الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه كان ميتا في بطن أمه أصلا؟ وهل الحركة التي في بطن الأم حركة جنين أم أنها حركة ريح؟
أما إن انفصل الجنين عن أمه حيا ثم مات من أثر الجناية عليه فإنه يجب فيه الكفارة زيادة على الغرة، وذلك لتحقق حياته. وتؤدى الكفارة أولا بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد هذه الرقبة؛ لعدم وجودها أو لضيق ذات اليد كان على الجاني صيام شهرين متتابعين.
هل تؤدى الكفارة بتعدد الأجنة وتعدد الجناة؟
نعم، تتعدد الكفارة إذا تعددت الأجنة، فإذا أدت الجناية إلى إسقاط أكثر من جنين فإنه يجب على الجاني إذا كان فردا أن يؤدي عن كل جنين كفارة، كما يؤدي عن كل جنين غرة؛ لأنه قاتل لهم، وكذا إذا تعددت الجناة وثبت اشتراكهم في قتل الجنين أو الأجنة فإنه يجب على كل جان كفارة عن قتل كل جنين واحد. وهل الكفارة تجب في هذه الحالة على كل من يعتدي على المرأة فيسقط جنينها أم أن هناك شروطا يجب توافرها في المعتدي؟ هذا ما سنبينه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: شروط من تجب عليه الكفارة:
اتفق الفقهاء القائلون بوجوب الكفارة على المعتدي؛ إن كان عاقلا بالغا مسلما حرا كان أم عبدا فإنه تجب عليه الكفارة،
وذلك لما ذكروه من أدلة سابقة. ثم اختلفوا بعد ذلك في وجوب الكفارة على الصبي والمجنون والكافر الذي يعيش مع المسلمين أو داخل ديارهم بعقد أمان على النحو التالي:
(أ) البلوغ والعقل:
اختلف الفقهاء في اشتراط التكليف لوجوب الكفارة على مذهبين:
1 -
فذهب جمهور الفقهاء ومنهم الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يشترط التكليف في إيجاب الكفارة، فتجب على الصبي والمجنون؛ وذلك لأن الكفارة حق مالي يتعلق بالجناية وقد وجدت الجناية منهما، وقياسا على الدية؛ بجامع أن كلا حق مالي وجب بسبب الجناية (1).
2 -
وذهب الحنفية إلى أنه يشترط التكليف في إيجاب الكفارة، فلا تجب الكفارة على الصبي والمجنون؛ وذلك لأن الكفارة عبادة، والصبي والمجنون ليسا من أهل العبادة، وقياسا على الصلاة والصيام؛ بجامع أن كلا عبادة (2).
ويناقش هذا: بأن هذا القياس مع الفارق؛ وذلك لأن الصلاة والصيام عبادة محضة، بخلاف الكفارة فإنها عقوبة فيهما معنى العبادة المالية، فأشبهت نفقات الأقارب التي تجب على الصبي والمجنون.
(1) مغني المحتاج 7/ 385، المغني 7/ 806.
(2)
بدائع الصنائع 10/ 4658.
وبعد فإنني أرى أن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء هو الأولى بالقبول؛ وذلك لظهور دليلهم، ورد الدليل المخالف.
(ب) الإسلام:
اختلف الفقهاء في اشتراط إسلام الجاني لوجوب الكفارة، وذلك على مذهبين:
1 -
ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يشترط إسلام الجاني في إيجاب الكفارة عليه، فإن كان الجاني غير مسلم وجبت عليه الكفارة؛ وذلك لأنه يعيش في دار الإسلام فلا بد أن يلتزم بأحكامه، وقياسا على وجوب الدية عليه (1).
2 -
وذهب الحنفية إلى أنه يشترط إسلام الجاني في إيجاب الكفارة؛ وذلك لأن المسلم هو المخاطب بالعبادات، والكفارة عبادة فلا يخاطب بها الكافر، يضاف إلى ذلك أن الكفارة قربة وهو ليس من أهل القرب.
ويناقش هذا: بأن الكفارة ليست عبادة محضة، وإنما هي حق لله عز وجل دائر بين العقوبة والعبادة، فإن لم يكن الكافر
(1) نهاية المحتاج 7/ 385، المغني لابن قدامة 7/ 806.