الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى ذلك، فلا حرج في ذلك؛ لأن طلب الرزق الحلال، أمر مطلوب وقد لا يتيسر للإنسان أن تكون المدة قليلة، فإذا اضطر إلى مدة طويلة، فلا حرج في ذلك، ولا سيما إذا رضيت الزوجة وسمحت، أما إذا لم ترض فينبغي أن تحملها معك، أن تكون معك في سفرك؛ لأن ذلك أحصن لفرجك ولفرجها، وأبرأ للذمة، وأحسن في العاقبة إن شاء الله، وإلا فقدر أياما أو شهورا، تصطلحان عليها، أنت والمرأة، تغيبها ثم ترجع في طلب الرزق، وحاول ذلك حسب الطاقة، والله يقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} حاول أن تتفق معها على مدة معلومة تغيبها؛ لطلب الرزق، أو حاول أن تحملها معك، أو حاول سماحها إذا كنت لا تخشى عليها الفتنة، ولا على نفسك.
141 -
حكم من غاب عن زوجته لمدة أربعة عشر عاما من أجل العمل
س: يقول السائل: أنا رجل مغترب، غبت عن زوجتي ما يقرب
من أربعة عشر عاما، فما حكم الإسلام في تصرفي هذا، وهل أنا آثم؟ وجهوني إلى الصواب جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: إذا كانت الزوجة سامحة بذلك، راضية بذلك، فليس بآثم وأنت كذلك، إذا كنت لم تستعن بها على معاصي الله، فلست بآثم، أما إذا كنت استعملت هذه المدة على معاصي الله في الزنى والفواحش، فأنت آثم بما فعلت من المعاصي، والمرأة سليمة مما فعلت من المعاصي، والمرأة المسلمة سليمة من ذلك، إذا كانت سامحة، فأما إذا كانت لم ترض، فعليك أن تستسمحها، وتتوب إلى الله من هذه المدة الطويلة، أما إذا كانت راضية فالحمد لله، وجزاها الله خيرا، أما أنت فالواجب عليك في المستقبل، أن تستعين بالله، وأن تجتهد في القيام بحقها، وأن تكون أعمالك في المكان الذي فيه زوجتك، حتى تجمع بين المصلحتين، إما أن تنقلها إلى عملك، وإما أن تنتقل إليها في محلها وبلدتها، حتى يجمع الله بينكما على خير، مع الاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومع الحذر من محارم الله، وإذا كان البلد الذي أنت فيه، فيه خطر، فانتقل إلى البلدة
(1) السؤال الثالث من الشريط، رقم (285).
السليمة، أنت وزوجتك ولا تنتقل إلى بلدة فيها خطر، من تعاطي ما حرم الله، أو ما هو أعظم من ذلك، من الكفر بالله، احذر الانتقال إلى بلاد الكفر والضلال والبدع، واحرص أن تكون في بلدة سليمة بعيدة من الخطر، أنت وزوجتك.
س: أخونا أيضا يسأل ويقول: إذا كانت ظروفي تحكم علي أن أغيب عن البيت سنتين ونصفا، بعيدا عن البيت حسب ظروف عملي في العراق، وحسب حالتي المادية، فما رأي سماحتكم، وهل هذا حرام أن أغيب تلكم المدة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا. (1)
ج: هذه مدة طويلة، فينبغي لك أن تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر ثم ترجع إلى عملك، إلا إذا كانت الزوجة سامحة بذلك، ولا خطر عليها، وأنت تعلم أنها سامحة بذلك، وأنها امرأة مصونة لا خطر عليها في ذلك، فلا حرج إن شاء الله، ولكن نصيحتي لك ألا تفعل، لا أنت ولا أمثالك، نصيحتي لك ولأمثالك الذهاب إلى الزوجة بين وقت وآخر، وألا تطيل المدة، فإن طول المدة فيه خطر عظيم عليك وعليها جميعا، فينبغي لك أن تذهب إليها بين وقت
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم (162).
وآخر، تقيم عندها بعض الوقت، ثم ترجع إلى عملك، المقصود أنك تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر، كلما مضى عليك أربعة أشهر، خمسة أشهر، ستة، ذهبت إليها، أقمت عندها ما شاء الله من الأيام، ثم ترجع إلى عملك، وكلما قصرت المدة فهو أولى، كلما كانت المدة أقصر كثلاثة أشهر وأربعة أشهر، يكون أولى لأن الوقت خطير، والشر كثير، والفتن متنوعة في هذا العصر، فينبغي للزوج أن يراعي هذه الأمور وأن يحرص على سلامة عرضه، وعرض أهله، وأن يبتعد عن أسباب الفتنة، وينبغي لمن يعمل عندهم أن يسمحوا له، وأن يساعدوه على الخير؛ لأن هذه أمور عظيمة، يجب فيها التعاون على البر والتقوى، والتساعد والتواصي بالحق، بين العامل وبين أصحاب العمل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
س: الأخ ح. ح. ج من السودان، أخونا يقول: إن عمره ثمان وعشرون سنة، وقد غاب عن زوجته أكثر من عام ونصف، ويسأل هل ذلك جائز؟ (1)
ج: هذا فيه تفصيل، أما إذا كنت عاجزا، ولم تستطع العودة إليها
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم (144).
لأنك محبوس، أو لم تستطع قيمة التذكرة أو قيمة أجرة السيارة، المقصود إذا كنت عاجزا، فهذا لا شيء فيه لأنك عاجز، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أما إذا كنت غبت لحاجات خاصة، تستطيع أن ترجع إليها، وتقوم بحالها وتشرف على شؤونها، ثم ترجع إلى عملك بين وقت وآخر، كشهرين، ثلاثة، أربعة، هكذا ينبغي للمؤمن، ألا يطيل السفر عن أهله، ولا سيما في هذا العصر الذي هو من أخطر العصور، فالمؤمن يلاحظ هذه الأشياء، فلا يطيل السفر، ولا يهمل حاجته التي هو في حاجة إليها، مثل طلب العلم، كسب الحلال؛ لأن بلدته ليس فيها حاجته، ليس فيها طلب العلم، وليس فيها من يقوم بحاله، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه: أنه كان وقت للجنود ستة أشهر، في الغياب عن أهليهم، ثم يرجعون، ويذهب غيرهم، فالحاصل أن هذا يختلف باختلاف الأحوال، وباختلاف نفس الشخص، فأنت لا تطيل الغربة، احرص على عدم طول الغربة، ولو شهرين، ثلاثة، يكفي؛ لأن الأحوال تختلف، فقد تكون زوجتك في محل لا يؤمن عليها، فأنت لاحظ حالها، ولاحظ الحرص على سلامتها، وبعدها
عما يخشى منه من خطر العرض، وغير ذلك، فالحاصل أنت لاحظ الشيء الذي يبرئ ذمتك، وينفع زوجتك، من جهة عرضها ودينها، ومن جهة حاجتها، فيما يتعلق بأكلها، وشربها، وكسوتها، ونحو ذلك، وأنت أعلم بنفسك وأبصر، فاحرص على الشيء الذي ينفعك وينفعها ويبرئ ذمتك، من جهة المدة ومن جهة النفقة، والله المستعان. وتوقيت عمر رضي الله عنه للجند بستة شهور، هو توقيت له أهميته، وهو توقيت جيد، ولكن في هذا الوقت الستة طويلة أيضا، ولا سيما في غالب الأمصار وغالب القرى، الخطر كبير، كونه لا يطيل حتى الستة، شهرين، ثلاثة، أربعة، مهما أمكن أن يكون قريبا منها فهو أولى وأحوط.
س: يقول السائل: من أجل العمل أغيب عن زوجتي، فترة معينة تصل إلى سنة، وسنة ونصف، من أجل المعيشة هل علي ذنب؟ (1)
ج: ليس عليك حرج في ذلك، ما دمت لطلب المعيشة وطلب الرزق، وهي راضية، ليس عندها مخالفة، فلا حرج عليك، أما إن كانت غير راضية فاتفق معها على مدة معلومة، أو اتصل بالقاضي
(1) السؤال الخامس من الشريط، رقم (181).
أنت والمرأة، حتى يحكم بينكما، أما إن كانت راضية، وليس عندها مخالفة فلا حرج عليك، والأفضل لك ألا تطول المدة، واجتهد أن تكون المدة قصيرة، ستة أشهر، أربعة أشهر، ثلاثة أشهر، ثم ترجع إلى عملك، وتذهب إليها أياما ثم تعود إلى عملك، هذا هو الأفضل لك والأحوط لك؛ لأن المرأة في حاجة إلى زوجها، وقد تكون لها حاجات أخرى، تحب أن تبديها لك، وقد يخشى عليها من الشيطان، فالواجب عليك أن ترعى هذه الأمور، وتجتهد حسب الطاقة حتى لا تطول المدة، فإذا عجزت عن ذلك وهي راضية، فلا حرج عليك.
س: يقول السائل: غبت عن زوجتي ما يقرب من عامين ونصف، هل أنا آثم على هذه الغيبة؟ (1)
ج: هذا فيه تفصيل إذا كان له عذر شرعي، فليس بآثم كالمسجون وأشباهه الذي لا يستطيع الرجوع، أو سمحت له في ذلك، أو في طلب الرزق؛ لأنه ليس في بلده عمل، ولم يتيسر له الخلاص من البلدة التي ذهب إليها، إلا في هذه المدة الطويلة،
(1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم (216).
المقصود إذا كان عنده عذر شرعي، لم يمكنه من الرجوع في مدة قريبة، والأولى بالمؤمن أن يلاحظ المدة القريبة، مثل ستة أشهر، أو ما يقاربها حتى يرجع إلى أهله، أو يحمل أهله معه، ولا يطول الغيبة؛ لأن هذا فيه خطر على أهله، وخطر عليه أيضا هو، وليس في هذا حد محدود إلا ما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يحدد ستة أشهر للغزاة والموظفين، هذا له وجه، فإذا اعتمد الإنسان ستة أشهر، فرجع إلى أهله، ثم عاد إلى عمله، هذا إن شاء الله فيه خير كثير، وإن اعتنى بما هو أقل من هذا؛ لأن الوقت تغير، الوقت الآن فيه خطر كبير، ورجع قبل ستة أشهر كأربعة أو ثلاثة، هذا فيه حيطة، وفيه عناية بنفسه وعناية بأهله، أو يحملهم معه، ولو سمحت الزوجة له، فقد تسمح وهي غير مطمئنة، وغير راضية، لكن مراعاة لخاطره، فينبغي للمؤمن أن يحتاط من جهة أهله، فلا يطول الغيبة مهما أمكن.
س: سائل يقول: كم المدة المسموح بها في الشرع، عند مفارقة الزوجة، إذا ذهبت للعمل، هل إذا أطلت المدة المحدودة، دخلت في الإثم؟ (1)
(1) السؤال التاسع من الشريط، رقم (7).
ج: الواجب عليك المعاشرة بالمعروف، الله يقول:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإذا شغلت عن جماعها، والمبيت معها في عمل، فلا حرج، لكن إذا كان معها زوجة ثانية، فلا بد من العدل، أما شغلك عنها، فليس له حد محدود، إذا كنت في عمل، واشتغلت بعض الأيام، فلا حرج عليك.
س: السائل ع. ع. يقول: أنا أقيم بالعراق منذ حوالي سنتين، ويمكن أن تمر السنة كاملة، دون أن أسافر إلى أهلي، بحكم ظروف العمل، هل يلحقني إثم؟ (1)
ج: ينبغي لك أن تحرص على الزيارة، ولكن لا يلزمك، إذا كانت الزوجة عندك فالحمد لله، أما الزوجة فلا بد أن تكون عندك، تنقلها إليك أو تزورها بين وقت وآخر، في ستة أشهر أو أقل؛ لأن الوقت خطير، والمجتمع الآن فيه شر كثير، فالواجب عليك أن تتحرى ما يسبب حفظ زوجتك، وسلامة عرضها بأن تنقلها إليك، أو تسافر إليها بين وقت وآخر ليس بطويل؛ لعفتها ومراعاة أحوالها
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (175).