سبحانه وتعالى:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} وأذن صلى الله عليه وسلم في ضربهن ضربا غير مبرح، إذا عصين فالحاصل أن
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (242).
الرجل له ضرب امرأته إذا عصته ونشزت عليه، ولم يتيسر إصلاحها بغير الضرب، فإنه يضربها ضربا خفيفا؛ يردعها عن العصيان ولا يضرها بجرح ولا كسر، أما أن يضربها بغير حق، من أجل هواه أو من أجل غضبه، وهي لم تفعل ما يوجب الضرب، هذا لا يجوز له، ولا ينبغي له، وهذا من سوء المعاشرة، والله يقول {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وينبغي له أن يتحمل ما قد يقع منها، من بعض الخلل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» (1) وفي اللفظ الآخر: «فإن ذهبت تقيمها، كسرتها وكسرها طلاقها» (2) والرسول أوصى بهن خيرا قال: «استوصوا بالنساء خيرا» (3) وبين أنه لا بد من عوج، فينبغي الصبر والتحمل وعدم التشديد، وعدم تدقيق الحساب، فيما يتعلق بأخطائها، يكون عنده كرم، وعنده خلق جيد وحلم، يتحمل، فلا
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).
(3)
صحيح البخاري النكاح (5186)، صحيح مسلم الرضاع (1468)، سنن الترمذي الطلاق (1188)، سنن الدارمي النكاح (2222).
يعاقب على الصغيرة والكبيرة، وعلى كل شيء، لا، بل ينصح ويعظ ويذكر، أو يهجر عند الحاجة، يهجرها في الفراش أو يعطيها ظهره أياما أو ليالي، ثم إذا رجعت ترك الهجر، فإذا لم تجزئ الموعظة، ولم تنفع الهجرة، ضربها ضربا غير مبرح؛ لعصيانها له وإيذائها له، ضربا خفيفا ليس فيه خطر، لا جرح ولا كسر، والمقصود من هذا أن الواجب عليه أن يعاشر بالمعروف، كما قال الله سبحانه:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} وليتق الله وليرحمها، وليحذر التشديد والتكلف والتعنت، وليكن جوادا حليما كريما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«خياركم خياركم لنسائهم» (1)«وأنا خيركم لأهلي» (2) فعليك يا أخي أن تتأسى برسول الله، في الصبر والحلم والخلق الكريم مع أهله عليه الصلاة والسلام، تتغافل عن بعض الزلات السهلة، ولا
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354).
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3895)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء برقم (1977).
تدقق في الحساب على بعض الزلات، بل تسمح عن كثير من الذي لا يضرك، لكن تجتهد على كونها تطيع الله، وتستقيم على دين الله، وتحرص عليها في ذلك، حتى تكون تقية مؤمنة مستقيمة على دين الله، أما ما يحصل من تقصير في حقك، فعليك أن تلاحظ السماح والعشرة بالمعروف، وعدم التشديد في ذلك، وأنت على أجر عظيم وتحمد العاقبة وهي ربما انتبهت، وحاسبت نفسها ورجعت على تقصيرها، بسبب حلمك وإحسانك، وفعلك الطيب وكلامك الطيب.
س: يقول السائل: سمعت أن هناك حديثا معناه، أن الذي يضرب زوجته ظلما بدون سبب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون خصمه يوم القيامة، فهل معنى هذا صحيح، وهل ورد ما يفيد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (1)
ج: لا أذكر شيئا عن هذا، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه صلى الله عليه وسلم أوصى بالنساء خيرا، وقال:«استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوانٍ عندكم» (2) يعني أسيرات عندكم، ونهى عن
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (126).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).
ظلمهن، والتعدي عليهن، وأمر بإحسان العشرة كما أمر الله بهذا في قوله سبحانه:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عليه الصلاة والسلام، لما سأله معاوية بن حيدة القشيري، فقال: يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال:«تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» (1) فالمؤمن يعتني بزوجته ويكرمها، ويحسن عشرتها ولا يظلمها، هذا هو الواجب عليه، ألا يظلمها لا في نفسها، ولا في مالها، ولا في عرضها، فإذا ظلمها، خصمه الله، أعظم من الرسول صلى الله عليه وسلم، خصم الظالمين الرب عز وجل، هو الذي يجازيهم بما يستحقون، كما قال عز وجل:{وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} قال سبحانه:
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث معاوية البهزي رضي الله عنه، برقم (19511).
{وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر- يعني عاهد ثم غدر- ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه، ولم يعطه حقه» (1) خرجه البخاري في الصحيح، كما قد يقع مما مضى من بعض الناس يسرق بنات الناس، أو أولاد الناس، ويبيعهم على أنهم عبيد وهو كاذب، ورجل استأجر أجيرا ولم يعطه حقه، وهكذا يكون خصما لمن ظلم امرأته بغير حق، أو ظلم عبده بغير حق، أو خادمه بغير حق، أو ولده بغير حق، أو جيرانه بغير حق، أو غيرهم من المسلمين، فالله خصمه يوم القيامة، ومن كان الله خصمه فهو مخصوم، والله أعظم من رسوله عليه الصلاة والسلام، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ظلم زوجته، أو ظلم أهل بيته من أولاد، ذكور أو إناث، من أخوات، من خادمات ومن غير ذلك، وهكذا ظلم الجيران بالكلام السيئ، أو بالأفعال القبيحة، أو برفع صوت المذياع حتى يؤذيهم به، أو ما أشبه ذلك مما يتأذى به الجيران، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير، برقم (2270).
يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» (1)، وفي اللفظ الآخر:«فليكرم جاره» (2) وفي اللفظ الثالث، «فليحسن إلى جاره» (3) وبهذا تعلم أيها السائل أن ظلم الزوجة، وظلم غير الزوجة كله أمر محرم والله خصم الظالمين يوم القيامة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (4) وقال عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» (5) نسأل الله للمسلمين العافية والهداية.
(1) صحيح البخاري الأدب (6018)، صحيح مسلم الإيمان (47)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 267).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، برقم (6109)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت، برقم (47).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت، برقم (47).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2578).
(5)
أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2577).
س: يقول السائل: كثيرا ما ترد إلي تساؤلات عن حق الزوج على زوجته، ذلكم أني أرى بعض الأحيان أشياء غير عادية في البلاد العربية، وفي المحيط الذي يحيط بي، أرجو أن تنبهوا المسلمين إلى هذا
الأمر جزاكم الله خيرا، ولا سيما فيما يتعلق بضرب الرجل لزوجته (1)
ج: الله سبحانه وتعالى بين ما يجب على الجميع، يقول سبحانه:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} ويقول سبحانه وتعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ويقول سبحانه: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} فالزوجة عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف، في خدمته، في إجابته، إذا أرادها في نفسها، وهي تستطيع ذلك، في لزوم بيته، في إكرام ضيفه، إلى غير ذلك من الحقوق، لا تؤذيه ولا تعصيه في المعروف حسب طاقتها:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وعليه هو أيضا أن يعاشرها بالمعروف،
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم (69).
فلا يؤذيها ولا يضربها بغير حق، ولا يعنف عليها بغير حق، ولا يكون معبسا في وجهها بغير حق، ولا يقصر في نفقتها بغير حق، بل عليه أن يقوم بنفقتها المعتادة لأمثالها، من كسوة وغيرها، وعليه أن يكون حسن الخلق طيب البشر مع زوجته، وعليه أن يعاملها باللطف في جماعه لها، وفي مضاجعته لها، وفي كلامه لها بالكلام الطيب، ومضاحكته لها، وأنسه معها، إلى غير ذلك، له حق وعليه حق، وإن كان حقه أكبر، لكن عليه حق أن يعاشر بالمعروف، وأن يحسن إليها، وألا يضربها إلا بحق، وألا يهجرها إلا بحق، وأن يحسن عشرتها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وإذا كانت مريضة لا تستطيع العمل عذرها، وإذا كان بها ضرر يضرها الجماع عذرها، هكذا المؤمن مع أهله، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«خياركم خياركم لنسائهم» (1)«وأنا خيركم لأهلي» (2)
فالمقصود أن المؤمن يكون حسن الخلق مع أهله، طيب المعاشرة،
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354).
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3895)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء برقم (1977).
قد أدى الحقوق لها، ليس له أن يظلمها، ولا أن يحقرها، ولا أن يؤذيها بغير الحق، وليس لها هي أن تظلمه، ولا أن تحقره، ولا أن تؤذيه، بل عليها أن تسمع وتطيع في المعروف فيما تقدر عليه، لكن إذا أمرها بمعصية لا، لو قال لها: اشربي الخمر، أو قال لها: أجامعك في الدبر، أو في الحيض، أو في النفاس، أو بعد أن يحرما بحج أو عمرة، لا يجوز، لا تطيعه في هذا، بل تدفعه بقوة ولا تطيعه، كذلك إذا أمرها بأمر آخر مما يحرم عليها، كأن يرضى بالفاحشة بها بالزنى، أو يأمرها بأن تعق والديها، هذا لا يجوز، ليس لها أن تطيعه في ذلك.
فالحاصل إنما تطيعه في المعروف، «إنما الطاعة في المعروف» (1) وهو كذلك ليس له أن يطيعها في غير المعروف، لو قالت له: جامعني في الدبر أو في الحيض، ما يطيعها في ذلك، أو قالت له: لا تسمع وتطيع لوالديك، عق والديك، لا تكون بارا بهما، لا يطيعها في ذلك، أو أمرته أن يشرب الخمر، أو يعمل بالربا، أو سمحت له بالزنى في أختها، أو عمتها أو غير ذلك، كل هذا منكر ليس له أن
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740).