الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجنين ميتا، وهنا خرج بعضه دون البعض الآخر فيحتمل موته بالجناية عليه ويحتمل موته بغير الجناية، فلا يجب شيء مع الشك (1).
وبعد: فإنني أرى أن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من وجوب الغرة في الجنين الحر المسلم إذا انفصل بعضه دون البعض الآخر هو الأولى بالقبول؛ وذلك لأن خروج بعض الجنين دون بعضه الآخر دليل على أنه خرج بسبب الجناية عليه فوجب فيه الغرة.
(1) الشرح الكبير 269/ 4، المنتقى للباجي 7/ 81، شرح النيل 15/ 83، مغني المحتاج 4/ 103.
المبحث السابع: موت الأم وانفصال جنينها بعد موتها أو عدم انفصاله:
(أ) فإن انفصل الجنين عن أمه بالجناية عليه ميتا بعد وفاتها فقد اختلف الفقهاء في وجوب الغرة فيه أو عدم وجوبها على مذهبين:
1 -
فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا يجب على الجاني غرة للجنين، وإنما يجب عليه التعزير فقط، ويجب للأم الدية كاملة؛ وذلك لأن الموت حدث لها بسببه، وبسببها مات الجنين؛ لأن حياته بحياتها وتنفسه بتنفسها، فيتحقق موته بموتها، فلا يضمن بالشك. ولما رواه البيهقي بسنده إلى
ابن شهاب الزهري في امرأة حامل ضربها رجل فماتت وهي حامل قال: فيها دية المرأة وليس لحملها معها إذا هلك بهلاكها دية ولا نعلم أن سبق فيها قضاء، وقال ذلك مالك وحكى ابن المنذر الكفارة في الجنين عن عطاء والحسن والنخعي (1).
2 -
وذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أنه تجب الغرة ولو بعد موت الأم؛ وذلك لأن الجنين آدمي منفصل عن أمه فلا يدخل ضمانه في ضمانها، وذلك كما لو خرج حيا.
(ب) وإن لم ينفصل الجنين عن أمه بالجناية عليها بعد موتها: فقد اختلف الفقهاء في وجوب الغرة على مذهبين:
1 -
فذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية في المعتمد عندهم إلى أن الجنين إذا لم ينفصل عن أمه بالجناية عليها لم تجب فيه الغرة، وإنما يجب تعزير الجاني فقط بالعقوبة المناسبة لزجره، وتجب لأمه الدية إن ماتت بتلك الجناية، وذلك لأنه لا يثبت حكم الولد إلا بخروجه.
(1) سنن البيهقي 8/ 116، طبعة دار صادر بيروت.
2 -
وذهب الظاهرية وأشهب من المالكية إلى وجوب الغرة في الجنين إذا لم ينفصل عن أمه بالجناية عليها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب في الجنين الغرة سواء انفصل عن أمه أو لم ينفصل، بل أوجبها مطلقا.
ويناقش هذا: بأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالغرة للمرأة التي ألقت جنينها ميتا، أما المرأة التي لم تلق جنينها ولا يعلم أكان موته بالجناية أم لا، فلا يجب فيها شيء.
الرأي المختار:
وبعد فإنني أرى أن ما ذهب إليه الشافعية ومن وافقهم من وجوب الغرة في الجنين إذا انفصل عن أمه ميتا بعد موتها هو الأولى بالقبول، وذلك لأن الجنين آدمي منفصل عن أمه فلا يدخل ضمانه في ضمانها، كما لو خرج حيا، يضاف إلى ذلك أن اعتداء الجاني على الحامل اعتداء على نفسين لا نفس واحدة، فيجب عليه ضمانهما جميعا، أما إذا لم ينفصل الجنين عن أمه فليس فيه شيء؛ لاحتمال أن يكون قد مات بموتها، فلا يجب شيء مع الشك، وإنما يعزر على فعله.
عقوبات أخرى غير الغرة توقع على الجاني:
بعد أن عرفنا أن الجناية على الجنين توجب الغرة له إن انفصل عن أمه ميتا أو الدية كاملة إن انفصل عن أمه حيا ومات