الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى كل ما يرضي الآخر، مما أباح الله، نسأل الله للجميع الهداية.
111 -
حكم تقصير الزوج مع زوجته في المجالسة
س: السائلة م. أ. ع. مصرية. تقول في رسالتها: زوجي مصري يعمل بالرياض، وتزوجته من سنتين، صبرت على الوحدة والغربة، فهو ينزل عمله مبكرا جدا، ويرجع بعد الظهر تقريبا بنصف ساعة أو أقل؛ ليتغدى، ثم ينزل ولا أراه إلا منتصف الليل، وخلال الفترة من العصر إلى الليل يقضيها بين عمل أو قراءة مع أصدقاء له، وقد نصحته أن يعطي كل ذي حق حقه، فلربه حقه ولنفسه حق، ولزوجه حق من الجلوس معها ومؤانستها، فهو يأتي متعبا لينام ولا يؤانسني حتى بالكلام الطيب، الذي تنتظره الزوجة، وهذا بلا شك له أثره السيئ على نفسيتي، وهو يكره كثرة الكلام معه في هذا الموضوع ويكتفي بأنه يجلس بالبيت يوم الخميس فقط، وهذا مما لا شك فيه أثر على سلوكي فأصبحت أغضب، وأثور وذكرته كثيرا ولم يكن جوابه إلا هذه هي الحياة، فبم تنصحونني، وما هو حل هذه المشكلة التي عانيت منها وصبرت عليها سنتين جزاكم الله خيرا؟ (1)
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (93).
ج: أولا ننصحك بالصبر والكلام الطيب، وحسن الأسلوب معه، والدعاء له بالهداية والتوفيق، ونقول لك: قد أحسنت وقد ذكرت له الحق، فإن عليه أن ينصف زوجته وأن يعطيها حقها بالمؤانسة، والجلوس معها والتحدث معها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما أوصى أمته عليه الصلاة والسلام وقال:«استوصوا بالنساء خيرا» (1) وقال لعبد الله بن عمرو لما أعرض عن زوجته: «إن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه» (2) ولما زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء، ورأى عنده شيئا من التقشف والتعبد، وعدم التفاته إلى أهله نصحه، وكانت اشتكت إليه زوجة أبي الدرداء، وأنه لا حاجة له في الدنيا، فعرف من كلامها أنه لا يلتفت إليها كما ينبغي، فنصحه سلمان وأمره أن ينام مع أهله إلى آخر الليل، ثم يقوم يصلي وأمره أن يصوم تارة ويفطر تارة، وقال له سلمان: إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه،
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب حق الضيف، برقم (6134)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به .. برقم (1159).
ثم توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره سلمان وأبو الدرداء بما جرى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«صدق سلمان، صدق سلمان» (1) فالواجب على زوجك أن يتقي الله، وأن ينصفك وأن يعتني بك، وأن يحسن عشرتك، فليعمل في الوقت الذي حدد فيه العمل، ثم يأتي إلى البيت ويعاشر أهله، ويتحدث إليهم هكذا حتى تطمئن زوجته إليه، وحتى يحصل بينهما المؤانسة والراحة فإن الزوجة سكن الزوج، الله جعل الزوجة سكن الزوج يقول سبحانه:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} فعليك أيها الزوج أن تتقي الله، وأن تحسن في أهلك، وأن تفرغ لهم بعض الوقت، وأن تؤانسهم بالكلام الطيب والمداعبة، وحسن المقابلة وطلاقة الوجه؛ لأن لها عليك حقا، وهكذا ضيفك، وهكذا بدنك، فأعط ربك حقه وأعط العمل حقه، وأعط نفسك حقها، وأعط الزوجة حقها، واجتهد في ذلك، واستسمحها، وقل لها الكلام الطيب، عما تقصر فيه حتى تسمح عنك، وعليك بالرفق والحكمة
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع .. ، برقم (1968).
وطيب الكلام، ولا تكن عنيفا ولا شديدا، هذا هو الذي ينبغي لك أيها الأخ، وعليك أيتها الأخت في الله أن تصبري وتحتسبي، وأن تخاطبيه بالتي هي أحسن، وسوف يجعل الله لك فرجا ومخرجا وحسن عاقبة.
س: السائلة م. أ. ع. بعثت برسالة أخرى ضمنتها الموضوع السابق وأشياء أخرى تقول: تزوجت شابا نحسبه ملتزما واتفق مع أبي أنه سيؤثث بيت الزوجية؛ اعتبارا أن الأثاث مهر، وجئت إلى الرياض، وكل أملي في حياة زوجية صالحة، فإذا به لا يحب الجلوس بالبيت، حتى بعد انتهاء دوامه، ويأتي البيت في ساعة متأخرة، ويبحث عن أي شيء يشغله خارج البيت، ونصحته كثيرا وصبرت عليه ولم يسمع للنصيحة، ومرت سنتان ولي منه بنت وولد الآن، وهو إلى الآن يدخر مالا، لا للبيت ولا لتأثيثه، الذي هو مهر لي وكلما ذكرته أيضا بحقوقي لديه لم يهتم بها، ويدعي أنه يصرف المال على سيارة لديه دائمة التعطيل، ويسرف في ماله كثيرا، وهنا أتساءل أليس حق الزوجة من بيت ومهر أولى من أي حقوق أخرى؛ لأنه يعتبر دينا عليه.؟.
ثانيا: أليس من حق الزوجة أن يجلس معها يؤنسها في غربتها،
بعد انتهاء عمله ويذكرها بالله أيضا، ماذا تنصحونني، وماذا أفعل وقد ساءت نفسيتي، هل يحق لي هنا طلب الطلاق؛ لأنه مصمم ومصر على هذه الحياة بتلكم الصورة؟ (1)
ج: قد سبق ما نصحتك به أيتها الأخت الكريمة، ووصيتي كما تقدم الصبر وحسن النصيحة بالكلام الطيب، ولا تيأسي والواجب عليه أن يؤدي الحق الذي عليه، فإن أداء الدين أمر لازم، ولكن يقول الله عز وجل:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فإذا كان معسرا فارفقي به وسامحيه، حتى يجعل الله فرجا ومخرجا، والسيارة اليوم لا يخفى على أحد أنها ضرورية، ولا سيما صاحب العمل، يذهب عليها ويرجع عليها، فهو في أشد الحاجة إليها، على أن تكون من السيارات التي تناسب أمثاله، فعليه أن يجتهد في حفظ ما تيسر من المال؛ لحاجة البيت وتأثيث البيت، وعليه أن يتقي الله في إنصافك ومؤانستك، والتحدث إليك وإعطائك ما تيسر من الوقت، هذا أمر لازم له، والرسول أمر بذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «استوصوا
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (93).