الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: تشبيه الزوجة بظهر ذكر:
مثل أن يقول الزوج لزوجته: أنت علي كظهر أبي، أو ابني، أو غيرهما من الرجال. فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يكون ظهارا. وهذا مذهب الحنفية (1)، والشافعية (2)، ورواية عن الإمام أحمد (3).
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1 -
قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (4).
وظهر الأب والابن ليس أما ولا في معناها.
2 -
أنه تشبيه بما ليس بمحل للاستمتاع، فأشبه ما لو قال:
أنت علي كمال زيد (5).
القول الثاني: أنه ظهار. وهو مذهب المالكية (6)،
(1) بدائع الصنائع 3/ 231، وفتح القدير 4/ 85، والدر المختار 3/ 467.
(2)
الأم 5/ 278، وإعانة الطالبين 4/ 37، ومغني المحتاج 3/ 354.
(3)
الشرح الكبير مع الإنصاف 23/ 238، والفروع 5/ 492، وشرح المنتهى 3/ 199.
(4)
سورة المجادلة الآية 2
(5)
المغني 11/ 63.
(6)
التفريع 2/ 94، والإشراف 2/ 147، وأحكام القرآن للقرطبي 17/ 275، والشرح الصغير 1/ 485.
والحنابلة (1).
وحجة هذا القول: أنه شبهها بظهر من يحرم عليه على التأبيد أشبه الأم (2).
ونوقش هذا الاستدلال: بالفرق؛ إذ الأم محل للاستمتاع، دون الأب ونحوه.
الترجيح:
يترجح - والله أعلم - قول من قال: بأنه ليس ظهارا.
قال الشنقيطي رحمه الله: " الذي يظهر جريان هذه المسألة على مسألة أصولية، فيها لأهل الأصول ثلاثة مذاهب، وهي في حكم ما إذا دار اللفظ بين الحقيقة الحرفية والحقيقة اللغوية على أيهما يحمل؟ والصحيح عند جماعات من الأصوليين: أن اللفظ يحمل على الحقيقة الشرعية أولا إن كانت له حقيقة شرعية، ثم إن لم تكن شرعية حمل على العرفية، ثم اللغوية، وعن أبي حنيفة (3): أنه يحمل على اللغوية قبل العرفية، قال: لأن العرفية وإن ترجحت بغلبة الاستعمال، فإن الحقيقة اللغوية مترجحة بأصل الوضع.
والقول الثالث: أنهما لا تقدم إحداهما على الأخرى، بل
(1) المغني 11/ 63، والشرح الكبير مع الإنصاف 23/ 237، والمبدع 8/ 33.
(2)
المغني 11/ 63
(3)
ينظر: بدائع الصنائع 3/ 36، 40